تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


صفحة 2 من 2 الأولىالأولى 12
النتائج 21 إلى 28 من 28

الموضوع: بعض أنواع الرياء

  1. #21
    تاريخ التسجيل
    Nov 2010
    الدولة
    المغرب/الدار البيضاء
    المشاركات
    1,504

    افتراضي رد: بعض أنواع الرياء

    قال ابن قدامة المقدس/ منهاج القاصدين




    اعلم أن الرياء جلى وخفى .




    فالجلى : هو الذي يبعث على العمل ويحمل عليه . وأخفى منه قليلاً رياء لا يبعث على العمل بمجرده، لكن يخفف العمل الذي أريد به وجه الله تعالى، كالذي يعتاد التهجد كل ليلة ويثقل عليه فإذا نزل عنده ضيف نشط له وسهل عليه .
    وأخفى من ذلك ما لا يؤثر في العمل ولا في التسهيل، لكنه مع ذلك مستبطن في القلب، ومتى لم يؤثر الدعاء في العمل لم يكن أن يعرف إلا بالعلامات، وأجلى علاماته أنه يسر باطلاع الناس على طاعته، فرب عبد مخلص يخلص العمل، ولا يقصد الرياء بل يكرهه، ويتم العمل على ذلك، لكن إذا اطلع الناس عليه سره ذلك وارتاح له، وروح ذلك عن قلبه شدة العبادة، فهذا السرور يدل على رياء خفي منه يرشح السرور، ثم إذا استشعر تلك اللذة بالإطلاع لم يقابل ذلك بكراهة، بل قد يتحرك حركة خفيفة، ويتكلف أن يطلع عليه بالتعريض لا بالتصريح .


    وقد يخفى، فلا يدعو إلى الإظهار بالنطق تعريضاً ولا تصريحاً، ولكن بالشمائل كإظهار النحول، والصفار، وخفض الصوت، ويبس الشفتين وآثار الدموع وغلبة النعاس الدالة على طول التهجد وأخفى من ذلك أن يختفي بحيث لا يريد الإطلاع عليه، ولكنه مع ذلك إذا رأى الناس أحب أن يبدؤوه بالسلام، وأن يقابلوه بالبشاشة والتوقير وينشطوا في قضاء حوائجه، ويسامحوه في المعاملة، ويوسعوا له المكان، فان قصر في ذلك مقصر، ثقل ذلك على قلبه، كأن نفسه تتقاضى الاحترام على الطاعة التي أخفاها .
    ومتى لم يكن وجود العبادة كعدمها في كل ما يتعلق بالخلق، لم يكن خالياً عن شوب خفي من الرياء، وكل ذلك يوشك أن ينقص الأجر، ولا يسلم منه إلا الصديقون .
    وقد روينا عن وهب بن منبه، أن رجلاً من العباد قال لأصحابه : إنا قد فارقنا الأموال والأولاد مخافة الطغيان ، وإنا نخاف أن يكون قد دخل علينا في أمرنا من هذا الطغيان أكثر مما دخل على الأهل الأموال في أموالهم، إن أحدنا إذا لقي أحب أن يعظم لمكان دينه، وإن كان له حاجة أحب أن تقضى لمكان دينه : وإن اشترى شئياً أحب أن يرخص له لمكان دينه،
    فبلغ ذلك ملكهم، فركب في موكبه، فإذا السهل والجبل قد امتلأ من الناس، فقال العابد : ما هذا ؟ قيل : هذا الملك، فقال لصاحبه : ائتني بطعام، فأتاه ببقل وزبيب وقلوب الشجر، فجعل يحشو شدقيه ويأكل أكلاً عنيفاً، فقال الملك : أين صاحبكم ؟ فقالوا : هذا ، كيف أنت ؟ قال : كالناس، فقال الملك ما عند هذا خير، وانصرف عنه، فقال : الحمد لله الذي صرفه عني و هو لي لائم
    و شوائب الرياء الخفي كثيرة لا تنحصر و متى أدرك الإنسان من نفسه تفرقة بين أن يطلع على عبادته أو لا يطلع ففيه شعبة رياء
    اللهم ارحم والدي كما ربياني صغيرا، رب اغفر لي ولوالدي و للمومنين يوم يقوم الحساب

  2. #22
    تاريخ التسجيل
    Nov 2010
    الدولة
    المغرب/الدار البيضاء
    المشاركات
    1,504

    افتراضي رد: بعض أنواع الرياء




    بعض أنواع الرياء من كتاب :أصناف المغرورين/ أبو حامد الغزالي


    قال الغزالي رحمه الله:
    و فرقة أخرى أحكموا العلم و العمل الظاهر و تركوا المعاصى الظاهرة وغفلوا عن قلوبهم فلم يمحو منها الصفات المذمومة عند الله كالكبر و الرياء و الحسد و طلب الرياسة و العلا و إرادة الثناء على الأقران و الشركاء و طلب الشهرة فى البلاد و العباد، و ذلك غرور سببه غفلتهم عن قوله عليه الصلاة والسلام: (الرياء الشرك الأصغر).
    وقوله: (الحسد يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب).


