تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


صفحة 2 من 2 الأولىالأولى 12
النتائج 21 إلى 30 من 30

الموضوع: لغز فقهي

  1. #21
    تاريخ التسجيل
    Feb 2011
    المشاركات
    107

    افتراضي رد: لغز فقهي

    - هذا تعليق أخير، يقرب لك المسألة، ويعرفك بالحق فيها، وأنه لا منافاة بين أن يكون القرآن الكريم كلام الله تعالى ، وأن يكون إخبارا عن وقائع وقعت، بل قد ينزل القرآن على لسان بعض الصحابة ، وإليك البيان:
    أولا: - قال السيوطي – في الإتقان ج 1 ص 99 وبعدها - : (( النوع العاشر : فيما أنزل من القرآن على لسان بعض الصحابة ))، هو في الحقيقة نوع من أسباب النزول والأصل فيه موافقات عمر ، وقد أفردها بالتصنيف جماعة ، وأخرج الترمذي عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إن الله جعل الحق على لسان عمر وقلبه "، قال ابن عمر: وما نزل بالناس أمر قط فقالوا وقال ، إلا نزل القرآن على نحو ما قال عمروأخرج ابن مردويه عن مجاهد قال :" كان عمر يرى الرأي، فينزل به القرآنوأخرج البخاري عن أنس قال: قال عمر: وافقت ربي في ثلاث، قلت: يا رسول الله لو اتخذنا من مقام إبراهيم مصلى ؟، فنزلت: (( واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى ))، وقلت : يا رسول الله ، إن نساءك يدخل عليهن البر والفاجر، فلو أمرتهن أن يحتجبن ؟، فنزلت آية الحجاب ، واجتمع على رسول الله صلى الله عليه نساؤه في الغيرة، فقلت لهن:" عسى ربه إن طلقكن أن يبدله أزواجا خيرا منكنفنزلت كذلك ، وأخرج مسلم عن ابن عمر عن عمر قال: وافقت ربي في ثلاث : في الحجاب، وفي أسارى بدر، وفي مقام إبراهيمإلى آخر ما ذكره الإمام السيوطي في الإتقان .

    ثانيا:- فهذه الأحاديث تبين أن القرآن الكريم قد ينزل على نحو مما تكلم به الصحابة ، ولذلك بوب السيوطي هذا الفصل بعنوان (( فيما أنزل من القرآن على لسان بعض الصحابة ))، فما وجه الإنكار أن يُخبر الله تعالى عن نبيه عليه الصلاة والسلام أنه (( قال )) للمشركين (( ربي يعلم القول في السماء والأرض ))، وأن تكون الآية نزلت على نحو مما قاله الرسول للمشركين ، كما نزلت آيات على لسان عمر ، ومقوله الذي قاله :
    1 - في اتخاذ مقام إبراهيم مصلى .
    2 - وفي آية الحجاب .
    3 - وفي أسارى بدر .
    4 - وفي آية " عسى ربه أن طلقكن "، ولاحظ قول عمر: فنزلت كذلك ، أي أنه قال قولته تلك ، فنزلت الآية القرآنية على نحو مما تكلم به ، وهذا لا ينفي أن تكون الآية من كلام الله تعالى ، تكلم الله تعالى بها ، وأنزلها على نبيه عليه الصلاة والسلام وحياً يتُلى .

    ثالثا: - فهذا هو منهج العلماء ، وهذه هي فهومهم للقرآن الكريم ، أوتظن أن في ذلك منقصة للقرآن الكريم ؟، أو أن في ذلك نفياً أن يكون القرآن الكريم كلام الله تعالى ؟، لا شك في بطلان هذا الفهم ، فليس في ذلك منقصة للقرآن الكريم ، بل فيه منقبة له ، وهو أنه نزل بلغة العرب واستعمالاتهم ، ورغمها لم يستطيعوا الإتيان بمثله أو بسورة منه ، دلالة على كونه من عند رب العالمين ، أعجز العرب – فضلا عن العجم – عن أن يجاروه أو يأتوا آية بآية من مثله.
    - وأرجو بهذا النقل عن الإمام السيوطي أن تكون شبهتك قد زالت ، علما أنني سأكتفي بهذا التعليق الأخير لي في هذا الموضوع ، وإنما أحببتُ أن أورد كلام السيوطي ، في أن القرآن قد ينزل على لسان الصحابة ، ومع ذلك يبقى قرآنا ، وكلاما لله تعالى ، فما الظن برسول الله عليه الصلاة والسلام ، وهو أفصح الخلق ، وأفصح من عمر ؟، أفنستنكر أن يكون القرآن نزل على لسانه – عليه الصلاة والسلام ؟، وبهذا أرجو أن تكون شبهتك مجرد سرابُ بقيعة يحسبه الظمأن ماء ، حتى إذا جاءه لم يجده شيئا ، والله ولي التوفيق .

  2. #22
    تاريخ التسجيل
    May 2011
    المشاركات
    28

    افتراضي رد: لغز فقهي

    بسم الله الرحمن الرحيم . لا إله إلا الله محمد رسول الله . السلام عليكم . أما بعد

    أخي الكريم وفقك الله عز وجل وفتح عليك من علمه ورزقه الواسع وللجميع أيضاً . آللهم آمين

    أما بخصوص ما ذكرته . فأني أوفاقك الرأي . ويزيد الأنسان تعلق في الأيمان في الله عز وجل . من ثم بأنه القرآن الكريم كلام الله عز وجل .

    السؤال الثاني أخي الكريم . بما إنه الذي ذكرته . قال . جائت عن لسان النبي محمد صلى الله عليه وسلم .
    إذاً هناك بعض المفسرين لم يصيبوا في تفسيرهم . بقولهم . قال . و . قل . لا فرق بينهم . بل في توضيحك هذا يتبين بأنه هناك فرق كبير بينهم . وهو إنه . قال . تكون نزلت عن لسان النبي محمد صلى الله عليه وسلم كما ذكرت أنت في توضيحك الأخير . لكن قل . لا تكون نزلت عن لسان النبي محمد صلى الله عليه وسلم . بل تكون مباشرة من الله عز وجل تكلم بها من نفسه الكريمة ويجب انفراد الله عز وجل في هذا .

    وهذا بعض ما ذكرته أنت عن العلماء المفسرين .

    - وقرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو وابن عامر وعاصم في رواية أبي بكر (( قل ربي )) على الأمر لنبيه صلى الله عليه وسلم ، وهو كذلك في مصاحف البصرة ، والقراءتان عند الطبري متفقتا المعنى ، فبأيهما قرأ القارىء فمصيب ))، أهـ .
    2 ) قال الشيخ الهرري - في حدائق الروح 18 / 18 - :(( قرأ حمزة والكسائي وحفص عن عاصم ، والأعمش وطلحة وابن أبي ليلى وأيوب وخلف وابن سعدان وابن جبير الأنطاكي وابن جرير (( قال ربي )) على معنى الخبر عن نبيه صلى الله عليه وسلم، وكذا في مصاحف الكوفيين ، وقرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو وابن عامر وأبو بكر عن عاصم (( قل ربي )) على الأمر لنبيه صلى الله عليه وسلم ))، أهـ .

    رابعا : قال ابن عاشور - في التحرير 17 / 12 - :(( أطلع الله رسوله على نجواهم فلم يتم لهم ما أرادوا من الإسرار بها ، فبعد أن حكى ما تناجوا به أمره أن يخبرهم بأن الله الذي علم نجواهم ، يعلم كل قول في السماء والأرض من جهر أو سر ... ، وأعلمهم بأنه المتصف بتمام العلم للمسموعات وغيرها بقوله (( وهو السميع العليم ))، وقرأ الجمهور (( قل )) بصيغة الأمر ، وقرأ حمزة والكساءئي وحفص وخلف (( قال )) بصيغة الماضي ... أي قال الرسول لهم ، حكى الله ما قاله الرسول لهم ، وإنما قاله عن وحي فكان في معنى قراءة الجمهور (( قل ربي يعلم القول )) لأنه إذا أمر بأن يقوله فقد قاله ))، أهـ.

    خامسا : يقول صديق بن حسن القنوجي البخاري - في فتح البيان 4 / 335 - :(( " قل ربي يعلم القول في السماء والأرض "، أي لا يخفى عليه شيء مما يقال فيهما ، وفي مصاحف أهل الكوفة (( قال ربي )) أي قال محمد : ربي يعلم ، فهو عالم بما تناجيتم به ، قيل: الأولى أولى ، لأنهم أسروا هذا القول فأطلع الله رسوله صلى الله عليه وسلم على ذلك وأمره أن يقول لهم هذا ، قال النحاس : والقراءتان صحيحتان وهما بمنزلة آيتين ))،أهـ .
    - فهذه بعض النقولات عن العلماء ، ودلالة القراءتين متحدٌ ، يدور حول أن علم الله عز وجل يشمل كل شيء ، بحيث لا تخفى عليه خافية في السماء والأرض


    لهذا أخي الكريم : ما ردك . هل توافقني الرأي .


    صلى الله على محمد وصحبه وآله ومن اتبعهم وسلم

    أقول قولي هذا وأستغفر الله العلي القدير لي ولكم والسلام عليكم

  3. #23
    تاريخ التسجيل
    Feb 2011
    المشاركات
    107

    افتراضي رد: لغز فقهي

    - أولا : لا خلاف بين علماء التفسير في تفسيرهم للآية الرابعة من سورة الأنبياء ، وجميعهم أصاب الحق في تفسيره ، يبين ذلك بجلاء تفسير إمام المفسرين ابن جرير الطبري :

    أولا : - قال رحمه الله :(( الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى:" قَالَ رَبِّي يَعْلَم الْقَوْل فِي السَّمَاء وَالْأَرْض وَهُوَ السَّمِيع الْعَلِيم "، اِخْتَلَفَتْ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَة قَوْله : " قُلْ رَبِّي " فَقَرَأَ ذَلِكَ عَامَّة قُرَّاء أَهْل الْمَدِينَة وَالْبَصْرَة وَبَعْض الْكُوفِيِّينَ : " قُلْ رَبِّي " عَلَى وَجْه الْأَمْر ، وَقَرَأَهُ بَعْض قُرَّاء مَكَّة وَعَامَّة قُرَّاء الْكُوفَة : { قَالَ رَبِّي } عَلَى وَجْه الْخَبَر ، وَكَأَنَّ الَّذِينَ قَرَءُوهُ عَلَى وَجْه الْأَمْر أَرَادُوا مِنْ تَأْوِيله : قُلْ يَا مُحَمَّد لِلْقَائِلِينَ { أَفَتَأْتُونَ السِّحْر وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ } رَبِّي يَعْلَم قَوْل كُلّ قَائِل فِي السَّمَاء وَالْأَرْض , لَا يَخْفَى عَلَيْهِ مِنْهُ شَيْء ; وَهُوَ السَّمِيع لِذَلِكَ كُلّه وَلِمَا يَقُولُونَ مِنْ الْكَذِب , الْعَلِيم بِصِدْقِي وَحَقِيقَة مَا أَدْعُوكُمْ إِلَيْهِ وَبَاطِل مَا تَقُولُونَ وَغَيْر ذَلِكَ مِنْ الْأَشْيَاء كُلّهَا ، وَكَأَنَّ الَّذِينَ قَرَءُوا ذَلِكَ قَالَ عَلَى وَجْه الْخَبَر أَرَادُوا : قَالَ مُحَمَّد : رَبِّي يَعْلَم الْقَوْل ; خَبَرًا مِنْ اللَّه عَنْ جَوَاب نَبِيّه إِيَّاهُمْ ، وَالْقَوْل فِي ذَلِكَ أَنَّهُمَا قِرَاءَتَانِ مَشْهُورَتَانِ فِي قِرَاءَة الْأَمْصَار , قَدْ قَرَأَ بِكُلِّ وَاحِدَة مِنْهُمَا عُلَمَاء مِنْ الْقُرَّاء , وَجَاءَتْ بِهِمَا مَصَاحِف الْمُسْلِمِينَ مُتَّفِقَتَا الْمَعْنَى ; وَذَلِكَ أَنَّ اللَّه إِذَا أَمَرَ مُحَمَّدًا بِقِيلِ ذَلِكَ قَالَهُ , وَإِذَا قَالَهُ فَعَنْ أَمْر اللَّه قَالَهُ , فَبِأَيَّتِهِمَ ا قَرَأَ الْقَارِئ فَمُصِيب الصَّوَاب فِي قِرَاءَته ))،أهـ.

