تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: الانسجام في البناء والدلالة مع الغرض في الحديث النبوي الشريف /محفوظ فرج إبراهيم

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Aug 2011
    المشاركات
    40

    افتراضي الانسجام في البناء والدلالة مع الغرض في الحديث النبوي الشريف /محفوظ فرج إبراهيم

    الانسجام في البناء والدلالة مع الغرض في الحديث النبوي الشريف /محفوظ فرج إبراهيم




    قال الرسول صلى الله عليه وسلم ( تعرض الفتن1 على القلوب عودا عودا فأي قلب أشربها2 نكتت فيه نكتة سوداء وأي قلب أنكرها نكتت فيه نكتة بيضاء حتى تصير على قلبين على أبيض مثل الصفا فلا تضره فتنة مادامت السموات والأرض والآخر مرباد كالكوز مجخيا لا يعرف معروفا ولا ينكر منكرا إلا ما شرب من هواه ) صحيح مسلم ج2 ص 149 رقم 144
    ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــ ـــــــــــــــ ـــــــــ
    1 ـ الفتنة الاختبار والامتحان تقول ( فتن ) الذهب يفتنه بالكسر ( فتنه ) و (مفتونا ) أيضا إذا أدخله النار لينظر ما جودته. مختار الصحاح ص 490 وتعرض الفتن أي تلصق بعرض القلوب أي جانبها كما يلصق الحصير بجنب النائم ويؤثر فيه شدة التصاقه به / صحيح مسلم ج2 ص 147
    2 ـ أشربها: دخلت فيه دخولا تاما وألزمها وحلت منه محل الشراب / صحيح مسلم ج2 ص 147

    ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــ

    المتتبع لأحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم يلمس بما لا يقبل الشك بأن مضامينه، وصوره هي استقراء وتحليل لما سيحصل في المستقبل، وذلك نابع من معرفة دقيقة بالنفس الإنسانية نتيجة خبرته بالطبائع البشرية أيام الدعوة من بدايتها حتى وفاته صلى الله عليه وسلم فضلا عن ذلك يستطيع القارئ أن يجد أثرا للقرآن الكريم في أسلوبه، ولكن البون شاسع بين صوره ،والمستوى التركيبي لجمله، وبين القرآن الكريم .
    فالقرآن الكريم أساليب، وبناءات، وتراكيب، وصور أرفع شأنا ، وأرقى بناء ، وتناه في التنويع ، وتناه في النظم
    ليس في طوق البشر أن تستوعب ملامح ذهنه هذا الاتساع المترامي في أساليبه.
    والرسول صلى الله عليه وسلم حين نستقرئ ملامح أسلوبه في الحديث النبوي الشريف نستطيع تحديدها بسهولة، ويسر على الرغم من انه أوتي جوامع الكلم فأسلوبه صلى الله عليه وسلم واضح وضوح الشمس في رابعة النهار، وقد سبق لي أن أشرت إلي ذلك .
    ولنعد إلى الحديث الشريف الذي نحن بصدده فقد عرض الحديث المشهد، والصورة في دلالته، وبنائه منسجما مع الغرض الذي أراد الرسول صلى الله عليه وسلم إيصاله ؛ ألا وهو كيف تعرض الفتن، وكيف تفعل فعلها في القلب
    ( تعرض الفتن على القلوب عودا عودا ) ابتدأ تركيب الجملة بجملة فعلية فعلها مبني للمجهول لم يسم فاعله والمسند إليه الفتن إذ يشير من خلالها صلى الله عليه وسلم أن الحالة الفعلية متغيرة تعرض، وتتفاقم، وتزول، ولا تبقى ثابتة، وكان بناء الفعل للمجهول (تعرض ) إشارة إلى أن أسبابها كثيرة، ومتشعبة ففاعلها ليس سببا واحدا، أو سببين ،أو ثلاثة فالمهم طريقة تراكمها ،ولما كانت مسبباتها كثيرة فلا بد للصورة الفنية في التشبيه أن تستوعب تراكماتها ( تعرض الفتن كالحصير عودا عودا) انه تشبيه المعنى بما هو محسوس متطابق مع الحال الذي يؤدي إلى تأججها شيئا فشيئا كأعواد الحصير حين ترصف، وتربط واحدة بالأخرى ، وقد تفضي هذه الصورة إلى معنى آخر إذا عرفنا أن الحصير هو ما يجلس عليه في المجالس، وما يقال في المجالس من كلام بين أخذ، ورد ينتظم في قلوب المتحاورين كالأعواد في القلوب يؤجج نارها النفاق، والنميمة التي تقال لأن (عودا عودا ) هو ليس توكيدا لفظيا، وإنما هو حال الفتن تعرض كالحصير مرتبة عودا عودا فكذلك ما يقال في المجالس، والحوار تتداعى الكلمات لتنتظم مرتبة في المشاحنة تدفع إلى بغض، وهكذا؛ ثم إن الحصير في الجلوس عليه يتضح أثره في الجسم، وفي كل ذلك يحدد الرسول صلى الله عليه، وسلم مكانها الذي تحل فيه إلا وهو القلب موطن الميول والهوى، والرغائب لأنه مصدر العاطفة ؛ ويأتي الشرط لينسجم مع مدلول الحديث لأن الفتن لا تعرض على القلوب إلا بشرط دلالته أن تعرض أن تعلق الفتنة فيه، أو ينكرها لأنها أعني جملة الشرط أجدى لاحتواء القصد في الحديث النبوي الشريف . ( فأي قلب أشربها نكتت فيه نكتة سوداء ) ( وأي قلب أنكرها نكتت فيه نكتة بيضاء ) وبالشرط المتوازي في الإيقاع، وتبيان البون الشاسع بين الظلمة، والضياء تأتي أفعال الشرط، وجزاءاتها ماضية إذ تتضح الصورة الفنية فيها من خلال المقابلة، وتدل على المستقبل باعتبار أن ما يعرض على القلوب حاصل لا محالة في المستقبل، وكذلك تشير إلى كثرة حدوثها ( 1)
    فضلا عن ذلك فان أداة الشرط ( أيّ ) وردت معربة متحركة لتنسجم دلالتها أيضا مع حركة الفتن عبر الأمكنة والأزمان. حين أن أدوات الشرط كلها مبنية، ولكي يتكرر ورود ذكر القلب مضافا إليها توكيدا على مصدر الفتنة حين تحاك في موطن الضغن لتنتهي إلى صنفين من القلوب ، صنف أشرب بالإيمان فهو أبيض نقيا لا تؤثر فيه الفتن في أي زمان، ومكان ، وصنف من القلوب خالطه السواد حين أشربها فهو كالكوز منكوسا .
    والملاحظ على الصورة، ودلالتها أن الرسول صلى الله عليه، وسلم قدم القلوب التي نكتت فيه نكتة سوداء على القلوب الصافية النقية لأن القصد هو كيف مواجهتها، وتحاشيها .
    وفي النتيجة تقدمت القلوب البيضاء على القلوب السوداء إشارة إلى أنه في النهاية ينتصر الإيمان على الكفر والظلام .
    نخلص من ذلك إلى أن الحديث الشريف في كليته مشهد قائم على الصراع، وأبطاله الفتن، والقلوب، ومكانه الأرض، وزمانه غير محدد، والحدث فيه يتنامى رويدا رويدا وهو قائم على مقدمة ، وعرض، وخاتمة .
    انه مشهد ساهم اللون، والموسيقى الداخلية، والطباق في تصويره

    فالمقدمة هي / تعرض الفتن على القلوب كالحصير عودا عودا
    والعقدة هي / فأي قلب أشربها، وأي قلب أنكرها
    والحل هو / فتكون على قلبين أبيض مثل الصفا، والآخر مرباد كالكوز مجخيا
    و لو التفتنا إلى الدال ومدلوله الذي تنطوي تحته معان أخرى كما في المفردات الواردة في الحديث النبوي الشريف
    أبيض ، والصفا فالبياض دلالته النقاء، والصفا هو الحجر الأملس، ولكنه يوحي إلى معنى الصفاء ، والخلو من أي شائبة وهو ضد الكدر ، والصفا من شعائر الحج في الطواف ولابد من المقارنة بين دال مرباد ، كوز ، مجخيا فتفاجئك المرارة والإبادة التي تتناسب مع ما تفعله نار الفتنة مرباد الأبيض الذي خالطه السواد والكوز وعاء ماء مطلي بالقار الأسود لكنه يوحي إلى الانقباض، والكزاز داء يأخذ من شدة البرد (2 ) فتأمل أخي المتلقي إلى مدلوله معنى، ولونا، ولفظا .
    ومجخيا : أي مائلا منكوسا في مدلوله، ولكن لننظر كيف وردت حروفه في اجتماعها كيف هي منفرة في صوتها وجرسها اجتماع الجيم والخاء والياء؛ إن هذا الصوت الممجوج ليتناسب مع المدلول الذي أراد إيصاله الرسول صلى الله عليه وسلم من خلال الصورة .
    ولابد من التنويه إلى الجزالة* في هذا الحديث فقد جاء مستندا إلى قوة الألفاظ من ناحية والى التشبيه من ناحية أخرى.
    محفوظ فرج/ بغداد

    درس تطبيقي في تحليل النص /محفوظ فرج/ بغداد 2009م/ من كتابي (من ملامح الصورة الفنية في الأحاديث النبوية: محفوظ فرج إبراهيم / بغداد ، دار الأرقم ، مجمع باب المعظم 2010م

    ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــ ـــــــــــــــ ــــــــ


    * الجزالة في الكلام هو قوته، وشدته، وهو نقيض الرقة، والركاكة
    ( 1)معاني النحو ج4 ص425 / المباحث اللغوية في العراق د. مصطفى جواد ص 48 .
    (2) مختار الصحاح 569

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Aug 2011
    المشاركات
    40

    افتراضي رد: الانسجام في البناء والدلالة مع الغرض في الحديث النبوي الشريف /محفوظ فرج إبراهيم

    بداية الحديث الشريف : تعرض الفتن على القلوب (كالحصير) عودا عودا.......... وقد سقط سهواً مابين القوسين
    نهاية الحديث الشريف: الا ما ( أشرب ) من هواه .......... سقطت الهمزة من بين القوسين

    مع الاعتذار

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •