هذه هي الحياة بالأمس كنا صغارا وهانحن الآن أصبحنا كبارا , فسلاما مني عليك أيها الزمن الماضي , وسلامي إلى مراتع الطفولة , وملاعب الصبا .
نتمنى أن نكبر بسرعة عندما نكون صغارا, ولكن عندما نكبر نتمنى أن نعود صغارا .
آهٍ منك أيتها الدنيا ! كم فرقت بين أم وولدها فغدت ثكلى مكلومة بعد أن كانت في نعيم وسعادة
كم فرقت بين حبيب وحبيب , ولو كنت تأخذين الأحباب معا لما جرحت القلوب وأدميت العيون ,
ليس لكَ من الأيام إلا الذكرى , وليس لك من الماضي إلا الطيف , وليس لك من الدنيا إلا السراب , وهي التي تفرق الأحباب , وتوْدِعُ الناس بين أطباق التراب .
كم تجرعت فيك ـ يا دنيا ـ العلقم , وكنت أظن أني أتلذذ بالمن والسلوى !!
وكم كان يقتلني البؤس والحرمان , وكنت أظن أني على وجه البسيطة أنعم إنسان !!
كم تحزنني فيك ـ يا دنياـ دمعة اليتيم المحزون ! ونحيب الطفل الشريد , وكم أتألم عندما أرى أرملة غيب الموت زوجها , وهي تنتظر مرور الأيام لتصل إلى مثواها حيث يرقد ذاك الزوج الحنون.
تعتصر قلبي الآهات والأنات عندما أرى الأسى يسيطر على قلب إنسان ما , لا أدري لماذا ! ولكن ربما لأنني شعري يوما ما بنفس هذا الأسى , وشربت من ذات الكأس , كأسِ الشقاء , كأس البؤس والحرمان .
كم كنت أسكب دموعي فلا أجد من يكففكفها!! , وكم كنت أشعر بالحزن فلا أجد أحدا يشاطرني أحزاني !! ما أكثر اللحظات التي أردت أن أبتسم فيها فتغلبني الدموع ويغرقني البكاء !
-قد يذوق الإنسان طعم السعادة ليوم واحد , ولكنه يذوق البؤس أياما وأياما
الشيخ الشاعر : مصطفى قاسم عباس