تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: استشكال في صلة الرحم الفاسق.

  1. #1

    افتراضي استشكال في صلة الرحم الفاسق.

    (يقول جمع من أهل العلم المحققين أنه ينبغي بغض الفاسق بقدر فسقه، وإذا كان فسقه غالباً على حسناته فيجب ترجيح بغضه على محبته فإن بغض المؤمنين لأهل المعاصي بحسب معصيتهم أصل في دين الله ولو كان العصاة آباءهم، أو أبناءهم، أو إخوانهم، أو عشيرتهم، قال تعالى: لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءهُمْ أَوْ أَبْنَاءهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُوْلَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُم بِرُوحٍ مِّنْهُ {المجادلة:22}
    وهذه الآية الكريمة ليست خاصة بأهل الكفر، بل تشمل أيضاً عصاة المؤمنين الراجح شرهم على خيرهم ، قال القرطبي ـ رحمه الله ـ في تفسيره: استدل مالك ـ رحمه الله ـ في هذه الآية على معاداة القدرية وترك مجالستهم، قال أشهب عن مالك: لا تجالس القدرية وعادهم في الله، لقوله تعالى: لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ـ قلت: وفي معنى أهل القدر جميع أهل الظلم والعدوان. انتهى.
    وفي ذات الوقت اتفقت الأمة على أن صلة الرحم من حيث الأصل واجبة، لقول الله تعالى: (وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ) [النساء:1].والمعنى: اتقوا الله أن تعصوه، واتقوا الأرحام أن تقطعوها، ولتأكيد حق الرحم دخل الفضل في صلة الرحم الكافرة، كما في حديث أسماء، قالت: يا رسول الله، إن أمي قدمت عليّ راغبة وهي مشركة أفأصلها؟ قال: "صلي أمك". فإذا كان هذا في الكافر، فمن باب أولى أن يكون من حق المسلم الفاسق، ومما يدل على استحباب وصل الرحم الفاسق أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لذلك الصحابي الذي جاء شاكياً من حال قرابته حيث قال: يا رسول الله إن لي قرابة أصلهم ويقطعوني، وأحسن إليهم ويسيئون إلي، وأحلم عنهم ويجهلون علي، فقال: لئن كنت كما قلت كأنما تسفهم المل، ولا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك. رواه مسلم.
    ومن المعلوم أن القرابة التي تجهل على من يحلم عليها وتقطع من يصلها وتسيء إلى من يحلم عليها هي فاسقة وإقرار النبي صلى الله عليه وسلم لذلك الصحابي وتشجيعه على وصل أقاربه وهم على تلك الحال دال على الاستحباب, ومن الأدلة كذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ليس الواصل بالمكافئ، ولكن الواصل الذي إذا قطعت رحمه وصلها" رواه البخاري.
    فالقاطع لرحمه فاسق، وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بصلته، لكن إن كان في مقاطعة الرحم الفاسق زجرٌ له عن الفسق، وحمل له على الطاعة فلا يحرم , وذلك أن الهجر إذا تم على وجهه الشرعي لم يكن قطيعة للرحم.

    ولكن ينبغي التنبه إلى أن الهجر يرجع فيه إلى المصلحة، فقد يكون التأليف أحيانا أولى من الهجر.
    والأدلة على عدم وجوب صلة القريب الفاسق كثيرة وأكتفي ببعض أقوال أهل العلم :
    قال العراقي في أحاديث الأحكام: ... وأما قوله: لا هجرة بين المسلمين فوق ثلاثة أيام. فمحله إذا كان الهجران لحظوظ النفس، وتعنتات أهل الدنيا. قال النووي في الروضة: قال أصحابنا وغيرهم هذا في الهجران لغير عذر شرعي، فإن كان عذر بأن كان المهجور مذموم الحال لبدعة أو فسق أو نحوهما، أو كان فيه صلاح لدين الهاجر أو المهجور فلا يحرم، وعلى هذا يحمل ما ثبت من هجر النبي صلى الله عليه وسلم كعب بن مالك وصاحبيه ونهيه الصحابة عن كلامهم، وكذا ما جاء من هجران السلف بعضهم بعض. انتهى قال ابن عبد البر:أجمعوا على أنه يجوز الهجر فوق ثلاث لمن كانت مخالطته تجلب نقصاً على المخاطب في دينه أو مضرة تحصل عليه في نفسه أو دنياه ، فرب هجر جميل خير من مخالطة مؤذية.)
    السؤال الذي أريد طرحه على إخواني هو ما يلي:
    إذا تقرر أن بغض الفاسق الراجحة معاصيه على طاعته واجب ولو كان حسن الخلق فلو قال قائل أنا أخشى من زيارة ووصل أرحامي الكفار والفساق الذين يجب تغليب بغضهم أن أقع في محبتهم بمقتضى الطبع والعشرة , فهل يجوز لنا أن نقول له والحال هكذا يحرم عليك صلتهم من باب سد الذرائع والخشية من الوقوع في محبتهم , فإذا كان الجواب بنعم فكيف لمن ابتلي بوالدين كافرين ووقع عنده نفس الإشكال فهل سنجد له رخصة بهجرهما هجراً جميلاً مع عدم قطع النفقة عليهما وصلتهما بالمال إذا كانا محتاجين؟
    تنبيه مهم: هذا سؤالي أريد الإجابة عليه باعتبار مذهب من يحرم محبة الكافر والفاسق طبعياً.

  2. #2

    افتراضي رد: استشكال في صلة الرحم الفاسق.

    أنا برأيي يإخوان والله تعالى أعلم أن مقتضى سد الذرائع يحمل على حرمة صلة من ترى حرمة محبته طبعياً إذا كان يغلب على ظنك أنك لا تستطيع مراعاة الولاء والبراء بمفهموم عدم جواز محبة الكافر والفاسق الراجحة معاصية على طاعته وقد كان هذا الفقه هو مذهب طائفة من السلف وهي قطع أسباب المودة إلا أن مثل هذا الفقه لا يستقيم في حق الوالدين فقد تقرر حرمة هجرهما وهنا يبقى الإشكال القائم , الذي أتمنى من أحدكم أن يجيبني عليه , وعلى العموم مما يدلكم على أن مذهب طائفة من السلف هو ماذكرت من قطع أسباب المودة الطبيعية ممن يأنس من نفسه ضعفاً هو مايلي ذكر القرطبي في تفسيره لقوله تعالى (لا تجد قوماً يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله... استدل مالك ـ رحمه الله ـ في هذه الآية على معاداة القدرية وترك مجالستهم، قال أشهب عن مالك: لا تجالس القدرية وعادهم في الله، لقوله تعالى: لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ـ قلت: وفي معنى أهل القدر جميع أهل الظلم والعدوان. انتهى.وقد جرى بعض السلف ممن لا يرى جواز محبة الكفار طبعياً إلى قطع أسباب المودة مع الكفار مُسالمهم ومحاربهم كما فعل بهلول بن راشد - رحمه الله - من أصحاب مالك بن أنس - رحمه الله – حيث دفع إلى بعض أصحابه دينارين ليشتري به زيتاً، فذُكر للرجل أن عند نصراني زيتاً أعذب ما يوجد. فانطلق إليه الرجل بالدينارين وأخبر النصراني أنه يريد زيتاً عذباً لبهلول بن راشد، فقال النصراني: نتقرب إلى الله - تعالى -بخدمة بهلول كما تتقربون أنتم إلى الله بخدمته. وأعطاه بالدينارين من الزيت ما يعطى بأربعة دنانير، ثم أقبل الرجل إلى بهلول وأخبره الخبر، فقال بهلول: قضيت حاجةً فاقض لي الأخرى، رُدَّ علىّ الدينارين فقال: لم؟ قال: تذّكرت قول الله - تعالى -: ((لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ)) فخشيت أن آكل زيت النصراني فأجد له في قلبي مودة فأكون ممن حاد الله ورسوله على عرض من الدنيا يسير.
    الرجاء من إخوتي الأعضاء أن يذكرون لي تعليقهم ويشاركونني حتى نستأنس لآراء بعضنا البعض بارك الله فيكم.

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •