الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله
وبعد:
فهذا بحث في مسألة هل هناك سنة بعد ركعتي العيد أو لا؟
فأقول والله المستعان:
اعلم أن عمدت من جعل لصلاة العيد سنة بعدية وهي ركعتين في المنزل حديث أبي سعيدالخدري رضي الله عنه قال:
كان رسول الله لايصلي قبل العيدشيئا فإذا رجع إلي منزله صلى ركعتين.
أخرجه ابن ماجه(1293)وأحمد(2-28-40)والحاكم(1-297)من طرق عن عبدالله بن محمد بن عقيل عن عطاءبن يسار عن أبي سعيد مرفوعا.
تفرد به ابن عقيل وهوضعيف الحديث لايحتمل تفرده.تكلم عليه المتقدمون.قال ابن سعد في طبقاته في الطبقة الرابعة من أهل المدينة:كان منكرالحديث لايحتجون بحديثه وكان كثيرالعلم.أهـ
.كان مالك لايروي عنه.قال ابن المديني:لم يدخل مالك في كتبه ابن عقيل ولاابن ابي فروة.
وقال:قال سفيان بن عيينة:رأيته يحدث نفسه فحملته أنه قد تغير.وقال علي:لم يرو عنه مالك بن أنس ولايحي بن سعيدالقطان.قال يعقوب:وهذان ممن ينتقي الرجال.وقال يعقوب:وابن عقيل صدوق،في حديثه ضعف شديد جدا.وقال علي:كان ضعيفا.وقال أحمد:منكرالحديث. وقال ابن معين:ابن عقيل لايحتج بحديثه.وقال مرة:ضعيف الحديث.يعني ليس بثقة لايكتب حديثه كماهي عبارته في التاريخ الكبيرلبن ابي خيثمة(1-227).وقال ابن عيينة:كان في حفظه شيئ فكرهت أن ألقه.وقال الجوزجاني:توقف عنه عامة مايرويه غريب.وضعفه أبوزرعة وأبوحاتم والنسائي.وقال أبوبكربن خزيمه:لاأحتج به لسوء حفظه.ومنهم يحتج بحديثه قال الحاكم أبوأحمد:كان أحمدوإسحاق يحتجان بحديثه،ليس بذاك المتين المعتمد.أهـ قلت:وهذا يدل على تضعيف الحاكم أبي أحمد له وأنه لايبلغ مرتبة الإحتجاج بحديثه.وقال الترمذي:صدوق،وق تكلم فيه بعض أهل العلم من قبل حفظه،وسمعت محمدبن إسماعيل يقول:كان أحمدابن حنبل وإسحاق بن إبراهيم والحميدي يحتجون بحديث ابن عقيل،قال محمدبن إسماعيل:وهومقار الحديث أهـ.قلت علي:الذي يظهر لي من كلام أهل الحديث فيما إذا لم ينفرد بسنة ولم يخالف أو أنهم يحتجون به فيما إذا لم يكن في الباب غيره كما هو مذهب الإمام أحمد وغيره من المحدثين.والذي يؤيد هذا قول أحمد:منكرالحديث. يعني:يخالف كثيرا.ويدل على هذا الذي قلته هوقول أبي زرعة:وابن عقيل يختلف عنه في الاسانيد.ومعروف ان المنكرهومخالفةا لضعيف لمن هواوثق منه اوهوتفردالضعيف مطلقا.هذاالامرا اول وهوان الراوي الصحيح فيه انه لايحتمل تفرده.
الامرالثاني:مخا فته للحديث المتفق عليه حديث ابن عباس:ان النبي صلى الله عليه وسلم خرج يوم الفطرفصلى ركعتين لم يصل قبلهماولابعدهما .وكذلك وردعن بعض الصحابة كابن عمرانه خرج يوم عيد فلم يصلي قبلهاولابعدها وذكر ان النبي صلى الله عليه وسلم فعله.وهذا هو الثابت عنه عليه الصلاة والسلام وثبت ايضا عن بعض الصحابة والتابعين مثل دلك.
الامرالثالث:لو كانت سنة لنقلنها لنا أزواجه عليه الصلاة والسلام كما نقلوا لنا بعض السنن التي كانت في بيوتهن؟وهن مأمورات بالنقل كما قال تعالى:واذكرن مايتلى في بيوتكن من آيات الله والحكمة إن الله كان لطيفا خبيرا.وآيات الله هي الكتاب والحكمة هي السنة كما قاله غير واحد من السلف.
الامرالرابع:هو أن الخلاف بين الصحابة والتابعين ظاهر ولم يحتج أحد على أحد فلو كانت ثمة سنة منه عليه الصلاة والسلام لحتج بعضهم على بعض فكان بعضهم لايصلي قبل العيد ولا بعده وكان بعضهم يصلي قبل العيد كأنس بن مالك والحسن وجابربن سعيد وسعيدابن ابي الحسن وابي برزة والاسود كلهم يصلون قبل خروج الامام وكان بعضهم يصلي بعدها اربعا كسعيدبن جبير وابراهيم وعلقمة ومجاهدوعبدالرحم ن ابن ابي ليلي وغيرهم.وهذا يدل على انه ليس هناك سنة.
الامرالخامس:لم يذكر اهل العلم هذه السنة في كتب الفقه وهذا ممايستأنس به وإلا فهو ليس بحجة مستقلة يعتمد عليها في التعليل والله *اعلم.
مسألة:إذن ما هذه الصلاة التي كان يصليها بعض الصحابة؟هذه إماان تكون تحية المسجد او تنفلا مطلقا كصلاة الضحى وهذا الذي يظهر لي لانه ورد عن بعض الصحابة أنه كان يجلس من يصلي في المصلى اوالمسجد كحذيفة واصحابه فهم اجلسوا الناس على انهم كانوا يظنون ان هناك سنة او لئلا يظن الظان انه ثمة سنة قبلية والذي يدل ايضا على ان البعض كان يصلي الضحى ماروي عن صفوان انه كانت صلاته يوم الفطر والنحر عشر ركعات قبل خروج الامام وركعتين مع الامام وركعتين بعدالامام.وأحسن ماقيل في هذه المسألة هو قول الشافعي:يتنفل قبلها وبعدها الا الامام فانه اذا ظهر للناس لم يصلي قبلها.
تنبيه:لاتقل سنة مهجورة حتى يتفق عليها العلماء.فإذا كان في المسألة خلاف فلا.لان معنى كلامك ان هذه سنة ثابتة ولم يعمل بها العلماء بل تركوها وهجروها ولان فيها اساءت ظن ببعض من لم يعمل بها هذا يوهم السامع بذلك ولأنه حينئذ تكون سنة عند البعض وغير سنة عند الاخر.وليس هناك سنة صحيحة صريحة لم يعمل بها العلماء قط.فيمااعلم.ثم ان قولك سنة مهجورة كقولك هلك الناس،وماأدراك انها سنة مهجورة هل هذا غالب على ظنك؟فإذا قلت:نعم.قلت لك:كذلك من قال:هلك الناس قال ذلك بناء على غلبة ظنه.فهذا محذور شرعي.فقولي:لاتقل سنة مهجورة حتى يتفق عليها العلماء صحيح.لان هذه السنة تكون عند بعضهم سنة وعندالاخرليست بسنة.فإذا اتفق عليها العلماء صارت سنة وساغ لك ان تقول سنة فقط اما سنة مهجورة فلا لان الهجران يكون في محل الذم كما تقدم والله اعلم .فلو قلت هل هناك سنة بالمعنى الذي قررته ؟قلت لك:نعم.صلاة الاستخارة لم يختلف عليها العلماء وتحية المسجد وكثير من السنن متفق عليها فهذه لو تركت وقلت انها سنة لم يخالفك احد من الناس.
وقفت:من العلماء من حسن الحديث وهذا التحسين سائغ لامور منها ان تعريف الحسن ليس له ضابط بل هو امر نسبي كما هو معروف عند من مارس علم الحديث لانه قد يكون حسن عند عالم وضعيف عند غيره.
والامرالثاني:ان قد يقبل هذا التحسين اذا لم يخالف سنة صحيحة او قرأئن تدل على ضعفه.وكذلك تحسين الحافظ له لايدل على تصحيحه للحديث لانه كما هو مقرر عند اهل الحديث انه لايلزم من تصحيح الاسناد تصحيح الحديث ثم ان الحافظ ذكر في الفتح بعد تحسينه للحديث:والحاصل ان صلاة العيد لم يثبت لها سنة قبلها ولا بعدها...الخ.ولعل الحافظ يريد ان الحديث ثابت لكن ليس هذه سنة بل تنفل مطلقا.وهذا غير صحيح فظاهر الحديث انها سنة والدليل قوله:كان لايصلي قبل العيد شيئا فإذا رجع إلي منزله صلى ركعتين.وكلمت:كان تدل على الدوام.والله تعالى اعلم.
** * * * * * * * * * * * * * * * * * * * *
** * * * * *