تعليق السيد العلامة محمد بن إسماعيل الأمير الصنعاني حول التشيع :
وقد اتضح لك أن الحافظ الذهبي قسم التشيع ثلاثة أقسام
الأول تشيع بلا غلو وهذا لا كلام فيه كما أفاده قوله أو كان التشيع بلا غلو ولا تحرق
ولا يخفى أنه صفة لازمة لكل مؤمن وإلا فما تم إيمانه إذ منه موالاة المؤمنين سيما رأسهم وسابقهم إليه فكيف يقول فول ذهب حديث هؤلاء يريد الذين والوا عليا رضي الله عنه بلا غلو وما الذي يذهبه بعد وصفه لهم بالدين والصدق والورع ليت شعري أيذهبه فعلهم لما وجب من موالاة أمير المؤمنين الذي لو أخلوا به لأخلوا بواجب وكان قادحا فيهم ولله در كثير من التابعين وتابعيهم فقد أتوا بالواجب ودخلوا تحت قوله تعالى {والذين جاؤوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا} وتحت قوله تعالى {والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان}
ومن ها هنا تعلم أن القول بأن مطلق التشيع بدعة ليس بصحيح والقدح به باطل ولا قدح به حتى يضاف إليه الرفض الكامل وسب الشيخين رضي الله عنهما وحينئذ فالقدح فيه بسب الصحابي لا بمجرد التشيع
والقسم الثاني من غلا في التشيع وأسلفنا لك أنه أتى بواجب وابتدع فيه إن سلم أن مجرد الغلو بدعة إلا أنها بدعة لم تفض بصاحبها إلى كفر ولا فسق فهو غير مردود اتفاقا إذ قد قيل عند الجماهير من أفضت به بدعته إلى أحدهما كما سلف آنفا
الثالث من أقسام التشيع من غلا وحط على الشيخين فهذا قد أفضى به غلوه إلى محرم قطعا وهو سباب المسلم وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أن سباب المؤمن فسوق فهذا فاعل المحرم قطعا خارج عن حد العدالة فاسق تصريحا فاعل لكبيرة كما يأتي وتارك أيضا لواجب وحينئذ فرده والقدح فيه ليس لأجل مطلق تشيعه وهو موالاته لعلي رضي الله عنه بل لسبه المسلم وفعله المحرم فعرفت أن التشيع المطلق ليس بصفة قدح وجرح من حيث هو بل هو صفة تزكية لأنه لا بد للمؤمن من موالاة أهل الإيمان فإذا عرف بها صارت تزكية فإذا وقع في عباراتهم القدح بقولهم فلان شيعي فهو من القدح المبهم لا يقبل حتى يتبين أنه من النوع القادح وهو غلو الرفض . [ثمرات النظر في علم الأثر ص33-36].