تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 3 من 3

الموضوع: مقاومة المجتمع الجاهلي

  1. افتراضي مقاومة المجتمع الجاهلي

    بسم الله الرحمن الرحيم
    الحمد لله رب العالمين ، حمدًا كثيرًا طــيِّــــبًا مباركًا فيه ، أحمدهُ بجميع محامدهِ وأُثني عليه بما هو أهله سبحانهُ ، والصلاة والسلام على محمدٍ الأمين ، وآله وأصحابهِ وأتباعهِ إلى يومِ الدين ، وبعد :
    قد جاء لفظ الجاهلية في مواضع كثيرة مِن القرآن والسنَّة ، وقد ذم الله الجاهلية والجاهليين ، وذمهم نبينا عليه الصلاة والسلام ، فالجاهلية ليست عقيدة أو دينًا يخرج بها الواقع فيها مِن الملة ، بل هي منهجٌ فاسدٌ ونظامٌ سقيمٌ ، قد جاء الإسلامُ لهدمهِ وإبطاله . ومِن الشواهد على ذلك ما رواه البخاري رحمه الله عن أبي ذر رضي الله عنه أنَّه قال : إني ساببتُ رجلاً فعيَّرتهُ بأمِّه ، فقال لي النبي صلى الله عليه وسلم : "يا أبا ذر أعيَّرتهُ بأمِّه ؟ إنَّك امرؤٌ فيك جاهليَّة" .
    فوجود خصلة مِن خصال الجاهلية في المسلم لا تعني خروجه عن الملة ، كقوله صلى الله عليه وسلم : "أربعٌ مَن كنَّ فيه كان منافقًا خالصًا ومَن كانت فيه خصلةٌ مِنهنَّ كانت فيه خصلة مِن النفاق" ، ولكن لاشكَّ أنَّ وجود خصلة مِن هذه الخصال قادحٌ في الإيمان ومِن موجبات حصول الإثم والخذلان .
    ونحن قد تقدم بنا الزمان ، ودخلنا في عصرٍ جديد ، أنسى كثيرًا مِن الناس أصول دينهم ، فتغيرت أخلاقهم وطبائعهم ، وتــشــرَّبـــو ا بالجاهلية منهجًا ، أمَّا أداؤهم للعبادات فصار وكأنَّه أداءٌ لبعض الطقوس والشعائر التــقــلـــيــ ديَّـــة ، التي تَــعــوَّدوا على أدائها مِن غير خشوعٍ أو رهبانـــيَّـــة ٍ .
    وأنا في هذا المقال أعرض أمورًا مِن الجاهليَّة التي ابتلي بها الناس في مجتمعنا هذا الذي نعيشُ فيه ، ولا تعجب مِن كلامي ، فإنَّ الجاهليَّة قد استفحلت فينا ونصبت خيامها ، ولم يجرؤ إلاَّ القليل على إنكارها ، نظرًا للأذى الحاصل مِن أولئك الشيوخ المتعصبين الذين هم أنفسهم يتصفون بالجاهليَّة ، فأفسدوا الناس ومنعوا غيرهم مِن الإصلاح ، وعارٌ عليهم انتحالُ المشيخة والافتخار بها كما لو كانوا أسياد الدنيا ، وهم أهل جاهليَّة في أخلاقهم وطبائعهم ومناهجهم .
    وأنا في هذا المقال سأهجم على هــؤلاء الجاهلــيــين جميعًا هجمةً لا رحمةَ فــيـها ، وأُبيِّن الباطل الذي هم فيه ، فالأمر لا يحتمل الكتمان ، ولا ينبغي أن يُــحَابى في الحق أحدٌ .
    وقد ذكرتُ في هذا المقال خصلةً مِن خصال الجاهلية ، وبيَّنتُ فسادها بالأدلة الشرعيَّة ، ثم ذكرتُ الأمثلة مِن واقعنا على هذه الخصلة التي وقع فــيــها هؤلاء الناس ، وبالله أستعين وهو حسبي .
    فالخصلة التي يدور عليها هذا المقال هي : الفخر بالأنساب والتعصب الــقَــبَــلي :
    فالفخر بالـــنَّـــسب والقبيلة مِن خصال الجاهليَّة ، وقد كان الجاهليون الأوائل مِن أشد الناس تفاخرًا بالأنساب ، وهذه الخصلة الذمــيـــمـــة محرمةٌ في شـــريعــتــنــ ا ، إذ يترتب على الفخر بالنَّسب احتقار الناس والتنزيل مِن مكانتهم ، فالذي يرى نفسه أنَّه أرفع مِن الناس حَسَبًا يرى أنَّه أعلى مِنهم مكانةً وأنَّهم أدنى مِنهُ .
    وقد جاء الإسلام بنقض هذا الفخر وإبطالهِ ، وعدَّهُ مِن خصال الجاهلية ، فلم يعد إلاَّ ميزانٌ واحد في التفاضل ، فلا يحل لأحدٍ أن يَـــزنَ الناس بأيِّ ميزانٍ سوى ميزان الإسلام ، فمن عمل بخلاف هذا فقد عصى الله عزَّ وجل ، وتمرَّد على الشريعة وارتكب إثمًا عظيمًا .
    أمَّا حقيقة الميزان الشرعي ، فقد بُـــيِّـــنَ في الكتاب والسنَّة ، ونُصَّ على أنَّه ميزانٌ لمقدار الدِّيَانة ، فبقدر ديانة المسلم وتقواه يُــقيَّم ويصنَّف ، والأدلة على ذلك كثيرة جدًا ، مِنها قولهُ تعالى : {يا أيها الناس إنَّا خلقناكم مِن ذكرٍ وأنثى وجعلناكم شعوبًا وقبائل لتعارفوا إنَّ أكرمكم عند الله أتقاكم} [سورة الحجرات 13] . والشاهدُ قوله {إنَّ أكرمكم عند الله أتقاكم} .
    قال الإمام ابن كثير رحمة الله عليه في تفسيرها : (فجميعُ الناسِ في الشرف بالنسبة الطـــيـــنـــي َّـــة إلى آدم وحوَّاء سَوَاءٌ ، وإنما يتفاضلون بالأمور الدينيَّة ، وهي طاعة الله ومتابعة رسوله صلى الله عليه وسلم) .
    ولتعلم أخي المسلم أنَّ عِلمَ النَّسَبِ ليس له فائدةٌ إلا ما استثناهُ الشارعُ الحكيمُ سبحانه وجعلهُ فائدة ، فنحنُ مُـــقـــيَّـــ دون بشرع الله في كل أمور حياتنا ، كما قال تعالى : {قُـــل إنَّ صلاتي ونُـــسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين} [سورة الأنعام 162] ، وهذه الأمور التي استثناها الشارعُ ثلاثةٌ ، ذكرهنَّ الإمام الحافظ ابن حجر رحمة الله عليه في الفتح نقلاً عن الإمام ابن حزم ، وهنَّ :
    (1) أولاً : أن يعلم نَـــسَـــب النبي صلى الله عليه وسلم ، وأنَّهُ هاشميٌ .
    (2) ثانيًا : أن يعلم أنَّ الخليفةَ مِن قريش ، أي : معرفةُ أنساب قريش ليتحقق شرطُ الخلافة .
    (3) ثالثًا : أن يعرف أرحامهُ ومَن يتصل به ، ليتجنب الزواج ممن يحرم عليه منهم ، وليَصِلَ مَن تجب عليه صلتهُ وبِــــرُّهُ .
    وما عدا هذه العلل فلا يعود بفائدةٍ في الدنيا أو الآخرة ..
    فإن قال قائلٌ : فهل تَــعَلُّمُ النَّسَبِ لمجرَّد المعرفة حرام ؟ فنقول : ليس بمحرَّمٍ ولكنهُ مِن الفضول الذي لا قيمة له ، وليس في تَــعَــلُّمِهِ لمجرد المعرفة نفعٌ دنيويٌ أو أخرويٌ ، إنَّما يكون حينئذٍ علمٌ لا ينفع العلمُ به ولا يضر الجهل به .
    أمَّا تعلم الــنَّـــسَـــ ب للمفاخرةِ ، فجاهليةٌ نَــتِــنَةٌ لا يقبلها الإسلام ، وقد وَرَدَ عن النبي صلى الله عليه وسلم أنَّه قال : "لينتهينَّ قومٌ يــفخرون بآبائـــهم ، أو ليكونُــــنَّ أهـــونُ على الله مِن الجِعلان" ، والجِعلان : جمعُ جعل ، وهو حيوانٌ كالخنفساء .
