هذا الحديث له طرق كثيرة عن جرير بن عبد الله البجلي رضي الله عنه، وهو مخرج في الصحيحين من طريق قيس بن أبي حازم ، وزياد بن علاقة ، وعامر الشعبي ، ثلاثتهم عن جرير به مرفوعًا .
وأما رواية الطبراني هذه فقد أخرجها في معاجمه الثلاث "الكبير" و"الأوسط" ، و"الصغير" قال: حدثنا عثمان بن عمر الضبي البصري قال: نا عبد الله بن رجاء الغداني قال : أنا إسرائيل ، عن شبيب بن غرقدة ، عن أبي ميثاء المستظل بن حصين قال : سمعت جرير بن عبد الله وكان أميرًا علينا ، يقول : بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم إني رجعت ، فدعاني ، فقال : " لا أقبل منك حتى تبايع: (( والنصح لكل مسلم)) ، فبايعته ".
قال الطبراني: لم يرو هذا الحديث عن شبيب بن غرقدة ، إلا إسرائيل ، تفرد به : عبد الله بن رجاء " .
ورواه المحاملي في " أماليه " عن محمد بن شعبة بن جوان ، عن عبد الله بن رجاء به .
وعثمان بن عمر الضبي من شيوخ الطبراني المشهورين الذين أكثر عنهم في معاجمه ، وقد وثقه الحاكم وذكره ابن حبان في الثقات . ترجمته في : الثقات لابن حبان ، وتاريخ الإسلام للذهبي ، وانظر: إرشاد القاصي والداني (ت 650).
وتابعه محمد بن شعبة بن جوان ويقال: محمد بن جوان بن شعبة ، وهو ثقة ترجمته في تاريخ بغداد (2/160) و(5/352).
وعبد الله بن رجاء الغداني ، صدوق يهم قليلا كما قال ابن حجر في التقريب . وحسبك بتوثيق أبي حاتم الرازي له .
وإسرائيل بن يونس بن أبي إسحاق السبيعي ثقة ، وحديث عبد الله بن رجاء عنه حسن كما تقدم في كلام أبي زرعة ، وليس مراد أبي زرعة بالحسن هنا بمعناه عند المتأخرين إنما قصد قبول روايته عنه.
وشبيب بن غرقدة من الثقات روى له الجماعة .
وأما أبو الميثاء المستظل بن الحصين ، فقد بحث حاله الشيخ حاتم الشريف في الجواب على سؤال في موقع الإسلام اليوم وخلاصة بحثه قوله :
(( ذكره البخاري في التاريخ الكبير (8/62)، وابن أبي حاتم في الجرح والتعديل (8/429)، ولم يذكر فيه جرحًا أو تعديلاً.
لكن ترجم له ابن سعد في الطبقات (8/250)، وقال عنه: "كان ثقة قليل الحديث".
وقال عنه العجلي (رقم:1706): "كوفي تابعي ثقة".
وذكره ابن حبان في الثقات (5/463-462).
وأخرج له الحاكم في المستدرك (4/428)، وصحح إسناد حديثه.
وقد قال الذهبي في الموقظة (78) عمن لم نجد فيه جرحًا أو تعديلاً: "إن صحح له كالدار قطني والحاكم، فأقل أحواله حُسن حديثه". فكيف بمن وجدنا فيه توثيقًا دون جرح؟!
وأخرج له أيضًا الضياء في المختارة مصححًا له بذلك (1/398رقم281).
فرجل من طبقة هذا التابعي الكبير المخضر، في جلالة هذه الطبقة وفضلها، ويوثقه أولئك الأئمة بالقول الصريح، وبالفعل المقتضي للتوثيق، ولم يجرحه أحد لا شك أنه ثقة.)).
وعليه فهذا الإسناد حسن، ويشده ويقوية مجيء الحديث من طرق صحيحه عن جرير بن عبد الله في الصحيحين والله أعلم.