وعليكم السَّلام ورحمة الله وبركاته...
أخي أبا قتادة هل سمعت اجتهادًا آخر لأحد مِنَ العلماء يتكلَّم في هذه المسألة ؟
وخاصَّة ما يجري في السَّاحة مِن مناظرة بعض أهل السُّنَّة غير المتمكِّنين للشِّيعة على الهواء مباشرة، وقد لا يعرفون الرَّدَّ، أو كانوا متمكِّنين ولكنَّه يستمع لهذه القنوات أناس من العوامِّ الذين لا يفقهون الحجَّة، وقد تزل بهم الأقدام، أو تتوغل في قلوبهم الشُّبهة لا سيما وقد نهى السَّلف عن مجادلتهم، فقد قال أبو المظفر السمعاني - رحمه الله - : (و اعلم أنك متى تدبرت سيرة الصحابة و من بعدهم من السلف الصالح، و جدتهم ينهون عن جدال أهل البدعة بأبلغ النهي). وقال البربهاريّ -رحمه الله- : (وإذا أردت الإستقامة على الحق وطريق أهل السنة قبلك فاحذر الكلام وأصحاب الكلام والجدال والمراء والقياس والمناظرة في الدين فإن استماعك منهم -وإن لم تقبل منهم- يقدح الشك في القلب ، وكفى به قبولا ً فتهلك ، وما كانت زندقة قط ، ولا بدعة ، ولا هوى ، ولا ضلالة ، إلا من الكلام والجدال والمراء والقياس ، وهي أبواب البدعة والشكوك والزندقة). وقال : ( وقِفْ عند متشابه القرآن ، والحديث ، ولا تقس شيئا ً ولا تطلب من عندك حيلة ً ترد بها على أهل البدع فإنك أُمِرْت بالسُّكوت عنهم ، ولا تمكِّنهم من نفسك ، أما علمت أنَّ محمد بن سيرين -في فضله- لم يجب رجلا ً من أهل البدع في مسألة واحدة ، ولا سمع منه آية من كتاب الله عز وجل ، فقيل له فقال : أخاف أن يحرِّفها فيقع في قلبي شيء).
: (لا تتكلف الرد على المبتدع ، ولا تجهد نفسك بمحاورته ، ومناظرته ، فإنه يخاف عليك في ذلك ، وليس هذا يكون لكل الناس ، بل من أنِسَ من نفسه القوة ، والقدرة ، والعلم على مناظرتهم بحجج يقرعهم بها كما فعل شيخ الإسلام ابن تيمية ، فالظاهر أن ذلك جائز ، وبالله التوفيق).
منع المناظرة على الهواء، كما نقل عنه الشيخ عثمان الخميس، ونصحه أن لا يناظر ولكنه لما لم يستطع إقناعه، قال له: لكنك إذا ناظرت فأدعو الله لك.
المهمُّ يا أخي، لا أظنُّك تحبُّ أن يشاهد أبناؤك أو إخوتك المناظرة بين الشيعة والسُّنَّة لأنَّك تخاف أن تعلق في أذهانهم بعض الشبهات، أليس كذلك ؟ وأنت تعلم ما ذكر شيخنا ما يجري في هذه المناظرات من الصراخ وسوء الأدب، وتجد الإعلاميّ يقطع حديث أحد المتناظرَيْن ولا يتركه يكمل فكرته، وتراهم ينتقلون من موضوع لآخر ولا يتركه يكمل الرَّدّ إلى غير ذلك، وهذا بِغضِّ النَّظر عن هذه القنوات وما تحويه من شرّ وما تنتهج من منهج، فإنَّ كثيرًا من علمائنا لا يرى الدخول في هذه القنوات ذات المسارات المنحرفة.
نسأل الله أن يرينا الحقّ حقًّا ويرزقنا اتِّباعه، وأن يرينا الباطل باطلا ويرزقنا اجتنابه. وصلَّى الله وسلَّم على محمَّد وعلى آله وصحبه.