إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله. أما بعد ..
(ساتكلم بإذن الله تعالى عن بعض النقاط وستكون في نقاط حول مشاركة كلا من أخي أبو عبد العزيز وأختى أم هانئ )
فأقول :
أولا : نية القطع وتغيير النية الأصل أن النتيجة واحدة كما تقدم . وكما تعلمون فإن مسألة النية بالتفصيلات المعروفة فإن الأحكام تختلف ولاشك.والأمثلة كثيرة وكثيرة جدا.
ثانيا : وتحميل الكلام البسيط السهل أكثر مما لا يحتمل لا ينبغي وهو كلام أخي المبارك أبو عبد العزيز قوله (1: اما اخبار عن كونه قد بيت نية من الليل وأنه مستمر على هذه النية وأن طلبه للطعام غير مؤثر في هذه النية (وهذا كما تعلم أخي الكريم قد بين فساد هذا الصوم أهل العلم).
فأقول : لم يدل الحديث بارك الله فيك بأنه صلى الله عليه وسلم بيَت نية الفطر من الليل وهذا لا يقول به عاقل. بل الصواب : أنه بيَت النية من الليل للصيام ثم تبادر له أن يفطر فسأل في المرة الأولى فقال : هل عندكم شئ قالوا : لا . قال : فإني إذا صائم. وفي مرة أخرى قال : هل عندكم شئ قالوا: أهدي لنا ..."
فقال : إني كنت أصبحت صائما. أقول : هذا دليل أن الصيام من الليل لا من النهار ولم نعلم بيان منه صلى الله عليه وسلم ولا من صحابي واحد . والقاعدة الأصيلة أنه : لا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة.
ثالثا : أما صيامهم في يوم عاشوراء فقد أبعد عن الصواب من نفى وجوب تبييت النية في جميع أنواع الصيام من فرض ونفل وقضاء ونذر مستدلا بما رواه البخاري عن سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ رَجُلًا يُنَادِي فِي النَّاسِ يَوْمَ عَاشُورَاءَ إِنَّ مَنْ أَكَلَ فَلْيُتِمَّ أَوْ فَلْيَصُمْ وَمَنْ لَمْ يَأْكُلْ فَلَا يَأْكُلْ" إذ ليس فيه دليل على ذلك . وإنما محله في من لم يعلم بوجوب الصيام قبل تلك اللحظة -كما هو مذهب ابن حزم ومن تبعه - فهذا لا يصح دليلا لمن لم يعلم بدخول رمضان حتى منتصف النهار ثم أعلم به فحسب.
رابعا : قولك :أين في الحديث بارك الله فيك أنه علق فطره بوجود الطعام أليس هذا تكلف. وقد بينت لك فيما سبق ما يتعلق بقوله (أني اذا صائم).
والجواب هو ما أجبت به أختي الفاضلة بأعلى قولك هذا مباشرة وهو :حديث عائشة رضي الله عنها . الذي يدل هو وحديث آخر ذكر سابقا .أنه صلى الله عليه وسلم بيّت الصيام من الليل وهذا لاشك فيه . ثم طرأ عليه أن يفطر فلم يجد شيئا فقال "إني إذا صائم". ولم أقل بتعليق فطره بوجود الطعام بنية مستمرة من الليل.وإنما مسألة التعليق بوجود الطعام هو فهم فهمته مني أم هانئ وأجبتها بهذا الجواب.
خامسا : قولك أخي أبو عبد العزيز :أنت فرقت بارك الله فيك بين الفرائض والنفل المطلق بأن أجزت للمتنفل أن يفسد صومه اذا شاء, والأدلة لايلزم أن تكون كلها ذات دلالة صريحة بل بعضها وأظنك تعلم سلمك الله يفهم منها ما ذكرنا وهذا هو من الفقه الدقيق للمسائل التي ذكرها اهل العلم ومنهم العثيمين رحمه الله.
الجواب : بارك الله فيك وكأنك لم تفهم المراد جيدا وهو أن تفريقي ليس لأجل الجواز للصائم تطوعا الخيار بين الفطر والصوم فهذا عليه أكثر العلماء . لكن المقصود تبييت النية.!
سادسا : أما الإضمار أخي الفاضل فأيضا للأسف فهم فهمته أختي الكريمة.ولكن كان جوابي عن الإضمار حينما ذكرته أختي الفاضلة عندها رددت بقولي : الجواب : إذا أضمر الصائم المتنفل بتعليق صومه بوجود الطعام . لا يضره ذلك . ووجه التلازم : أن الإضمار أبلغ من تعليق الفطر بوجود الطعام. ومع هذا وذاك فلا اشكال في الإضمار أو التعليق. وأزيد : على خلاف في هذا.
سابعا: قولك أخي الفاضل : الدليل حديث (انما الأعمال بالنيات....), يكتب له من حيث أنشا النية, يجوز له أن ينشأ النية في بعض الحالات مادامت الشمس لم تغب كما بين ذلك شيخ الأسلام أبن تيمية رحمه الله ويعتبر له صوم يوم.
وسؤالي : إذا صام قبيل المغرب ماحكمه؟
ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــ
ثامنا : جواب الأخت الفاضلة على سؤالي :ماهو الدليل على أن من أنشأ النية من النهار فله الأجر من حيث عقد النية ؟
مازال السؤال قائما . والجواب بلا دليل . والقول بركن الإمساك : فلا نعلم إمساكا إلا قبل الفجر بلحظات للأدلة الساطعة في ذلك .
تاسعا : جواب الأخت الفاضلة على سؤالي :وهل يجوز له أن ينشئ النية قبل المغرب بقليل ؟
الجواب يحتاج لتفصيل :
- في النفل المطلق نعم يجوز إنشاء النية قبل المغرب بقليل
مع العلم أن الأجر يكتب من حين اجتمع ركنا الصيام ( الإمساك / والنية )
- في النفل المعين لا ... لأن الأجر المنصوص عليه في الأحاديث
معلق بصيام كامل اليوم ومعلوم أن من أنشأ نية الصوم من النهار
ولو بعد زمن يسير من طلوع الفجر لا يكون محققا لشرط صوم كامل اليوم .
أقول : والسؤال الكبير حول القول بأنه يجوز إنشاء النية قبل المغرب. فهل صام النبي صلى الله عليه وسلم هذا الصوم أو حث عليه أو رخص بقول أو أشار بإشارة؟
وفي الأخير أقول : سبحان الله . مما يدل على أن إنشاء النية من النهار قول مرجوح.هو كثرة الإلزامات على القائلين من جهه. ومن جهة أخرى أنه شق عليكم كثرة الإشتراطات .وأيضا فإننا لا نعلم من أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم صيام أقل من يوم أو صيام يوم ونصف . إنما هو يوم واحد فرض كان أو تطوعا.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين