السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
المعطي ،الجواد
فاسمه تبارك وتعالى (المعطي)ثابت في (صحيح البخاري) من حديث معاوية –رضي الله عنه – قال :قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين ،والله المعطي و أنا القاسم ،و لا تزال هذه الأمة ظاهرين على من خالفهم حتى يأتي أمر الله وهم ظاهرون ).
واسمه تبارك وتعالى (الجواد) جاء ذكره في الحديث القدسي حديث أبي ذر –رضي الله عنه – قال :قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (يقول الله تعالى : يا عبادي كلكم ضال إلا من هديته .....) الحديث ،رواه الترمذي وابن ماجه وفي آخره : ( ذلك بأني جواد ماجد أفعل ما أريد ، عطائي كلام وعذابي كلام ،إنما أمري لشيء إذا أردته أن أقول له كن فيكون ).
والمعطي:المتفرد بالعطاء على الحقيقة ،لا مانع لما أعطى ،ولا معطي لما منع ، عطاؤه سبحانه كلام،و منعه كلام، إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون ، وكل ما بالعباد من نعمة فهي من منِّه و عطائه سبحانه ،وسع عطاؤه العباد كلهم ،مؤمنهم وكافرهم ،برَّهم وفاجرهم،هذا في الدنيا ،أما يوم القيامة فخص به أولياءه المؤمنين ،قال تعالى : {قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللّهِ الَّتِيَ أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالْطَّيِّبَات ِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِي لِلَّذِينَ آمَنُواْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ }
والجواد معناه :كثير العطاء ،الذي عمَّ بجوده جميع الكائنات ،و ملأها من فضله وكرمه ونعمه المتنوعة ، فلا يخلو مخلوق من إحسانه طرفة عين .
قال ابن القيم –رحمه الله - : ( وأنه سبحانه يحب من عباده أن يؤمِّلوه و يرجوه و يسألوه من فضله ؛ لأنه الملك الحق الجواد ، أجود من سُئل، و أوسع من أعطى ، و أحبُّ ما إلى الجواد أن يُرجى و يُؤمَّل و يُسأل ،و في الحديث : (من لم يسأل الله يغضب عليه).
والمرجو من الجواد الكريم سبحانه أن يَمُنَّ علينا جميعا بفعل الأسباب المؤدية إلى نيل جوده و كرمه ، و أن يُعيذنا من الأسباب الموصلة إلى سخطه و عقوبته وانتقامه ،فالجود جوده ، والمنُّ منُّه ،والأمر إليه من قبل ومن بعد لا شريك له .
ذو الجلال و الإكرام
وقد ورد هذا الاسم في سورة الرحمن في قوله تعالى :{ تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ }،و قد جاء في السنة النبوية فضل الدعاء بهذا الاسم ،ففي (المسند) عن ربيعة بن عامر –رضي الله عنه- قال:سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : (ألظُّوا بيا ذا الجلال والإكرام ) ،أي:الزموه و اثبتوا عليه و أكثروا من قوله والتلفظ به في دعائكم.
وفي (صحيح مسلم) عن ثوبان –رضي الله عنه – قال :كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا انصرف من صلاته استغفر ثلاثا ،وقال : (اللهم أنت السلام ومنك السلام ،تباركت يا ذا الجلال والإكرام).
وهو من الأسماء المضافة ،وهي معدودة عند جماعة من أهل العلم في أسماء الله الحسنى .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية –رحمه الله - : (وكذلك أسماؤه المضافة مثل: أرحم الراحمين ،وخير الغافرين ،و رب العالمين ،ومالك يوم الدين ،و أحسن الخالقين ،و جامع الناس ليوم لا ريب فيه ، و مقلب القلوب ،وغير ذلك مما ثبت في الكتاب والسنة و ثبت الدعاء بها بإجماع المسلمين ).
وفي اسم الله تعالى (ذو الجلال والإكرام )جمع بين نوعين من الوصف ؛فالجلال يتضمن التعظيم ،والإكرام يتضمن الحمد والمحبة .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية –رحمه الله - : (وإذا كان مستحقًا للإجلال و الإكرام لزم أن يكون متصفًا في نفسه بما يوجب ذلك، كما إذا قال :الإله هو المستحق لأن يؤله ،أي:يُعبد ؛كان هو في نفسه مستحقًا لما يوجب ذلك (يعني أن يُجلّ و يُكرم ) ....إلى أن قال :والعباد لا يحصون ثناء عليه ، وهو كما أثنى على نفسه ،كذلك هو أهل أن يجلّ وأن يكرم ،وهو سبحانه يجلُّ نفسه ويكرم نفسه ،و العباد لا يُحصون إجلاله و إكرامه.
و الإجلال من جنس التعظيم ،والإكرام من جنس الحب والحمد،وهذا كقوله : { لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ } ،فله الإجلال والملك ،وله الإكرام والحمد....).
والحمد لله حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه على ما يسرَّ ومنَّ،لا أحصي ثناء عليه { رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحاً تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ }
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه .
من مختصر فقه الأسماء الحسنى للشيخ عبد الرزاق البدر .