تأصيل في وصف الكافر :
للشرع أسماء وأوصاف يطلقها على الأنواع والأعيان ، وتلك الأسماء نوعان :
أ ـ أسماء مدح ديني : المؤمنون ، المسلمون ، المحسنون ، المتقون ، المفلحون ، العابدون ، التوابون ، الصابرون ، المجاهدون ، ....
ب ـ أسماء ذم ديني : الكافرون ، المنافقون ، الظالمون ، الفاسقون ، الفجار ، المشركون ، المعتدون ، الضالون ...
ثم يكون إسقاط تلك الأوصاف على الأنواع باعتبار ، وإسقاطها على الأعيان باعتبار ، على ما هو مفصل في مباحث ( الأسماء والأحكام ) .
1 ـ وصف الكافر بالكافر بإطلاق = وصف ذم ، ليس وصف مدح ، ولا وصفا محايدا مطلقا .
2 ـ وصف المؤمن بالمؤمن بإطلاق = وصف مدح ، ليس وصف ذم ، ولا وصفا محايدا مطلقا .
3 ـ أن ما سبق هي أوصاف شرعية ، لا لغوية ، وإن كان كونها شرعية لا ينفي مناسبتها لمعناها اللغوي ,
وعلى ذلك :
1 ـ ليس في كتاب ولا سنة ، ولا لسان السلف والخلف من العلماء ؛ أن وصف المؤمن والكافر يكون وصفا محايدا يعني المؤمن أو الكافر بأي شيء .
2 ـ ليس في كتاب ولا سنة ولا لسان السلف والخلف إطلاق الكفر على المؤمن ، ولا الإيمان على الكافر ، إلا بتقييد لفظي ( يكفر بالطاغوت ، كفرنا بكم ، كافر بالكوكب ، يؤمنون بالجبت ، ... ) .
ويكون ذلك الاستعمال لغويا محضا .
3 ـ استعمال الكافر مع غير المسلم استعمال شرعي ، تترتب عليه أحكام دنيوية وأخروية ، لا لغوي محض ، ولا إشكال أنه يناسب اللغوي ، لأن الشرعيات تناسب اللغويات بلا خلاف .
4 ـ وصف الكافر للكافر وصف ذم ، ليس وصفا لغويا مجردا ، فأي ذم أشد من وصفه بما يعني استحقاقه مقت الله وغضبه ولعنته وجهنم خالدا فيها .
5 ـ كون الوصف ذما دينيا ، لا يعني إطلاقه من غير مناسبة ، كما أن وصف المدح الديني لا يعني إطلاقه من غير مناسبة ، فوصف المؤمن والمحسن والمتقي ونحوه لا يجوز إطلاقه إن كان فيه تزكيه للنفس ، أو إعانة على إضعاف صاحبه وفتنته .
وكذا وصف الكافر لا يجوز في مقام الدعوة ، ولا في مقام حسن المعاملة .
6 ـ إطلاق القول إن وصف المؤمن أو الكافر أوصاف نسبية إضافية مطلقا = باطل .
7 ـ لا ينبغي أن نسمع ما نسمعه من مجازفات لإرضاء غير المسلمين ، مثل قول بعضهم ( كل المسلمين كفار ) ، أو ( أنا كافر ) ، بهذا الإطلاق ، ليقابل إطلاق الإسلام على الكفار = كفارا ، بل هذا غلط على الشريعة المطهرة ، وإطلاقه بهذا الاعتبار خطر عظيم لا يحجز عن ولوجه إلا رحمته تعالى ، وجهل قائله وتأوله .
8 ـ لا يمنع ذلك التقرير كله أن يشرح لغير المسلم أن ذلك الوصف ليس الغرض منه إيذاءه نفسيا ولا ماديا ولا ظلمه في حقوقه الشخصية أو الاجتماعية ، وأن المراد منه أنه يكفر بالنبي محمد ، وأن الله تعالى الذي أرسل محمدا يتوعد من يكفر بنبيه وكتابه النار خالدا فيها .
وهذا ـ لعمر الله ـ لا يؤذي النصارى مطلقا ، لأنه بالنسبة له كقول المبشر بالنسبة لي : يجب أن تؤمن بيسوع كي تخلص وترث الملكوت ، وإلا ستحرم من مجد السماوات ، ...
والله أعلم