بسم الله الرحمن الرحيم
وبعد، فهذا مقال لفضيلة الشيخ عبد المحسن بن حمد العباد البدر حفظه الله تعالى بعنوان:
((من آخر المظاهر الجديدة للسفور والاختلاط إقحام النساء في الأندية الأدبية)) وهذا نصه:
الحمد لله، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد بن عبد الله وعلى آله وصحبه ومن استن بسنته واهتدى بهداه.
أما بعد؛ فقد اطلعت على ما نشرته صحيفة عكاظ بتاريخ 27/8/1432هـ تحت عنوان: ((وزير الثقافة يعتمد مواعيد انتخابات الأندية الأدبية))، وفيه: ((وأوضح مدير إدارة الإعلام والنشر المتحدث الرسمي لوكالة الوزارة للشؤون الثقافية محمد عابس أن وكالة الوزارة للشؤون الثقافية أكملت استعداداتها بتكوين اللجان المتخصصة وإعداد خططها وتنظيماتها الهادفة إلى إنجاح عقد الجمعيات العمومية للأندية الأدبية))، وفيه: ((وأكد عابس على أهمية ضخ دماء جديدة في الأندية الأدبية وإتاحة الفرصة للمرأة في الترشح والتصويت إلى جانب شقيقها الرجل))، ثم اطلعت على ما نشرته صحيفة المدينة في 17/10/1432هـ حول انتخابات النادي الأدبي في المدينة، وقد جاء في الصحيفة: ((بحضور الدكتور ناصر الحجيلان وكيل وزارة الثقافة والإعلام للشؤون الثقافية المشرف العام على انتخابات الأندية الأدبية، وعبد الله الكناني مدير عام الأندية الأدبية، وبندر آل مشيط مندوبا من إمارة منطقة المدينة المنورة، وسوزان المشهدي ممثلة لمثقفي منطقة المدينة المنورة، جرت مساء أمس الأربعاء بصالة الأمير محمد بن عبد العزيز الرياضية فعاليات الجمعية العمومية لأدبي المدينة المنورة وانتخاب مجلسه الجديد))، وفيها أن مجلس النادي الجديد انتُخب من عشرة أشخاص فيهم امرأتان! وفيها: ((وكانت سوزان المشهدي ممثلة المثقفين قد سبقت إعلان النتيجة بكلمة أكدت فيها سرورها بتمثيلها نخبة مثقفة، مشيرة إلى أن المرأة أصبحت تقف مع شقيقها الرجل في جميع المحافل الثقافية والأدبية))!
وتعليقا على هذا الذي جاء في صحيفتي عكاظ والمدينة أقول:
1ـ ما جاء في هاتين الصحيفتين من إشراك النساء في مجالس النوادي الأدبية بالمملكة وتمكينهن من الترشح والتصويت هو من سلسلة التغريب للنساء في بلاد الحرمين والزج بهن في الاختلاط بالرجال المنافي لحشمتهن، وهو من التجديد غير السديد الذي كانت بلاد الحرمين في سلامة منه منذ أكثر من مائة عام، وقد نوَّه عن هذا التجديد غير السديد في النوادي الأدبية المتحدث الرسمي لوكالة وزارة الثقافة والإعلام للشؤون الثقافية ((بأهمية ضخ دماء جديدة في الأندية الأدبية وإتاحة الفرصة للمرأة في الترشح والتصويت إلى جانب شقيقها الرجل))! وعسى الله أن يقي هذه البلاد شر هذه الدماء الجديدة المضخوخة وشر كل ساع في ضخها من داخل البلاد وخارجها من الغربيين والمستغربين التغريبيين الذين يسعون إلى الإفساد في بلاد الحرمين بعد إصلاحها، ولا أدري لماذا لم يفكر أصحاب هذه الدماء المضخوخة في وزارة الإعلام إذا كان لابد من إخراج المرأة من بيتها للأندية الأدبية بأن يكون لهن أندية أدبية تخصهن لا يختلطن فيها بالرجال ولا يختلط الرجال بهن، وكل سعي لما فيه التبرج والاختلاط هو من الإفساد في بلاد الحرمين بعد إصلاحها، وهو من سعيِ مَن لا مجد له في الإخلال لمجد غيره الذي يترتب عليه زوال النعم وحلول النقم كما قال الله تعالى: (ذلك بأن الله لم يك مغيرا نعمة على قوم حتى يغيروا ما بأنفسهم) [الأنفال: 53]،وقال: (ومن يبدل نعمة الله من بعد ما جاءته فإن الله شديد العقاب) [البقرة: 211].
2ـ من مظاهر اختلاط النساء بالرجال وعدم احتشامهن التي اشتملت عليه هاتان الصحيفتان إقحام النساء في الأندية الأدبية وتمكينهن من الترشح والتصويت وظهور امرأة سافرة مع أربعة رجال على المنصة، واختيار امرأتين لعضوية مجلس النادي الجديد، واختيار امرأة بدلا من رجل لتمثيل المثقفين في منطقة المدينة.
3ـ اختيار امرأة ممثلة للمثقفين في منطقة المدينة وعدم اختيار رجل فيه مبالغة في زج النساء في الاختلاط بالرجال بل وفي النيابة عنهم وتمثيلهم، وهو يذكِّر بالمثل المشهور: ((استنوق الجمل واستديكت الدجاجة))، وقد أبدت هذه المرأة سرورها بهذا التمثيل للمثقفين، ونوَّهت بأن المرأة أصبحت تقف مع شقيقها الرجل في جميع المحافل الثقافية والأدبية! وإلى الله المشتكى وهو حسبنا ونعم الوكيل، وليس ببعيد أن يشمل هؤلاء المثقفين الذين اختاروا هذه المرأة لتمثيلهم والنيابة عنهم عمومُ قوله صلى الله عليه وسلم: ((لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة)) رواه البخاري (4425)، قال الإمام الشوكاني في السيل الجرار (4/273): ((وليس بعد نفي الفلاح شيء من الوعيد الشديد))، وقد كتبت رسالة بعنوان: ((الدفاع عن الصحابي أبي بكرة ومروياته والاستدلال لمنع ولاية النساء على الرجال)) طبعت عام 1425هـ، وطبعت ضمن مجموع كتبي ورسائلي (7/395ـ427)، وكتبت كلمة بعنوان: ((لا يجوز للمرأة الولاية على الرجال)) نشرت في 2/3/1430هـ.
4ـ لما وقع في بعض البلاد العربية في أوائل هذا العام اضطرابات وحصل على إثرها ذهاب بعض الدول ومجيء دول أخرى مكانها، تمنى بعض المفتونين في بلاد الحرمين وطمعوا أن يحصل في هذه البلاد تغييرات تتفق مع ما كان عليه الغربيون، ومن جملة مطالب بعض هؤلاء المفتونين: ((تمكين النساء من نيل حقوقهن في التعلم والتملك والعمل والمشاركة في الشأن العام دون تمييز))، وقد ظفرن بالتعلم والتملك والعمل على وجه مشروع وهم يريدون حصول ذلك على وجه غير مشروع، وعلى رأس هؤلاء المفتونين رجل زنديق مستهزئ بالله ودينه، ومن أسوأ ما جاء في استهزائه قوله في كتابه (الكراديب ص: 50): ((دع الله وشأنه))، وقوله (ص 78): ((الانتحار نصر على الله، في الانتحار تُفوِّت الفرصة على الله أن يختار لك مصيرك))، وقوله (ص 120): ((إبداع الشيوعيين ليس مثله إبداع))،وقوله (ص 137): ((فالله والشيطان واحد هنا، وكلاهما وجهان لعملة واحدة))، ومن عدائه للدولة قوله في كتابه العدامة (ص: 23) في حواره المزعوم الموهوم: ((إنها دولة فاسدة لا همَّ لها إلا مصلحتها ونهب خيرات الشعب الذي لا حقوق له، إن الشعب مجرد عبيد أو رعايا على أفضل الأحوال ليس إلا))!! وقد ذكرتني كلماته التي هي في غاية القبح في الاستهزاء بالله التي لا تصدر عن مسلم ولا يجرؤ على التفوه بها كثير من الكفار كلاماً نفيساً لأبي بكر ابن العربي المتوفى سنة (543هـ) في كتابه: العواصم من القواصم (ص: 247) تعليقاً على كلام لبعض المخذولين في غاية القبح، قال فيه: ((في كفرٍ بارد لا تسخنه إلا حرارة السيف، فأما دفء المناظرة فلا تؤثر فيه)).
وقد كتبت في دحض مزاعم هؤلاء المفتونين كلمتين إحداهما بعنوان: ((خطورة الإفساد في بلاد الحرمين بعد إصلاحها)) نشرت في تاريخ 3/4/1432هـ، والثانية بعنوان: ((من أسوإ المفسدين في بلاد الحرمين تركي الحمد)) نشرت في تاريخ 4/4/1432هـ.
5ـ سبق هذه الكلمة خمس وعشرون كلمة نشرت متفرقة خلال عامين وأشهر، ونشرت مجتمعة في 13/9/1432هـ تحت عنوان: ((خمس وعشرون كلمة في التحذير من التبرج والسفور واختلاط الجنسين في بلاد الحرمين))، والكلمات في الموضوعات المتنوعة نشرت متفرقة في أوقات مختلفة، ثم نشرت مجتمعة في 21/9/1432هـ تحت عنوان: ((ثلاث وثلاثون كلمة في مجالات إصلاحية متنوعة ودحض أباطيل مختلفة)).
ومن حسن حظ كل مسؤول في هذه البلاد قيامه بأداء واجبه في منع انفلات النساء على حسب طاقته تحقيقا لقوله صلى الله عليه وسلم: ((من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان)) رواه مسلم (117).
وأسأل الله عز وجل أن يوفق هذه البلاد حكومة وشعباً لكل خير وأن يحفظها من كل شر، إنه سميع مجيب، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.