البدل في أسلوب الحديث النبوي الشريف
البدل في أسلوب الحديث النبوي الشريف/ بقلم محفوظ فرج إبراهيم
ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـ
عن عياض بن حمار رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( أهل الجنة ثلاثة : ذو سلطان مقسط موفق ورجل رحيم رفيق القلب لكل ذي قربى ومسلم وعفيف متعفف ذو عيال )صحيح أخرجه مسلم 2865 رياض الصالحين ص 194 برقم 662
ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ــــــــ
ما أجمل الكلمات، وما أروعها، وأبهاها حين تنتظم في حقيقتها صور جميلة في البناء زاهية لا تحتاج إلى أسلوب البيان بما فيه من فنون .
إنها حقيقة موصوفة بما تستحق ثابتة لما يخبر عنه.
وهذه تنطبق على حديث المصطفى صلى الله عليه وسلم في حديثه عن أهل الجنة حين جعلهم ثلاثة بجملة اسمية خالية من التوكيد لأنها خبر موثوق منه ( أهل الجنة ثلاثة ) وفي هذه الجملة كان المسند إليه فيه البشرى للمسند ( ثلاثة ) ( أهل الجنة ) إذ أطلق عليهم ( أهل ) وفي هذه المفردة المتهللة المؤنسة ضمان ل(ثلاثة ) . وكأن الناس حين يدخلون الجنة سيكونون ضيوفا عندهم .
ولكن من هؤلاء الثلاثة : أنهم ( ذو سلطان )، و ( رجل )، و ( عفيف ) موصوفون بمشتقات تطابق كل بدل منهم
فذو سلطان موصوف باسم فاعل ( مقسط ) واسم مفعول ( موفق ) ولأن من يكون ذا عدل في حكمه لا يمكن أن يكون العدل ثابتا في سجيته فقد يصيب ويخطئ وذلك خارج عن إرادته فجاء وصفه ليس بفعل، ولا بصفة مشبهة لأنه أدوم، وأثبت من الفعل، ولا يرقى إلي ثبوت الصفة المشبهة . ( 31) أما اسم المفعول موفق إشارة إلى أن العدل في الحكم بتوفيق من الله سبحانه، وتعالى فلم يسم فاعله تعظيما
وجاء البدل الثاني ( رجل ) نكرة لتشمل أي رجل كان، وحتى من أي جنس، وطائفة، وقومية موصوفا بصفة مشبهة على صيغة فعيل، وهي في الصفة المشبهة تأتي للدلالة على الثبوت مما هو خلقه أو مكتسب فمن كان قلبه ( رحيما) و ( رفيقا ) لا يمكن أن يتغير فهي صفة متأصلة في ذاته كطويل وقصير وخطيب وفقيه وهذا الوصف يبنى من ( فعُل ) الفعل الماضي المضموم العين، وهو يدل على الطبائع، وعلى التحول في الصفات ( 32 ) والرسول صلى الله عليه وسلم أراد أن تكون موجهة معموله شبه جملة ( لكل ذي قربى ) وقد قدم ذي القربى على مسلم لأنهم أولى بالعطف، والرحمة من غيرهم .
وفي البدل الثالث ( عفيف ) أضفى على هذا الإنسان صفة ثبات العفة فيه، وهذا الوصف يستخدم في الأغلب للغرائز على الرغم من أنها صفة مكتسبة تهذبها التربية منذ الطفولة .كذلك أعقبها ( متعفف ) الدالة على الحدث والحدوث لا يسأل الناس على الرغم من حاجته، وحاجة عياله، وهذه ليست صفة ثابتة ولذلك جاءت على صيغة اسم الفاعل .
محفوظ فرج سامراء 1430هـ
ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ــــــــ
( 31) معاني الأبنية في العربية د. فاضل السامرائي ص 47
( 32) معاني الأبنية ص 14 ـ15
رد مع اقتباس
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمود فرج عبد العال
