بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وحده..والصلاة والسلام على من لا نبي بعده..نبينا محمد وعلى آله وصحبه واتباعه الى يوم الدين..
سبحان ربي وبحمده...سبحان ربي العظيم..
آمنت بالله وحده..وكفرت بالجبت والطاغوت...
الله هو الحق..الله هو الملك..الله هو الخلاق العليم..
سبحان الله..تأمّل يارعاك الله في البشر من حولك..كيف يتحركون وكيف يسكنون ..انظر كيف يضحكون ثم كيف يبكون..انظر اليهم حين يغدون ويروحون ...تفكّر في كلامهم ,في جهرهم وإسرارهم,تمعّن في مخترعاتهم وإبداعاتهم...تأم كيف يرفع ذاك يده,وكيف يحني ذاك ظهره..تأمل كيف يرفع هذا قدمه ..وكيف يدير هذا رأسه..تأمل ماهم عليه من خَلْق قويم وتيسير لطيف..سبحان ربي وبحمده ..سبحان ربي العظيم ..
مخلوق من طين ..تأمل فيه كيف أمسك بالقلم فكتب ...انظر كيف أخذ الكتاب فقرأ...انظر اليه كيف يعمل بإتقان ..ثم انظر كيف يتعب ويجهد ثم ينام...سبحان ربي وبحمده ..سبحان ربي العظيم ..
مخلوق من طين ..انظر اليه وهو مقبل كيف تحرك ومشى سويا ..انظر اليه حين يجلس كيف تطيعه اطرافه وتنقاد بلطافة عجيبة ..تأمل فيه وأطل التفكر.. سبحان الذي أبدع من الطين بشرا.. سبحان الله العظيم ..
تأمل كيف أودع الخالق فيه أحاسيس ومشاعر تأمل:تارة يتألم وتارة يتنعم ..مرة يفرح وأخرى يحزن..حينا يغضب وحينا يرضى ..يحنو مرة ويقسو أخرى ..سبحان الخالق العظيم..
والله إن خلق البشر لعظيم وان إيجاده لبديع وعجيب..صدق جل جلاله حين قال (وفي أنفسكم أفلا تبصرون)..
تأمل فتح الله عليك في هذا المخلوق العجيب حين ينعم عليه خالقه بالإيمان الصادق....
تأمل كيف يهديه ربه ليخضع له..ويلهمه الركون إليه..
تأمل كيف يأوي إلى خالقه الذي أبدعه..سبحان الله العظيم الذي ألهمه فطرة سوية وقصدا سليما..
انظركيف يذرف الدمع لحرقة العصيان..نعم عصى هذا المخلوق من الطين خالقه الذي خلقه فسواه فعدله ..نعم أساء وأخطأ..لكن تأمل كيف هداه خالقه لأن يتوب إليه ويعود إليه ويأوي إليه..ثم تفكر كيف هو فرحه بعد توبته وإنابته لقبول خالقه لاعتذاره وتوبته..سبحاان ربي وبحمده.. سبحان ربي العظيم..نعم لا مهرب له من خالقه ولا ملجأ إلا إليه..
تفكر وتعقّل كيف يحِنّ ذلك المخلوق المؤمن الى أن يذكر خالقه ويثني عليه..انظر كيف يطمئن قلبه إذا سبّح خالقه ونزّهه ووحّده ,وهلل وكبر وحمده..تأمل كيف يذرف الدمعات وتستيقظ العبرات حنينا الى خالقه وشوقا ..تعظيما لخالقه وإجلالا..طمعا في عفو خالقه وحسن جزائه..خوفا من ربه وأليم عقابه..
انظر كيف يفزع هذا المخلوق الى خالقه في صلاته ..انظر اليه كيف هو خاضع ذليل فقير..سبحان الله العظيم تأمل وتفكر كيف يهوي برأسه الى الأرض تعظيما وإجلالا لمن أوجده من التراب وسواه وأحسن اليه,تأمل في سجوده لخالقه كيف يحب ربه ,كيف يحن اليه ويركن اليه ويؤوب اليه ,ولا يرتاح الا في كنفه ولا يطمئن الا بالوقوف على بابه ,ولا يرضى الا بدعاء خالقه, ولا ينتظر الا فرج خالقه, ولا يسعى الا لرضا خالقه, ولا يهمه الا خالقه ...لا اله الا الله ما أعظم هذا المنظر ...نعم هذه هي الفطرة ..لك خالق أوجدك..لم توجد هملا ولا عبثا ..لك خالق ابدع صنعك..وأحسن خلقك..يريدك ان توحده وتعبده..يحب أن تذكره فتخضع له..يحب أن تذكره فتمجده وتسبحه وتوقره..تذكره فتتذلل له وتلقي بهامة جبهتك الى الأرض تعظيما وتقديراله سبحانه..تذكره فتطلب منه حوائجك..يريد منك أن تكون عبدا له تفتقر اليه وترجو فضله..ماخلقك إلا لتعبده...هل فهمت هذا؟؟
يحب أن تمدحه سبحانه..ويحب أن تتوب سبحانه..ويحب أن تدعوه وترجوه وتخافه ..يحب أن يكون هو همك ,أن تغضب لأجله و تفرح لأجله سبحانه..يحب أن تقوم ليلا طويلا لوجهه سبحانه..يحب أن تقرأكلامه وتتدبره وتفهمه وتعمل به..يحب أن تكون عالما به وبدينه وشرعه لاجله وطمعا في ارضائه ..يحب سبحانه أن تذكر نعمه فتشكر له إنعامه ..يحب أن تصبر على اختباره لك وامتحانه..يحب أن تحب أنبياءه وتتبع أفضلهم وترضى به وبمنهاجه ..يحب أن توقر دينه وتعلي شانه..يحب أن تتوسل اليه وتضرع اليه وتلجأ اليه وتعود اليه في كل أحوالك ..تستخيره وتطلب خيره وحكيم اختياره..
يحب خالقك الذي أبدعك أن تكون عبدا له وحده ,لأنه هو الذي أوجدك لأجل هذه الغاية الشريفة والمهنة الرفيعة..
ثم هو ينادينا -جل وعلا -بياعبادي ويسمينا عبادا ,وتأمل االفرق بين عبيدي وعبادي ,والعبيد والعباد ..ألا يشعرك لفظ العباد ولفظ يا عبادي بالرفعة والشرف والفخر الذي يكتنف هذه العبودية ,ألا تشعر أن فيها إعلاء لك ولعبوديتك لربك. سبحان الله الذي ما خلقنا إلا ليعزنا ويرفع قدرنا بهذا الشرف الكبير..
ثم يعد جل جلاله من أطاعه بالجنة والثواب العظيم ...ولو شاء سبحانه لأمرنا بعبادته دون أن يرتب على ذلك ثوابا, وعلينا السمع والطاعة فهو الذي خلقنا لنعبده ولا يسعنا ان نخرج عن امره ..لكنه رفيق لطيف رؤوف رحيم أعلمنا بعظيم رحمته وكريم ثوابه وجميل إحسانه وحثنا على المسابقة لنيل جنته ورضوانه..
سبحانك ربنا..خلقت عبادك حنفاء على الفطرة السوية ليوحدوك ويعبدوك ويمجدوك..ثم اجتالتهم الشيطان وحرفتهم عن هذا الصراط السوي ...فهل من عودة وأوبة, هل من عاقل يعقل الغاية من خلقه فيستعين بربه ويشمر لتحقيقها ,فيفوز برضا الملك جل جلاله ؟؟
سبحان ربي وبحمده سبحان ربي العظيم
والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله..