هذا شبه انسلال من النظرة البنائية النقدية, وكلام الربيعي منه ما هو صواب, ومنه ما هو مشوب بصواب, ومنه ما هو خطأ محض, والنظرة البنائية التي ركّزت ركنها الأقوى على النص وأماتت كاتبه كليّا, جاءت بعدها نظرة أخفّ منها بسبب ردّة الفعل من الأدباء المحافظين والعقلاء على وجه الخصوص, فجاءت النظرة الهدمية التي تميت كاتب النصّ جزئيًّا وتحكم على إنتاجه بعد ذلك, ومما لا شكّ فيه أن الربيعيّ يوم اعتبر الشعر أمرًا منعزلاً عن المجتمع له كيانه الخاص-أنه مغالط للواقع والحقيقة والعقل المجرّد, بله عقول المفكرين والساسة من أهل الأدب والحجا!
- لا يمكننا أن نحكم على الشاعر حكمًا قطعيًّا بالنظر لشعره ونثره بعد استقرائه؛ لأن كثيرًا منهم [أي الشعراء] لا يثبت على حالة واحدة, والشعر لا يعدوا كونه جزءًا من أجزاء حياته, ولكنه ليس كلّ حياته.
- ولكن عزلنا الشعر عن الواقع أمرٌ غريب جدًّا, ولو جئنا وحكّمنا عقلنا في جمادات كلّ عصر من الأعصر لوجدنا التغير الواضح فيها, فما بالنا في الأدب الذي يسمّيه صاحبنا "حيويًّا له كيان مستقلٌّ"؟!
ذلك ضرب من ضروب الخبال!
وأنا أقول لصاحبنا, كثير من أمثالكم ممن يتبنّى الرأي الحداثيّ ويتبجّح به ما هو إلا طبل فارغ, وقد تتبعت عددا منهم فلم أجدهم يحملون ثقافة واسعة, إنما هي نتف من هنا وهناك, وقليل من ليّ الشدقين ثمّ, وإذا جئت وناقشته في أصول العلوم رأيته خلوًا منها, ورأيته يأتي بالمضحكات في اللفتات العلمية, والأمور التي يحسنها صغار ذلك الفنّ, وهي من أباجاده, فكيف بعد ذلك ننظر إليهم على أنهم من المفكّرين والمنظّرين.