الحمدُ للهِ على نعمةِ القرآنِ الكريمِ ، فأنعِمْ بقراءتهِ وتلاوتهِ وتدبرهِ وإتقانهِ إنعامًا فنعمَ هُو .
وأصلِّ وأسلمُ على معلمِ الأمةَ القرآنِ وآلهِ وصحبهِ أجمعين . وبعدُ : فإنَّ من الخيرِ الإحسانَ إلى الشيخِ بالدعاءِ له والتأدبَ معه وذِكْرَ فضائلِهِ على تلاميذِهِ فلا ريبَ في ذلك لِمَنْ شَكَرَ . وحتى يكونَ المقامُ هنا وفقط للحديثِ عن أهلِ الفضلِ فإنني أذكِّرُ أولًا بصاحبِ هذا الفضلِ علينا ، وهو شيخُنَا وأستاذُنَا عَبْدُ التَّوَّابِ بْنِ عَبْدِ الدَّايم - حفظه المولى - المقيم بحي دارالسلام البساتين الذي مَا رأت عَينَيَّ مثلَه في الخيرِ مع القرآنِ وكفى بذلك أنْ يكونَ الخيُر مع القرآنِ.

وجديٌر أنْ نعلمَ بأنه تلميذٌ لشيخٍ عَرَفْنَا عنه العلمَ كلَّ العلمِ والأدبَ ما بعده أدبٌ والإتقانَ ما أجملَه فَأحْسِن إليه إنه لحكيمُ الأداءِ والتلاوةِ لطيفُ العبارةِ . شيخُنَا العلامةُ المتقنُ المدققُ - أطالَ اللهُ عمرَه وحسَّنَ عملَه - عَبْدُ الْحَكِيمِ بْنِ عَبْدِ اللَّطِيفِ - رَضِيَ اللهُ عَنْه - فإنَّ مِن بركةِ العلمِ عَزْوِ المقالِ لقائِلِهِ فالذي نُورِدُهُ مَا هو سِوَى مَا سَمِعْنَاهُ مِن شيخِنَا عبدِالتوابِ - حفظه الله - وَرُبَّمَا مِنَ الإِذَاعَةِ، فيحكي لنَا أستاذُنَا وهو عضوٌ في مقرأةِ الشيخِ عبدِالحكيمِ - وقد تجاوزَ الستينَ - فأسألُ اللهَ أن ينفعَنَا به وأن يُنَفِّعَ به ، فوائدَ نفيسةٍ ودقائقَ عزيزةٍ فمنهَا مَا يكونُ ملاحظاتٍ على الآياتِ الكريمةِ من تعليقٍ وتدقيقٍ وغيرِه .
قَرَأَ الشيخُ ذات مرةٍ فَأَرْجَعَهُ شيخُه ليأتيَ بالأيةِ مرةً أخرى ويَقِفَ على ما يريدُ الشيخُ أن يُوقِفَهُ عليه ، وهنا نَعْلَمُ أنَّ الشيخَ عبد الحكيم يُدَقِّقُ لشيخِنَا عبد التواب ما لغيرِهِ ، فَمَا أعظَمَهَا نجابةً من شيخِهِ ! ، ويحكي بأنَّ شيخَهُ له اجتهاداتٍ في بابِ الوقفِ والابتداءِ تَدُلُّ على سَعَةِ علمِهِ وبيانِهِ ومنها قوله تعالى : ( قَالَتْ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي )فكان الشيخُ رِزْقُ خَلِيلُ حَبَّةٍ - رحمت الله عليه - يَقِفُ عليها ثم يبدأُ من عند قولِهِ تعالى : ( وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ولكنَّ شيخَه - يعني - عبدَ الحكيمِ قالَ لشيخِهِ رِزْقِ بِأنَّ الجُمْلَتَيْنِ مُتَّصِلَتَيْنِ لَا نَقِفُ على الأولى فالنَّبِيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَّمَنَا أن نقولَ : " اللَّهُمَّ إنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي ظُلْماً كَثِيرَاً ، وَلا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إلاَّ أَنْتَ ..." .
ويحكي لنا وهي الختامُ لحديثِنَا وهي قوله - جل وعلا - : ( لَئِنْ بَسَطتَ ) فالشيخُ عبد الحكيم يقولُ بأنه إدغامٌ ناقصٌ والشيخُ رزق يقولُ بَلْ إنه إظهارٌ ناقصٌ إلى غيرِهذه من النُّكَتِ والفوائدِ التي تُرْوَى عن الشيخِ عبدِ الحكيمِ في مَجَالِسِهِ وحَلَقَاتِهِ فنسألُ اللهَ أنْ يباركَ فيه وأنْ يُتِمَّ عليه العافيةَ ، ونُنَوِّهُ إخواننَا بأن للشيخِ لقاءً عبرَالإذاعةِ وهي حلقةٌ لتصحيحِ التلاوةِ والتجويدِ تحت عنوان اقرؤوا القرآن ، فاللهَ الكريمَ أسألُهُ أنْ يحفظَ مشايخَنَا وأساتِذَتَنَا وأنْ يباركَ في أعمارِهِمْ وأنْ يُحْسِنَ خواتيمَ أعمالِهِم . وصلى اللهُ وسلمَ وباركَ على محمدٍ وآلهِ وصحبهِ أجمعين .

كَتَبَهُ تِلْمِيذُكُمُ الصَّغِيرُ أبوهَمَّام أَحْمَدُ بِنُ عَليٍّ
فِي سَاعةٍ مَا بَيْنَ نِهَايَةِ جُمَادَى الآخِرَة وَبِدَايَةِ
رَجَبَ مُضَرْ لِسَنَةِ 1432هجريًا