قوله تعالى : { فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ الليل رَأَى كَوْكَباً قَالَ هذا رَبِّي } .
الآيات قوله : { هذا رَبِّي } في المواضع الثلاثة محتمل ، لأنه كان يظن ذلك ، كما روي عن ابن عباس وغيره ومحتمل ، لأنه جازم بعدم ربوبية غير الله . ومراده هذا ربي في زعمكم الباطل ، أو أنه حذف أداة استفهام الإنكار والقرآن يبين بطلان الأول ، وصحة الثاني : أما بطلان الأول ، فالله تعالى نفى كون الشرك الماضي عن إبراهيم في قوله : { وَمَا كَانَ مِنَ المشركين } [ النحل : 123 ] في عدة آيات ، ونفى الكون الماضي يستغرق جميع الزمن الماضي ، فثبت أنه لم يتقدم عليه شرك يوماً ما .
وأما كونه جازماً موقناً بعدم ربوبية غير الله ، فقد دل عليه ترتيب قوله تعالى : { فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ الليل رَأَى كَوْكَباً قَالَ هذا رَبِّي } إلى آخره « بالفاء » على قوله تعالى : { وَكَذَلِكَ نري إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السماوات والأرض وَلِيَكُونَ مِنَ الموقنين } [ الأنعام : 75 ] فدل على أنه قال ذلك موقناً مناظراً ومحاجاً لهم ، كما دل عليه قوله تعالى : { وَحَآجَّهُ قَوْمُهُ } [ الأنعام : 80 ] الآية ، وقوله : { وَتِلْكَ حُجَّتُنَآ آتَيْنَاهَآ إِبْرَاهِيمَ على قَوْمِهِ } [ الأنعام : 83 ] الآية والعلم عند الله تعالى.

أضواء البيان الشيخ محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله