السلام عليكم
ورحمة الله وبركاته


الحمدلله



أصُول الفقه: الكـَــــــلام


تعريفه
:
الكلام لغة: اللفظ الموضوع لمعنى.
واصطلاحاً: اللفظ المفيد مثل: الله ربنا ومحمد نبينا.
وأقل ما يتألف منه الكلام اسمان، أو فعل واسم.

مثال الأوَّل: محمد رسول الله، ومثال الثاني: استقام محمد.
وواحد الكلام كلمة وهي: اللفظ الموضوع لمعنى مفرد وهي إما اسم، أو فعل، أو حرف.

أ - فالاسم: ما دل على معنى في نفسه من غير إشعار بزمن.
وهو ثلاثة أنواع:
الأول: ما يفيد العموم كالأسماء الموصولة.
الثاني: ما يفيد الإطلاق كالنكرة في سياق الإثبات.
الثالث: ما يفيد الخصوص كالأعلام.

ب - والفعل: ما دل على معنى في نفسه، وأشعر بهيئته بأحد الأزمنة الثلاثة.
وهو إما ماضٍ كـ(فَهِمَ)، أو مضارع كــ(يَفْهَمُ)، أو أمر كَــ(اِفْهَمْ) .
والفعل بأقسامه يفيد الإطلاق فلا عموم له.

ج - والحرف: ما دل على معنى في غيره، ومنه
:
1
- الواو: وتأتي عاطفة فتفيد اشتراك المتعاطفين في الحكم، ولا تقتضي الترتيب، ولا تنافيه إلا بدليل.
2
- الفاء: وتأتي عاطفة فتفيد اشتراك المتعاطفين في الحكم مع الترتيب والتعقيب، وتأتي سببية فتفيد التعليل
3
- اللام الجارّة. ولها معانٍ منها: التعليل والتمليك والإباحة.
4
- على الجارّة. ولها معانٍ منها: الوجوب.

أقسام الكلام
:
ينقسم الكلام باعتبار إمكان وصفه بالصدق وعدمه إلى قسمين: خبر وإنشاء.

1
- فالخبر: ما يمكن أن يوصف بالصدق أو الكذب لذاته.
فخرج بقولنا: (ما يمكن أن يوصف بالصدق والكذب) ؛ الإنشاء؛ لأنه لا يمكن فيه ذلك، فإن مدلوله ليس مخبراً عنه حتى يمكن أن يقال: إنه صدق أو كذب.
وخرج بقولنا: (لذاته) ؛ الخبر الذي لا يحتمل الصدق، أو لا يحتمل الكذب باعتبار المخبر به،

وذلك أن الخبر من حيث المخبر به ثلاثة أقسام:
الأول
- ما لا يمكن وصفه بالكذب؛ كخبر الله ورسوله الثابت عنه.
الثاني
- ما لا يمكن وصفه بالصدق؛ كالخبر عن المستحيل شرعاً أو عقلاً،

فالأول: كخبر مدعي الرسالة بعد النبي صلّى الله عليه وسلّم،
والثاني: كالخبر عن اجتماع النقيضين كالحركة والسكون في عين واحدة في زمن واحد.
الثالث:
ما يمكن أن يوصف بالصدق والكذب إما على السواء، أو مع رجحان أحدهما، كإخبار شخص عن قدوم غائب ونحوه.

2
- والإنشاء: ما لا يمكن أن يوصف بالصدق والكذب، ومنه الأمر والنهي. كقوله تعالى: (وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً)(النساء: الآية36)] وقد يكون الكلام خبراً إنشاء باعتبارين؛ كصيغ العقود اللفظية مثل: بعت وقبلت، فإنها باعتبار دلالتها على ما في نفس العاقد خبر، وباعتبار ترتب العقد عليها إنشاء.

وقد يأتي الكلام بصورة الخبر والمراد به الإنشاء وبالعكس لفائدة.

مثال الأول: قوله تعالى: (وَالْمُطَلَّقَا تُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ)(البقرة: الآية228) فقوله: يتربصن بصورة الخبر والمراد بها الأمر، وفائدة ذلك تأكيد فعل المأمور به، حتى كأنه أمر واقع، يتحدث عنه كصفة من صفات المأمور.

ومثال العكس: قوله تعالى: (
وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا اتَّبِعُوا سَبِيلَنَا وَلْنَحْمِلْ خَطَايَاكُمْ)(العنكبوت: من الآية12) فقوله: (ولنحمل) بصورة الأمر والمراد بها الخبر، أي: ونحن نحمل. وفائدة ذلك تنزيل الشيء المخبر عنه منزلة المفروض الملزم به.


الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى
الأصُول من علم الأصُول


والله أعلم