    وقد روى ابن أبي حاتم بسنده إلى ابن عمر رضي الله عنهما قول النبي صلى الله عليه وسلم في خطبته يوم فتح مكة : "يا أيها الناس إنَّ الله قد أذهب عنكم عُـــبِّـــــيّ َــةَ الجاهلية وتَــعَـــظُّمه ا بآبائها ، فالناس رجلان : رجلٌ بَـــرٌّ تـــقــيٌ كريمٌ على الله ، وفاجرٌ شقيٌ هيِّنٌ على الله" .
    وقد وردت نصوصٌ كثيرة في النهي عن المفاخرة بالأحساب والأنساب ، وأنَّ ذلك اعتقادٌ جاهلي ، مِنها ما ذكرتُ آنفًا ، وأزيدُ عليها شيئًا يسيرًا :
    * ما رواهُ مسلمٌ عن أبي مالك الأشعري رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : "أربعٌ في أمتي مِن أمر الجاهلـــيـــة لا يتركــونـــهـنّ َ : الفخر في الأحساب ، والطعنُ في الأنساب ، والاستسقاءُ بالنجوم والنياحة" .
    * ومِنها ما رواه الإمام أحمد عن أبي ذرٍّ رضي الله عنه قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : "انـــظــر ، فـــإنَّــــك لستَ بخيرٍ مِن أحمرَ ولا أسود ، إلاَّ أن تَـــفــضلهُ بـــتـــقوى" .
    * ومِنها كذلك ما رواهُ ابن جرير الطبري رحمهُ الله تعالى ، بسندهِ إلى عقبة بن عامر قولُ النبي صلى الله عليه وسلم : "إنَّ مَسَابَّكم هذه ليست بمسابٍّ على أحد ، وإنَّما أنتم ولدُ آدم ، طفُّ الصاعِ لم تملئوه ، ليس لأحدٍ على أحدٍ فضلٌ إلاَّ بدينٍ أو عملٍ صالح ، حسبُ الرجل أن يكونَ فاحشًا بذيئًا بخيلاً جبانًا" .
    * وروى الإمام أبو القاسم البغوي رحمه الله بسندٍ صحيح عن أُبيِّ بن كعبٍ رضي الله عنه ، أنَّه سمعَ رجلاً قال : يا آل فلان ، فقال له : أُعضُض بِـــهَنِ أبيكَ ، ولم يُكْنِ ، فقال له : يا أبا المنذر ما كنتَ فاحشًا ، فقال : إنِّي سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : "مَن تــعـــزَّى بــعـــزاءِ الجاهلــــيَّــ ـة فأَعِـــضُّـــو هُ بِــهَنِ أبيه ولا تَكنوا" . قال الإمام البغوي في شرح هذا الحديث : (يريد أن يقول له : أُعضُض بأيرِ أبيك ، ليجاهرهُ بمثلِ هذا اللفظ الشنيع ، ردًّا لِــمَا أتى به مِن الانتماءِ إلى قبيلتهِ والافتخار بهم) .
    وهذه الأحاديث فيها الكفايةُ لمن أراد الحق والمنهاج الصحيح .
    أمَّا حال مجتمعنا مِن هذه الخصلة ، فهو المجتمعُ القبليُّ الجاهليُّ ولا كرامة ، ولسنا ممن يزيد الجرح أو يوسِّعهُ ، ولكننا نُــبَــصِّر الغافل ونوقض النائم مع شدةٍ مقصودةٍ في الخطاب ، والشدةُ مطلوبةٌ عند استفحال الداء وإعياء الدواء .
    أَمَا وقد ذكرتُ هذا ، فسأذكر لك أمثلةً على هذه الجاهليَّة المذمومة في مجتمعنا هذا .
    فمن ذلك ما يُـــرَبَّى عليه الصغير في كل بيت ، فـــيُــعلَّــم ُ أنَّ الناس قسمان : قــبـــيــلــــ يُّـــون وخضيريُّون ، ويُـــعــلَّـــ مُ أنَّ القـــبـــيـــل ي مَن أكرمهُ الله بالانتساب لقبيلةٍ فهو الشريف ، والخضيري مَن لا يـــنـــتـــســ ـبُ إلى قبيلة معروفة وأولئك مِن أدنى الناس مكانةً ، فيذهبُ الإبليس الصغيرُ إلى المدرسة فيبحث عن أولئك القوم فيُعيِّرهم .
    ومِن أمثلة هذا النوع مِن الجاهلية ما سمعنا به مِن أمرِ أحد القضاة السفهاء الذي تبيَّن أنَّهُ قليل البضاعة في العلم ، أصدر حكمًا يقتضي طلاق امرأةٍ قبيليَّة مِن رجل لا ينتسبُ إلى قبيلةٍ معروفة ، بسبب شكوى تقدم بها قبيلة المرأة ، كما يزعمون ، وقد كان عقد النكاح صحيحًا لم تختل فيه شروط العقد الصحيح ، فبأي حق أصدر ذلك الحكم ؟ فإنَّ عدم الكفاءة في النسب ليس مِن موجبات فساد العقد ، ولا يحل له أن يفسد عقد النكاح بأمرٍ محرم ألا وهو التفاضل بالنسب ، أمَّا إن رفضت المرأة الرجلَ أو رفض وليها ، إما لنسبهِ أو لأي سبب آخر ، فذاك راجعٌ لـها وهو حقها في الاختيار ، لكن إن تم العقدُ بعد الوفاق فإنَّه لا يُفسخ بسبب عدم الكفاءة في النسب ، لأنَّ عدم الكفاءة في النسب ليس محرمًا وليس مِن مفسدات العقد ، بل اعتقاد التفاضل في النسب هو المحرم ، ولكنَّ ذلك القاضي الجاهل ومَن على منهجه إنَّما هم مِن أصحاب المصالح العـــقــلــــي َّــة التي تُــقَدَّم على شرع الله ، لا مَــتَّـــعــه الله بأيامه ، وتبًّا له ولأمثاله .
    ومِن ذلك أيضًا ما نراهُ مِن احتقار للعمال الأعاجم الذين لا ينتسبون إلى هـــذا البــــلــــد بالوطـــنــــيّ َـــة ، فـــهـــؤلاء العمال عند كثيرٍ مِن الناس هنا كالحمير ، لا كرامةَ لهم ولا احترام ، وحقوقهم أكثر مِن أن نقول أنَّها مهضومة ، والكثيرُ مِن الناسِ هنا يَظنُّ أنَّهم بمنزلة العبيد ، فتراهم يُـخَاطِبون أولئك العمال بلهجةٍ عنيفةٍ غير لائقةٍ ، وإذا ناداهُ الرجل مِنَّا ناداهُ كما يُـــنَـــادَى العبد المملوك ، وأعرفُ شخصيًا بعضًا مِن هؤلاء العمال الأعاجم ، الذين ارتدوا عن الإسلام بسبب سوء المعاملة ، وأنا لا ألومهم فالحيفُ على الجبروت المغــفَّـل الذي تسبَّبَ في ردَّتهِ ، فإذا كان هذا هو حال العربي المسلم مع إخوانه الأعاجم ، فإنَّ دينهُ لا يصلح لهذا الوافد الأعجمي ، وابكِ وبالغ في البكاء إن علمتَ أنَّ هؤلاء المساكين مظلومون كذلك في أجورهم وحقوقهم ظلمًا كبيرًا ، فلا يأخذون أجرًا مناسبًا لعملهم ، ولا يأخذونهُ في وقته ، ولو سألنا مواطنًا مِن هذا البلد إن كان سيأخذ مثل أجر أولئك المساكين لرفض ، ولعدَّ ذلك إهانةً وظلمًا ، ومع ذلك فكثيرٌ مِن الخبثاء المتكبرين يحسدونهم على أعمالهم الجانبيَّة التي يعملونها في بعض أوقات الراحة ، تلك الأوقات التي يــســـتـــغـــ لونها لجمع مالٍ قليل إضافةً إلى أجـــورهم المنخـــفضة ، والحسدُ معصيةٌ بحدِّ ذاته ، فكيف إذا انضمَّ إلى الكبر والغرور والفخر المذموم ؟!
    وما عرضتُ لك مِن شأنِ هؤلاء المساكين ، إنَّما هو غيضٌ مِن فيض ، وإذا عرفتَ هذا كله ، علمتَ أنَّه راجعٌ إلى العنصريَّة النَّـــتـــنــ ة ، فمن يرى أنَّه فوق الناس لحسبهِ أو أصلهِ أو انتمائهِ فهو جاهليٌ مغرورٌ ، أمَّا إذا اقترنَ ذلك الكبر والفخر بظلمٍ للناس وهضمٍ لحقوقهم فهذا مما يزيد الإثم ويُــعَــجِّل بالعقاب في الدنيا قبل الآخرة .
    وكثيرٌ مِن الناس هنا يحتقرون هؤلاء العمال الفقراء ، ولا يقيمون لهم وزنًا ، حتى إنَّهم يُــفرِّقون بينهم وبين المواطن العربي في السلام والمصافحة ، فترى أكثرهم لا يُــسلِّم على هؤلاء الضعفاء إذا مرَّ به ، ولا يخاطبه مخاطبة الأخ المسلم ، بل يخاطبونهم مخاطبة الأعلى للأدنى ، هذا إن اضطُرَّ إلى مخاطبته ، فإنَّ أكثرهم لا يخاطبهم إلا إذا احتاج إلى ذلك .
    وإذا حصل مِن هؤلاء العمال الفقراء بعض الأخطاء ، فإنَّها تعظم في نفوس الناس ، وتقوم قيامتهم بسببها ، وتغلي رؤوسهم مِن أجلها ، ولا يهدأ لهم بال حتى يروا كل شيء يكون كما يرغبون ، مِن غير نقصٍ أو عيب ، أمَّا إذا حصل الخطأ مِن المواطن العربي فحينها نحن أهل الرحمة والسماحة والله أَمَرَ بذلك !
    واحتقار الناسِ لضعفهم أو فقرهم مِن صفات الجاهليين الأوائل ، ومِن الشواهدِ على ذلك قوله تعالى : {ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه ما عليك مِن حسابهم مِن شيء وما مِن حسابك عليهم مِن شيء فتطردهم فتكون مِن الظالمين * وكذلك فتنا بعضهم ببعض ليقولوا أهؤلاء مَنَّ الله عليهم مِن بيننا أليس الله بأعلم مِن الشاكرين} [سورة الأنعام 52-53] .
    وقد روى الطبري في تفسيرها عن ابن مسعود ، قال : (مرَّ الملأُ مِن قريش بالنبي صلى الله عليه وسلم وعنده صهيبٌ وعمَّارٌ وبلالٌ وخبَّابٌ ، ونحوهم مِن ضعفاء المسلمين ، فقالوا : يا محمد ، رضيتَ بهؤلاء مِن قومك ؟ أهؤلاء الذين مَنَّ الله عليهم مِن بيننا ؟ أنحنُ نكون تبعًا لهؤلاء ؟ اطرُدْهُم عنك ، فلعلَّك إن طردتهم أن نتَّبعك ، فنزلت هذه الآية) .
    فهذا هو حال أهل الجاهلية في زمن النبي صلى الله عليه وسلم ، وقد جاء الإسلام بهدم هذه الاعتقادات وإبطالها ، ودعى إلى محبة المؤمنين وموالاتهم جميعًا ، وأمر بإعانة المسلم وإكرامهِ والسلام عليه ، ونَـــقَــضَ التمييز وأبطله ، وكل هذه شرائع في ديننا قد غابت عن الناس تطبيقًا .
    قال عليه الصلاة والسلام : "لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يُحبُّ لنفسه" رواه البخاري ومسلم ، وفي الحديث الآخر قال عليه الصلاة والسلام : "لا تحاسدوا ولا تناجشوا ولا تباغضوا ولا تدابروا ، ولا يَبِع بعضكم على بيع بعض ، وكونوا عباد الله إخوانًا ، المسلم أخو المسلم ، لا يظلمهُ ولا يخذلهُ ولا يحقرهُ ، التقوى هاهنا – وأشار إلى صدره ثلاث مرات – بحسبِ امرئٍ مِن الشرِّ أن يحقر أخاهُ المسلم ، كلُّ المسلم على المسلم حرامٌ ، دمهُ ومالهُ وعرضه" رواه مسلم .
    اللهم إنَّا نسألك الهدى والسداد ، فاهدنا وارحمنا ولا تعذبنا بما فعل السفهاء مِنَّا ، وصلى الله على نبينا محمد ،
    كتبهُ : صالح الجبرين .
    رابط المقال : http://albahethalsalafi.blogspot.com/2011/08/blog-post.html

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Jun 2011
    الدولة
    الإمارات
    المشاركات
    235

    افتراضي رد: مقاومة المجتمع الجاهلي

    نفع الله بك وجزآك الله خير الجزاء مقال في الصميم والكل واقع فيه ألا من رحم الله والله المستعان

  3. افتراضي رد: مقاومة المجتمع الجاهلي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة صاحب السنة مشاهدة المشاركة
    نفع الله بك وجزآك الله خير الجزاء مقال في الصميم والكل واقع فيه ألا من رحم الله والله المستعان
    جزاك الله خيرًا ..

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •