تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 11 من 11

الموضوع: تَزَبَّبْتَ وَأَنْتَ حِصْرِمٌ!!

  1. #1

    افتراضي تَزَبَّبْتَ وَأَنْتَ حِصْرِمٌ!!

    الحمد لله الذي بدَّد ظلماتِ الجهل ببَعْثَة محمَّدٍ صلَّى الله عليه وسلم، وأَمَرَهُ في مُحْكَمِ التَّنْزِيل بقوله: {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ} [الأعراف: 199]، والقائل: {وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الأُمُورِ} [الشورى: 43]. والصلاة والسلام على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - القائل: ((إنَّ من أشراط السَّاعة أن يُرفعَ العلمُ، ويَثبُتَ الجهلُ، ويُشربَ الخمرُ، ويظهرَ الزِّنَا))، والقائل: ((إنَّ الله لا يَقْبِضُ العلمَ انتزاعًا ينتزعُهُ من العباد، ولكن يَقْبِضُ العلم بقَبْضِ العُلَماءِ، حتَّى إذا لم يُبْقِ عالمًا؛ اتَّخذ النَّاسُ رُؤوسًا جُهَّالاً، فسُئِلُوا، فَأَفْتَوْا بِغَيْر عِلمٍ؛ فضَلُّوا وأَضَلُّوا)).
    وقد تعلَّم الصحابة الكرام - رضيَ الله عنهم - من رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - ثمَّ علَّموا التَّابعينَ، وعلَّم التَّابعون أتباعَ التَّابعين، وحمل هذا العلمَ من كلِّ خَلفٍ عُدُولُه، فنَفَوْا عنه تحريفَ الغالين، وانتحالَ المُبطلِين، وتأويل الجاهلين، وما بلغوا ذلك إلا بنَفْيِ الاعتماد، والسَّيْر في البلاد، وصبرٍ كصبر الجماد، وبُكورٍ كبُكُور الغراب، كما وَرَدَ عن الشَّعْبِيِّ - رحمه الله تعالى - وكابدوا المشاقَّ الكِبار، وصارعوا الأهوال العظام، ولسانُ حالهم:
    دَبَبْتَ لِلْمَجْدِ وَالسَّاعُونَ قَدْ بَلَغُوا = جَهْدَ النُّفُوسِ وَأَلْقَوْا دُونَه الأُزُرَا
    فَكَابَدُوا الْمَجْدَ حَتَّى مَلَّ أَكْثَرُهُمْ = وَعَانَقَ الْمَجْدَ مَنْ أَوْفَى وَمَنْ صَبَرَا
    لا تَحْسَبِ الْمَجْدَ تَمْرًا أَنْتَ آكِلُهُ = لَنْ تَبْلُغَ الْمَجْدَ حَتَّى تَلْعَقَ الصَّبِرَا
    وعَمِلوا بنصيحة الشافعيِّ - رحمه الله تعالى - إذْ يقول:
    أَخِي، لَنْ تَنَالَ الْعِلْمَ إِلاَّ بِسِتَّةٍ = سَأُنْبِيكَ عَنْ تَفْصِيلِهَا بِبَيَانِ
    ذَكَاءٌ وَحِرْصٌ وَاجْتِهَادٌ وَبُلْغَةٌ = وَصُحْبَةُ أُسْتَاذٍ وَطُولُ زَمَانِ
    وزاحمهم في ذلك أغمارٌ أصاغرُ، تَزَبَّبوا قبل أن يَتَحَصْرَمُوا، ورامُوا الطَّيران بغير ريشٍ، وأقحموا أنفسهم فيما لا يُحسنون، فأُسْمِعوا ما يكرهون، وكانوا عن هذا في غِنًى وعافية، لكنَّ حبَّ الظُّهور يقصِم الظُّهور، والجزاء من جنس العمل.
    وزيَّنَتْ لهم أنفسُهم التلقُّبَ بِعظيم الألقاب، والتَّكنِّي ببديع الكُنَى؛ عسى أن تَرفعَ من خَسيسَتِهم، فَما أَغْنَتْ عَنْهُم شيئًا، وكانوا كمَن قيل فيه:
    أَلْقَابُ مَمْلَكَةٍ فِي غَيْر مَوْضِعِهَا = كَالْهِرِّ يَحْكِي انْتِفَاخًا صَوْلَةَ الأَسَدِ
    ثُمَّ صار أمْرُهُمْ ضِغْثًا على إبَّالةٍ، فَلَمْ يَقْتَصِرُوا على ما سَبَقَ؛ بَلْ رمَوْا غَيْرَهُمْ بِدَائِهِم، ونازَلوهم في ساحات المناظرة، منازلةَ العالِم للجاهل، والصَّبور على الجهول، وأَخْلِقْ بهم أن يكونوا على الضّدِّ من ذلك، وأن يُنْشِدَ رائيهم قولَ خلف الأحمر:
    لَنَا صَاحِبٌ مُولَعٌ بِالْخِلافِ = كَثِيرُ الْخَطَاءِ قَلِيلُ الصَّوَابِ
    أَلَجُّ لَجَاجًا مِنَ الْخُنْفُسَاءِ = وَأَزْهَى إِذَا مَا مَشَى مِنْ غُرَابِ!
    وأن يتأسَّف على إفساح المجال لأمثالهم؛ ليقولوا في دين الله بغير علمٍ، في ظلِّ غياب - أو تغييب - الكفاءات المعتبَرة للحِسْبة الشَّرعيَّة، دون أن يؤخَذ على أيديهم، وأن يؤطَروا على الحقِّ أطْرًا.
    ورحمة الله على القاضي عبدالوهَّاب المالكي، القائل:
    مَتَى يَصِلُ العِطَاشُ إلى ارْتِوَاءٍ = إِذَا اسْتَقَتِ البِحَارُ مِنَ الرَّكَايَا؟!
    وَمَنْ يُثْنِي الأَصَاغِرَ عَنْ مُرَادٍ = إِذَا جَلَسَ الأَكَابِرُ في الزَّوَايَا؟!
    وَإِنَّ تَرَفُّعَ الْوُضَعَاءِ يَوْمًا = عَلَى الرُّفَعَاءِ مِنْ إِحْدَى الرَّزَايَا
    إِذَا اسْتَوَتِ الأَسَافِلُ وَالأَعَالِي = فَقَدْ طَابَتْ مُنَادَمَةُ الْمَنَايا!!
    ويا ليتهم إذْ خاضوا تلك اللُّجَّة خاضوها بمروءة الأحرار:
    وَمِنْ مُبْكِيَاتِ الدَّهْرِ أَوْ مُضْحِكَاتِهِ = لَدَى النَّاسِ حُرٌّ لَمْ يَكُنْ خَصْمُهُ حُرَّا
    فنعوذ بالله من أناس تشيَّخوا قبل أن يشيخوا، ولعلَّهم لن يشَيَّخوا وإن شاخوا!!
    وتراهم يتكلَّمون في كلِّ مسألةٍ كيفما اتَّفَق؛ فتجد قلَّة العلم، وقلة التأني والتأمل والنظر - أو عدمه – فليس عنده إلا الرَّغبة في اللجاجة والردِّ على الغَيْر! كما قال الشَّاعر:
    تَرَاهُ مُعَدًّا لِلْخِلافِ كَأَنَّهُ = بِرَدٍّ عَلَى أَهْلِ الصَّوَابِ مُوَكَّلُ
    وقال الآخر:
    رَقِيعٌ خَصِيمٌ فِي الصَّوَابِ كَأَنَّهُ = بِرَدٍّ عَلَى أَهْلِ الصَّوَابِ مُوَكَّلُ
    فالواجب على طلاب العلم فمن فوقهم إذا نَصحوا، فقوبلوا بأمثال هؤلاء؛ أن يسعهم الصمت والإعراض والصفح الجميل؛ وليتمثَّلوا قول الشافعي:
    أَأَنْثُرُ دُرًّا بَيْنَ رَاعِيَةِ الْغَنَمْ = وَأَنْشُرُ مَنْظُومًا لِرَاعِيَةِ النَّعَمْ
    لَئِنْ كُنْتُ قَدْ ضُيِّعْتُ فِي شَرِّ بَلْدَةٍ = فَلَسْتُ مُضِيعًا بَيْنَهُمْ غُرَرَ الْكَلِمْ
    فَإِنْ فَرَّجَ اللَّهُ الْكَرِيمُ بِلُطْفِهِ = وَأَدْرَكْتُ أَهْلاً لِلْعُلُومِ وَلِلْحِكَمْ
