المراد بـ "سدّ الذَّرائع": "منع الوسائل المؤدية إلى المفاسد، فما يؤدي إلى محظور فهو محظور".
فالزِّنا حرام، والنَّظر إلى عورة المرأة وسيلة إلى الزِّنا، فكلاهما حرام، وقضاء القاضي بعلمه ممنوع، لئلا يكون ذريعة إلى حكمه بالباطل، ويقول: حكمت بعلمي، وشهادة العدو على عدوه لا تصح لئلا يتخذ ذلك ذريعة إلى بلوغ غرضه من عدوه بالشّهادة الباطلة، والجمع بين السَّلف والبيع ممنوع، لئلا يكون اقترانهما ذريعة إلى الرِّبا.
فالشَّارع حينما ينهى عن شيء ينهى عن كُلّ ما يوصل إليه، فحينما نهى عن التَّباغض والتَّباعد نهى عن كُلّ ما يؤدي إليهما، فنهى عن أنْ يبيع الرَّجل على بيع أخيه، أو يسُوم على سوم أخيه، أو يخطب على خطبة أخيه.
فالأصل في اعتبار سدّ الذَّرائع هو النَّظر إلى مآلات الأفعال، فيأخذ الفعل حكماً يتفق مع ما يؤول إليه، سواء أكان يقصد ذلك الذي آل إليه الفعل أو لا يقصده، فإذا كان الفعل يؤدي إلى مطلوب فهو مطلوب، وإنْ كان لا يؤدي إلاَّ إلى شرّ فهو منهي عنه.
وإنَّ النَّظرة إلى هذه المآلات ـ كما ترى ـ لا يلتفت فيها إلى نية الفاعل؛ بل إلى نتيجة الفعل وثمرته، وبحسب النَّتيجة يُحْمَد الفعل أو يُذَم([1]).
([1]) أصول الفقه: لأبي زهرة، ص 288.