السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الستير
ورد هذا الاسم في حديث يعلى بن أمية –رضي الله عنه – المتقدم .
و روى ابن أبي حاتم في (تفسيره) ،والبيهقي في (السنن الكبرى ) ،عن عكرمة عن ابن عباس –رضي الله عنهما - :أن رجلين سألاه عن الاستئذان في الثلاث عورات التي أمر الله بها في القرآن ،فقال ابن عباس : (إن الله ستير يحب الستر ،كان الناس ليس لهم ستور على أبوابهم ولا حِجال في بيوتهم ،فربما فاجأ الرجل خادمه أو ولده أو يتيمه في حجره وهو على أهله ،فأمرهم الله أن يستأذنوا في تلك العورات التي سمّى الله ، ثم جاء الله بعد الستور فبسط الله عليهم الرزق فاتخذوا الستور واتخذوا الحِجال ،فرأى الناس أن ذلك قد كفاهم من الاستئذان الذي أمروا به ) صحح إسناده ابن كثير في (تفسيره).
والستير:أي:الساتر الذي يستر على عباده كثيرا ،ولا يفضحهم في المشاهد ،الذي يحب من عباده الستر على أنفسهم ما يفضحهم ويخزيهم و يشينهم ،وهذا فضل من الله ورحمة ، وحلم منه سبحانه وكرم ،فالعبد قد يُقارف شيئًا من المعاصي والآثام ،مع فقره الشديد إلى ربه سبحانه ،والربّ-سبحانه- مع كمال غناه عن الخلق كلهم وعن طاعتهم وعبادتهم – يكرم عبده ويستره ويستحيي من هتكه وفضيحته و إحلال العقوبة به ، ويقيض له من أسباب الستر ،ويوفقه للندم والتوبة ،ويعفو عنه ويغفر له ،وهذا من لطفه سبحانه بخلقه ورحمته بعبيده ،قال الله تعالى :{ وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ }
ولهذا فإنه سبحانه يكره من عبده إذا وقع في معصية أن يذيعها و يشهرها ، بل يدعوه إلى أن يتوب إلى الله منها بينه وبينه ،وستر الله مسبول عليه ،لا أن يظهرها لأحد من الناس ،ومن أبغض الناس إليه من بات عاصيًا والله يستره ،ثم يصبح يكشف ستر الله عليه .
ففي (الصحيحين ) عن أبي هريرة –رضي الله عنه – قال :سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : (كل أمتي معافى إلا المجاهرين ، و إن من المجاهرة أن يعمل الرجل بالليل عملا وقد ستره الله ،فيقول : يا فلان عملت البارحة كذا وكذا ، وقد بات يستره ربه ،ويصبح يكشف ستر الله عنه ).
ومن هذا المعنى الستر على عباد الله وتجنب هتك أستارهم وتتبع عوراتهم ،ففي (الصحيحين )من حديث ابن عمر –رضي الله عنهما – أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (من ستر مسلما ستره الله يوم القيامة ).
اللهم استر عيوبنا وعوراتنا ، واغفر ذنوبنا وزلاتنا ،واختم بالصالحات أعمالنا و أعمارنا .
من مختصر فقه الأسماء الحسنى للشيخ عبد الرزاق البدر.