بسم الله الرحمن الرحيم
صدر بحمد الله و توفيقه كتاب " السيرة النبوية " للشيخ عبد الحميد بن خليوي الجهني حفظه الله ، في طبعة فاخرة عن داري الأماجد المغربية و سبيل المؤمنين المصرية .
نسأل الله أن ينفع به .
صورة الغلاف : https://sites.google.com/site/hammel...attredirects=0

قال المؤلف في المقدمة :"وقد استعنتُ بالله تعالى في جمع كتاب مختصر في السيرة النبوية , يكون مُعيناً ومفتاحاً لطلاب العلم في دراسة السيرة , وجعلته في ثلاثين درساً – مع هذه المقدمة –
واعتمدتُ على ما كتبه الأقدمون من علماء السيرة , كإمام المغازي محمد بن إسحاق بن يسار المدني , لاتفاق العلماء على أن ابن إسحاق هو المقدم على أهل عصره بالمعرفة والتبحر في علم المغازي والسير , وقد أخذ هذا العلم عن كبار علماء عصره من صغار التابعين , ممن أخذ عن الصحابة وعن كبار التابعين , فابن إسحاق قريب عصره من أحداث السيرة , وممن عاصرها وعاش أحداثها , وكان كثير العناية بها , حتى لقبَّه العلماء : بإمام المغازي .
هذا, بالإضافة إلى بلاغته وجزالة لفظه وفخامة أسلوبه وحسن عرضه .
فكان جُلُّ ما أذكره , هو من كلامه رحمه الله , مما نقله عنه ابن هشام , من الأخبار المشهورة عند علماء السيرة .
وقد تجنبت المنكرات والأخبار الواهية والمنتقدة عند العلماء .

ورجعتُ – أيضاً - إلى ما كتبه وحرره الحافظ ابن كثير , واستفدت كثيراً من سوقه للأحاديث النبوية .
وقد اجتهدتُ ما أمكنني أن أُخرج سيرةً محررةً , خاليةً من الأحاديث الضعيفة , والأخبار المنكرة .
هذا, وليعلم أن علم السيرة النبوية ليس كعلم الحديث النبوي , فالمنهج في السيرة يختلف عن المنهج في الحديث , ومن رام أن يجعل السيرة النبوية على شرط الصحيح من الحديث النبوي فلن يصفو معه إلا القليل من أحداثها .
وقد قامت محاولات في هذا العصر في كتابة صحيح السيرة , أو جمع المرويات الصحيحة في السيرة .
فكانت النتيجة أنَّ ما من محاولة إلا وعليها مؤآخذات , إما من جهة التزام الصحة , حيث أدخلوا غير الصحيح , وإما من جهة الإخلال بسرد السيرة والربط بين أحداثها , فخالفوا بذلك صنيع أئمة السيرة الأولين , حيث جمع الأولون سيرةً متكاملةً مترابطةً في أحداثها .

وإني لأعجبُ من هذه المنهجية العصرية في علم السيرة النبوية , وقد قال الإمام أحمد : ثلاثة كتب , ليس لها أصول : المغازي , والملاحم , والتفسير(1) .
فكيف السبيل إذن إلى الأسانيد الصحيحة المتصلة في علم ليس له أصول , وإنما هو في الغالب أخبار مشهورة حفظها التابعون وحدثوا بها , ودوَّنها العلماء من أمثال ابن إسحاق وغيره .
والمقصود أن السيرة النبوية حوت أخبارا كثيرة , ينبغي ذِكْرُ المشهور عند أهل العلم مما حَّدث به علماءُ التابعين , ودوَّنه العلماء من بعدهم , وتجنب المنكر والشاذ المنتقد عند العلماء , وأما الأحاديث التى تنبني عليها أحكام شرعية , فهذه لا بد فيها من صحة السند سواء أكانت في السيرة أم في غيرها .
وإنما كلامنا في أخبار مشهورة لا تنبني عليها أحكام فقهية , وليس فيها ما ينكر.
وأعني بالمنكر : أن يشتمل الخبر على مخالفة لآيةٍ كريمة أو حديثٍ صحيح أو أصلٍ شرعي .
فعلى سبيل المثال : الخبر الذي اشتهر عند علماء السيرة المتقدمين أن نُعيم بن مسعود الغطفاني أوقع بين الأحزاب وبين بني قريظة في معركة الخندق , بخديعة حاكها بين الطرفين .
فهذا الخبر من الناحية الإسنادية ليس بذاك , لكنه في ذاته لا يخالف أصول الشريعة ؛ فإن الحرب خدعة .
وقس على ذلك .
وهذا هو المنهج الذي سرتُ عليه , وهو الأقرب من منهج العلماء المتقدمين من أئمة هذا الشأن , ويتمثل في الآتي :
جمع السيرة النبوية جمعاً متكاملاً , مع الربط بين أحداثها , وتوخي الصحة بقدر الإمكان , وطرح المرويات الواهية والمنكرة , وما ليس له أصل في الأخبار التى رواها التابعون والثقات من أصحابهم .
وقد تركت كثيراً من الأخبار – مع كونها على هذا الشرط – طلباً للاختصار .

فدونك يا طالبَ العلم , ويا محبَ رسولِ الله : سيرةً محررةً مهذبةً عاليةَ الإسناد ؛ لتكونَ على بصيرة من سيرة حبيبنا ونبينا محمد صلَّى اللهُ عليه وعلى آله وأصحابه وسلَّم .
....................


ـــــــــــــــ ــ
الحاشية:
(1)ذيل طبقات الحنابلة ( 3/135 )
ومراد الإمام أحمد رحمه الله أن غالب هذه العلوم الثلاثة أحاديث موقوفة , وآثار منقطعة . وأن المسند فيها قليل بالنسبة لغير المسند . والله تعالى أعلم .
"