كان الأصلُ أن يُصحب المقال بكتاب " الإعلام بمخالفات الشاطبي في الموافقات والاعتصام "، لكن شُعِطتْ شاشةُ " اللابتوب " حين وقع مني سهوًا، ومنعي من الإكمال، فأستسمح منكم العذر .


قلتُ ( أبو الهُمام ) بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد = فقد كنت أتصفح في " صيد الفوائد " فبصرت عيني على صفحة الشيخ " محمد الخميس " فرأيت له كتابي ( أخطاء الشوكاني، والجلالين ) في تفاسيرهم، فراعني هذا الأمر، وتنميتُ أن أقرأ، وأدوّن أجمل ما فيهما .



والطريقة = أذكر الفوائد المهمة، من المقدمة، وأذكر الآية التي فسرها الشوكاني غلطًا، وآتي بكلامه، ثم بكلام الشيخ الخميس – مختصرا - .



ووقع تلخيص هذين الكتابين في ( 7 ) صفحات، ولله الحمد أولًا وآخرًا، جزى الله الشوكاني، والخميس، والملخص، ومن يقرأ أو ينشر المقال – خيرَ الجزاء - .



تلخيصُ – عذبُ الغدير في بيان تأويلات صاحب فتح القدير - .



(1) وهو تفسير عظيم النفع من كل ناحية ، ويجد فيه الباحث وطالب العلم بغيته ومراده في الغالب ، حيث إن مؤلفه - رحمه الله - مجتهد اجتهاداً مطلقاً ، متبحر في كافة العلوم الشرعية ، ويعتبر تفسيره هذا أصلاً من أصول التفسير ، ومرجعاً مهماً من مراجعه ، فهو تفسير جامع بين التفسير بالدراية والتفسير بالرواية، وقد أحسن حيث فسر بالدراية، وتوسع حيث فسر بالرواية.



(2) قال الشوكاني (غالب المفسرين تفرقوا فريقين ، وسلكوا طريقين : الفريق الأول اقتصروا في تفاسيرهم على مجرد الرواية وقنعوا برفع هذه الراية ، والفريق الآخر جردوا أنظارهم إلى ما تقتضيه اللغة العربية ، وما تفيده العلوم الآلية ، ولم يرفعوا إلى الرواية رأسا، وان جاءوا بها لم يصححوا لها أساسا ، وكلا الفريقين قد أصاب ، و أطال و أطاب )



(3) عقيدة الشوكاني عقيدةُ السلفِ الصالح، فقد كان يمرُّ الصفات دون تأويلٍ ولا كلفة، كما في الاستواء على العرشِ ، كما ذكر ذلك في ( التحف في مذاهب السلف ) وقد ردّ على المعتزلةِ والمعطلة، وحكم بجلالهم وضلالهم كما في تفسيره عند " رؤية الله تعالى " .



(4) من أخطاءِ الشوكاني = نقله لبعضِ الروايات الموضوعة، والضعيفة التي وضعها طوائف من الشيعة والإمامية، لنصرة مذهبهم الباطل في أنّ عليّا أحقُّ بالإمامة، وأن الشيخين اغتصباها منه.



(5) مما يؤسفُ له وجودُ تيّـارٍ من الناشئة لم ينالوا قسط وافرا من إلمام بالعلوم الشرعية، أعرضوا عن قراءة " فتح الباري " المنهاج شرح مسلم بن الحجاج " فتح القدير " وهذا جهلٌ وقصورٌ،فإنهم لم يبلغوا عشر ما عندهم من الورع، والعلم، والزهد في الدنيا، والعمل بعملهم، وهناتُهم قليلةٌ في بحر حسناتهم الزاخرة، ونصيحتي: أن يقِفُوا موقفَ المُنصف، ويكفُّوا ألسنتهم عن الوقوعِ فيهم، وأن ينظروا إلى كتب هؤلاء لما ألقي عليهم من القبول والذيوع، فهيَ بشارةُ خيرٍ.



ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــ



( غيرُ المغضوبِ عليهم )



الغضب = فقد أوّلهُ بمعنى " العقوبة " وهو تعطيل، قال أبو حنيفة (ولا يقال غضبه عقوبته).



