هذه قصيدة متواضعة كتبتها في فضيلة شيخنا العزيز المحدث ماهر الفحل..لما أظنه فيه من مكارم أخلاق وسعة علم..ولاسيما في الحديث الشريف..زاده الله علما ورفعة..وحفظه من كيد شياطين الإنس والجن..وقد خرجت من القلب دون تكلف اعترافا ببعض جمائله عليّ..ولله الحمد
---------------------
عَذيرَك يا بغدادُ إن مُسّ شيخُنا
بشيءٍ من اللأواء لا قدّرَ الإلُّ1
كريمُ المزايا في محياهُ طلّةٌ
يهيلُ عليها من محاسنه النُّبْلُ
وهل تجهلينَ القدْرَ والعلمُ حَدُّهُ
حيازةُ ميراثِ النبيينَ والعقلُ
وقد كنتِ يوما موئلا لابنِ حنبلٍ
وقد ضُرِبتْ أكبادُها نحوَك الإبْلُ
ألئك آبائي ومن نسلِهم أتى
نسيبٌ لهم في العلمِ شهرتُه (الفحْل)
ودارِ حديثٍ مثلِ جوزيّةِ الأُلى
تصدَّرَها شيخٌ نظائرهُ قَلّوا
وقيلَ لكلٍ من سُماهُ* نصيبُه
وإن كان لابن الفحل من وَسْمِه الجُلُّ2
ففي صَنْعةِ التحديثِ خرّيتُ (ماهرٌ)
وفي مبحثِ التعليلِ مجتهدٌ (فَحْلُ)
وربَّ حديثٍ صحّ عندَ جماعةٍ
ولكنّهُ في منخُلِ الشيخِ معتلُّ
تصانيفُهُ تترى كأمواجِ لجّةٍ
وتحقيقُه للكُتْبِ مُتسِقٌ جَزْلُ
له حجةٌ تشبهُ الكَبْلَ منعةً
فإن يجتريء خصمٌ أحاط به الكَبْلُ
ويُغدِقُ من علمٍ على الناس وابلاً
فإن لم يصبْهم وابلٌ نالهَم طَلُّ
تواضعُهُ جمٌّ فليس يسوؤهُ
إذا عنَّ أمرٌ أنْ يكونَ لهُ سُؤْلُ
وقد قالها الشعبيُّ: عِلْميَ سِرُّهُ
لسانٌ سؤولٌ والفؤادُ له عقْلُ3
ترى سعْيَهُ إن كان للناسِ حاجةٌ
وليس لهُ جراءَ خدمتِهم جُعْلُ
فيخفِضُ للداني جناحَ مذلّةٍ
ويبذلُ للقاصي وإن عزّهُ البذْلُ
ولمـّا دعتْه الجامعاتُ أجابَ:لا
أُبارحُها الأنبارُ والعِلجُ مُحْتلُّ
ويحملُ همَّ المسلمينَ بظهرِهِ
وإن أطّتِ الرجلانِ, ما ساءَهُ الحِمْلُ
فلا هوَ معزولٌ عن الناس بُكرةً
ولا هوَ بالأسحارِ يُثقِلُهُ النفْلُ
ومن حولِهِ الطلابُ مثلَ خليّةٍ
تطيرُ بها يعسوبةٌ حفَّها النحْلُ
ويكرمُهُم بالنصحِ من كنزِ وقْتِهِ
على أنّ أهلّ العلمِ في وقتِهم بُخْلُ
ويشملُهُم بالحبِّ حتى كأنما
يفيءُ عليهم من جوانبِهِ الظِلُّ
فيعفو بحِلْمٍ إن تسافهَ معشرٌ
ويشفي بعلمٍ ما أصابهمُ الجهْلُ
وقد حاول الأغرارُ من قبْلُ نيلَهُ
فتبّتْ أياديهم وأرْكسَهم ذُلُّ
يصابِر في البلوى فيزدادُ رِفعةً
وهل مكّن اللهُ امرءا قبل أن يبلو؟!
فأسألُ ربي أن يُكحّلَ مُقْلتي
بمرآهُ والعينانِ زينتُها الكُحْلُ
وأسألهُ مولايَ عِزّا لشيخِنا
يُغيظُ العدى قهرا ويبتهج الخِلُّ
وأسأله في أهلِنا جمعَ شمْلِهم
وما النصرُ إلا حينَ يلتئمُ الشمْلُ
أباحارثٍ ينساحُ في الأرض زرعُكم
علومًا فلا يفتُتْ بساعدكم نَبْلُ
ومسِّك أيا شيخَ الحديثِ بسنّةٍ
وناضل بما قد كان ورَّثهُ الرُسْلُ
ولا سيما من جاء بالشرعةِ التي
يزولُ بها إصرٌ ويرتفع الغُلُّ
فصلى عليه الله ما طارَ طائرٌ
وأرعدَ برقٌ ثمَّ أعقبهُ هطْلُ
ونافحْ عن التوحيدِ في ساحةِ الوغى
وجاهدْ كما كانَ الصحابةُ والأهْلُ4
وذاكم هو المأمول فيكم وربمّا
تجاسر في تذكير أشياخه شِبْلُ
فلا تعذلوني إن عندي يراعةً..
تسيل بما يملي فؤاديَ لا تألو
إذا قيل تثني حين أثنى عليكمو
أقولُ جهلتم أنه الفحلُ من قَبْلُ
-------------------------------------------
1-المراد به الله عز وجل ويقال عذيرك يا فلان أي:هات من يعذرك
2-لغة في "اسم"
3-قيل للشعبي بم نلت هذا العلم فقال:بلسان سؤول وقلب عقول وبدن غير ملول
4-المراد بالأهل..أهل البيت عليهم رضوان الله تعالى