المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو محمد البيضاني
لعلي فهمت من تعليقكم الأخير أن المراد :
هل يعد الهاجر ميتاً بالنسبة للمهجور ؟
فلئن كان ما ظننته صحيحاً . فاسمحوا لي بالمشاركة وإبداء الرأي
أقول :
لا يخفى علينا حكم التهاجر بين المؤمنين وأنه بحسب متعلقه يكون حكمه فما كان لحظ النفس وأمور الدنيا فالزيادة على المسموح تعدٍ وما كان لحق الله فليس مقصود هنا بحثه
وعلى هذا أقول :
بصرف النظر عن الوزر الواقع على المتهاجرين وأيهما المعتدي ، وقد يكون أحدهما حاول ربأ الصدع ولم الصف فقوبل بالصد مما كبر عليه ولم يكن من بد من مقابلة الهجر بمثله إذ الوصل لم يجد طريقه
وعموماً فالموضوع المراد هو في اعتبار الهاجر ميت بالنسبة للمهجور
فأقول إن كان هذا الاعتبار إنما هو مجرد تعبير عن نفس فاقدة لعين كانت ذات اتصال بها فليس هذه إلا مشاعر أدبية تزفرها النفس لقاء ما لقيته من ألم الجوى وفراق أحبة
إلا أننا نخشى أن تجد النفس بهذا حجة فتعطي الأمر أكبر من حقه فيجرها لمقابلة الخطأ بمثله وارتكاب المحظور وذلك يقع إذا اعتقدت بهذا الأمر في نفسها وصادف أن بادر الهاجر الظالم بالرجوع أو تعرض لموقف يحوج المسلم لتقديم العون ويتعين المهجور شرعاً بذلك .. أو أنه يموت حقيقة فلا يُقْدم المهجور على العبادات المترتبة عليه والتي تجب عليه بذلك ...
كل ذلك يجعلنا نخشى أن يولِّد هذا الشعور قسوة تحمل صاحبها على ارتكاب المحظور لا تهاوناً بل تقرباً أو على الأقل على سبيل العادة والله المستعان
فالله أعلم بالحال ، لكن الكمال المرام للنفس البشرية المسلمة ألا تطلق لحظوظها العنان فيتفلت منها الزمام .
فلا يبالغ في مقابلة الأذى بمثله ، ولو أخذ بما يقيمها ثم أعادها إلى الحسنى وعودها على التجاوز والصفح والسماح فأنه سيشعر بطعم آخر في معاملاته .. وفي الأخير هو من اختار هذا الذي آذاه ورضيه لنفسه خليلاً ولما يقدره قدره فاللوم إن عاد لنفسه خف استشعار الأذى من خصمه ومكنه من التعامل بالحسنى مهما بلغ الأذى لأنه يعامل نفسه مع ربه لا ينظر لحظها وشخصها
وعلى هذا فقد يموت الظالم في عين المظلوم فهذا شعور قد يكون مباحاً
لكن :
هل يستطيع المظلوم بتعامله من هذا المنطلق ، ألا يموت أيضاً في عين إخوانه وخلانه ؟
والله تعالى أعلم
وأخيراً ، أرجو ألا أكون بهذا الهدر قد أبعدت النجعة وعاكست المورد المراد ، فإن كان ذلك كذلك فألتمس سماحاً منكم وتقبلاً لمداخلة أردت بها خيراً فجنيت منها خلفاً
والله الموفق