    ثانيا : قولك :(( إذاً هناك بعض المفسرين لم يصيبوا في تفسيرهم، بقولهم: " قال "، وقل "،لا فرق بينهم، بلفي توضيحك هذا يتبين بأنه هناك فرق كبير بينهم ))،أهـ، وتعليقا :
    1 – المفسرون متفقون في تفسيرهم للآية الكريمة ، ولا خلاف بينهم في ذلك ، والفرق بين قراءة (( قال )) وقراءة (( قل )) بينه علماء التفسير كما نقلت لك سابقا ، يُوضحه :
    2 – الفرق بين قراءة (( قال )) وقراءة (( قل ))، أن قراءة (( قال )) إخبار من الله تعالى عن جواب نبيه عليه الصلاة والسلام للمشركين ، أما على قراءة (( قل )) فتكون أمر من الله تعالى لنبيه عليه الصلاة والسلام ، فهذا هو الفرق ، ولا خلاف بين العلماء في تقرير ذلك ، فكلهم يقررون هذا التفسير على كلا القراءتين ، ومعنى الآية – على القراءتين – واحدٌ ، وهو أن الله تعالى لا تخفى عليه خافية ، فعلمه أحاط بكل شيء .
    3 – خلاف العلماء إنما هو في صياغتهم لتعابيرهم حال تفسيرهم للآية الكريمة، وبيان ذلك:
    1 ) قال الشيخ الهرري - في حدائق الروح 18 / 18 - :(( (( قال ربي )) على معنى الخبر عن نبيه صلى الله عليه وسلم،وكذا في مصاحف الكوفيين ،وقرأ ابن كثير وغيره (( قل ربي)) على الأمر لنبيه صلى الله عليه وسلم ))،أهـ.
    2 ) قال ابن عاشور - في التحرير 17 / 12 - :(( وقرأ الجمهور( قل) صيغة الأمر،وقرأ حمزة والكسائي وحفص وخلف( قال) بصيغة الماضي ... أي قال الرسول لهم ، حكى الله ما قاله الرسول لهم ))،أهـ.
    3 ) يقول صديق بن حسن القنوجي البخاري - فيفتح البيان 4 / 335 - :(( " قل ربي يعلم القول في السماء والأرض "،أي لا يخفىعليه شيء مما يقال فيهما ، وفي مصاحف أهل الكوفة( قال ربي ) أي قال محمد : ربي يعلم ، فهو عالم بما تناجيتمبه ))،أهـ.

    ثالثا : - فهذه الأقوال جميعها تتفق مع قول إمام المفسرين ابن جرير الطبري ، وجميع المفسرين أصابوا في تفاسيرهم للآية ، فلا تعارض ولا تناقض بين العلماء ، فقراءة (( قال )) بصيغة الماضي إخبار عن رد الرسول على المشركين ، وقراءة (( قل )) بصيغة الأمر للرسول أن يجيب المشركين ، والمعنى – على القراءتين – لا يختلف ، وهو يدور حول أن الله يعلم الغيب والشهادة ، والقراءتين من كلام الله تعالى ، لثبوتهما عن رسول الله عليه الصلاة والسلام ، ولذلك قال ابن جرير الطبري : (( وَجَاءَتْ بِهِمَا مَصَاحِف الْمُسْلِمِينَ مُتَّفِقَتَا الْمَعْنَى ; وَذَلِكَ أَنَّ اللَّه إِذَا أَمَرَ مُحَمَّدًا بِقِيلِ ذَلِكَ قَالَهُ , وَإِذَا قَالَهُ فَعَنْ أَمْر اللَّه قَالَهُ , فَبِأَيَّتِهِمَ ا قَرَأَ الْقَارِئ فَمُصِيب الصَّوَاب فِي قِرَاءَته ))،أهـ.

    رابعا : لقد نقلت لك ما فيه كفاية من أقوال المفسرين ، وليس هناك حاجة إلى المزيد منها ، وهذه آخر مشاركة في هذا الموضوع – فيعلم الله أنني أرهقت - وإذا لم تفهم فاتهم فهمك ، ولا تتهم فهوم العلماء ، الذين خدموا كتاب الله تعالى ، تفسيرا ، وإعرابا ، وقراءة ، وتوجيها للقراءات ، وفي غير ذلك من علوم القرآن ، ولو كان هناك تناقض بين أقوال المفسرين ، لوجدت علماء التفسير أنفسهم يتعقبون المخطىء ، ويظهرون خطأه ، ويصوبونه .
    - فمن تكون إيها الكريم حتى تظن أن بعض المفسرين لم يُصيبوا في تفسيرهم للآية ؟، ثم جئت في القرن الخامس عشر الهجري لتكتشف الخطأ ، ولو أنك تتمعن – قبل أن تسطر مشاركتك – في تفاسير الآية ، لكان في ذلك خيرا لك ، ولما طرحت أسئلة هي من الوضوح ما لا تحتاج إلى بيان ورد ، والله ولي التوفيق .

  4. #24
    تاريخ التسجيل
    May 2011
    المشاركات
    28

    افتراضي رد: لغز فقهي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة سالم الطائي مشاهدة المشاركة
    - أولا : لا خلاف بين علماء التفسير في تفسيرهم للآية الرابعة من سورة الأنبياء ، وجميعهم أصاب الحق في تفسيره ، يبين ذلك بجلاء تفسير إمام المفسرين ابن جرير الطبري :

    أولا : - قال رحمه الله :(( الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى:" قَالَ رَبِّي يَعْلَم الْقَوْل فِي السَّمَاء وَالْأَرْض وَهُوَ السَّمِيع الْعَلِيم "، اِخْتَلَفَتْ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَة قَوْله : " قُلْ رَبِّي " فَقَرَأَ ذَلِكَ عَامَّة قُرَّاء أَهْل الْمَدِينَة وَالْبَصْرَة وَبَعْض الْكُوفِيِّينَ : " قُلْ رَبِّي " عَلَى وَجْه الْأَمْر ، وَقَرَأَهُ بَعْض قُرَّاء مَكَّة وَعَامَّة قُرَّاء الْكُوفَة : { قَالَ رَبِّي } عَلَى وَجْه الْخَبَر ، وَكَأَنَّ الَّذِينَ قَرَءُوهُ عَلَى وَجْه الْأَمْر أَرَادُوا مِنْ تَأْوِيله : قُلْ يَا مُحَمَّد لِلْقَائِلِينَ { أَفَتَأْتُونَ السِّحْر وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ } رَبِّي يَعْلَم قَوْل كُلّ قَائِل فِي السَّمَاء وَالْأَرْض , لَا يَخْفَى عَلَيْهِ مِنْهُ شَيْء ; وَهُوَ السَّمِيع لِذَلِكَ كُلّه وَلِمَا يَقُولُونَ مِنْ الْكَذِب , الْعَلِيم بِصِدْقِي وَحَقِيقَة مَا أَدْعُوكُمْ إِلَيْهِ وَبَاطِل مَا تَقُولُونَ وَغَيْر ذَلِكَ مِنْ الْأَشْيَاء كُلّهَا ، وَكَأَنَّ الَّذِينَ قَرَءُوا ذَلِكَ قَالَ عَلَى وَجْه الْخَبَر أَرَادُوا : قَالَ مُحَمَّد : رَبِّي يَعْلَم الْقَوْل ; خَبَرًا مِنْ اللَّه عَنْ جَوَاب نَبِيّه إِيَّاهُمْ ، وَالْقَوْل فِي ذَلِكَ أَنَّهُمَا قِرَاءَتَانِ مَشْهُورَتَانِ فِي قِرَاءَة الْأَمْصَار , قَدْ قَرَأَ بِكُلِّ وَاحِدَة مِنْهُمَا عُلَمَاء مِنْ الْقُرَّاء , وَجَاءَتْ بِهِمَا مَصَاحِف الْمُسْلِمِينَ مُتَّفِقَتَا الْمَعْنَى ; وَذَلِكَ أَنَّ اللَّه إِذَا أَمَرَ مُحَمَّدًا بِقِيلِ ذَلِكَ قَالَهُ , وَإِذَا قَالَهُ فَعَنْ أَمْر اللَّه قَالَهُ , فَبِأَيَّتِهِمَ ا قَرَأَ الْقَارِئ فَمُصِيب الصَّوَاب فِي قِرَاءَته ))،أهـ.

    ثانيا : قولك :(( إذاً هناك بعض المفسرين لم يصيبوا في تفسيرهم، بقولهم: " قال "، وقل "،لا فرق بينهم، بلفي توضيحك هذا يتبين بأنه هناك فرق كبير بينهم ))،أهـ، وتعليقا :
    1 – المفسرون متفقون في تفسيرهم للآية الكريمة ، ولا خلاف بينهم في ذلك ، والفرق بين قراءة (( قال )) وقراءة (( قل )) بينه علماء التفسير كما نقلت لك سابقا ، يُوضحه :
    2 – الفرق بين قراءة (( قال )) وقراءة (( قل ))، أن قراءة (( قال )) إخبار من الله تعالى عن جواب نبيه عليه الصلاة والسلام للمشركين ، أما على قراءة (( قل )) فتكون أمر من الله تعالى لنبيه عليه الصلاة والسلام ، فهذا هو الفرق ، ولا خلاف بين العلماء في تقرير ذلك ، فكلهم يقررون هذا التفسير على كلا القراءتين ، ومعنى الآية – على القراءتين – واحدٌ ، وهو أن الله تعالى لا تخفى عليه خافية ، فعلمه أحاط بكل شيء .
    3 – خلاف العلماء إنما هو في صياغتهم لتعابيرهم حال تفسيرهم للآية الكريمة، وبيان ذلك:
    1 ) قال الشيخ الهرري - في حدائق الروح 18 / 18 - :(( (( قال ربي )) على معنى الخبر عن نبيه صلى الله عليه وسلم،وكذا في مصاحف الكوفيين ،وقرأ ابن كثير وغيره (( قل ربي)) على الأمر لنبيه صلى الله عليه وسلم ))،أهـ.
    2 ) قال ابن عاشور - في التحرير 17 / 12 - :(( وقرأ الجمهور( قل) صيغة الأمر،وقرأ حمزة والكسائي وحفص وخلف( قال) بصيغة الماضي ... أي قال الرسول لهم ، حكى الله ما قاله الرسول لهم ))،أهـ.
    3 ) يقول صديق بن حسن القنوجي البخاري - فيفتح البيان 4 / 335 - :(( " قل ربي يعلم القول في السماء والأرض "،أي لا يخفىعليه شيء مما يقال فيهما ، وفي مصاحف أهل الكوفة( قال ربي ) أي قال محمد : ربي يعلم ، فهو عالم بما تناجيتمبه ))،أهـ.

    ثالثا : - فهذه الأقوال جميعها تتفق مع قول إمام المفسرين ابن جرير الطبري ، وجميع المفسرين أصابوا في تفاسيرهم للآية ، فلا تعارض ولا تناقض بين العلماء ، فقراءة (( قال )) بصيغة الماضي إخبار عن رد الرسول على المشركين ، وقراءة (( قل )) بصيغة الأمر للرسول أن يجيب المشركين ، والمعنى – على القراءتين – لا يختلف ، وهو يدور حول أن الله يعلم الغيب والشهادة ، والقراءتين من كلام الله تعالى ، لثبوتهما عن رسول الله عليه الصلاة والسلام ، ولذلك قال ابن جرير الطبري : (( وَجَاءَتْ بِهِمَا مَصَاحِف الْمُسْلِمِينَ مُتَّفِقَتَا الْمَعْنَى ; وَذَلِكَ أَنَّ اللَّه إِذَا أَمَرَ مُحَمَّدًا بِقِيلِ ذَلِكَ قَالَهُ , وَإِذَا قَالَهُ فَعَنْ أَمْر اللَّه قَالَهُ , فَبِأَيَّتِهِمَ ا قَرَأَ الْقَارِئ فَمُصِيب الصَّوَاب فِي قِرَاءَته ))،أهـ.

    رابعا : لقد نقلت لك ما فيه كفاية من أقوال المفسرين ، وليس هناك حاجة إلى المزيد منها ، وهذه آخر مشاركة في هذا الموضوع – فيعلم الله أنني أرهقت - وإذا لم تفهم فاتهم فهمك ، ولا تتهم فهوم العلماء ، الذين خدموا كتاب الله تعالى ، تفسيرا ، وإعرابا ، وقراءة ، وتوجيها للقراءات ، وفي غير ذلك من علوم القرآن ، ولو كان هناك تناقض بين أقوال المفسرين ، لوجدت علماء التفسير أنفسهم يتعقبون المخطىء ، ويظهرون خطأه ، ويصوبونه .
    - فمن تكون إيها الكريم حتى تظن أن بعض المفسرين لم يُصيبوا في تفسيرهم للآية ؟، ثم جئت في القرن الخامس عشر الهجري لتكتشف الخطأ ، ولو أنك تتمعن – قبل أن تسطر مشاركتك – في تفاسير الآية ، لكان في ذلك خيرا لك ، ولما طرحت أسئلة هي من الوضوح ما لا تحتاج إلى بيان ورد ، والله ولي التوفيق .

    بسم الله الرحمن الرحيم . لا إله إلا الله محمد رسول الله . السلام عليكم . أما بعد .


    أخي الكريم . جزاك الله خيراً ووفقك إلى أكثر من هذا علماً وجعلك من عباده الصالحين المؤمنين . جميعاً . آللهم آمين

    لدي تعليق من عدة نقاط .

    1. أعلم رحمك الله . آمين . بأنه عجبني فيك روحك الجيدة وصبرك وهذه ميزة نادرة عند كثير من الناس . لهذا حافظ عليها ولا تشتكي . وأعلم أجرك على الله عز وجل أن شاء الله .

    2. أخي الكريم . بخصوص ما وضحته بقول . قال . و . قل . بقولك التالي .

    الفرق بين قراءة (( قال )) وقراءة (( قل ))، أن قراءة (( قال )) إخبار من الله تعالى عن جواب نبيه عليه الصلاة والسلام للمشركين ، أما على قراءة (( قل )) فتكون أمر من الله تعالى لنبيه عليه الصلاة والسلام ، فهذا هو الفرق ، ولا خلاف بين العلماء في تقرير ذلك ، فكلهم يقررون هذا التفسير على كلا القراءتين ، ومعنى الآية – على القراءتين – واحدٌ ، وهو أن الله تعالى لا تخفى عليه خافية ، فعلمه أحاط بكل شيء

    1. بكل تأكيد الله عز وجل يعلم القول في السماء والأرض ويعلم ما توسوس به نفس الأنسان كما ذكر في الآيات الكريمة .

