السلام عليكم
ورحمة الله وبركاته


الحمدلله


شرح حديث: اتقوا اللعانين


397 - قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( اِتَّقُوا اللَّعَّانَيْنِ ، قَالُوا : وَمَا اللَّعَّانَانِ يَا رَسُول اللَّه ؟ قَالَ : الَّذِي يَتَخَلَّى فِي طَرِيق النَّاس أَوْ فِي ظِلّهمْ )

..


أَمَّا ( اللَّعَّانَانِ ) فَكَذَا وَقَعَ فِي مُسْلِم ،

وَوَقَعَ فِي رِوَايَة أَبِي دَاوُدَ
(
اِتَّقُوا اللَّاعِنَيْنِ ) وَالرِّوَايَتَا نِ صَحِيحَتَانِ ،

قَالَ الْإِمَام أَبُو سُلَيْمَان الْخَطَّابِيُّ : الْمُرَاد بِاللَّاعِنَيْن ِ الْأَمْرَيْنِ الْجَالِبَيْنِ لِلَّعْنِ الْحَامِلَيْنِ النَّاس عَلَيْهِ وَالدَّاعِيَيْن ِ إِلَيْهِ ، وَذَلِكَ أَنَّ مَنْ فَعَلَهُمَا شُتِمَ وَلُعِنَ ، يَعْنِي عَادَة النَّاس لَعْنه ، فَلَمَّا صَارَا سَبَبًا لِذَلِكَ أُضِيف اللَّعْن إِلَيْهِمَا .

قَالَ [الخطابي]: وَقَدْ يَكُون اللَّاعِن بِمَعْنَى الْمَلْعُون ، وَالْمَلَاعِن مَوَاضِع اللَّعْن ،

قُلْت[النووي]: فَعَلَى هَذَا يَكُون التَّقْدِير : اِتَّقُوا الْأَمْرَيْنِ الْمَلْعُون فَاعِلهمَا ، وَهَذَا عَلَى رِوَايَة أَبِي دَاوُدَ .

وَأَمَّا رِوَايَة مُسْلِم فَمَعْنَاهَا - وَاَللَّه أَعْلَم - اِتَّقُوا فِعْل اللَّعَّانَيْنِ أَيْ : صَاحِبَيْ اللَّعْن ، وَهُمَا اللَّذَانِ يَلْعَنهُمَا النَّاس فِي الْعَادَة . وَاَللَّه أَعْلَم .

قَالَ الْخَطَّابِيُّ وَغَيْره مِنْ الْعُلَمَاء : الْمُرَاد بِالظِّلِّ هُنَا مُسْتَظَلّ النَّاس الَّذِي اِتَّخَذُوهُ مَقِيلًا وَمُنَاخًا يَنْزِلُونَهُ وَيَقْعُدُونَ فِيهِ ، وَلَيْسَ كُلّ ظِلّ يَحْرُم الْقُعُود تَحْته ، فَقَدْ قَعَدَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَحْت حَايِش النَّخْل لِحَاجَتِهِ وَلَهُ ظِلّ بِلَا شَكّ . وَاَللَّه أَعْلَم .

وَأَمَّا قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( الَّذِي يَتَخَلَّى فِي طَرِيق النَّاس ) فَمَعْنَاهُ يَتَغَوَّط فِي مَوْضِع يَمُرّ بِهِ النَّاس وَمَا نَهَى عَنْهُ فِي الظِّلّ وَالطَّرِيق لِمَا فِيهِ مِنْ إِيذَاء الْمُسْلِمِينَ بِتَنْجِيسِ مَنْ يَمُرّ بِهِ وَنَتْنِهِ وَاسْتِقْذَاره . وَاَللَّه أَعْلَم .


والله أعلم


الإمام يحيى بن شرف النووي رحمه الله
شرح النووي على مسلم - كتاب الطهارة - باب الاستطابة