السؤال الأول: هناك من يتساهل في أهمية العقيدة ويرى أن الإيمان يكفي ، هل لكم بيان أهمية العقيدة للمسلم وكيف تنعكس عليه في حياته وفي علاقاته مع نفسه ومجتمعه ومع غير المسلمين ؟
الجواب : بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على رسولنا محمد وعلى آله وصحبه وبعد ، فإن تصحيح العقيدة هو الأصل ؛ لأن شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله هي أول أركان الإسلام ، والرسل أول ما دعوا إلى تصحيح العقيدة لأجل أن تـنبني عليها سائر الأعمال من العبادات والتصرفات ، ودون تصحيح العقيدة لا فائدة من الأعمال ، قال تعالى : (( ولو أشركوا لحبط عنهم ما كانوا يعملون )) أي لبطلت أعمالهم .
وقال سبحانه وتعالى : (( إنه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة ومأواه النار وما للظالمين من أنصار )) وقال تعالى : (( ولقد أوحي إليك وإلى الذين من قبلك لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين )) ، من هذه النصوص وغيرها يتبين ما لتصحيح العقيدة من أهمية وهي أولى أوليات الدعوة ، فأول ما تـقوم الدعوة على تصحيح العقيدة ، فقد مكث النبي صلى الله عليه وسلم في مكة المكرمة بعد بعثـته ثلاث عشرة سنة يدعو الناس لتصحيح العقيدة وإلى التوحيد ، ولم تـنزل عليه الفرائض إلا في المدينة . نعم فرضت الصلاة عليه في مكة قبل الهجرة، وبقية الشرائع إنما فرضت عليه بعد الهجرة مما يدل على أنه لا يطالب بالأعمال إلا بعد تصحيح العقيدة ، وهذا الذي يقول : إنه يكفي الإيمان دون الاهتمام بالعقيدة ، هذا تناقض لأن الإيمان لا يكون إيمانا إلا إذا صحت العقيدة ، أما إذا لم تكن العقيدة صحيحة فليس هناك إيمان ولا دين .
السؤال الثاني : يرى البعض أن قيام الجماعات لازم للقيام بالدعوة إلى الله خصوصا في المجتمعات التي لا تكون شوكة الدين فيها ظاهرة .
الجواب : الدعوة إلى الله مطلوبة وواجبة ، قال سبحانه وتعالى : (( ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة )) ولكن ليس من منهج الدعوة أن يتفرق المسلمون ، وأن تكون كل طائفة منهم تزعم لنفسها أنها على الحق وأن غيرها ليس على حق كما هو الواقع في هذه الجماعات اليوم . فالواجب على المسلم الذي عنده علم وقدرة أن يدعو إلى الله على بصيرة ، ويتعاون مع الآخرين من غير أن تكون كل جماعة لها منهج مختص بها يخالف الجماعة الأخرى . بل الواجب أن يكون المنهج واحدا عند المسلمين وأن يتعاونوا جميعا وأن يتشاوروا فيما بينهم ولا حاجة إلى إيجاد جماعات ومناهج متفرقة ومتـشتـتة ، لأن هذا يقضي على وحدة المسلمين وعلى كلمة المسلمين ، ويسبب النزاع والخصام بين الناس كما هو الواقع اليوم بين تلك الجماعات التي على الساحة في البلاد الإسلامية وغيرها .
فليس من ضروريات الدعوة تكوين جماعة إنما من ضروريات الدعوة أن من عنده علم وعنده حكمة وعنده معرفة أن يدعو إلى الله عز وجل ولو كان واحدا ، والدعاة إلى الله يجب أن يكون منهجهم واحدا على الحق ولو تفرقوا في مجالات عملهم في مختلف البلدان .
السؤال الثالث : ما حكم من ينتمي إلى تلك الجماعات ، خصوصا تلك التي تقوم على السرية والبيعة ؟
الجواب : النبي صلى الله عليه وسلم أخبرنا بحصول التفرق وأمرنا عند ذلك بالاجتماع ، وأن نكون على ما كان عليه الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه ، قال صلى الله عليه وسلم : " افترقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة ، وافترقت النصارى على اثـنتين وسبعين فرقة ، وستـفترق هذه الأمة على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة " قالوا : من هي يا رسول الله ؟ قال : " من كان على مثل ما أنا عليه اليوم وأصحابي " ، وقال صلى الله عليه وسلم لما طلب منه أصحابه الوصية : " أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة وإن تأمر عليكم عبد ، فإنه من يعش منكم فسيرى اختلافا كثيرا فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي ، تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ " وهذا منهج يجب أن يسير عليه المسلمون إلى يوم القيامة ، وهوأنه عند الاختلاف فإنهم يرجعون إلى ما كان عليه سلف هذه الأمة في المنهج والدين والبيعة وغير ذلك .
______________________________ ________