    2. لقد فهمت قصدك . قول النبي محمد صلى الله عليه وسلم بقوله قال يكون تثبيت من الله عز وجل عن لسان النبي محمد صلى الله عليه وسلم بأنه قال .

    3. وقول القراءة الثانية قل تكون عن امر الله عز وجل بان يقول كون كلام النبي محمد صلى الله عليه وسلم كما قال الله عز وجل .


    وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى} (3) {إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} (4) سورة النجم


    أخيراً اخي الكريم . أني لم اتهم بعض العلماء سامحك الله عز وجل بل كان قصدي من باب العلم لا أكثر ولا أقل . كذالك العلماء ما وصلوا إلى ما هم عليه إلى بفضل الله عز وجل ومنته وكرمه عليهم . لخدمة الامة الأسلامية نسأل الله عز وجل أن يرزقنا العلم كما رزقهم إنه جواد كريم . آللهم آمين


    صلى الله على محمد وعلى آله وصحبه ومن أتبعهم وسلم

    أقول قولي هذا وأستغفر الله العلي العظيم لي ولكم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته . آمين

  5. #25
    تاريخ التسجيل
    Feb 2011
    المشاركات
    107

    افتراضي رد: لغز فقهي

    - ما سيأتي من كلام ، ليس له صلة بكلام ( الأخ – مكارم )، وإنما سطرته لذكر بعض عقائد أهل السنة والجماعة في القرآن الكريم ، ولتصحيح بعض ما ورد من قولي في بعض المشاركات ، وكذلك لذكر بعض التساؤلات ، التي نود أن نجد عنها جوابا من الإخوة الكرام ، ولذلك فلا تعارض بين قولي السابق :" إنها آخر مشاركة في هذا الموضوع "، وبين ما سيأتي ذكره ، والذي أبتغي من ذكره أن أجد جوابا على ما سأطرحه من تساؤلات ، فأقول :

    النقطة الأولى : - تعليقا على ما ورد في (( مشاركتي عن الإمام السيوطي ))، والذي أفرد فصلا في كتابه (( الإتقان )) بعنوان (( فيما نزل من القرآن على لسان الصحابة ))، أقول:
    1 ) القرآن الكريم كلام الله تعالى حروفه ومعانيه ، وليس لرسول الله عليه الصلاة والسلام فيه – فضلا عن الخلق من الجن والإنس – حرف واحد ، وحاشاه عليه الصلاة والسلام من أن يزيد في كلام ربه تعالى ما ليس منه ، أو ينقص منه ما هو منه .
    2 ) أن الكلام المحكي في القرآن الكريم عن رسل الله وأنبيائه ، أو عن مخلوقاته كالسماء والأرض ، أو ما حكاه رب العزة عن إبليس ، أو المحاورات التي جرت بين رسله – عليهم السلام – وبين أقوامهم ، كل هذه المحاورات إنما هوحرفٌ ومعنى - كلام الله تعالى، غير أنه يجوز نسبة تلكم الأقوال إلى من نسبت إليه باعتبار المعنى ، فيقال: حكى الله عن موسى – عليه السلام – أنه قال: ...، وأخبر الله تعالى عن يوسف أنه قال: ...، ومن أصدق من الله قيلا، وإليك بعض أقوال العلماء :
    أولا :جاء في فتاوى موقع (( الإسلام سؤال وجواب )) جوابا على أحد الأسئلة ما نصه :
    - (( لا بد أن نعرف في بداية الجواب أن الكلام المحكي في القرآن الكريم على ألسنة المتكلمين إنما هو بالمعنى وليس باللفظ ، وذلك لدليلين ظاهرين :
    1- أن القرآن كلام الله ، وليس كلام أحد من المخلوقين ، ولما كان كذلك كانت الأقوال المحكية على ألسنة المتكلمين بها من الناس والدواب ، هي من كلام الله ، يقص به أخبار الأولين ، وينقل كلامهم . فهي تنسب إليهم باعتبار مضمون الكلام ومعناه .
    2- أن لغات الأمم السابقة لم تكن هي العربية الواردة في القرآن الكريم ، وبذلك نجزم أن الكلام المنقول على ألسنتهم إنما هو كلام الله عز وجل ، متضمنا معاني كلام المذكورين من الأمم السابقة ))،أهـ .

    ثانيا : جاء في فتاوى اللجنة الدائمة ، جوابا على سؤال ، ما نصه :
    - (( الكلام يطلق على اللفظ والمعنى ، ويطلق على كل واحد منهما وحده بقرينة ، وناقله عمن تكلم به من غير تحريف لمعناه ولا تغيير لحروفه ونظمه : مُخبِرٌ مُبَلِّغٌ فقط ، والكلام إنما هو لِمَن بدأه ، أمَّا إن غيَّر حروفه ونظمه مع المحافظة على معناه ، فينسب إليه اللفظ : حروفه ومعناه ،وينسب من جهة معناه إلى من تكلم به ابتداءً ، ومن ذلك ما أخبر الله به عن الأمم الماضية ، كقوله تعالى:( وَقَالَ مُوسَى إِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ مِنْ كُلِّ مُتَكَبِّرٍ لا يُؤْمِنُ بِيَوْمِ الْحِسَابِ ) غافر/27، وقوله:( وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا هَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحاً لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبَابَ ) غافر/36.
    فهاتان تسميان قرآناً ، وتنسبان إلى الله كلاماً له باعتبار حروفهما ونظمهما ؛ لأنهما من الله لا من كلام موسى وفرعون ؛ لأن النظم والحروف ليس منهما ، وتنسبان إلى موسى وفرعون باعتبار المعنى ، فإنه كان واقعاً منهما ، وهذا وذاك قد علمهما الله في الأزل وأمر بكتابتهما في اللوح المحفوظ ، ثم وقع القول من موسى وفرعون بلغتهما طبق ما كان في اللوح المحفوظ ، ثم تكلم الله بذلك بحروف أخرى ونظم آخر في زمن نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ، فنسب إلى كلٍّ منهما باعتبار ))،أهـ، انظر : فتاوى اللجنة ج 4 ص 6 وبعدها .

    ثالثا : جاء في فتاوى موقع (( الإسلام ويب )) ردا على سؤال ، ما نصه :
    - (( فلا داعي للقلق والحيرة، فالقرآن الكريم هو كلمة الله الأخيرة إلى الناس كافة، وهو ختام وحي السماء، ومجمع هدي الأنبياء، ومعجزة الرسول الصادق المصدوق.
    وإعجاز القرآن الكريم يتمثل في أوجه كثيرة منها بلاغته وأسلوبه، كما يتمثل في صدق أخباره عن الماضي، وإخباره عن المغيبات، وفي تشريعاته وتربيته وتزكيته للنفوس وغير ذلك من أوجه الإعجاز الفلكية والطبية، فهو كتاب هداية وإعجاز، وما أشار إليه السائل هو من باب إخبار القرآن الكريم عن أولئك القوم وبيان قصصهم لأخذ الدروس والعظات والعبر منها، والرد على حججهم الباطلة وشبههم الواهية بالأدلة القاطعة والبراهين الواضحة؛ كما قال تعالى: وَلا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيراً {الفرقان:33} وقال: وَكُلّاً نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ وَجَاءَكَ فِي هَذِهِ الْحَقُّ وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ{هود:120}
    وقد حكى لنا القرآن الكريم الكثير من أقوال الصالحين والطالحين على اختلاف أزمنتهم وأمكنتهم ولغاتهم بأسلوب عجيب لا يمكن للناس أن يأتوا بمثله ، وحكاية القرآن الكريم لأقوال أولئك الأقوام ليس معناه أنهم يمكن أن يأتوا بمثل القرآن، ولهذا فإن بلغاء العرب الذين حكى القرآن بعض أقوالهم لم يستطيعوا أن يحاكوا القرآن فوقفوا عاجزين مقرين بأنه ليس من كلام البشر، وقصصهم في هذا كثيرة عجيبة لا يتسع المقام لذكرها، نرجو أن تطلع عليها في كتب علوم القرآن وغيرها، والحاصل أن المحكي هو معنى ما قالوا وليس نصه، والفرق واضح بين ، والله أعلم ))أهـ.

    رابعا : جاء في رد للشيخ صالح الفوزان على بعض المقالات ، ما نصه :
    - (( وأقول للكاتب إن هذا التقسيم غير صحيح فالقرآن الكريم هو كلام الله كله والأقسام التي يتناولها كلها كلام الله وهي كثيرة منها ما يتعلق بالله كالأمر بالتوحيد والنهي عن الشرك وذكر أسماء الله وصفاته وأفعاله ومنها التشريعات من تحليل وتحريم وحكم بين الناس فيما أختلفوا فيه ومنها الأمثال المضروبة ومنها القصص ومنها الأخبار عن المستقبل في الدنيا والآخرة ومنها الوعد والوعيد فما يقصه الله عن أهل الإيمان من الرسل وأتباعهم فهو للاقتداء بهم وما يقصه عن الكفرة والجبابرة فهو للتحذير من طريقتهم فقد يذكر كلام الرسل وأتباعهم ويذكر كلام الكفرة وأتباعهم فالقصص - بفتح الصاد - هو كلام الله قال تعالى: (نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ)، (نَتْلُو عَلَيْكَ مِنْ نَبَإِ مُوسَى وَفِرْعَوْنَوأما المقصوص المحكي فهو كلام البشر ذكره الله إما للإقتداء بهم أن كانوا صالحين وإما للتنفير من طريقتهم إن كانوا كافرين - وكذلك ليس للرسول صلى الله عليه وسلم كلام جعله الله قرآنا - وإنما كلام الرسول صلى الله عليه وسلم يكون في سنته التي هي عبارة عن أقواله وأفعاله وتقريراته إلا ما حكاه الله من قول الرسول فهو كالذي يحكيه عن غيره من الرسل ))،أهـ .

    النقطة الثانية : يُفهم من كلام الإمام السيوطي ، وعقده بابا بعنوان (( فيما نزل من القرآن على لسان الصحابة ))، أن القرآن الكريم قد ينزل على لسان الصحابة ، واستدل (( السيوطي )) على ذلك بموافقات عمر – رضي الله عنه - ، وهذا ما دفعني إلى كتابة ما كتبت ، وأن أستخلص أن القرآن قد ينزل على لسان الرسول عليه الصلاة والسلام ، فهو أفصح الخلق ، وأضيف الآن القول:
    - لم يتعقب صاحب كتاب (( علوم القرآن بين البرهان والإتقان / صــ 477 ))، الإمام السيوطي ، بشيء يُذكر، غير أنه ذكر ما استشهد به السيوطي من أحاديث ذكرا إجماليا ، ولم يُبد رأيه في الباب الذي عقده السيوطي ، وهو باب (( فيما نزل من القرآن على لسان الصحابة ))،.
    - أضف إليه أن الإمام السيوطي عقد بابا آخر بعنوان (( النوع الخامس عشر: ما أنزل منه على بعض الأنبياء وما لم ينزل منه على أحد قبل النبي صلى الله عليه وسلم ))، وأورد آثارا في ذلك ، منها حديث نزول سورة الأعلى ، إذ لما نزلت قال عليه الصلاة والسلام:" كلها في صحف إبراهيم "، وهذا الباب قد أزال العلماء مشكله ، إذ حملوا هذا الحديث على وجود المعنى ، لا أنها موجودة بحروفها في صحف إبراهيم عليه السلام .
    - يقول الإمام القرطبي:(( ولم يُرد – أي الله تعالى – في قوله :" إن هذا لفي الصحف الأولى، صحف إبراهيم وموسى "، أن هذه الألفاظ بعينها في تلك الصحف، وإنما هو المعنى، أي إن هذا الكلام وارد في تلك الصحف ))،أهـ، وقد وجه د . حازم سعيد – في علوم القرآن بين البرهان والإتقان / 480 – الأحاديث التي ذكرها السيوطي بقوله :(( والذي أراه أن ما صح وثبت مرفوعا ..، يُراد به التوافق والتشابه في المعاني ، لا أن ألفاظ القرآن الكريم نزلت بأعيانها على الأنبياء السابقين ))،أهـ، ود. حازم سعيد ، لم يفعل هذا ولا أدنى منه في باب (( فيما نزل من القرآن على لسان الصحابة ))، ومن لديه الكتاب فليرجع إليه ليتأكد مما قررته .

    النقطة الثالثة : إن كان لدى أحد الإخوة ما يرفع التعارض الظاهر بين : أن القرآن الكريم كلام الله تعالى – حروفه ومعانيه – وبين الباب الذي عقده الإمام السيوطي ، واستشهاده بموافقات عمر – رضي الله عنه – فليتفضل مشكورا ، وكل ما استطيع قوله :
    1 ) - القرآن الكريم – حروفه ومعانيه – كلام الله تعالى ، ندين بذلك ، ونلقى الله تعالى عليه ، ولكن يبقى ضرورة رفع الإشكال الوارد على هذا ، والمتمثل في موافقات عمر ، فماذا نفعل بها ؟، وكيف نوجهها والقرآن الكريم كلام الله تعالى ؟، وهذه الموافقات ثابتة في كتب أئمة الحديث.
    2 ) - إذا كانت الأقوال المنسوبة في القرآن الكريم إلى أشخاصها تجوز نسبتها على أنها أقوالهم بالمعنى – كما نقلنا في ذلك عدة فتاوى - فكيف نوجه قول عمر – رضي الله عنه – بشأن آية (( عسى ربه إن طلقكن )) الآية ، وآية اتخاذ مقام إبراهيم مصلى ، فالظاهر أن عمر تكلم بهذا الكلام ، فكيف نوجهه مع أن القرآن الكريم كلام الله تعالى ؟، وكيف نوجهه مع أقوال علماء السنة والجماعة التي نقلتها آنفا ، عن اللجنة الدائمة للإفتاء وغيرهم ؟،.
    3 ) كيف نوجه كلام الإمام السيوطي في الباب الذي عقده بعنوان (( فيما نزل من القرآن على لسان الصحابة )) والذي يُفهم منه أن القرآن الكريم قد ينزل على مقول ولسان أحد الصحابة ؟،.
    4 ) هل نحمل أحاديث (( موافقات عمر ))، على أنها فضل الله تعالى يؤتيه من يشآء ، أو نجعلها من المتشابه الذي يُرد إلى المحكم ونجعلها من باب حكاية قول عمر؟، أو نجعلها من باب إكرام الله تعالى لهذه الأمة ، ولرسولها عليه الصلاة والسلام ؟، والشاهد : على ماذا نحملها ؟،.

    - وختاما : لا أخفي القارىء الكريم أن (( موافقات عمر )) وكلام (( الإمام السيوطي )) هو الذي دفعني إلى كتابة ما كتبته سابقا في (( مشاركتي عن الإمام السيوطي )) ، وهو الذي أوجد لدي الشبهة ، وعليه فبرجاء من كان له علم في ذلك ولديه الإجابة على التساؤلات التي طرحتها ، فلا يبخل علينا ، أو من كان على اتصال بعالم أو شيخ - وأعني بالاتصال اللقاء والمقابلة لا الهاتف - أن يعرض الأمر على شيخه ، ويفيدنا بالجواب ، وفقنا الله وإياكم لما فيه الخير والهدى .

  6. #26
    تاريخ التسجيل
    May 2011
    المشاركات
    28

    افتراضي رد: لغز فقهي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة سالم الطائي مشاهدة المشاركة
    - ما سيأتي من كلام ، ليس له صلة بكلام ( الأخ – مكارم )، وإنما سطرته لذكر بعض عقائد أهل السنة والجماعة في القرآن الكريم ، ولتصحيح بعض ما ورد من قولي في بعض المشاركات ، وكذلك لذكر بعض التساؤلات ، التي نود أن نجد عنها جوابا من الإخوة الكرام ، ولذلك فلا تعارض بين قولي السابق :" إنها آخر مشاركة في هذا الموضوع "، وبين ما سيأتي ذكره ، والذي أبتغي من ذكره أن أجد جوابا على ما سأطرحه من تساؤلات ، فأقول :

    النقطة الأولى : - تعليقا على ما ورد في (( مشاركتي عن الإمام السيوطي ))، والذي أفرد فصلا في كتابه (( الإتقان )) بعنوان (( فيما نزل من القرآن على لسان الصحابة ))، أقول:
    1 ) القرآن الكريم كلام الله تعالى حروفه ومعانيه ، وليس لرسول الله عليه الصلاة والسلام فيه – فضلا عن الخلق من الجن والإنس – حرف واحد ، وحاشاه عليه الصلاة والسلام من أن يزيد في كلام ربه تعالى ما ليس منه ، أو ينقص منه ما هو منه .
    2 ) أن الكلام المحكي في القرآن الكريم عن رسل الله وأنبيائه ، أو عن مخلوقاته كالسماء والأرض ، أو ما حكاه رب العزة عن إبليس ، أو المحاورات التي جرت بين رسله – عليهم السلام – وبين أقوامهم ، كل هذه المحاورات إنما هوحرفٌ ومعنى - كلام الله تعالى، غير أنه يجوز نسبة تلكم الأقوال إلى من نسبت إليه باعتبار المعنى ، فيقال: حكى الله عن موسى – عليه السلام – أنه قال: ...، وأخبر الله تعالى عن يوسف أنه قال: ...، ومن أصدق من الله قيلا، وإليك بعض أقوال العلماء :
    أولا :جاء في فتاوى موقع (( الإسلام سؤال وجواب )) جوابا على أحد الأسئلة ما نصه :
    - (( لا بد أن نعرف في بداية الجواب أن الكلام المحكي في القرآن الكريم على ألسنة المتكلمين إنما هو بالمعنى وليس باللفظ ، وذلك لدليلين ظاهرين :
    1- أن القرآن كلام الله ، وليس كلام أحد من المخلوقين ، ولما كان كذلك كانت الأقوال المحكية على ألسنة المتكلمين بها من الناس والدواب ، هي من كلام الله ، يقص به أخبار الأولين ، وينقل كلامهم . فهي تنسب إليهم باعتبار مضمون الكلام ومعناه .
    2- أن لغات الأمم السابقة لم تكن هي العربية الواردة في القرآن الكريم ، وبذلك نجزم أن الكلام المنقول على ألسنتهم إنما هو كلام الله عز وجل ، متضمنا معاني كلام المذكورين من الأمم السابقة ))،أهـ .

    ثانيا : جاء في فتاوى اللجنة الدائمة ، جوابا على سؤال ، ما نصه :
    - (( الكلام يطلق على اللفظ والمعنى ، ويطلق على كل واحد منهما وحده بقرينة ، وناقله عمن تكلم به من غير تحريف لمعناه ولا تغيير لحروفه ونظمه : مُخبِرٌ مُبَلِّغٌ فقط ، والكلام إنما هو لِمَن بدأه ، أمَّا إن غيَّر حروفه ونظمه مع المحافظة على معناه ، فينسب إليه اللفظ : حروفه ومعناه ،وينسب من جهة معناه إلى من تكلم به ابتداءً ، ومن ذلك ما أخبر الله به عن الأمم الماضية ، كقوله تعالى:( وَقَالَ مُوسَى إِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ مِنْ كُلِّ مُتَكَبِّرٍ لا يُؤْمِنُ بِيَوْمِ الْحِسَابِ ) غافر/27، وقوله:( وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا هَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحاً لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبَابَ ) غافر/36.
    فهاتان تسميان قرآناً ، وتنسبان إلى الله كلاماً له باعتبار حروفهما ونظمهما ؛ لأنهما من الله لا من كلام موسى وفرعون ؛ لأن النظم والحروف ليس منهما ، وتنسبان إلى موسى وفرعون باعتبار المعنى ، فإنه كان واقعاً منهما ، وهذا وذاك قد علمهما الله في الأزل وأمر بكتابتهما في اللوح المحفوظ ، ثم وقع القول من موسى وفرعون بلغتهما طبق ما كان في اللوح المحفوظ ، ثم تكلم الله بذلك بحروف أخرى ونظم آخر في زمن نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ، فنسب إلى كلٍّ منهما باعتبار ))،أهـ، انظر : فتاوى اللجنة ج 4 ص 6 وبعدها .

    ثالثا : جاء في فتاوى موقع (( الإسلام ويب )) ردا على سؤال ، ما نصه :
    - (( فلا داعي للقلق والحيرة، فالقرآن الكريم هو كلمة الله الأخيرة إلى الناس كافة، وهو ختام وحي السماء، ومجمع هدي الأنبياء، ومعجزة الرسول الصادق المصدوق.
    وإعجاز القرآن الكريم يتمثل في أوجه كثيرة منها بلاغته وأسلوبه، كما يتمثل في صدق أخباره عن الماضي، وإخباره عن المغيبات، وفي تشريعاته وتربيته وتزكيته للنفوس وغير ذلك من أوجه الإعجاز الفلكية والطبية، فهو كتاب هداية وإعجاز، وما أشار إليه السائل هو من باب إخبار القرآن الكريم عن أولئك القوم وبيان قصصهم لأخذ الدروس والعظات والعبر منها، والرد على حججهم الباطلة وشبههم الواهية بالأدلة القاطعة والبراهين الواضحة؛ كما قال تعالى: وَلا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيراً {الفرقان:33} وقال: وَكُلّاً نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ وَجَاءَكَ فِي هَذِهِ الْحَقُّ وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ{هود:120}
    وقد حكى لنا القرآن الكريم الكثير من أقوال الصالحين والطالحين على اختلاف أزمنتهم وأمكنتهم ولغاتهم بأسلوب عجيب لا يمكن للناس أن يأتوا بمثله ، وحكاية القرآن الكريم لأقوال أولئك الأقوام ليس معناه أنهم يمكن أن يأتوا بمثل القرآن، ولهذا فإن بلغاء العرب الذين حكى القرآن بعض أقوالهم لم يستطيعوا أن يحاكوا القرآن فوقفوا عاجزين مقرين بأنه ليس من كلام البشر، وقصصهم في هذا كثيرة عجيبة لا يتسع المقام لذكرها، نرجو أن تطلع عليها في كتب علوم القرآن وغيرها، والحاصل أن المحكي هو معنى ما قالوا وليس نصه، والفرق واضح بين ، والله أعلم ))أهـ.

    رابعا : جاء في رد للشيخ صالح الفوزان على بعض المقالات ، ما نصه :
    - (( وأقول للكاتب إن هذا التقسيم غير صحيح فالقرآن الكريم هو كلام الله كله والأقسام التي يتناولها كلها كلام الله وهي كثيرة منها ما يتعلق بالله كالأمر بالتوحيد والنهي عن الشرك وذكر أسماء الله وصفاته وأفعاله ومنها التشريعات من تحليل وتحريم وحكم بين الناس فيما أختلفوا فيه ومنها الأمثال المضروبة ومنها القصص ومنها الأخبار عن المستقبل في الدنيا والآخرة ومنها الوعد والوعيد فما يقصه الله عن أهل الإيمان من الرسل وأتباعهم فهو للاقتداء بهم وما يقصه عن الكفرة والجبابرة فهو للتحذير من طريقتهم فقد يذكر كلام الرسل وأتباعهم ويذكر كلام الكفرة وأتباعهم فالقصص - بفتح الصاد - هو كلام الله قال تعالى: (نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ)، (نَتْلُو عَلَيْكَ مِنْ نَبَإِ مُوسَى وَفِرْعَوْنَوأما المقصوص المحكي فهو كلام البشر ذكره الله إما للإقتداء بهم أن كانوا صالحين وإما للتنفير من طريقتهم إن كانوا كافرين - وكذلك ليس للرسول صلى الله عليه وسلم كلام جعله الله قرآنا - وإنما كلام الرسول صلى الله عليه وسلم يكون في سنته التي هي عبارة عن أقواله وأفعاله وتقريراته إلا ما حكاه الله من قول الرسول فهو كالذي يحكيه عن غيره من الرسل ))،أهـ .

    النقطة الثانية : يُفهم من كلام الإمام السيوطي ، وعقده بابا بعنوان (( فيما نزل من القرآن على لسان الصحابة ))، أن القرآن الكريم قد ينزل على لسان الصحابة ، واستدل (( السيوطي )) على ذلك بموافقات عمر – رضي الله عنه - ، وهذا ما دفعني إلى كتابة ما كتبت ، وأن أستخلص أن القرآن قد ينزل على لسان الرسول عليه الصلاة والسلام ، فهو أفصح الخلق ، وأضيف الآن القول:
    - لم يتعقب صاحب كتاب (( علوم القرآن بين البرهان والإتقان / صــ 477 ))، الإمام السيوطي ، بشيء يُذكر، غير أنه ذكر ما استشهد به السيوطي من أحاديث ذكرا إجماليا ، ولم يُبد رأيه في الباب الذي عقده السيوطي ، وهو باب (( فيما نزل من القرآن على لسان الصحابة ))،.
    - أضف إليه أن الإمام السيوطي عقد بابا آخر بعنوان (( النوع الخامس عشر: ما أنزل منه على بعض الأنبياء وما لم ينزل منه على أحد قبل النبي صلى الله عليه وسلم ))، وأورد آثارا في ذلك ، منها حديث نزول سورة الأعلى ، إذ لما نزلت قال عليه الصلاة والسلام:" كلها في صحف إبراهيم "، وهذا الباب قد أزال العلماء مشكله ، إذ حملوا هذا الحديث على وجود المعنى ، لا أنها موجودة بحروفها في صحف إبراهيم عليه السلام .
    - يقول الإمام القرطبي:(( ولم يُرد – أي الله تعالى – في قوله :" إن هذا لفي الصحف الأولى، صحف إبراهيم وموسى "، أن هذه الألفاظ بعينها في تلك الصحف، وإنما هو المعنى، أي إن هذا الكلام وارد في تلك الصحف ))،أهـ، وقد وجه د . حازم سعيد – في علوم القرآن بين البرهان والإتقان / 480 – الأحاديث التي ذكرها السيوطي بقوله :(( والذي أراه أن ما صح وثبت مرفوعا ..، يُراد به التوافق والتشابه في المعاني ، لا أن ألفاظ القرآن الكريم نزلت بأعيانها على الأنبياء السابقين ))،أهـ، ود. حازم سعيد ، لم يفعل هذا ولا أدنى منه في باب (( فيما نزل من القرآن على لسان الصحابة ))، ومن لديه الكتاب فليرجع إليه ليتأكد مما قررته .

