السلام عليكم
ورحمة الله وبركاته


الحمدلله



أصُول الفقه: الكـَــــــلام (ب)


الحقيقة والمجاز
:
وينقسم الكلام من حيث الاستعمال إلى حقيقةٍ ومجازٍ
.
1
- فالحقيقة هي: اللفظ المستعمل فيما وضع له ، مثل: أسد للحيوان المفترس.
فخرج بقولنا: (المستعمل) ؛ المهمل، فلا يسمى حقيقة ولا مجازاً.
وخرج بقولنا: (فيما وضع له) ؛ المجاز.

وتنقسم الحقيقة إلى ثلاثة أقسام: لغوية وشرعية وعرفية.
فاللغوية هي: اللفظ المستعمل فيما وضع له في اللغة.
فخرج بقولنا: (في اللغة) ؛ الحقيقة الشرعية والعرفية.
مثال ذلك الصلاة، فإن حقيقتها اللغوية الدعاء، فتحمل عليه في كلام أهل اللغة.

والحقيقة الشرعية هي: اللفظ المستعمل فيما وضع له في الشرع .
فخرج بقولنا: (في الشرع) ؛ الحقيقة اللغوية والعرفية.
مثال ذلك: الصلاة، فإن حقيقتها الشرعية الأقوال والأفعال المعلومة المفتتحة بالتكبير المختتمة بالتسليم، فتحمل في كلام أهل الشرع على ذلك.

والحقيقة العرفية هي: اللفظ المستعمل فيما وضع له في العرف.
فخرج بقولنا: (في العرف) ؛ الحقيقة اللغوية والشرعية.
مثال ذلك: الدابة، فإن حقيقتها العرفية ذات الأربع من الحيوان، فتحمل عليه في كلام أهل العرف.

وفائدة معرفة تقسيم الحقيقة إلى ثلاثة أقسام: أن نحمل كل لفظ على معناه الحقيقي في موضع استعماله، فيحمل في استعمال أهل اللغة على الحقيقة اللغوية، وفي استعمال الشرع على الحقيقة الشرعية، وفي استعمال أهل العرف على الحقيقة العرفية.

2
- والمجاز هو: اللفظ المستعمل في غير ما وضع له، مثل: أسد للرجل الشجاع.
فخرج بقولنا: (المستعمل) ؛ المهمل، فلا يسمى حقيقة ولا مجازاً.
وخرج بقولنا: (في غير ما وضع له) ؛ الحقيقة.

ولا يجوز حمل اللفظ على مجازه إلا بدليل صحيح يمنع من إرادة الحقيقة، وهو ما يسمى في علم البيان بالقرينة.

ويشترط لصحة استعمال اللفظ في مجازه: وجود ارتباط بين المعنى الحقيقي والمجازي، ليصح التعبير به عنه، وهو ما يسمى في علم البيان بالعلاقة، والعلاقة إما أن تكون المشابهة أو غيرها.

فإن كانت المشابهة سمي التجوز (استعارة) ؛ كالتجوز بلفظ أسد عن الرجل الشجاع.

وإن كانت غير المشابهة سمي التجوز (مجازاً مرسلاً) إن كان التجوز في الكلمات، و (مجازاً عقليًّا) إن كان التجوز في الإسناد.

مثال ذلك في المجاز المرسل: أن تقول: رعينا المطر، فكلمة (المطر) مجاز عن العشب، فالتجوز بالكلمة.

ومثال ذلك في المجاز العقلي: أن تقول: أنبت المطر العشب فالكلمات كلها يراد بها حقيقة معناها، لكن إسناد الإنبات إلى المطر مجاز؛ لأن المنبت حقيقة هو الله تعالى فالتجوز في الإسناد.

ومن المجاز المرسل: التجوز بالزيادة، والتجوز بالحذف.
مثلوا للمجاز بالزيادة بقوله تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} [الشورى: 11] فقالوا: إن الكاف زائدة لتأكيد نفي المثل عن الله تعالى.

ومثال المجاز بالحذف: قوله تعالى: {وَاسْئَلِ الْقَرْيَةَ} [يوسف: 82] أي: واسأل أهل القرية؛ فحذفت (أهل) مجازاً، وللمجاز أنواع كثيرة مذكورة في علم البيان.

وإنما ذكر طرف من الحقيقة والمجاز في أصول الفقه؛ لأن دلالة الألفاظ إما حقيقة وإما مجاز، فاحتيج إلى معرفة كل منهما وحكمه. والله أعلم.


الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى
الأصُول من علم الوُصول


والله أعلم