الحمدلله رب العالمين وأصلى وأسلم على البشير النذير
وبعد .........
فهذه بضع كلمات سطرتها فى ترجمة الإمام العلم الفرد الذى لا يوازيه ولايساويه أحد
أبو عبيد القاسم بن سلام رحمه الله ورضى عنه وأرضاه
وهذه السطور مستلة من تحقيقى لــ "أمثال القرآن" للماواردى رحمة الله عليه
الإمام الحافظ المجتهد ذو الفنون : أبو عبيد، القاسم بن سلام بن عبد الله، كان أبوه مملوكًا روميًا
الرجل هروي، مولده : سنة سبع وخمسين ومائة .
صنف التصانيف المونقة التي سارت بها الركبان، قال أحمد بن يوسف : لما عمل أبو
عبيد كتاب (غريب الحديث) عُرض على عبد الله بن طاهر، فاستحسنه وقال : إن عقلًا بعث صاحبه
على عمل مثل هذا الكتاب لحقيق أن لا يحوج على طلب المعاش، فأجرى له عشرة آلاف درهم
في الشهر .
قال أبو عمرو : فواعجبًا من قومنا، قد تركوا أهل العلم وطلابه سُدى هملًا، ألا يتقون
الله ! وقد كان سمت الصدر الأول موالاة العلم وأهله وطلبته، والاعتناء بهم، وما قصة عفان بن
مسلم شيخ الإمام أحمد منا ببعيد .
أما قومنا فصمٌّ بكمٌ عميٌ إلا من رحم ربي، فأين وصية نبيكم ق، ألا تعلموا أنه أوصى
بطلبة العلم، فاسمتعوا إلى صفوان بن عسال المرادي ت فيحكي قائلًا : أتيت النبي ق وهو في
المسجد متكئ على بُردٍ له أحمر فقال له : يا رسول الله إني جئت أطلب العلم .
فقال : « مرحبًا بطالب العلم، إن طالب العلم تحفه الملائكة، وتظله بأجنحتها ثم يركب
بعضهم بعضًا حتى يبلغوا السماء الدنيا من محبتهم لما يطلب » .
حديث صحيح : أخرجه ابن ماجه (226)، وأحمد (4/229)، والحاكم (1/180) وقال :
صحيح الإسناد .
فأين وصية رسول الله ق أيها الناس ؟!
ومما يفري الكبد ويكدر المشرب ويَهمّ ويَغُمّ ما تراه من تشييد في المساجد الخاوية على عروشها،
أو ارتفاع في البنيان، واستعمال أحدث الآلات وإلى الله المشتكى .
لكن أقول : أيها الطالب عليك بالصبر والاحتساب، وليكن دليلك حال نبيك ق وأصحابه ي
فقد كانوا يطووا، ويأكلوا أوراق الشجر، ويدخل الرجل منهم البيت فلا يجد ما يأكله، فلا يُثنيك هذا عن
الطلب، وأعلم أن الحياة الدنيا إنما هي حلم يوشك أن تستيقظ منه، وليكن شعارك ودثارك التعفف
والاستغناء عن الناس، واعلم أن الله جل وعلا عليم بعبده إذا أبقاه في موضع فهو خير له، والله
الموفق .
قال أبو بكر بن الأنباري : كان أبو عبيد / يُقَسِّم الليل ثلاثًا فَيُصل ثلثه وينام ثلثه ويصنف
الكتب ثلثه.
قال البخاري وغيره : مات سنة أربع وعشرين ومائتين بمكة .
قال الخطيب : وبلغني أنه بلغ سبعًا وستين سنة / .
انظر ترجمته : طبقات ابن سعد (7 / 355) (تاريخ بغداد) (12 / 403- 416)، (طبقات
الحنابلة) (1 / 259)، (تاريخ بن عساكر) (35 / 82- 110)، (صفة الصفوة) (4 / 130) بتحقيقنا، و
(السير) (10 / 490) .