( اللهُ يستهزئ بهم )



الاستهزاء = فقد أوّله على سبيل " المشاكلة " بل هو استهزاءٌ يليقُ بجلاله، ومن صوره: أن يمدّ الظالمَ حتى إذا أخذه لم يفلته، أو يزيّن لهم أنهم مع المؤمنين، أو يُؤخذوا نورًا ثم يُطفئ.



( إنّ اللهَ لا يَستحيي أنْ يَضْربَ مثلًا ما بعوضة )



الحياء = حمل الحياء ، والتمثيل على سبيل " المشاكلة " وفيه نظر، بل هو ردٌّ لجواب المشركين حين قالوا : الربّ أعظم من أن يذكر الذباب والعنكبوت، فأجابهم بالآيةِ، ولا يستحيا من إيضاحِ الحقِّ.



( قلْ إنْ كنتمْ تحبُّونَ الله فاتّبعوني يحببكمُ اللهُ )



المحبة = فسرها بـ " الإنعام والغفران" وهو تفسير للملزم و" الإنعام " باللازم " المحبة حقيقتها " على ما يليق بجلاله، فالسلفُ يثبتون اللازم والملزوم، أما الخلف فيثبتون اللازم، وينفون الملزوم.



( فَإِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ ) .



نفي المحبة = كنايةٌ عن السخطِ والبُغضِ، وفيه نظر؛ لأنّ " الكناية " من مصطلحات المجازيين المؤولين، والآية ليس فيها كناية، وقد يكونُ مرادُ المصنّف أنّه إذا لم يحبّهم فيلزمُ منه أن يُبغضَهم ويَسخطهم.



(بل أحياءٌ عندَ ربّهم يُرزقون)



العنديّة = فسّرها بـ " الكرامة "وهذا يتضمّن إبطال صفة العلو، ولفظ(عند ربهم)يتضمن العلو والقرب.



(بل يداهُ مبسوطتان)



اليدين = نسبةُ الجودِ إلى اليدينِ أبلغ من اليد الواحدة، وهذا فيه نظرٌ، فقد أجمعَ السلفُ أنّ للهِ يدين، كيفها مجهول، ومعناها معلوم، والتثنية لإثبات أن لله يدين ( يا آدم أما ترى الناس ؟ خلقك الله بيديه وأسجد لك ملائكته ) فيجبُ المصيرُ إلى هذا القول، ولا تفسّر الآية باللازم، دون الملزوم.



(وهوَ القاهر فوقَ عبادِه)



الفوقيّة = فوقية القهرِ والغلبة، لا المكان، وفيه نظر= ففيه نفيٌ للعلو المكاني الذي تضافرت به الأدلة.



قالَ ابنُ القيّم = ولهُ العلوُّ في الوجوهِ جميعًا ** ذاتًا وقهرًا مع علو الشان = لكن نفاةُ علوه سلبوه إكمال**العلو فصر ذا نقصانِ = حاشاهُ من أفكِـ النفاةِ وسلبِهم ** فلهُ الكـمالُ المطلقُ الريّان .



( هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ ) .



الإتيان=أتى بقول المفوَضة والمعطّلة،( إتيانهُ إهلاكُهم ) ( متشابه يردّ إلى المحكم فهنا المضاف محذوف ) والمثبتين، والحقّ ما قاله ( إتيان الله لفصل القضاء بين خلقه ) وصفات الله محكماتٌ واضحاتٌ .



( كلُّ شيءٍ هالكٌ إلا وجهه )



الوجه = قال ( إلا ذاته ) إن أرادَ نفي الوجه، فهو تعطيل، وإلا بعض السلف يثبتون الذات مع الوجه.



( إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُه) .



الصعود = فسّره بمعنى القبول، وهذا نفيٌ للعلو، بل يرفع إليه الكلم الطيب، ويثني على صاحبه في الملأ الأعلى، أو يرفع الكلم الطيب ( العملُ الصالح ) إذْ هو البرهان.



( تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ... )



قال المصنّف ( اليد مجازٌ عن القدرةِ والاستيلاءِ ) وهو تعطيلٌ واضحٌ، والأدلة على تغاير القدرة واليد كثيرة من القرآن والسنة واللغة .



( أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ ) .



قال المصنف ( قدرتُه وسلطانُه وعرشُه وملائكتُه ) وكلمة ( في ) في هذه الآية بمعنى كلمة ( على ) ؛ فالمعنى : أن الله تعالى على السماء ؛ أي فوق سمواته على عرشه. أو كلمة ( السماء ) بمعنى جهة الفوق والعلو ؛ فالمعنى : أن الله تعالى في جهة العلو ؛ أي أن الله تعالى فوق خلقه عال على عرشه؛ وجهة العلو على هذا أمر عدمي، فلا يلزم في هذا كون الله تعالى في شيء مخلوق ، فان الله تعالى بائن من خلقه ليس هو في شيء من خلقه ، وهذه الآية من أعظم الحجج القاطعة الدالة على علو الله تعالى على خلقه عند أئمة السنة.



( يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ ) .



يرادُ بـ " الساق " معنيان (1) شدّة الهول، وهو تفسيرٌ لابن عبّاس، فلا تكون الآية من آيات الصفات لكن أثبتته السنة (2) ساقُ اللهِ ،ولا منافاة بين القولين، خلافا للمعطّلة النافين لساق الله من الوحيين.



( وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفّاً صَفّاً ) .



المجيئ = حمل المؤلف الآية على حذفِ المضاف ( وجاء أمره ) وهو باطل، بل هو مساير لقول الجهمية، وأفراخهم من الماتريدية والأشعرية، ومجيئ الملائكة من أمرِ الله ، فلا معنى للمجيئ .



( ألمْ يعلمْ بأنَّ اللهَ يرى )



الرؤية = فسّر المؤلف الرؤية، بـ العلم ، وفيه نظر، فالعلم من لوازم الرؤية، لكن الرؤية غير العلم .



( وأخيرًا )



هذا ما أردتُ التنبيه مما وقع فيه الشوكاني – رحمه الله – ولم أقصد الاستيعاب، وكان علي من اللازم – شرعا – أن أنبّه عليها، وألفت أنظار طلبة العلم، والله أسأله القبول، والحمد لله رب العالمين .




















- أنوارُ الهلالين في بيان تأويلات صاحب تفسير الجلالين -



أقول – أبو الهُمام - ما نُبّه عليه في تفسير " الشوكاني " فلن يُذكر في هذا التفسير



* تفسير الجلالين لجلال الدين المحلى وجلال الدين السيوطي من التفاسير المختصرة السهلة الشائعة بين الناس، وكثير قراؤه، وهو تفسير جيد نافع، غير أن فيه بعض زلات رأيت من واجبي التنبيه عليها، وتحذير الناس منها ليكونوا على بينة من أمر دينهم، حتى لا يقعوا في مزالق تؤثر على سلامة عقيدتهم.



( الرّحمن الرحيمُ )



الرحمة = قال ( ذيْ الرحمة وهي إرادة الخير لأهله ) وفيه نظر، فهما اسمان يدلان على صفةِ الرحمةِ، والمؤلف اقتصر على لازمِ الرحمة، ولم يثبت صفة الرحمة، والتـأويل تعطيل، بل هو نوعُ إلحادٍ .



( مسخّرات بأمرِهْ )



قال المؤلف ( بقدرتِه ) وفيهِ نظرٌ، بل الصواب أن يُقال = أمرُ اللهِ كلامُه وحُكْمه .



( ثمّ استوى على العَرْشِ )



الاستواء = قال المؤلف ( استواءً يليقُ بجلالِه ) وهذا محتمل بأنْ يريدَ به " التفويض " في الاستواء نفسه وأنه مجهول،فهو فرارٌ من إثبات صفة العلو والاستواء، وإن أريد أنّ الكيف مجهول فهو مذهب السلف



( قلِ اللهُ أسرعُ مكرًا )



المكر = قال ( مجازاةً ) ، بل حقيقةُ المكرِ، تدبيرٌ محكمٌ في إنزالِ العقوبةِ بالمجرمِ من حيثُ لا يشعرُ .



( ما نفدَتْ كلماتُ اللهِ )



كلمات الله = قال ( معلوماتُه ) وهو خلاف الظاهر، بل هو كلام اللهِ، لم يزل ولا يزال يتكلم إذا شاءَ بما شاءَ، وكأنّ هذا التفسيرَ راجعٌ إلى مذهبِ الأشاعرةِ، والماتريدية، والحنفيّة، وهو – أنّ كلام الله نفسيٌّ –لكنْ يوصفُ الله بأن نادى، وينادى، وتكلم، ويتكلم، وهو أعلمُ بنفسه وبغيره، فمن أصدق؟



(يعرجُ إليه)



قال ( يرجعُ الأمرُ والتدبيرُ )، بل الملائكة تنزلُ وتعرجُ إلى الله، وهذا إثباتٌ للعلوّ!.



( لما خلقتُ بيديَّ )



قال = معنى اليدين تولي خلق آدم، بل هو تعطيلٌ للصفة، ولولا أن المقصود بذلك خلقه آدم باليدين حقيقة، ما كان هناك مزية لآدم ولا تشريف له، فإن كل المخلوقات تولى الله خلقها، وخلقها بقدرته فمن هنا يبطل تأويل من فسر اليدين بالقدرة أو بتولي الخلق أو غير ذلك.



( إنّا جعلناهُ قرآنا عربيًّا )



قال = خلقـناهُ ، أوجدنا الكتاب بلغة العرب، وهذا كلامٌ باطلٌ؛ لأنّ المؤلف تأثر بالزمخشري ، وهو معتزليٌّ جهميٌّ ، والصواب كما قال ابنُ كثيرٍ وابن جرير الطبري ( إنّا أنزلناهُ ) .



( والظاهرُ والباطنُ )



قال المؤلف (الظاهر: بالأدلة عليه، والباطن عن إدراك الحواس) والأولى ما فسرهما به النبي صلى الله عليه وسلم ( وأنت الظاهرُ ليس فوقك شيء، والباطن ليس دونك شيء ) .



( وهو الغفورُ الودودُ )



قال = ( المتردد إلى أولياءه بالكرامة ) فيه نظر، لأن فيه رائحة صفة المحبة بالإكرام، والصواب أن يقال: الودود، صيغة مبالغة بمعنى فاعل، أي: المحب لمن تاب إليه وأناب.



ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــ



= الطاغوت = ليس محصورا في الأوثان، إنما هو في كل ما لم يعبد من دون الله.



= أسماءُ اللهِ الحسنى، ليست محصورةً في تسعة وتسعين اسما، بل هن أكثر من ذلك! " أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك أو أنزلته في كتابك أو علمته أحداً من خلقك أو استأثرت به في علم الغيب عندك " .



= فالمشركون عباد الصالحين والقبور والجن والأشجار والأحجار فإن غالب المشركين كانوا عبدة للصالحين، وهذا كان مبدأ الشرك في الأرض، الغلو في الصالحين ثم اتخاذ أصنام بأشكالهم ثم عبادتهم من دون الله.



الإسرائيليات على أنواع =

1- ما ورد شرعنا بتصديقه، فهذا نصدقه ونحكيه.
2- ما ورد شرعنا بتكذيبه، فهذا لا نشتغل به ولا نحكيه إلا على سبيل بيان بطلانه.
3- ما لم يرد شرعنا بتصديق له ولا تكذيب، فهذا وإن حكي فإنه لا يصدق ولا يكذب لأنه يحتمل الأمرين.
= لم يصح نزعُ ملك سليمان ؛ لعدم مناسبتها مع مقام الأنبياء في قولهم ( واتبعوا ما تتلوا الشياطين على ملك سليمان ) فقد دفتنه تحت الكرسي!.
= الأولى حمل آية ( ذلك أني لم أخنه ) الزوجة عن السيد، لا يوسف عليه السلام عن السيد!
= ليس هناكَ دليلٌ صحيحٌ أنّ ذا القرنين، اسمه – اسكندر – .
= قولهم أن السدين في بلاد الترك ليس عليه دليل صحيح ( حتى إذا بلغ بين السدين )


= قولهم في تفسير الآية ( وتخفي في نفسك ما اللهُ مبديه ) { مظهره من محبتها وأن لو فارقها زيد تزوجتها } وفيه نظر من وجهين (1) غير ثابت روايةً (2) غير صحيح دراية؛ لمناقضه منصبَ النبوّة ، ثم إنّه فسر بغير هذا بــ ما قاله ابن كثير عن الحسن بن علي رضي الله عنهما: " أن الله تعالى أعلم نبيه أنها ستكون من أزواجه قبل أن يتزوج فلما أتاه زيد رضي الله عنه ليشكوها إليه قال: اتق الله وأمسك عليك زوجك ، فقال الله تعالى: قد أخبرتك أني مزوجكها وتخفي في نفسك ما الله مبديه.