    بَثَثْتُ مُفِيدًا وَاسْتَفَدْتُ وِدَادَهُمْ = وَإِلاَّ فَمَخْزُونٌ لَدَيَّ وَمُكْتَتَمْ
    وَمَنْ مَنَحَ الجُهَّالَ عِلْمًا أَضَاعَهُ = وَمَنْ مَنَعَ المُسْتَوْجِبِي نَ فَقَدْ ظَلَمْ
    وَقَالَ أَبُو خَلِيفَةَ الْفَضْلُ بْنُ الْحُبَابِ:
    قَالُوا نَرَاكَ تُطِيلُ الصَّمْتَ قُلْتُ لَهُمْ = مَا طُولُ صَمْتِيَ مِنْ عِيٍّ وَلا خَرَسِ
    لَكِنَّهُ أَجْمَلُ الأَمْرَيْنِ مَنْزِلَةً = عِنْدِي وَأَحْسَنُ لِي مِنْ مَنْطِقٍ شَكِسِ
    قَالُوا نَرَاكَ أَدِيبًا لَسْتَ ذَا خَطَلٍ = فَقُلْتُ هَاتُوا أَرُونِي وَجْهَ مُقْتَبِسِ
    لَوْ شِئْتُ قُلْتُ وَلَكِنْ لا أَرَى أَحَدًا = سَاوَى الْكَلامَ فَأُعْطِيهِ مَدَى النَّفَسِ
    أَأَنْشُرُ البَزَّ فِيمَنْ لَيْسَ يَعْرِفُهُ = وَأَنْثُرُ الدُّرَّ لِلْعُمْيَاِنِ فِي الْغَلَسِ؟!
    وقال الشاعر:
    فَمَنْ حَوَى الْعِلْمَ ثُمَّ أَوْدَعَهُ = بِجَهْلِهِ غَيْرَ أَهْلِهِ ظَلَمَهْ
    وَكَانَ كَالْمُبْتَنِي الْبِنَاءَ إِذَا = تَمَّ لَهُ مَا أَرَادَهُ هَدَمَهْ
    وقال آخر:
    أَقُولُ وَسِتْرُ الدُّجَى مُسْبَلٌ = كَمَا قَالَ حِينَ شَكَا الضِّفْدَعُ
    كَلامِيَ إِنْ قُلْتُهُ ضَائِعٌ = وَفِي الصَّمْتِ حَتْفِي فَمَا أَصْنَعُ
    لكنَّنا نسأل الله - تعالى - أن يعلِّمنا ما ينفعنا، وأن ينفعنا بما علَّمنا، وأن يزيدنا علمًا، وأن يقِيَنا شرَّ أنفسنا، وشرَّ الأشرار، وشرَّ كلِّ دابةٍ هو آخِذٌ بِنَاصِيتِها، وأن يُجَنِّبنا التقوُّلَ عليه - سبحانه - بغيْرِ عِلْم؛ فإنَّه من كبائر الذنوب، وأعْيَبِ العُيوب، وأمْوَتِ الأشياء لِلْقُلوب.
    ويا لَيْتَ الْمَرْء منَّا يتأنَّى في تسطير كلِّ كلمةٍ يكتبها؛ لئلا يندم حين لا ينفع الندم؛ قال تعالى: {وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنْشُورًا * اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا} [الإسراء: 13-14]
    وأن يَحْذَر من أن يرى تَقَوُّلَه على ربِّه في كتابٍ لا يغادرُ صغيرةً ولا كبيرةً إلا أحصاها، ولاتَ حين مَنْدَم.
    قال الجاحظ:
    وَمَا مِنْ كَاتِبٍ إلاَّ سَتَبْقَى = كِتَابَتُهُ وَإِنْ فَنِيَتْ يَدَاهُ
    فَلا تَكْتُبْ بِكَفِّكَ غَيْرَ شَيْءٍ = يَسُرُّكَ فِي الْقِيَامَةِ أَنْ تَرَاهُ
    هذا؛ وَقَدْ يظنّ ظانّ أنّي قسوتُ في العِبارة فِي النُّصْحِ، فَأَقُولُ ما قال شيخ الإسلام في "مجموع الفتاوى 28/53": "إنَّ المُؤْمِنَ للمؤمِن كاليَدَيْنِ تَغْسِلُ إِحْداهُما الأُخْرى، وقد لا ينقلع الوسخ إلا بنوع من الخشونة؛ لكنَّ ذلك يوجب من النظافة والنُّعومة ما نحمَد معه ذلك التخشين".

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Jan 2007
    المشاركات
    3,515

    افتراضي رد: تَزَبَّبْتَ وَأَنْتَ حِصْرِمٌ!!

    الشَّيخ الفاضل / خالد عبد المنعم الرّفاعي ـ سَلَّمهُ اللَّـهُ تعالى ـ :

    شكر اللَّـهُ لكم ،ونفع بكم .

    أخوكم المحبّ
    سَلمان بن عبد القَادر أبُو زَيْدٍ

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Oct 2007
    المشاركات
    9

    افتراضي رد: تَزَبَّبْتَ وَأَنْتَ حِصْرِمٌ!!

    أكرمك الله أيها الشيخ المبجل الموقر..
    والله ما يليق هذا الكلام بمقامك
    ولا يليق أن يقال في هذا المجلس الذى أحسب أهله أعلى من الرد على مثل هذا
    اللهم اجعل عملنا وقولنا خالصين لوجهك الكريم

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Jul 2007
    المشاركات
    2,120

    افتراضي رد: تَزَبَّبْتَ وَأَنْتَ حِصْرِمٌ!!

    كلام نفيس أنيق..
    شكر الله لك ونفع بكم
    وجمعني وإياكم على محاب الله ومراضيه

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Oct 2007
    المشاركات
    9

    افتراضي رد: تَزَبَّبْتَ وَأَنْتَ حِصْرِمٌ!!

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة خالد عبد المنعم الرفاعي مشاهدة المشاركة
    اتَّخذ النَّاسُ رُؤوسًا جُهَّالاً، فسُئِلُوا، فَأَفْتَوْا بِغَيْر عِلمٍ؛ فضَلُّوا وأَضَلُّوا))....
    ...فَأَقُولُ ما قال شيخ الإسلام في "مجموع الفتاوى 28/53": "إنَّ المُؤْمِنَ للمؤمِن كاليَدَيْنِ تَغْسِلُ إِحْداهُما الأُخْرى، وقد لا ينقلع الوسخ إلا بنوع من الخشونة؛ لكنَّ ذلك يوجب من النظافة والنُّعومة ما نحمَد معه ذلك التخشين".
    صدقت والله فقد اتخذ النَّاسُ رُؤوسًا جُهَّالاً، فسُئِلُوا، فَأَفْتَوْا بِغَيْر عِلمٍ؛ فضَلُّوا وأَضَلُّوا

    والعجيب أنهم يغضبون من هذه الخشونة
    اللهم اجعل عملنا وقولنا خالصين لوجهك الكريم

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Aug 2007
    المشاركات
    113

    افتراضي رد: تَزَبَّبْتَ وَأَنْتَ حِصْرِمٌ!!

    جزاكم الله خيرا
    {إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الإسْلامُ }
    { وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإسْلامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ }

  7. #7
    تاريخ التسجيل
    Nov 2007
    المشاركات
    5

    افتراضي رد: تَزَبَّبْتَ وَأَنْتَ حِصْرِمٌ!!

    الشيخ الفاضل خالد عبد المنعم الرفاعي
    لقد استخدمت مجموعة من التعبيرات الشديدة لا أرى ضرورة لها وكأنك تهاجم اليهود ..
    فقلت: (( أَلَجُّ لَجَاجًا مِنَ الْخُنْفُسَاءِ - وزيَّنَتْ لهم أنفسُهم التلقُّبَ بِعظيم الألقاب - تَرفعَ من خَسيسَتِهم، - أناس تشيَّخوا قبل أن يشيخوا، ولعلَّهم لن يشَيَّخوا وإن شاخوا - فليس عنده إلا الرَّغبة في اللجاجة - أغمارٌ أصاغرُ، تَزَبَّبوا قبل أن يَتَحَصْرَمُوا، ورامُوا الطَّيران بغير ريشٍ، وأقحموا أنفسهم فيما لا يُحسنون، - حبَّ الظُّهور يقصِم الظُّهور ))
    لعلك تخبرنا أين تعرض لك هؤلاء الجهلاء وأين وجدتهم؟ أم تعتبر من يرد على مشاركاتك ويناقشك جاهلا ؟

  8. #8
    تاريخ التسجيل
    Jan 2007
    الدولة
    سياتل..ولاية واشنطن ..
    المشاركات
    977

    افتراضي رد: تَزَبَّبْتَ وَأَنْتَ حِصْرِمٌ!!

    كلام نفيس شيخنا خالد..
    اما اعتراض الاخ نجم الشام فلم يصادف محلا اخي الكريم فتنبه
    أنا الشمس في جو العلوم منيرة**ولكن عيبي أن مطلعي الغرب
    إمام الأندلس المصمودي الظاهري

  9. #9

    افتراضي رد: تَزَبَّبْتَ وَأَنْتَ حِصْرِمٌ!!

    الإخوة الأفاضل سلمان أبو زيد، أبو القاسم، أبو ريان المدني، إمام الأندلس -حفظكم الله ورعاكم -
    جزاكم الله خيرا ونفع بكم
    وأسأل الله أن يرزقني وإياكم علما نافعًا وعملاً متقبلاً وقلبًا سليمًا

  10. #10

    افتراضي رد: تَزَبَّبْتَ وَأَنْتَ حِصْرِمٌ!!

    الأخوان الحبيبان سيف العلم ونجم الشام– حفظكما الله ورعاكما –
    ما ذكرتُه في مشاركتي لم أقصد به إلا النصيحة لنفسي أولًا ثمَّ لأخواني سواء داخل المنتدى أو خارجه، وكل ما ذكرته تجداه مبثوثا متناثرا في كتب آداب طلب العلم، فذٌكِر فيها الإخلاص، وعلو الهمة، والتجرد في الطلب، وغير ذلك، فهل يلزم أن من تكلم عن الإخلاص - مثلا – أنه يعرض بوقوع إخوانه في الرياء؟! أو أن من أنكر بدعة محدثة، أنه يريد التعريض بإخوانه؟! لا والله؛ لا يفهم هذا اقتضاءً ولا التزامًا ولا تضمنًا.
    كما لا يظن أني أبرئ نفسي مما ذكرتُ فمن ذا الذي ليس فيه شيء؟!
    ووالذي نفسي بيده لقد كنت مستحضرًا قول عمر بن عبد العزيز – رضي الله عنه - وأنا أكتب ما كتبت، حينما وعظ الناس وذكّرهم وأبكاهم، ثم قال: "أما والله إني لأقول لكم هذا وما أعرف من أحد من الناس مثل ما أعرف من نفسي، قال الراوي: ثم قال بطرف ثوبه على عينه فبكى ثم نزل، فما خرج حتى أُخرج إلى حفرته". "حلية الأولياء 5/266".
    فلا يشترط في الناهي عن المنكر أن يكون متجردًا مما ينهى عنه؛ قال سعيد بن جبير - رحمه الله -: "لو كان المرء لا يأمر بالمعروف، ولا ينهى عن المنكر حتى لا يكون فيه شيء ما أمر أحد بمعروف، ولا نهى عن منكر". انظر " تفسير الطبري : 1/367 "
    وقال الحسن البصري لمُطَرّف بن عبدالله: " عظْ أصحابك. فقال: إني أخاف أن أقول ما لا أفعل. قال: يرحمك الله ، وأيُّنا يفعل ما يقول؟ يود الشيطان أنه قد ظفر منا بهذا؛ فلم يأمر أحد بمعروف، ولم ينه أحد عن منكر!" رواه الطبري في "تفسير:1/367" ثم قال - رحمه الله -: "وأما من قال: لا يأمر بالمعروف إلا من ليست فيه وصمة، فإن أراد أنه الأوْلى فجيِّد، وإلا فيستلزم سد باب الأمر بالمعروف إذا لم يكن هناك غيره"
    وقال أبو محمد بن حزم - رحمه الله - : " ولو لم يَـنْـهَ عن الشر إلا من ليس فيه شيء منه، ولا أمر بالمعروف إلا من استوعبه - لما نهى أحدٌ عن شر، ولا أمر بخير بعد النبي - صلى الله عليه وسلم". انظر "الأخلاق والسير لابن حزم ص 92"
    وقال الإمام النووي - رحمه الله - في "شرح مسلم 2/23": " قال العلماء : ولا يشترط في الآمر والناهي أن يكون كاملَ الحال، ممتثلاً ما يأمر به ، مجتنباً ما ينهى عنه، بل عليه الأمر وإن كان مُخِلاً بما يأمر به ، والنهي وإن كان متلبساً بما ينهى عنه؛ فإنه يجب عليه شيئان: أن يأمر نفسه، وينهاها، ويأمر غيره، وينهاه؛ فإذا أخل بأحدهما كيف يباح له الإخلال بالآخر؟!"
    وقال العلامة محمد الأمين الشنقيطي – رحمه الله – في "أضواء البيان 2/173": "فالحق أن الأمر غير ساقط عن صالح ولا طالح، والوعيد على المعصية لا على الأمر بالمعروف؛ لأنه – في حد ذاته – ليس فيه إلا الخير".
    هذا؛ ولا يليق بطُويلب علم مثلي أن يلمز إخوانه وإنما الواجب على جميع المسلمين الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
    قال الإمام النووي في كلام نفيس له: " فينبغي لطالب الآخرة، والساعي في تحصيل رضا الله عز وجل أن يعتني بهذا الباب - الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر - فإن نفعه عظيم لا سيما وقد ذهب معظمه، ويخلص نيته ، ولا يهادن من ينكر عليه لارتفاع مرتبته ؛ فإن الله تعالى قال : {وَلَيَنْصُرَنّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ} [الحج:40]وقال تعالى: {وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [آل عمران: 101]. وقال تعالى: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُ مْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ} [العنكبوت:69] ... ولا يتاركه أيضا لصداقته ومودته ومداهنته وطلب الوجاهة عنده ودوام المنزلة لديه؛ فإن صداقته ومودته توجب له حرمة وحقا، ومن حقه أن ينصحه ويهديه إلى مصالح آخرته، وينقذه من مضارها.
    وصديق الإنسان ومحبه هو من سعى في عمارة آخرته، وإن أدى ذلك إلى نقص في دنياه، وعدوه من يسعى في ذهاب أو نقص آخرته وإن حصل بسبب ذلك صورة نفع في دنياه". اهـ. من شرح مسلم.
    وأسأل الله الكريم أن يوفقنا وسائر المسلمين لمرضاته.

  11. #11
    تاريخ التسجيل
    Oct 2007
    المشاركات
    9

    افتراضي رد: تَزَبَّبْتَ وَأَنْتَ حِصْرِمٌ!!

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    شكرا لك ... اود ان اضيف او استطرد
    قال ابو هلال العسكري :
    وقوله: " ولا يكلم سيد الأمة بكلام الأمة، ولا الملوك بكلام السوقة " . لأنَّ ذلك جهل بالمقامات، وما يصلح في كلِّ واحد منهما من الكلام. وأحسن الذي قال: لكلِّ مقام مقال. وربما غلب سوء الرأي، وقلة العقل على بعض علماء العربية، فيخاطبون السّوقيّ والمملوكَ والأعجميّ بألفاظ أهل نجد، ومعاني أهل السراة. ( الصناعتين 1/10)
    اللهم اجعل عملنا وقولنا خالصين لوجهك الكريم

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •