تحرير القول عن الإمام أحمد في الجمع بين الصلاتين في المطر.

قال الأثرم : قلت لأحمد بن حنبل : يجمع بين الظهر والعصر
في المطر ؟ قال : لا مـــا سمعت .
قلت: فالمغرب والعشاء؟ قال : نعم .
قلت: قبل مغيب الشفق؟
قال: لا الأولـى كمـا صـنع ابن عمر.
قلت : فسنة الجمع فيهما في السفر ؟
فقال : تؤخّــر أيضا حتى يغيب الشفق (1).
[ ذكره ابن عبد البر في الاستذكار ( 2/487 ) ]
وقال إسحاق بن هانئ النيسابوري في مسائله للإمام أحمد .
وسئل عن الجمع بين الصلاتين ؟
قال: يؤخر الظهر إلى وقت العصر والمغرب إلى أول وقت العشاء.
وقال : سألته عن صلاة المسافر ؟
قال : يؤخر الظهر إلى أول وقت العصر ثم يصليها ثم يؤخر المغرب إلى أول وقت العشاء ثم يصليها.
[ مسائل الإمام أحمد رواية إسحاق بن هانئ (1 / 81 ) طبع المكتب الإسلامي ].
( فـائدة )
وقد يقول قائل أَن مقصود الإمام أحمد الجمع في السفر !
فنقول : إن كان هذا ما يفهم فهو اعتراف بأَن الجمع في السفر هو جمع تأخير لا جمع تقديم . وهو قولنا ولله الحمد , فإِن انسحب هذا القائل من قوله معترفاً أن الأمر فيه خلاف ولكن قصد الإمام أحمد هنا الجمع في السفر.
فنقول: هذا الكلام غير صحيح لأن السائل وهو ابن هانئ عاد لسؤال الإمام أَحمد قائلاً .وسألته عن الصلاة في السفر ؟
قال : يؤخر الظهر إلى أول وقت العصر ثم يصلي الظهر والعصر جميعاً [والعشاء ] ( 2 ) إلى وقت العتمة ثم يصليها جميعاً .
[ مسائل الإمام أحمد رواية إسحاق بن هانئ (1 / 84 ) طبع المكتب الإسلامي ].
وقال عبد الله ابن الإمام عليهما رحمة الله في مسائله.
سألت أبي عن الجمع بين الصلاتين؟
فقال أكثر ما جاء انه يؤخر الظهر إلى وقت العصر ثم يجمعهما في وقت العصر وكذلك المغرب والعشاء الآخرة يؤخر المغرب حتى يغيب الشفق ثم يجمع بينهما.
وقد روي عن ابن عباس أن النبي rجمع بين الظهر والعصر وفي وقت الظهر (3).
قال أبي : والذي يعجبنا أن يؤخر الظهر إلى وقت العصر والمغرب إلى وقت العشاء على فعل ابن عمر.
[ مسائل الإمام احمد برواية ابنه عبد الله ( ص 116 برقم 417 ) طبع المكتب الإسلامي ] .
وقال صالح ابن الإمام رحمة الله عليهما :
قلت : حديث النبي r أنه جمع بين الظهر والعصر في غير سفر ولا خوف؟
قال يروى عن النبي r !.
قلت : قوله صليت مع النبي r سبعاً جميعاً وثمانياً جميعاً بالمدينة من غير خوف ولا مطر ؟
قال : قد جاءت الأحاديث بتحديد المواقيت للظهر والعصر والمغرب والعشاء (4) فأما المريض فأرجو .
[ مسائل الإمام احمد برواية ابنه أبي الفضل صالح ( ص 161 – 162 برقم 582 ) طبع دار الوطن ].
وذكر أبو عبد الله المروزي رحمه الله .
وقال: قال الإمام أحمد لا بأس أن يؤخر الظهر فيصليها في وقت العصر مع العصر ويؤخر المغرب حتى يغيب الشفق ثم يصليها مع العشاء .
ولم ير أن يقدم العصر فيصليها في وقت الظهر . ( 5 )
[ ( اختلاف الفقهاء لأبي عبد الله محمد بن نصر المروزي - ص 148 ) طبع أضواء السلف ] .
انتهى الكلام : من كتاب الجمع بين الصلاتين في الأيام والليالي الممطرات.

لتحميل الكتاب من هنا ...
http://www.way2jannah.com/vb/showthread.php?t=8129
___________________
( 1 ) و قال به من الحنابلة القاضي أبو الحسين ابن أبي يعلى في كتاب التمام لما صح في الروايتين والثلاث والأربع عن الإمام [ حيث قال ( اختلفت الرواية هل يجوز الجمع بين الظهر والعصر لأجل المطر على روايتين أصحهما المنع ) وأختارها أبو بكر [ المعروف بغلام الخلال ] والوالد السعيد [ وهو القاضي أبي يعلى شيخ المذهب ] وشيخه [ وهو الحسن ابن حامد من شيوخ المذهب ] ] [ج 1 / ص 225 رقم 117 طبع دار العاصمة للنشر والتوزيع ] .
( 2 ) كذا في الأصل ولعله خطأ مطبعي أو سبق قلم من الناسخ والصحيح ( والمغرب إلى وقت العتمة ثم يصليها جميعاً ) والله اعلم .
( 3 ) وهذا لم يأت صريحاً في رواية ابن عباس ولو جاء صريحاً لما وَسِعَ الإمام رحمه الله على مخالفة حديث رسول الله r مما حمله على القول ( والذي يعجبنا أن يؤخر الظهر إلى وقت العصر والمغرب إلى وقت العشاء على فعل ابن عمر ) .
( 4) أما قول الإمام في رواية صالح ففيها دليل واضح على أن الإمام لم يكن يجيز الجمع في الحضر مطلقاً بدليل قول صالح له حديث النبي انه جمع .. فقال يروى على الاستفهام فكرر السؤال بقوله أي جمع بالمدينة من غير .. فأجابه لقد جاءت الأحاديث بتحديد المواقيت فلا يجوز إخراج الصلاة عن وقتها لأي عذر ثم قال أما المريض فأرجو ولم يذكر صفة .
( 5 ) وقال محقق الكتاب :
هذا عجيب فإن كتب الحنابلة مملوءة بجوازه ..
قلت : والعجب من عجب المحقق كيف يعجب من هذا مع أن الإمام أحمد روى عنه الأثرم ذلك كما سلف ورواه إسحاق النيسابوري في المسائل و رواه أبو داود في مسائله [ ص 75 طبع دار المعرفة ] وقال نعم ويكون في وقت الآخرة .
ورواية ابنه عبد الله كما في المسائل ورواية ابنه صالح مع ما ذكر عنه المروزي .
والعجب لا ينتهي ممن ينسب الجمع للإمام أحمد دون ذكر الكيفية وفي ما روي عنه في المسائل كفاية لمن أراد الحق.
وما ذكره غيرهم لا حجة فيه والروايات عنه صحيحة وصفة الجمع عنه وكيفيتها مذكورة بالتفصيل فلا عبرة بقولٍ بعد هذا القول.
أما أن يروى القول عن الإمام ممن لم يسأله ولم يجالسه ولم يحضره بل بعد موته بعشرات السنوات ويأتي من يلزما بمثل هذه الأقوال عنه ونترك ما روى عنه اقرب تلاميذه ومنهم ابنيه فهذا من أعجب العجاب .