الحمد لله وحدَه ، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده .
أما بعد ؛
فهذا نقلٌ لآراء ابن تيمية ـ رحمه الله ـ التي نقلها الحافظُ ابن حجرٍ ـ رحمه الله ـ في فتح الباري ، وهي قرابة العشرين مسألة .
وآراءُ ابن تيمية التي نقلها الحافظ ابنُ حجرٍ ـ في الفتح ـ على قسمين :
قسمٌ من الآراء نقلها الحافظ مؤيداً لها ، أو ناسباً لها إليه عند ذكر المسائل .
وقسمٌ نقله الحافظُ ، وتعقبَّه بالردِّ أو المناقشة .
وسأبدأ ـ إن شاء الله ـ بذكر مسائل القسمِ الأوَّل .
ويظهرُ للقارئ جليّاً سَعَةُ اطّلاع الحافظِ ـ رحمه الله ـ على اختياراتِ الشيخ وآرائه . وهي تندرج تحت مبحث ( موارد الحافظ في الفتح )
فإلى المسائل .....
___________
المسألة الأولى :
في باب كتابة العلم .
فخرج ابن عباَّس ررر يقول : ( إن الرزية كل الرزية ما حال بين رسول الله ، وبين كتابه )
قال الحافظ ( 1 /209 ) :
(ظَاهِرُه أَنَّ ابن عَبَّاس كَانَ مَعَهُمْ ، وَأَنَّهُ فِي تِلْكَ الْحَالَة خَرَجَ قَائِلًا هَذِهِ الْمَقَالَة . وَلَيْسَ الْأَمْر فِي الْوَاقِع عَلَى مَا يَقْتَضِيه هَذَا الظَّاهِر ، بَلْ قَوْل اِبْن عَبَّاس الْمَذْكُور إِنَّمَا كَانَ يَقُولهُ عِنْدَمَا يُحَدِّث بِهَذَا الْحَدِيث...)
ثم قال : (وَجَزَمَ اِبْنُ تَيْمِيَة فِي الرَّدّ عَلَى الرَّافِضِيّ بِمَا قُلْته ) .
_________
المسألة الثانية :
مسألة تعذيب الميت ببكاءِ أهله .
في ( بَاب قَوْل النَّبِيّ : يُعَذَّب الْمَيِّت بِبَعْضِ بُكَاء أَهْله إِذَا كَانَ النَّوْح مِنْ سُنَّته ).
قال الحافظ ( 3 / 155 ):
( سَادِسهَا :
مَعْنَى التَّعْذِيب : تَأَلُّمُ الْمَيِّت بِمَا يَقَع مِنْ أَهْله مِنْ النِّيَاحَة وَغَيْرهَا ، وَهَذَا اِخْتِيَار أَبِي جَعْفَر الطَّبَرِيّ مِنْ الْمُتَقَدِّمِي نَ ، وَرَجَّحَهُ اِبْن الْمُرَابِط وَعِيَاض وَمَنْ تَبِعَهُ وَنَصَرَهُ اِبْن تَيْمِيَة وَجَمَاعَة مِنْ الْمُتَأَخِّرِي نَ ) .
________________
المسألة الثالثة :
في باب ما قيلَ في أولاد المشركين .
قال الحافظ (3/246) :
(سَادِسهَا ـ أي سادس الأقوال ـ هُمْ فِي النَّار .
حَكَاهُ عِيَاض عَنْ أَحْمَد ، وَغَلَّطَهُ اِبْن تَيْمِيَة بِأَنَّهُ قَوْل لِبَعْضِ أَصْحَابه وَلَا يُحْفَظ عَنْ الْإِمَام أَصْلًا ) .
__________
المسألة الرابعة :
في : بَاب مَا جَاءَ فِي قَوْل اللَّه تَعَالَى ( وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ )
قال الحافظُ : ( 6 / 289 )
(.... " تَنْبِيهٌ " :
وَقَعَ فِي بَعْضِ الْكُتُب فِي هَذَا الْحَدِيث " كَانَ اللَّه وَلَا شَيْء مَعَهُ ، وَهُوَ الْآن عَلَى مَا عَلَيْهِ كَانَ " وَهِيَ زِيَادَة لَيْسَتْ فِي شَيْء مِنْ كُتُب الْحَدِيث ، نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ الْعَلَّامَة تَقِيّ الدِّين بْن تَيْمِيَّةَ ، وَهُوَ مُسَلَّم فِي قَوْله ) .
_______________
المسألة الخامسة :
( بَابُ ذِكْر الْجِنّ وَثَوَابهمْ وَعِقَابهمْ )
قال الحافظ ( 6 / 345 ):
( ...وَقَالَ اِبْنُ تَيْمِيَّةَ : اِتَّفَقَ عَلَى ذَلِكَ عُلَمَاء السَّلَف مِنْ الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ وَأَئِمَّة الْمُسْلِمِينَ .
وَثَبَتَ التَّصْرِيح بِذَلِكَ فِي حَدِيث " وَكَانَ النَّبِيّ يُبْعَث إِلَى قَوْمه وَبُعِثْت إِلَى الْإِنْس وَالْجِنّ " فِيمَا أَخْرَجَهُ الْبَزَّار بِلَفْظٍ)
____________
المسألة السادسة :
في ( بَاب فَضْل عَائِشَة رَضِيَ اللَّه عَنْهَا )
قال الحافظ ( 7 / 109 ) :
(.. قَالَ السُّبْكِيّ الْكَبِير : الَّذِي نَدِينُ اللَّهَ بِهِ أَنَّ فَاطِمَة أَفْضَل ثُمَّ خَدِيجَة ثُمَّ عَائِشَة ، وَالْخِلَاف شَهِير وَلَكِنَّ الْحَقّ أَحَقّ أَنْ يُتَّبَع . وَقَالَ اِبْن تَيْمِيَة : جِهَات الْفَضْل بَيْن خَدِيجَة وَعَائِشَة مُتَقَارِبَة . وَكَأَنَّهُ رَأَى التَّوَقُّف ..)
ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـ
المسألة السابعة :
في ( بَاب قِصَّة أَبِي طَالِب )
قال الحافظ ( 7 / 194) :
( وَاسْمه عِنْد الْجَمِيع عَبْد مَنَافٍ ، وَشَذَّ مَنْ قَالَ عِمْرَان ، بَلْ هُوَ قَوْل بَاطِل .
نَقَلَهُ اِبْن تَيْمِيَة فِي كِتَاب الرَّدّ عَلَى الرَّافِضِيّ أَنَّ بَعْض الرَّوَافِض زَعَمَ أَنَّ قَوْله تَعَالَى : إِنَّ اللَّه اِصْطَفَى آدَم وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيم وَآلَ عِمْرَان أَنَّ آلَ عِمْرَان هُمْ آلُ أَبِي طَالِب وَأَنَّ اِسْم أَبِي طَالِب عِمْرَان وَاشْتُهِرَ بِكُنْيَتِهِ ) .
____________
المسألة الثامنة :
في ( بَاب هَلْ يُصَلَّى عَلَى غَيْر النَّبِيّ )
قال الحافظ ( 11 / 170 ) :
(...... وَأَمَّا الْمُؤْمِنُونَ فَاخْتُلِفَ فِيهِ فَقِيلَ : لَا تَجُوز إِلَّا عَلَى النَّبِيّ خَاصَّة ، وَحُكِيَ عَنْ مَالِك كَمَا تَقَدَّمَ ، وَقَالَتْ طَائِفَة لَا تَجُوز مُطْلَقًا اِسْتِقْلَالًا وَتَجُوز تَبَعًا فِيمَا وَرَدَ بِهِ النَّصّ أَوْ أُلْحِقَ بِهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى ( لَا تَجْعَلُوا دُعَاء الرَّسُول بَيْنكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضكُمْ بَعْضًا ) وَلِأَنَّهُ لَمَّا عَلَّمَهُمْ السَّلَام قَالَ " السَّلَام عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَاد اللَّه الصَّالِحِينَ " وَلَمَّا عَلَّمَهُمْ الصَّلَاة قَصَرَ ذَلِكَ عَلَيْهِ وَعَلَى أَهْل بَيْته ، وَهَذَا الْقَوْل اِخْتَارَهُ الْقُرْطُبِيّ فِي " الْمُفْهِم " وَأَبُو الْمَعَالِي مِنْ الْحَنَابِلَة ، وَقَدْ تَقَدَّمَ تَقْرِيره فِي تَفْسِير سُورَة الْأَحْزَاب ، هُوَ اِخْتِيَار اِبْن تَيْمِيَةَ مِنْ الْمُتَأَخِّرِي نَ .......) .
_________
المسألة التاسعة :
في ( بَاب فَضْل الْفَقْر )
قال الحافظ ـ في مسألة المفاضلة بين الغني والفقير ـ ( 11 / 275 ) :
( قُلْت : وَهَذَا كُلّه صَحِيح ، لَكِنْ لَا يَدْفَع أَصْل السُّؤَال عَنْ أَيّهمَا أَفْضَل : الْغِنَى أَوْ الْفَقْر ؟ لِأَنَّ النِّزَاع إِنَّمَا وَرَدَ فِي حَقّ مَنْ اِتَّصَفَ بِأَحَدِ الْوَصْفَيْنِ أَيّهمَا فِي حَقّه أَفْضَل ؟ وَلِهَذَا قَالَ الدَاوُدِيّ فِي آخِر كَلَامه الْمَذْكُور أَوَّلًا : إِنَّ السُّؤَال أَيّهمَا أَفْضَل لَا يَسْتَقِيم ، لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُون لِأَحَدِهِمَا مِنْ الْعَمَل الصَّالِح مَا لَيْسَ لِلْآخَرِ ، فَيَكُون أَفْضَل ، وَإِنَّمَا يَقَع السُّؤَال عَنْهُمَا إِذَا اِسْتَوَيَا بِحَيْثُ يَكُون لِكُلٍّ مِنْهُمَا مِنْ الْعَمَل مَا يُقَاوِم بِهِ عَمَل الْآخَرِ ، قَالَ : فَعِلْم أَيّهمَا أَفْضَل عِنْد اللَّه اِنْتَهَى . وَكَذَا قَالَ اِبْن تَيْمِيَةَ ، لَكِنْ قَالَ : إِذَا اِسْتَوَيَا فِي التَّقْوَى فَهُمَا فِي الْفَضْل سَوَاء ...)
______________
يُـتْـبَـع ـ إن شاءَ الله ـ