    النقطة الثالثة : إن كان لدى أحد الإخوة ما يرفع التعارض الظاهر بين : أن القرآن الكريم كلام الله تعالى – حروفه ومعانيه – وبين الباب الذي عقده الإمام السيوطي ، واستشهاده بموافقات عمر – رضي الله عنه – فليتفضل مشكورا ، وكل ما استطيع قوله :
    1 ) - القرآن الكريم – حروفه ومعانيه – كلام الله تعالى ، ندين بذلك ، ونلقى الله تعالى عليه ، ولكن يبقى ضرورة رفع الإشكال الوارد على هذا ، والمتمثل في موافقات عمر ، فماذا نفعل بها ؟، وكيف نوجهها والقرآن الكريم كلام الله تعالى ؟، وهذه الموافقات ثابتة في كتب أئمة الحديث.
    2 ) - إذا كانت الأقوال المنسوبة في القرآن الكريم إلى أشخاصها تجوز نسبتها على أنها أقوالهم بالمعنى – كما نقلنا في ذلك عدة فتاوى - فكيف نوجه قول عمر – رضي الله عنه – بشأن آية (( عسى ربه إن طلقكن )) الآية ، وآية اتخاذ مقام إبراهيم مصلى ، فالظاهر أن عمر تكلم بهذا الكلام ، فكيف نوجهه مع أن القرآن الكريم كلام الله تعالى ؟، وكيف نوجهه مع أقوال علماء السنة والجماعة التي نقلتها آنفا ، عن اللجنة الدائمة للإفتاء وغيرهم ؟،.
    3 ) كيف نوجه كلام الإمام السيوطي في الباب الذي عقده بعنوان (( فيما نزل من القرآن على لسان الصحابة )) والذي يُفهم منه أن القرآن الكريم قد ينزل على مقول ولسان أحد الصحابة ؟،.
    4 ) هل نحمل أحاديث (( موافقات عمر ))، على أنها فضل الله تعالى يؤتيه من يشآء ، أو نجعلها من المتشابه الذي يُرد إلى المحكم ونجعلها من باب حكاية قول عمر؟، أو نجعلها من باب إكرام الله تعالى لهذه الأمة ، ولرسولها عليه الصلاة والسلام ؟، والشاهد : على ماذا نحملها ؟،.

    - وختاما : لا أخفي القارىء الكريم أن (( موافقات عمر )) وكلام (( الإمام السيوطي )) هو الذي دفعني إلى كتابة ما كتبته سابقا في (( مشاركتي عن الإمام السيوطي )) ، وهو الذي أوجد لدي الشبهة ، وعليه فبرجاء من كان له علم في ذلك ولديه الإجابة على التساؤلات التي طرحتها ، فلا يبخل علينا ، أو من كان على اتصال بعالم أو شيخ - وأعني بالاتصال اللقاء والمقابلة لا الهاتف - أن يعرض الأمر على شيخه ، ويفيدنا بالجواب ، وفقنا الله وإياكم لما فيه الخير والهدى .

    بسم الله الرحمن الرحيم . لا إله إلا الله محمد رسول الله السلام عليكم . اما بعد .

    أخي الكريم بعد ما قرات موضوعك تبين لي بأنه هناك تناقض بما كتبته انت عن السيوطي بما يخص كلام الله عز وجل .
    ومن خلال ذالك فان الشبهة لديك هيا التالية .

    كيف يكون كلام الله عز وجل . ناتج عن قول الصحابة رضي الله عنهم . كما ذكرت انت عن عمر رضي الله عنه بانه هناك آيات نزلت تكلم بها عمر بن الخطاب رضي الله عنه .
    وبعد البحث تبين اخي الكريم بأن عمر بن الخطاب وعضهم لكن لم يتم تنزيل كلام الله عز وجل كما قاله عمر رضي الله عنه . لكنه يدل على المقصود بما قاله عمر رضي الله عنه لكن ليس نفس الكلام والحرف . مثال على ذالك . انت تقول: مرحباً
    انا أقول السلام عليكم . هناك فرق في القول لكن المعنى واحد وهو السلام .

    وهذا دليل ثاني : حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا ابن أبي عدي ، عن حميد ، عن أنس ، قال : قال عمر بن الخطاب : بلغني عن أمهات المؤمنين شيء ، فاستقريتهن أقول : [ ص: 489 ] لتكففن عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أو ليبدلنه الله أزواجا خيرا منكن ، حتى أتيت على إحدى أمهات المؤمنين ، فقالت : يا عمر أما في رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يعظ نساءه حتى تعظهن أنت؟ فكففت ، فأنزل الله ( عسى ربه إن طلقكن أن يبدله أزواجا خيرا منكن مسلمات مؤمنات ) . . . الآية

    فقوله تعالى . عسى ربه . يكون تحذير من الله عز وجل لزوجات النبي عليهم الصلاة والسلام جميعاً .
    وبنفس الوقت يكون سبب تنزيل الآية الكريمة كلام عمر بن الخطاب رضي الله عنه لهم .

    هناك أيضاً آيات عديدة يكون فيها كلمى عسى . مثال على ذالك .

    قوله تعالى : عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يَرْحَمَكُمْ وَإِنْ عُدْتُمْ عُدْنَا

    قوله تعالى : عَسَى رَبُّكُمْ أَن يُكَفِّرَ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ

    قوله تعالى : لَا يَسْخَرْ قَومٌ مِّن قَوْمٍ عَسَى أَن يَكُونُوا خَيْراً مِّنْهُمْ وَلَا

    لهذا هناك آيات قرأنية تخص النبي صلى الله عليه وسلم ومنها هذه الآية الكريمة

    قوله تعالى : عسى ربه إن طلقكن . هذه تحذير من الله عز وجل يعني كلام الله عز وجل وليس كلام عمر بن الخطاب رضي الله عنه .

    لهذا يجب ان نقدر الله عز وجل حق قدره ولا نشرك احد بكلام الله عز وجل وأنفراده في الكلام كما نفرد الله عز وجل في صفاته الكريمة وأسمائه الحسنى .

    لهذا يجوز هناك خلاف عند السيوطي . ومن وافقه الحديث .

    لكن لا نأخذ في المنقول بما يخلاف كلام الله عز وجل وناخذ بكلام من يقول بان ما قاله عمر بن الخطاب رضي الله عنه . انزله الله عز وجل كما قاله . يجوز نفس القصد بالتنبيه والوعظ لكن ليس نفس الكلام .

    صلى الله على محمد وصحبه وآله ومن اتبعهم وسلم

    أقول قولي هذا وأستغفر الله العلي القدير لي ولكم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته . آمين

  7. #27
    تاريخ التسجيل
    Feb 2011
    المشاركات
    107

    افتراضي رد: لغز فقهي

    - إلحاقا لما سلف من مشاركة ، أقول :
    - أولا : وقفت على قاعدة في كتاب (( قواعد التفسير جمعا ودراسة 2 / 762 )) د. خالد السبت ، تُضم إلى ما قرره علماء اللجنة الدائمة ، والقاعدة منقولة عن كتاب ( البرهان ) للإمام الزركشي ، وكتاب ( الموافقات ) للإمام الشاطبي - ونصها :
    - (( قاعدة :" ما ورد في القرآن حكاية عن غير أهل اللسان من القرون الخالية ، إنما هو من معروف معانيهم وليس بحقيقة ألفاظهموذكر أمثلة منها :
    قال تعالى مخبرا عن لوط عليه السلام : " قَالَ إِنَّ هَؤُلَاءِ ضَيْفِي فَلَا تَفْضَحُونِ . وَاتَّقُوا اللَّهَ وَلَا تُخْزُونِ . قَالُوا أَوَلَمْ نَنْهَكَ عَنِ الْعَالَمِينَ . قَالَ هَؤُلَاءِ بَنَاتِي إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ "، الحجر / 68 - 71 ، وقد ذكر الله عز وجل خبره في سورة هود فقال :" قَالَ يَا قَوْمِ هَؤُلَاءِ بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَلَا تُخْزُونِ فِي ضَيْفِي أَلَيْسَ مِنْكُمْ رَجُلٌ رَشِيد . قَالُوا لَقَدْ عَلِمْتَ مَا لَنَا فِي بَنَاتِكَ مِنْ حَقٍّ وَإِنَّكَ لَتَعْلَمُ مَا نُرِيدُ " هود / 78 - 79 ، فالواقعة واحدة وإنما تنوع التعبير عنها في القرآن ))،أهـ.
    - وعليه فيستفاد من هذا ، أن ما حكاه القرآن الكريم عن غير أهل اللسان من القرون الخالية إنما هو حكاية عن معاني كلامهم وما جرى بينهم وبين رسلهم من محاورات ، وليس بحقيقة ألفاظهم على ما ورد في القاعدة المذكورة المنقولة في الأصل عن الإمامين الزركشي والشاطبي .

    - ثانيا : نود ممن كان لديه علم بخصوص ما أورده (( الإمام السيوطي )) من (( موافقات عمر )) ، ألا يبخل علينا بعلمه ، وأن يساهم في إزالة الإشكال عنا ، وشكرا لك (( أخي - مكارم )) على مشاركتك ، ونطلب من الإخوة الكرام (( مشرفين )) أو (( أعضاء )) الإدلاء بعلمهم ، وفوق كل ذي علم عليم ، فاللهم اهدنا لما اختلف فيه من الحق بإذنك ، إنك هدي من تشآء إلى صراط مستقيم والله ولي التوفيق .

  8. #28
    تاريخ التسجيل
    Feb 2011
    المشاركات
    107

    افتراضي رد: لغز فقهي

    - الحمد لله الذي هدانا إلى الإسلام ، ونسأله سبحانه أن يفقهنا في دينه ، ويعلمنا ما ينفعنا لآخرتنا ودنيانا ، هذا وإلحاقا لما سبق ، وإجابة عن سؤالي بشأن ( موافقات عمر ) وكلام ( الإمام السيوطي ) ، أقرر النقاط الآتية :
    - أولا : القرآن الكريم كلام الله تعالى ، حروفه ومعانيه .
    - يقول د. محمد أبو شهبة – في المدخل / 62 - :(( القرآن الكريم كلام الله سبحانه ، وهو الذي يدل عليه قوله تعالى: (( وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله ثم أبلغه مأمنه))، وأن القرآن لفظه ومعناه من عند الله سبحانه ، قال تعالى: (( تنزيل الكتاب من الله العزيز الحكيم ))، (( حم تنزيل الكتاب من الله العزيز العليم ))، وقال (( وبالحق أنزلناه وبالحق نزل )).
    وأن الذي نزل به هو أمين الوحي جبريل عليه السلام ، قال تعالى (( نزل به الروح الأمين على قلبك لتكون من المنذرين ، بلسان عربي مبين )) وأن الذي نزل به جبريل هو هذا اللفظ العربي ، من غير أن يكون له فيه شيء ما ، ومن غير أن يزيد فيه حرفا ، أو ينقص منه حرفا .
    وكذلك ليس للنبي صلى الله عليه وسلم في القرآن شيء إلا التبليغ ، وهذا هو الحق الذي يجب على كل مسلم أن يعتقده ويؤمن به ..... ، وقد بلغ النبي صلى الله عليه وسلم القرآن كما نزل إلى الأمة من غير زيادة ولا نقصان ، ولا تحريف ولا تبديل ، ولا كتمان لشيء منه ))، أهـ .

    - ثانيا :أقل ما وقع به التحدي .
    - يقول د . محمد أبو شهبة – في المدخل / 7 وبعدها - :(( وقد وقع التحدي بالقرآن على مرات متعددة ، كي تقوم عليهم الحجة تلو الحجة ، وتنقطع المعذرة ، تحداهم أولا أن يأتوا بمثله فعجزوا وما استطاعوا ..، ثم تحداهم أن يأتوا بعشر سور مثله ، فما قدروا ... ، ثم تحداهم مرة ثالثة بأن يأتوا بسورة منه ، أي سورة مهما قصرت ، كسورة الكوثر ، فما رفعوا بذلك رأسا ))، أهـ .

    - ثالثا :مصادر القرآن الكريم .
    - لقد كتبتُ هذا العنوان – رغم أعتقادنا أن مصدر القرآن الكريم هو الله تعالى ، أي أن الله تعالى تكلم به ، وكلف جبريل عليه السلام بإبلاغه إلى رسوله محمد عليه الصلاة والسلام ، ليبلغه للخلق أجمعين من الجن والإنس ، وقد فعل عليه الصلاة والسلام ، فبلغ الرسالة ، وأدى الأمانة ، ونصح الأمة ، وجاهد في الله تعالى حق جهاده حتى آتاه اليقين ، وليس لجبريل عليه السلام ، ولا لمحمد عليه الصلاة والسلام حرف فيه .
    - أقول : لقد كتبت هذا العنوان لأنبه القارىء الكريم إلى أن هذا العنوان إنما هو ( عنوان عام ) للمستشرقين وأذنابهم ممن يطعنون في القرآن الكريم ، وجُــل طعونهم تدور حول نفي أن يكون القرآن الكريم كلام الله تعالى .
    - فنراهم يقولون : بأن القرآن الكريم مأخوذ من الكتب السماوية السابقة ، أو يقولون : بأن محمداً عليه الصلاة والسلام هو من صاغه متأثراً ببيئته ، أو يزعمون : بأنه عليه الصلاة والسلام أخذ بعضه من عمر ، وتارة رابعة يقولون : بأنه عليه الصلاة والسلام أخذه من ورقة بن نوفل أو من الراهب بحيرا ، وزعم خامس وهو : أنه فيه آية من تأليف أبي بكر ، وغير ذلك من مزاعم إلحادية .
    - وهذه المزاعم الإلحادية يبتغون منها نفي أن يكون القرآن الكريم كلام الله تعالى ، وغايتهم الكبرى نفي أن يكون القرآن الكريم كتاب سماوي من عند الله تعالى ، وبالتالي نفي أن يكون الإسلام آخر الأديان السماوية .
    - هذا ومزاعمهم الإلحادية لا تخرج عما قاله الله تعالى إخبارا عن الكفار :(( يقول الذين كفروا إن هذا إلا أساطير الأولين ))، وقال الله تعالى (( وقالوا أساطير الأوليين أكتتبها فهي تملى عليه بكرة وأصيلا ))، وقال الله عز وجل (( وإذا قيل لهم ماذا أنزل ربكم قالوا أساطير الأوليين )) ، وغيرها من آيات قرآنية تقرر هذا المعنى .
    - ولقد وجدت من خلال بحثي في الموضوع ، وبالأخص (( موافقات عمر ))، وكلام (( الإمام السيوطي )) أن هذه (( الموافقات )) اتكأ عليها فريقان هما :
    1 ) النصارى ، ويمثلهم المستشرق (( دوزي ))، الذي يزعم أن في القرآن الكريم آيات من قول عمر رضي الله عنه ، بل بعض النصارى يزعم أن هناك آية من تأليف أبي بكر الصديق ، وهي قوله تعالى (( وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِيْن مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ ))، 144 / آل عمران ، ولسنا في وارد تتبع مزاعم النصارى أو غيرهم ، ولكني ذكرت هذا حتى أعرف القارىء الكريم إلى طعون أهل الكتاب في كتاب الله تعالى .
    2 ) الرافضة ، ومنهم المدعو (( علي الكوراني ))، فقد وجدتهم يطعنون في ( موافقات عمر )، بدعوى أنها تحتوي على طعن في عصمة النبي عليه الصلاة والسلام ، وأن فيها تفضيلا لبعض الصحابة على النبي صلى الله عليه وسلم ، مكذبين بذلك هذه الروايات ، وكره الرافضة لعمر رضي الله عنه ، أشهر من نار على علم .

    - رابعا : لا تحوي مكتبتي المتواضعة على كتاب في الرد على شبهات النصارى ونقض طعونهم في القرآن الكريم ، وقد فتشتُ في مواقع الشبكة على كتاب يبحث موضوع ( الموافقات ) وكلام ( السيوطي ) غير أني لم أظفر ببغيتي ، وفي الحين نفسه وجدت ببعض كتب (( علوم القرآن )) ما يتأتى من خلاله الرد على تلكم الشبهة ، كما تحصلت على ردود مقتضبة بشأن (( موافقات عمر )) وكلام (( الإمام السيوطي ))،.
    - وهي وإن كانت لا تروي غليلا ، إلا أنها تبلل الشفاه ببعض النداوة ، خاصة مع عدم تجاوب الإخوة في الذود عن كتاب الله تعالى ( القرآن الكريم )، إذ القرآن الكريم ليس كتاب فلان أو فلان ، بل هو كتاب الله عز شأنه، وواجب الذود عنه، والدفع عن حياضه يقع على عاتق كل مسلم، بحسب ما أوتي من علم وقدرة، والله المستعان ، وعليه يقال بشأن توجيه كلام (( الإمام السيوطي )) و (( موافقات عمر ))، ما يلي :
    1 ) يقول الإمام السيوطي – الإتقان جــ 1 صــ 99 - :(( النوع العاشر : فيما أنزل من القرآن على لسان بعض الصحابة : هو في الحقيقة نوع من أسباب النزول ، والأصل فيه موافقات عمر ))، أهـ .
    - إذن فحقيقة ( موافقات عمر ) أنها أسباب نزول للآيات التي طابق فيها (( رأي عمر )) حكم (( الله تعالى ))، فنزل الحكم الشرعي موافقا لــ (( رأي عمر ))، يقول أحد الأفاضل دفاعا عن (( الإمام السيوطي ))، ما نصه :(( شتان بين ورود الوحي على لسان عمر ، وبين موافقة القرآن القرآن لرأي رآه عمر ، ذلك أن موافقة القرآن لما رآه عمر ، أو غيره من الصحابة لا ضير منها ، لأن الحق يمكن أن ينطق به حتى من لا يتوقع منه ذلك ، فما بالك بعمر بن الخطاب ..، والملقب بالفاروق ، فمن كان هذا حاله ، هل نستكثر عليه أن يكون ذا رأي راجح ، وفهم صائب ، وفكر نير ، وعزم صادق ))، أهـ، ويؤكد هذا :
    2 ) ما قاله الشيخ محمد عبدالعظيم الزرقاني– في مناهل العرفان 1 / 89 وبعدها -:(( سبب النزول هو ما نزلت الآية أو الآيات متحدثة عنه أو مبينة لحكمه أيام وقوعه ، والمعنى أنه حادثة وقعت في زمن النبي صلى الله عليه وسلم ، أو سؤال وجه إليه ، فنزلت الآية أو الآيات من الله تعالى ببيان ما يتصل بتلك الحادثة ، أو بجواب هذا السؤال ، سواء كانت تلك الحادثة خصومة دبت ...، أم كانت تلك الحادثة تمنيا من التمنيات ، ورغبة من الرغبات ، كموافقات عمر – رضي الله عنه – التي أفردها بعضهم بالتأليف ، ومن أمثلتها ما أخرجه البخاري وغيره عن أنس رضي الله عنه قال : قال عمر: (( وافقت ربي في ثلاث .. الحديث ...، الخ ))،أهـ .
    - فكلام الشيخ (( الزرقاني )) يتطابق مع كلام (( الإمام السيوطي ))، في أن (( موافقات عمر )) لا تعدو أن تكون أسبابا لنزول الآيات القرآنية المذكورة في (( موافقاته )، وكلام الشيخ ( الزرقاني ) أكثر وضوحا بحسب رأيي ، وأن عمر كان يتمنى ويرغب – مثلا - في حجب نساء النبي عليه الصلاة والسلام ، فتنزل الآية موافقة لرأيه ، وكان يتمنى أن لو اتخذوا من مقام إبراهيم مصلى فتنزل الآية على وفق رأيه ، أو يرى في أسارى بدر رأيا فينزل القرآن موافقا لرأيه ، وقس على هذا بقية موافقاته رضي الله عنه.
    - والفضل في هذا ليس لعمر ، بل لله تعالى الذي جعل الحق على لسان عمر ، فعن ابن عمر، قال النبي صلى الله عليه وسلم:" إن الله تعالى جعل الحق على لسان عمر وقلبه "، فــ (( موافقات عمر )) إنما هي فضل من الله تعالى على عمر ، وكرامة له ، وكون رأيه – في بعض المواطن - يوافق ما نزل به القرآن ، لا ينفي أن القرآن كلام الله تعالى تكلم به ، حروفه ومعانيه منه سبحانه وتعالى ، ليس لأحد فيه شيء ، ومما يبين هذا :
    3 ) وخذ مثالا على ذلك ، قول الله تعالى:(( واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى ))، 125 / البقرة ، يقول أحد الأفاضل ردا على النصارى في قولهم : إن الآية من مقول عمر:((المسلمون وخاصة الصحابة يعلمون أنها من كلام الله ، ويعرفون سبب نزولها ، ومكان وتاريخ نزولها ، حيث قال عمر للنبي عليه الصلاة والسلام : لو اتخذنا من مقام إبراهيم مصلى ، فنزلت الآية قوله تعالى :(( واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى ))، والفرق واضح بين لفظ عمر ، ولفظ الآية ، فالآية الكريمة جاءت بلفظ الأمر ، وعلى سبيل الوجوب ، أما كلام عمر فجاء بصيغة الماضي مقروناً بالتمني ، والذي عبر عنه بالحرف لو ))، أهـ، وكذلك يقال بشأن قول عمر – على رواية البخاري - (( عسى ربه إن طلقكن أن يبدله ))، : فنزلت هكذا ، يقال :
    - عمر رضي الله عنه تمنى أن يبُدل الله عز وجل نبيه الكريم عليه الصلاة والسلام أزواجا خيرا من أزواجه ، وهذا القول إنما صدر من عمر – رضي الله عنه – حبا منه لرسول الله عليه الصلاة والسلام ، وتنفيسا منه عليه مما فعلنُ به أزواجه ، فقال قولته على وجه التمني والرغبة تنفيسا عن رسول الله عليه الصلاة والسلام ، فنزلت الآية الكريمة موافقة لرأي عمر ، والفضل في ذلك كله لله تعالى الذي جعل الحق على لسان عمر ، وليس لعمر ، الذي أخطأ في مواطن أخرى ولم ينزل القرآن برأيه ، فهو محدث ملهم ، ومرتبة المحدث – كما يقول شيخ الإسلام ابن تيمية أدنى من مرتبة الصديق – ويبين ذلك ما يلي :
    4 ) إسلام عمر متأخر عن إسلام الصديق ، فقد كان عمر كافرا برهة من الدهر ، والقرآن الكريم ينزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وعمر حال كفره كان ممن يُعذب ويفتن المسلمين عن دينهم ، والقرآن الكريم ينزل ، والوحي يترى على رسول الله عليه الصلاة والسلام ، فأينها ( موافقات عمر ) ؟، إن عمر بن الخطاب ابن الإسلام ، فالإسلام هو الذي صنع منه شخصية مغايرة لشخصيته حال كفره ، وقد ثبت عنه أنه كان يعبد صنما من تمر ، أفيصح بعد هذا أن نجعل من (( موافقات عمر )) شبهة تعترض كلام الله تعالى ؟،.
    - ثم يقال: أين (( موافقة عمر )) من حادثة صلح الحديبية الشهيرة التي اعترض فيها عمر على رسول الله عليه الصلاة والسلام ، فهل نزل القرآن على رأيه في هذه الحادثة ؟، التي قال عنها عمر نفسه :(( فما زلت أصوم وأتصدق وأصلي وأعتق من الذي صنعت يومئذ ))، وثبت عنه أنه كان يحلف بأبيه ، فعن ابنعمررضي الله عنهماأنه أدركعمر بن الخطابفي ركب وهو يحلف بأبيه ، فناداهم رسول الله صلى الله عليهوسلمألا إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم فمن كان حالفافليحلف بالله وإلا فليصمت "، فموافقته للحق إنما هي بفضل الله تعالى ، الذي جعل الحق على لسانه وقلبه ، فعمر ابن الإسلام ، وليس الإسلام ابنه ، رضي الله عنه وأرضاه .
    - وأين نحن من قول الله تعالى ((يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي ولا تجهروا له بالقول كجهر بعضكملبعض أن تحبط أعمالكم وأنتم لاتشعرون ))، قال ابن أبي مليكة : كاد الخيران أن يهلكا : أبو بكر وعمر ، رفعا أصواتهما عند النبي صلى الله عليه وسلم ،( انظر : أسباب النزول للواحدي / 612 )، فهذا القرآن الكريم نزل بسبب حادثة رفع ( الخيران أبو بكر وعمر ) صوتهما عند الرسول عليه الصلاة والسلام ، وهما المقصودان في خطاب النهي قصدا أوليا ، فهذا يبين أن القرآن الكريم قد ينزل على خلاف رأي عمر وصنيعه ، وتضاف هذه الحادثة إلى حادثة صلح الحديبية .
    - ونكرر القول : أن القرآن كان ينزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم حال كفر عمر ، وقبل إسلامه – بل حال كفر أكثر أهل مكة – وكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعْرِضُ نَفْسَهُ بِالْمَوْقَفِ ، وَيَقُولُ : " إِنَّ قُرَيْشًا قَدْ مَنَعُونِي أَنْ أُبَلِّغَ كَلَامَ رَبِّي "، فالرسول عليه الصلاة والسلام ينسب القرآن الكريم إلى الله تعالى ، وأنه كلام الباري عز وجل ، لنخلص من هذا كله إلى :
    - أن القرآن الكريم كلام الله تعالى – حروفه ومعانيه – ليس لأحد من البشر حرف واحد فيه ، وليس للرسول محمد عليه الصلاة والسلام إلا بلاغ كلام الله تعالى إلى الخلق أجمعين من الجن والإنس ، وليس لجبريل عليه السلام فيه إلا التبليغ إلى النبي الكريم محمد عليه الصلاة والسلام ، يضاف إلى هذا :
    5 ) أن نزول الآيات القرآنية موافقة لرأي بعض الصحابة فيه تثبيت للمؤمنين ، وامتحان للكافرين والمنافقين ، والله يفعل ما يشآء ، قال الله تعالى (( ألا له الخلق والأمر تبارك الله رب العالمين )) وقال سبحانه (( والله يحكم لا معقب لحكمه وهو سريع الحساب ))، وقد اقتضت مشيئته سبحانه ذلك ، فعلينا التسليم والإيمان ، وترك القال والقيل ، وهو الوجه الأخير :
    6 ) قال الله تعالى : (( فقال إن هذا إلا سحر يؤثر ، إن هذا إلا قول البشر ، سأصليه سقر ))، وقال سبحانه (( كتاب أنزل إليك فلا يكن في صدرك حرج منه )) وقال عز وجل (( والذي أنزل إليك من ربك الحق ))، وقال سبحانه (( وما تنزلت به الشياطين ، وما ينبغي لهم وما يستطيعون ، إنهم عن السمع لمعزولون ))، وقال سبحانه (( تنزيل العزيز الرحيم )) وقال عز وجل (( تنزيل الكتاب من الله العزيز الحكيم )) وقال تعالى (( تنزيل من حكيم حميد ))، وقال سبحانه (( تنزيل من رب العالمين ))، وقال عز وجل (( وكذلك أنزلنا إليك الكتاب )) وقال الله تعالى (( وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله ثم أبلغه مأمنه ))، وغيرها من آيات كريمة تدل دلالة بينة على أن الله تعالى تكلم بهذا القرآن ، وأن القرآن الكريم – حروفه ومعانيه - كلامه سبحانه وحده لا شريك له.
    - وعليه فلا نترك آيات الله تعالى المحكمة إلى أحاديث دلالتها محتملة ، بل يمكن ردها إلى المحكم من القرآن ومن السنة كقوله عليه الصلاة والسلام :" إِنَّ قُرَيْشًا قَدْ مَنَعُونِي أَنْ أُبَلِّغَ كَلَامَ رَبِّي "، فقد وصفه الرسول عليه الصلاة والسلام بأنه (( كلام ربي )) عز شأنه وجل جلاله ، ويمكن كذلك تخريج تلكم الأحاديث على قواعد العلماء كأسباب النزول ، وتوجيهها الوجهة الصحيحة التي لا تعارض المحكم من كتاب الله تعالى ومن سنة رسوله عليه الصلاة والسلام .
    - هذا وقد سبق لنا توجيه كلام (( الإمام السيوطي )) رحمه الله ، وبهذا نرجو أن يكون التوجيه واضحا لا لبس فيه ، ومن كان لديه مزيد علم فليجد به على من لا علم له ، وكتاب الله تعالى (( القرآن الكريم )) هو كتاب المسلمين أجمعين ، وعلى المسلمين أن يذودوا عن كتاب ربهم ، وينقضوا شبهات النصارى وأذنابهم من الملاحدة – فضلا عن الرافضة -، هذا وما سطرته إن كان صوابا فمن الله تعالى ، وإن كان غير ذلك فاستغفر ربي العظيم ، والله المسؤول أن يوفقنا إلى سواء السبيل .

  9. #29
    تاريخ التسجيل
    May 2011
    المشاركات
    28

    افتراضي رد: لغز فقهي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة سالم الطائي مشاهدة المشاركة
    - الحمد لله الذي هدانا إلى الإسلام ، ونسأله سبحانه أن يفقهنا في دينه ، ويعلمنا ما ينفعنا لآخرتنا ودنيانا ، هذا وإلحاقا لما سبق ، وإجابة عن سؤالي بشأن ( موافقات عمر ) وكلام ( الإمام السيوطي ) ، أقرر النقاط الآتية :
    - أولا : القرآن الكريم كلام الله تعالى ، حروفه ومعانيه .
    - يقول د. محمد أبو شهبة – في المدخل / 62 - :(( القرآن الكريم كلام الله سبحانه ، وهو الذي يدل عليه قوله تعالى: (( وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله ثم أبلغه مأمنه))، وأن القرآن لفظه ومعناه من عند الله سبحانه ، قال تعالى: (( تنزيل الكتاب من الله العزيز الحكيم ))، (( حم تنزيل الكتاب من الله العزيز العليم ))، وقال (( وبالحق أنزلناه وبالحق نزل )).
    وأن الذي نزل به هو أمين الوحي جبريل عليه السلام ، قال تعالى (( نزل به الروح الأمين على قلبك لتكون من المنذرين ، بلسان عربي مبين )) وأن الذي نزل به جبريل هو هذا اللفظ العربي ، من غير أن يكون له فيه شيء ما ، ومن غير أن يزيد فيه حرفا ، أو ينقص منه حرفا .
    وكذلك ليس للنبي صلى الله عليه وسلم في القرآن شيء إلا التبليغ ، وهذا هو الحق الذي يجب على كل مسلم أن يعتقده ويؤمن به ..... ، وقد بلغ النبي صلى الله عليه وسلم القرآن كما نزل إلى الأمة من غير زيادة ولا نقصان ، ولا تحريف ولا تبديل ، ولا كتمان لشيء منه ))، أهـ .

    - ثانيا :أقل ما وقع به التحدي .
    - يقول د . محمد أبو شهبة – في المدخل / 7 وبعدها - :(( وقد وقع التحدي بالقرآن على مرات متعددة ، كي تقوم عليهم الحجة تلو الحجة ، وتنقطع المعذرة ، تحداهم أولا أن يأتوا بمثله فعجزوا وما استطاعوا ..، ثم تحداهم أن يأتوا بعشر سور مثله ، فما قدروا ... ، ثم تحداهم مرة ثالثة بأن يأتوا بسورة منه ، أي سورة مهما قصرت ، كسورة الكوثر ، فما رفعوا بذلك رأسا ))، أهـ .

    - ثالثا :مصادر القرآن الكريم .
    - لقد كتبتُ هذا العنوان – رغم أعتقادنا أن مصدر القرآن الكريم هو الله تعالى ، أي أن الله تعالى تكلم به ، وكلف جبريل عليه السلام بإبلاغه إلى رسوله محمد عليه الصلاة والسلام ، ليبلغه للخلق أجمعين من الجن والإنس ، وقد فعل عليه الصلاة والسلام ، فبلغ الرسالة ، وأدى الأمانة ، ونصح الأمة ، وجاهد في الله تعالى حق جهاده حتى آتاه اليقين ، وليس لجبريل عليه السلام ، ولا لمحمد عليه الصلاة والسلام حرف فيه .
    - أقول : لقد كتبت هذا العنوان لأنبه القارىء الكريم إلى أن هذا العنوان إنما هو ( عنوان عام ) للمستشرقين وأذنابهم ممن يطعنون في القرآن الكريم ، وجُــل طعونهم تدور حول نفي أن يكون القرآن الكريم كلام الله تعالى .
    - فنراهم يقولون : بأن القرآن الكريم مأخوذ من الكتب السماوية السابقة ، أو يقولون : بأن محمداً عليه الصلاة والسلام هو من صاغه متأثراً ببيئته ، أو يزعمون : بأنه عليه الصلاة والسلام أخذ بعضه من عمر ، وتارة رابعة يقولون : بأنه عليه الصلاة والسلام أخذه من ورقة بن نوفل أو من الراهب بحيرا ، وزعم خامس وهو : أنه فيه آية من تأليف أبي بكر ، وغير ذلك من مزاعم إلحادية .
    - وهذه المزاعم الإلحادية يبتغون منها نفي أن يكون القرآن الكريم كلام الله تعالى ، وغايتهم الكبرى نفي أن يكون القرآن الكريم كتاب سماوي من عند الله تعالى ، وبالتالي نفي أن يكون الإسلام آخر الأديان السماوية .
    - هذا ومزاعمهم الإلحادية لا تخرج عما قاله الله تعالى إخبارا عن الكفار :(( يقول الذين كفروا إن هذا إلا أساطير الأولين ))، وقال الله تعالى (( وقالوا أساطير الأوليين أكتتبها فهي تملى عليه بكرة وأصيلا ))، وقال الله عز وجل (( وإذا قيل لهم ماذا أنزل ربكم قالوا أساطير الأوليين )) ، وغيرها من آيات قرآنية تقرر هذا المعنى .
    - ولقد وجدت من خلال بحثي في الموضوع ، وبالأخص (( موافقات عمر ))، وكلام (( الإمام السيوطي )) أن هذه (( الموافقات )) اتكأ عليها فريقان هما :
    1 ) النصارى ، ويمثلهم المستشرق (( دوزي ))، الذي يزعم أن في القرآن الكريم آيات من قول عمر رضي الله عنه ، بل بعض النصارى يزعم أن هناك آية من تأليف أبي بكر الصديق ، وهي قوله تعالى (( وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِيْن مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ ))، 144 / آل عمران ، ولسنا في وارد تتبع مزاعم النصارى أو غيرهم ، ولكني ذكرت هذا حتى أعرف القارىء الكريم إلى طعون أهل الكتاب في كتاب الله تعالى .
    2 ) الرافضة ، ومنهم المدعو (( علي الكوراني ))، فقد وجدتهم يطعنون في ( موافقات عمر )، بدعوى أنها تحتوي على طعن في عصمة النبي عليه الصلاة والسلام ، وأن فيها تفضيلا لبعض الصحابة على النبي صلى الله عليه وسلم ، مكذبين بذلك هذه الروايات ، وكره الرافضة لعمر رضي الله عنه ، أشهر من نار على علم .

    - رابعا : لا تحوي مكتبتي المتواضعة على كتاب في الرد على شبهات النصارى ونقض طعونهم في القرآن الكريم ، وقد فتشتُ في مواقع الشبكة على كتاب يبحث موضوع ( الموافقات ) وكلام ( السيوطي ) غير أني لم أظفر ببغيتي ، وفي الحين نفسه وجدت ببعض كتب (( علوم القرآن )) ما يتأتى من خلاله الرد على تلكم الشبهة ، كما تحصلت على ردود مقتضبة بشأن (( موافقات عمر )) وكلام (( الإمام السيوطي ))،.
    - وهي وإن كانت لا تروي غليلا ، إلا أنها تبلل الشفاه ببعض النداوة ، خاصة مع عدم تجاوب الإخوة في الذود عن كتاب الله تعالى ( القرآن الكريم )، إذ القرآن الكريم ليس كتاب فلان أو فلان ، بل هو كتاب الله عز شأنه، وواجب الذود عنه، والدفع عن حياضه يقع على عاتق كل مسلم، بحسب ما أوتي من علم وقدرة، والله المستعان ، وعليه يقال بشأن توجيه كلام (( الإمام السيوطي )) و (( موافقات عمر ))، ما يلي :
    1 ) يقول الإمام السيوطي – الإتقان جــ 1 صــ 99 - :(( النوع العاشر : فيما أنزل من القرآن على لسان بعض الصحابة : هو في الحقيقة نوع من أسباب النزول ، والأصل فيه موافقات عمر ))، أهـ .
    - إذن فحقيقة ( موافقات عمر ) أنها أسباب نزول للآيات التي طابق فيها (( رأي عمر )) حكم (( الله تعالى ))، فنزل الحكم الشرعي موافقا لــ (( رأي عمر ))، يقول أحد الأفاضل دفاعا عن (( الإمام السيوطي ))، ما نصه :(( شتان بين ورود الوحي على لسان عمر ، وبين موافقة القرآن القرآن لرأي رآه عمر ، ذلك أن موافقة القرآن لما رآه عمر ، أو غيره من الصحابة لا ضير منها ، لأن الحق يمكن أن ينطق به حتى من لا يتوقع منه ذلك ، فما بالك بعمر بن الخطاب ..، والملقب بالفاروق ، فمن كان هذا حاله ، هل نستكثر عليه أن يكون ذا رأي راجح ، وفهم صائب ، وفكر نير ، وعزم صادق ))، أهـ، ويؤكد هذا :
    2 ) ما قاله الشيخ محمد عبدالعظيم الزرقاني– في مناهل العرفان 1 / 89 وبعدها -:(( سبب النزول هو ما نزلت الآية أو الآيات متحدثة عنه أو مبينة لحكمه أيام وقوعه ، والمعنى أنه حادثة وقعت في زمن النبي صلى الله عليه وسلم ، أو سؤال وجه إليه ، فنزلت الآية أو الآيات من الله تعالى ببيان ما يتصل بتلك الحادثة ، أو بجواب هذا السؤال ، سواء كانت تلك الحادثة خصومة دبت ...، أم كانت تلك الحادثة تمنيا من التمنيات ، ورغبة من الرغبات ، كموافقات عمر – رضي الله عنه – التي أفردها بعضهم بالتأليف ، ومن أمثلتها ما أخرجه البخاري وغيره عن أنس رضي الله عنه قال : قال عمر: (( وافقت ربي في ثلاث .. الحديث ...، الخ ))،أهـ .
    - فكلام الشيخ (( الزرقاني )) يتطابق مع كلام (( الإمام السيوطي ))، في أن (( موافقات عمر )) لا تعدو أن تكون أسبابا لنزول الآيات القرآنية المذكورة في (( موافقاته )، وكلام الشيخ ( الزرقاني ) أكثر وضوحا بحسب رأيي ، وأن عمر كان يتمنى ويرغب – مثلا - في حجب نساء النبي عليه الصلاة والسلام ، فتنزل الآية موافقة لرأيه ، وكان يتمنى أن لو اتخذوا من مقام إبراهيم مصلى فتنزل الآية على وفق رأيه ، أو يرى في أسارى بدر رأيا فينزل القرآن موافقا لرأيه ، وقس على هذا بقية موافقاته رضي الله عنه.
    - والفضل في هذا ليس لعمر ، بل لله تعالى الذي جعل الحق على لسان عمر ، فعن ابن عمر، قال النبي صلى الله عليه وسلم:" إن الله تعالى جعل الحق على لسان عمر وقلبه "، فــ (( موافقات عمر )) إنما هي فضل من الله تعالى على عمر ، وكرامة له ، وكون رأيه – في بعض المواطن - يوافق ما نزل به القرآن ، لا ينفي أن القرآن كلام الله تعالى تكلم به ، حروفه ومعانيه منه سبحانه وتعالى ، ليس لأحد فيه شيء ، ومما يبين هذا :
    3 ) وخذ مثالا على ذلك ، قول الله تعالى:(( واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى ))، 125 / البقرة ، يقول أحد الأفاضل ردا على النصارى في قولهم : إن الآية من مقول عمر:((المسلمون وخاصة الصحابة يعلمون أنها من كلام الله ، ويعرفون سبب نزولها ، ومكان وتاريخ نزولها ، حيث قال عمر للنبي عليه الصلاة والسلام : لو اتخذنا من مقام إبراهيم مصلى ، فنزلت الآية قوله تعالى :(( واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى ))، والفرق واضح بين لفظ عمر ، ولفظ الآية ، فالآية الكريمة جاءت بلفظ الأمر ، وعلى سبيل الوجوب ، أما كلام عمر فجاء بصيغة الماضي مقروناً بالتمني ، والذي عبر عنه بالحرف لو ))، أهـ، وكذلك يقال بشأن قول عمر – على رواية البخاري - (( عسى ربه إن طلقكن أن يبدله ))، : فنزلت هكذا ، يقال :
    - عمر رضي الله عنه تمنى أن يبُدل الله عز وجل نبيه الكريم عليه الصلاة والسلام أزواجا خيرا من أزواجه ، وهذا القول إنما صدر من عمر – رضي الله عنه – حبا منه لرسول الله عليه الصلاة والسلام ، وتنفيسا منه عليه مما فعلنُ به أزواجه ، فقال قولته على وجه التمني والرغبة تنفيسا عن رسول الله عليه الصلاة والسلام ، فنزلت الآية الكريمة موافقة لرأي عمر ، والفضل في ذلك كله لله تعالى الذي جعل الحق على لسان عمر ، وليس لعمر ، الذي أخطأ في مواطن أخرى ولم ينزل القرآن برأيه ، فهو محدث ملهم ، ومرتبة المحدث – كما يقول شيخ الإسلام ابن تيمية أدنى من مرتبة الصديق – ويبين ذلك ما يلي :
    4 ) إسلام عمر متأخر عن إسلام الصديق ، فقد كان عمر كافرا برهة من الدهر ، والقرآن الكريم ينزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وعمر حال كفره كان ممن يُعذب ويفتن المسلمين عن دينهم ، والقرآن الكريم ينزل ، والوحي يترى على رسول الله عليه الصلاة والسلام ، فأينها ( موافقات عمر ) ؟، إن عمر بن الخطاب ابن الإسلام ، فالإسلام هو الذي صنع منه شخصية مغايرة لشخصيته حال كفره ، وقد ثبت عنه أنه كان يعبد صنما من تمر ، أفيصح بعد هذا أن نجعل من (( موافقات عمر )) شبهة تعترض كلام الله تعالى ؟،.
    - ثم يقال: أين (( موافقة عمر )) من حادثة صلح الحديبية الشهيرة التي اعترض فيها عمر على رسول الله عليه الصلاة والسلام ، فهل نزل القرآن على رأيه في هذه الحادثة ؟، التي قال عنها عمر نفسه :(( فما زلت أصوم وأتصدق وأصلي وأعتق من الذي صنعت يومئذ ))، وثبت عنه أنه كان يحلف بأبيه ، فعن ابنعمررضي الله عنهماأنه أدركعمر بن الخطابفي ركب وهو يحلف بأبيه ، فناداهم رسول الله صلى الله عليهوسلمألا إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم فمن كان حالفافليحلف بالله وإلا فليصمت "، فموافقته للحق إنما هي بفضل الله تعالى ، الذي جعل الحق على لسانه وقلبه ، فعمر ابن الإسلام ، وليس الإسلام ابنه ، رضي الله عنه وأرضاه .
    - وأين نحن من قول الله تعالى ((يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي ولا تجهروا له بالقول كجهر بعضكملبعض أن تحبط أعمالكم وأنتم لاتشعرون ))، قال ابن أبي مليكة : كاد الخيران أن يهلكا : أبو بكر وعمر ، رفعا أصواتهما عند النبي صلى الله عليه وسلم ،( انظر : أسباب النزول للواحدي / 612 )، فهذا القرآن الكريم نزل بسبب حادثة رفع ( الخيران أبو بكر وعمر ) صوتهما عند الرسول عليه الصلاة والسلام ، وهما المقصودان في خطاب النهي قصدا أوليا ، فهذا يبين أن القرآن الكريم قد ينزل على خلاف رأي عمر وصنيعه ، وتضاف هذه الحادثة إلى حادثة صلح الحديبية .
    - ونكرر القول : أن القرآن كان ينزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم حال كفر عمر ، وقبل إسلامه – بل حال كفر أكثر أهل مكة – وكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعْرِضُ نَفْسَهُ بِالْمَوْقَفِ ، وَيَقُولُ : " إِنَّ قُرَيْشًا قَدْ مَنَعُونِي أَنْ أُبَلِّغَ كَلَامَ رَبِّي "، فالرسول عليه الصلاة والسلام ينسب القرآن الكريم إلى الله تعالى ، وأنه كلام الباري عز وجل ، لنخلص من هذا كله إلى :
    - أن القرآن الكريم كلام الله تعالى – حروفه ومعانيه – ليس لأحد من البشر حرف واحد فيه ، وليس للرسول محمد عليه الصلاة والسلام إلا بلاغ كلام الله تعالى إلى الخلق أجمعين من الجن والإنس ، وليس لجبريل عليه السلام فيه إلا التبليغ إلى النبي الكريم محمد عليه الصلاة والسلام ، يضاف إلى هذا :
    5 ) أن نزول الآيات القرآنية موافقة لرأي بعض الصحابة فيه تثبيت للمؤمنين ، وامتحان للكافرين والمنافقين ، والله يفعل ما يشآء ، قال الله تعالى (( ألا له الخلق والأمر تبارك الله رب العالمين )) وقال سبحانه (( والله يحكم لا معقب لحكمه وهو سريع الحساب ))، وقد اقتضت مشيئته سبحانه ذلك ، فعلينا التسليم والإيمان ، وترك القال والقيل ، وهو الوجه الأخير :
    6 ) قال الله تعالى : (( فقال إن هذا إلا سحر يؤثر ، إن هذا إلا قول البشر ، سأصليه سقر ))، وقال سبحانه (( كتاب أنزل إليك فلا يكن في صدرك حرج منه )) وقال عز وجل (( والذي أنزل إليك من ربك الحق ))، وقال سبحانه (( وما تنزلت به الشياطين ، وما ينبغي لهم وما يستطيعون ، إنهم عن السمع لمعزولون ))، وقال سبحانه (( تنزيل العزيز الرحيم )) وقال عز وجل (( تنزيل الكتاب من الله العزيز الحكيم )) وقال تعالى (( تنزيل من حكيم حميد ))، وقال سبحانه (( تنزيل من رب العالمين ))، وقال عز وجل (( وكذلك أنزلنا إليك الكتاب )) وقال الله تعالى (( وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله ثم أبلغه مأمنه ))، وغيرها من آيات كريمة تدل دلالة بينة على أن الله تعالى تكلم بهذا القرآن ، وأن القرآن الكريم – حروفه ومعانيه - كلامه سبحانه وحده لا شريك له.
    - وعليه فلا نترك آيات الله تعالى المحكمة إلى أحاديث دلالتها محتملة ، بل يمكن ردها إلى المحكم من القرآن ومن السنة كقوله عليه الصلاة والسلام :" إِنَّ قُرَيْشًا قَدْ مَنَعُونِي أَنْ أُبَلِّغَ كَلَامَ رَبِّي "، فقد وصفه الرسول عليه الصلاة والسلام بأنه (( كلام ربي )) عز شأنه وجل جلاله ، ويمكن كذلك تخريج تلكم الأحاديث على قواعد العلماء كأسباب النزول ، وتوجيهها الوجهة الصحيحة التي لا تعارض المحكم من كتاب الله تعالى ومن سنة رسوله عليه الصلاة والسلام .
    - هذا وقد سبق لنا توجيه كلام (( الإمام السيوطي )) رحمه الله ، وبهذا نرجو أن يكون التوجيه واضحا لا لبس فيه ، ومن كان لديه مزيد علم فليجد به على من لا علم له ، وكتاب الله تعالى (( القرآن الكريم )) هو كتاب المسلمين أجمعين ، وعلى المسلمين أن يذودوا عن كتاب ربهم ، وينقضوا شبهات النصارى وأذنابهم من الملاحدة – فضلا عن الرافضة -، هذا وما سطرته إن كان صوابا فمن الله تعالى ، وإن كان غير ذلك فاستغفر ربي العظيم ، والله المسؤول أن يوفقنا إلى سواء السبيل .


    بسم الله الرحمن الرحيم . لا إله إلا الله محمد رسول الله . السلام عليكم اما بعد.

    أخوتي أخواتي الكرام جزاكم الله خيراً وهداكم إلى اكثر من هذا رشداً ونسأل الله عز وجل أن يجعلنا وياكم في جناته الفردوس الأعلى . آللهم آمين .


    أخي الكريم :

    بارك الله عز وجل بك وزادك علماً وهداية ورشدا. آمين
    إنه لكلام جميل وحكيم حيث إنه جاء في مكانه المناسب لا تشعب فيه ولا تناقض
    ومن هذا المنطلق كما ذكرت لك سابقاً. يجب أنفراد الله عز وجل في كلامه الكريم كما يكون انفراد الله عز وجل في صفاته وأسمائه الحسنى .
    كما إنه كلام الله عز وجل يختلف عن كلام المخلوقين بما يليق عظمته وجلاله
    فأن كان هناك آية شبيهة لما ذكره احد الصحابة رضي الله عنهم بما انزله الله عز وجل يكون سبب لنزول الآية الكريمة وتدل على شبه المعنى فقط . لكن ليست نفس اللفظ . حيث أن الله عز وجل كلامه يختلف عن كلام المخلوقين بما يليق عظمته وجلاله

    أخيراً أقول كانت محاورة ممتازة ونافعة لطرفين وللقارئين والمشاركين .

    نسأل الله عز وجل ان يثبتنا على الأيمان في الدنيا والأخرة وينفعنا بما يعلمنا اياه . ويجعلنا من عباده الصالحين . آمين

    صلى الله على محمد وآله وصحبه ومن اتلعهم بأحسان وسلم .


    أقول قولي هذا وأستغفر الله العلي القدير لي ولكم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته . آمين

  10. #30
    تاريخ التسجيل
    Feb 2011
    المشاركات
    107

    افتراضي رد: لغز فقهي

    شكرا لك (( أخي – مكارم )) على تعليقك ، ونسأل الله لنا ولك التوفيق والهداية ، وأن يعلمنا ما ينفعنا ، ولي تعليق سأضيف من خلاله بعض النقولات بشأن القرآن الكريم ، هي :
    أولا : قال الشيخ الزرقاني – في مناهل العرفان / 43 :(( ولتعلم في هذا المقام أن الذي نزل به جبريل على النبي صلى الله عليه وسلم هو القرآن باعتبار أنه الألفاظ الحقيقية المعجزة من أول الفاتحة إلى آخِر الناس، وتلك الألفاظُ هي كلام الله وحده ))،أهـ .
    - وقد قال عليه الصلاة والسلام: (( مَا مِن الأَنبِيَاءِ نَبِيٌّ إِلا أُعطِيَ مَا مِثلهُ آمَنَ عَليهِ البَشَرُ ، وَإِنَّمَا كَانَ الذِي أُوتِيتُ وَحيًا أَوحَاهُ اللهُ إِليَّ ، فَأَرجُو أَن أَكُونَ أَكثَرَهُم تَابِعًا يَومَ القِيَامَةِ ))، ومعلوم أن معجزة الرسول عليه الصلاة والسلام هي القرآن الكريم - الذي هو كلام الله تعالى حروفه ومعانيه - وهو الوحي الذي أوحاه الله تعالى إلى نبيه الكريم عليه الصلاة والسلام .
    ثانيا : عرف صاحب العقيدة الطحاوية القرآن الكريم بأنه :(( كلام الله، منه بدأ -بلا كيفية- قولاً، وأنزله على رسوله وحياً ، وصدَّقه المؤمنون على ذلك حقاً ، وأيقنوا أنه كلام الله تعالى بالحقيقة ، ليس بمخلوق ككلام البرية ، فمن سمعه فزعم أنه كلام البشر فقد كفر ))، أهـ .
    ثالثا : يقول د. عبدالودود حنيف – في مصدر القرآن الكريم -: (( هو - أي القرآن الكريم - متعبد بتلاوته ، وهذا التعبد إنما ورد في خصوص القرآن ، وألفاظه ، دون أيِّ ألفاظ أو أساليب أخرى ، ولو كانت عربية مرادفة لألفاظ الأصل وأساليبه ، وهو معجز بلفظه ومعناه ، فلا تجوز قراءة القرآنِ بالمعنى ، ولما أنزل على محمدٍ صلى الله عليه وسلم تحدى الله به العرب - وكانوا أفصح الفصحاء ومصاقع الخطباء - على أن يأتوا بمثله، وأمهلهم طول السنين فلم يقدروا ))، أهـ.، والله ولي التوفيق .

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •