بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
مسألة: لماذا((لا يتيمم بأي شئ تحول عن صفته بفعل النار كالرماد والجبس والاسمنت والجير...))؟؟!!
الجواب: لعل ذلك ـ والله اعلم ـ لأن العين التي حكم الشارع بجواز استخدامها في التيمم (وجه الارض) لم تبق اسما ولا صفة فالحكم بجواز التيمم بالرمل والحجر والتراب مقيد بكونه هكذا من وجه الارض علي صفته الطبيعية الحقيقية فان صار جبسا او اسمنتا ونحوه فليس هذا من وجه الارض ترابا او رملا كان حيث فقد الوصف الذي وقع الحكم من الشارع عليه بجواز التيمم به فاذا استحالت صفاته واسمه بطل حكمه الذي علق علي ذلك الاسم ولله در الامام ابن حزم اذ يقول في غير هذا الموضع من المحلي((.......... والاحكام انما هي علي الاسماء والاسماء انما هي علي الصفات))اهـ.فمحص ل القول هذه القاعدة العامة: ان الشئ المعين اذا ورد في شأنه حكم شرعي ثم وقع له تغير لم يزل عنه اسمه بقي الحكم الشرعي كما هو فإن زال الاسم بالتغير زال الحكم الشرعي........ فمن ادعي بقاء وجواز الحكم بالتيمم بأفراد وجه الارض( رمل او تراب ونحوه) مع ذهاب الاسم والصفة عنها فعليه الدليل .
*** وفي أسنى المطالب شرح روض الطالب للعلامة لزكريا الأنصاري ما يلي:
(وَلَوْ شُوِيَ الطِّينُ وَتَسَوَّدَ فإنه يَصِحُّ التَّيَمُّمُ بِهِ إذَا سُحِقَ لِأَنَّهُ تُرَابٌ لَا ما صَارَ رَمَادًا أو خَرِفًا أو آجُرًّا لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى تُرَابًا وفي نُسْخَةٍ وَآجُرٌّ بِالْوَاوِ وَلَا يَصِحُّ التَّيَمُّمُ بِرَمْلٍ وَلَوْ نَاعِمًا بِلَا غُبَارٍ أو بِغُبَارٍ لَكِنَّ الرَّمْلَ يَلْصَقُ بِالْعُضْوِ بِخِلَافِهِ إذَا لم يَلْصَقْ بِهِ فَإِطْلَاقُهُ الرَّمْلِ أَوْلَى من تَقْيِيدِ الْأَصْلِ له بِالْخَشِنِ وَلَا بِمَعْدِنٍ كَنَوْرَةٍ وَزِرْنِيخٍ وَجَصٍّ لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى تُرَابًا )
*** وفي الام للإمام ناصر السنة الشافعي رحمه الله ما يلي: (وإذا حت التراب من الجدار فتيمم به أجزأه وان وضع يديه على الجدار وعلق بهما غبار تراب فتيمم به أجزأه فان لم يعلق لم يجزه وإن كان التراب مختلطا بنورة أو تبن رقيق أو دقيق حنطة أو غيره لم يجز التيمم به حتى يكون ترابا محضا (قال الشافعي) وإذا حال التراب بصنعة عن أن يقع عليه اسم تراب أو صعيد فتيمم به لم يجز)
***وقال الامام ابو اسحاق الشيرازي في المهذب ((وان أحرق الطين وتيمم بمدقوقه ففيه وجهان أحدهما لا يجوز التيمم به كما لا يجوز بالخزف المدقوق: والثاني يجوز لان احراقه لم يزل اسم الطين والتراب عن مدقوقه بخلاف الخزف))
***وقال الامام النووي في المجموع ((إذا أحرق الطين وتيمم بمدقوقه فوجهان مشهوران أصحهما عند الجمهور لا يجوز وبه قطع الشيخ أبو حامد والبغوى والاصح عند امام الحرمين وصاحب البحر والمحققين الجواز وهذا أظهر قال امام الحرمين القول بانه لا يجوز غلط غير معدود من المذهب وقد ذكر المصنف دليل الوجهين وقال القاضي أبو الطيب إن احترق ظاهره وباطنه لم يجز وإن احترق ظاهره دون باطنه ففيه وفى الطين الخراساني إذا دق وجهان والاظهر الجواز مطلقا اما ذا أصابته نار فاسود ولم يحترق فالمذهب القطع بجواز التيمم به وبه قطع البغوي وغيره وحكي الرافعي فيه وجها وهو ضعيف لانه تراب ولا يشبه الخزف بحال ولو احترق فصار رمادا لم يجز التيمم به بلا خلاف كالخزف: نقله الرافعي وغيره وهو ظاهر والله أعلم ))
*** وقال العلامة تقي الدين الحصني في كفاية لاخيار ما يلي ((ثم شرط التراب أن لا يخرج عن حاله إلى أخرى تمنع الاسم حتى لو أحرق التراب حتى صار رمادا أو سحق الخزف لم يجز التيمم به ولو شوى الطين وسحقه ففي جواز التيمم به وجهان ولم يرجح الرافعي في هذه الصورة شيئا ولا النووي في الروضة ولو أصاب التراب نار فاسود ولم يحترق ففيه الوجهان صحح النووي في هذه الصورة القطع بالجواز))
*** وقال الامام الرافعي في شرح الوجيز ما يلي((سحاقة الخزف أصلها تراب ولكنها لا تسمى ترابا مطلقا فلا يجوز التيمم بها وتابعه صاحب الكتاب فجعل وصف الاطلاق احترازا عن السحاقة ذكره في الوسيط ولك أن تقول التراب المطلق وغير المطلق يشتركان في مسمى التراب وسحاقة الخزف لا تسمى ترابا أصلا لا مطلقا ولا غير مطلق فهى خارجة عن اسم التراب ولا حاجة إلى هذا القيد يوضح ذلك انه حكي عن نص الشافعي رضي الله عنه في الام انه قال ان دق الخزف ناعما لم يجز التيمم به لان الطبخ احاله عن أن يقع عليه اسم التراب ولو أحرق التراب حتى صار رمادا فكذلك لا يجوز التيمم به ولو شوى الطين المأكول وسحقه ففى جواز التيمم به وجهان أحدهما لا يجوز كالخرف والآخر المسحوقين والثانى يجوز وهو الاظهر لان اسم التراب لا يبطل بمجرد الشي بخلاف طبخ الخزف والآجر فانه يسلب اسم التراب ويجعله جنسا آخر ولو أصاب التراب نار فاسود ولم يحترق بحيث يسمي رمادا فعلى هذين الوجهين * ونختم الفصل بالتنصيص على المواضع المستحقة من لفظ الكتاب المرقوم المشيرة إلى ما حكينا من الاختلافات فنقول ينبغى أن يعلم قوله فلا يكفى )) اهـ.
محبكم في الله الداعي لكم بالخير / أفقر الوري الي عفو الرب العلي ابوالرميصاء ضياء الديسميّ المصري الأثري
****************************
*** قال الامام العلامة أبو شامة المقدسي رحمه الله تعالى في ( مختصر المؤمل في الرد إلى الأمر الأول)
• (( وَلَمْ يَزَلْ عِلْمُ الْفِقْهِ كَرِيْماً يَتَوَارَثُهُ الأَئِمَّةُ، مُعْتَمِدِيْنَ عَلَى الأَصْلَيْنِ الْكِتَابِ والسُّنَّةِ، مُسْتَظْهِرِيْن َ بِأَقْوَالِ السَّلَفِ، عَلَى فَهْمِ مَا فِيْهِمَا؛ مِنْ غَيْرِ تَقْلِيْدٍ ، فَقَدْ نَهَى إِمَامُنَا الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ عَنْ تَقْلِيْدِهِ وَتَقْلِيْدِ غَيْرِهِ، عَلَى مَا سَنَذْكُرُهُ فِي فَصْلٍ بَعْدَ هَذَا، وَكَانَتْ تِلْكِ الأَزْمِنَةُ مَمْلُوْءَةً بِالْمُجْتَهِدِ يْنَ، وكُلٌّ صَنَّفَ عَلَى مَا رَأَى، وَتَعَقَّبَ بَعْضُهُمْ بَعْضاً مُسْتَمِدِّيْنَ مِنَ الأَصْلَيْنِ الْكِتِابِ وَالسُّنَّةِ، وَتَرْجِيْحِ الرَّاجِحِ مِنْ أَقْوَالِ السَّلَفِ الْمُخْتَلِفَةِ ))
• (( وَلَمْ يَزَلْ الأَمْرُ عَلَى مَا وَصَفْتُ إِلَى أَنِ اسْتَقَرَّتِ المذاهبُ الأربعةُ وهُجِرَ غَيْرَهَا، فَقَصُرَتْ هِمَمُ أَتْبَاعِهِمْ إِلاَّ قَلِيْلاً مِنْهُمْ، فَقَلَّدُوْا وَلَمْ يَنْظُرُوْا فِيْمَا نَظَرَ فِيْهِ الْمُتَقَدِّمُو ْنَ مِنَ الاسْتِنْبَاطِ مِنَ الأَصلَينِ الْكِتَابِ وَالسَّنَّةِ، بَلْ صَارَتْ أَقْوَالُ أَئِمْتِهِم بِمَنْزِلَةِ الأَصْلَيْنِ، فَأَخَذُوْهَا مُسَلَّمَةً مَفْرُوْغاً مِنْهَا، ففرَّعُوْا عَلَيْهَا، وَاسْتَنْبَطُوْ ا مِنْهَا، وَلَمْ يَبْقْ نَظَرٌ إلاَّ فِيْهَا، وَأَعْرَضُوْا عَنْ عُلُوْمِ الأَصْلَيْنِ، فَعُدِمَ المُجْتَهِدُوْن َ، وَغَلَبَ المُقَلِّدُوْنَ ، حَتَّى صَارُوا مِمَّن يَرُوْمُ رُتْبَةَ الاجْتِهَادِ يَعْجَبُوْنَ، وَلَهُ يَزْدَرُوْنَ، وَكَثُرَ التَّعصُّبُ لِلْمَذَاهِبِ، وقلَّت النَّصَفَةُ، وَبَانَتِ المَثَالِبُ، ودبَّتْ بَيْنَهُمُ الْعَقَارِبُ، فَجَرَى مِنْ بَعْضِهِم فِي بَعْضٍ العَجَائِبَ وَالغَرَائِبَ))
• (( وَآلَ بِهِمُ التَّعصُّبُ إِلَى أَنْ صَارَ أحدهم إذا أُوْرِدَ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنَ الكِتَابِ وَالسُّنَّة الثَّابِتَةِ عَلَى خِلاَفِ مَذْهَبِهِ يَجْتَهِدُ فِي دَفْعِهِ بِكُلِّ سَبِيْلٍ مِنَ التَّأويلِ البَعِيْدِ نُصْرَةً لِقَوْلِهِ، وَإِعْرَاضاً عمَّا يَجِبُ عَلَيْهِ الأَخْذ بِهِ، وَلَوْ كَانَ وَصَلَ إِلَى إِمَامِهِ الَّذي يقلِّدُهُ هَذَا المُتَعَصِّبُ لَقَابَلَهُ ذَلِكَ الإِمَامُ بِالتَّعْظِيْمِ وَالتَّبْجِيْلِ ، وَلَصَارَ إِلَيْهِ إِنْ لَمْ يُعَارِضَهُ دَلِيْلٌ .
• ثمَّ تَفَاقَم الأَمْرُ حَتَّى صَارَ كَثِيْرٌ مِنْهُم لاَ يَرَوْنَ الاشْتِغَالَ بِعُلُوْمِ القُرْآنِ وَالحَدِيْثِ، وَيَعِيْبُوْنَ مَنْ يَعْتَنِي بِهِمَا، وَيَرَوْنَ أَنَّ مَا هُمْ عَلَيْهِ هُوَ الَّذي يَنْبَغِي المُوَاظَبَةُ عَلَيْهِ، وَتَقْدِمَتُهُ بَيْنَ يَدَيْهِ، مِنَ الاحْتِجَاجِ لِلْمَذَاهِبِ بِالآرَاءِ وَكَثْرَةِ الجِدَالِ وَالِمرَاءِ، فَيَنْقَضِي مِنْهُمُ المَجْلِسُ بَعْدَ المَجْلِسِ لاَ يُسْمَعُ فِيْهِ آيَةٌ تُتْلَى، ولا َحَدِيْثٌ يُرْوَى، وإن اتُّفِقَ ذِكْرُ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ فِيْ الْمَجْلِسِ مَنْ يَعْرِفُ صَحِيْحَهُ مِنْ سَقِيْمِهِ، وَلاَ إِيْرَادُهُ عَلَى وَجْهِهِ وَلاَ فَهْمُ مَعْنَاهُ، وَغَرَضُ كُلٍّ مِنْهُم قَمْعُ خَصْمِهِم، وَإِبْطَالُ حُكْمِهِم، وعُدِمَ مِنْهُمُ الإِنْصَافُ فِي مَسَائِلِ الخِلاَفِ، وَلاَ سِيَّمَا لمَّا وُقِفَتْ عَلَيْهِمُ الأَوْقَافُ........ .......... ...........................)) اهـ