    إلى غير ذلك من الأخبار..
    و غفلوا عن قوله تعالى: (إلا من أتى الله بقلب سليم).


    فغفلوا عن قلوبهم و اشتغلوا بظواهرهم.. ومن لا يصفى قلبه لا تصح طاعته.. و يكون كمريض ظهر به الجرب فأمره الطبيب بالطلاء و شرب الدواء.. فاشتغل بالطلاء وترك شرب الدواء.. فأزال ما بظاهره.. ولم يزل ما بباطنه.. و أصل ما على ظاهره مما فى باطنه.. فلا يزال جربه يزداد أبدا مما فى باطنه..
    فكذلك الخبائث إذا كانت كامنة فى القلب يظهر أثرها على الجوارح، فلو زال ما فى باطنه استراح الظاهر.
    الفرقة الثالثة
    و فرقة أخرى علموا هذه الأخلاق.. و علموا أنها مذمومة من وجه الشرع إلا أنهم لعجبهم بأنفسهم يظنون أنهم منفكون.. وأنهم أرفع عند الله من أن يبتليهم بذلك..
    و إنما يبتلى به العوام دون من بلغ مبلغهم فى العلم..
    فأما هم فإنهم أعظم عند الله من أن يبتليهم.. فظهرت عليهم مخايل الكبر والرياسة.. و طلبوا العلو والشرف..
    و غرورهم أنهم ظنوا ذلك ليس تكبرا.. وإنما هو عز الدين، و إظهار لشرف العلم.. و نصرة الدين.. و غفلوا عن فرح إبليس به.. و نصرة النبي صلّى الله عليه وسلّم لماذا كانت؟
    وبماذا أرغم الكافرين؟
    و غفلوا عن تواضع الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين.. وتذللهم وفقرهم ومسكنتهم حتى عوتب عمر رضى الله عنه فى بذاذته عند قدومه إلى الشام فقال: إنا قوم أعزنا الله بالإسلام.. ولا نطلب العزة فى غيره..


    ثم هذا المغرور يطلب العز للدين بالثياب الرفيعة.. و يزعم أنه يطلب عز الدين وشرفه
    و مهما أطلق اللسان فى الحسد فى أقرانه أو فيمن رد عليه شيئا من كلامه لم يظن بنفسه أن ذلك حسد..
    و يقول: إنما هو غضب للحق ورد على المبطل فى عدوانه و ظلمه.. و هذا مغرور.. فإنه لو طعن في غيره من العلماء من أقرانه ربما لم يغضب، بل ربما يفرح - وإن أظهر الغضب عند الناس بأنه يحبه..


    و ربما يظهر العلم و يقول: غرضى به أن أفيد الخلق.. و هو هراء لأنه لو كان غرضه صلاح الخلق لأحب صلاحهم على يد غيره ممن هو مثله أو فوقه.
    و ربما يدخل على السلطان و يتودد إليه و يثنى عليه.. فإذا سئل عن ذلك قال: إنما غرضى أن أنفع المسلمين.. وأن أرفع عنهم الضرر.. وهو مغرور. ولو كان غرضه ذلك فرح به إذا جرى على يد غيره و لو رأى من هو مثله عند السلطان يشفع فى أحد يغضب.. و ربما أخذ من أموالهم فإن خطر بباله أنه حرام قال له الشيطان هذا مال لا مالك له وهو لمصالح المسلمين و أنت إمام المسلمين و عالمهم وبك قوام الدين.. وهذه ثلاثة تلبيسات.


    أحدها: أنه مال لا مالك له.
    و الثانى: أنه لمصالح المسلمين.
    و الثالث: أنه إمام..
    و هل يكون إماما إلا من أعرض عن الدنيا كالأنبياء والصحابة..
    و مثله: قول عيسى عليه السلام: العالم السوء كصخرة وقعت فى الوادى فلا هى تشرب الماء و لا هى تترك الماء يخلص إلى الزرع..
    وأصناف غرور أهل العلم كثيرة.. وما يفسد هؤلاء أكثر مما يصلحونه..


    يتبع...........
    اللهم ارحم والدي كما ربياني صغيرا، رب اغفر لي ولوالدي و للمومنين يوم يقوم الحساب

  3. #23
    تاريخ التسجيل
    Nov 2010
    الدولة
    المغرب/الدار البيضاء
    المشاركات
    1,504

    افتراضي رد: بعض أنواع الرياء

    قال الغزالي رحمه الله:


    الفرقة الرابعة:
    و فرقة أخرى حكموا العلم.. وطهروا الجوارح وزينوها بالطاعات.. واجتنبوا ظاهر المعاصى.. وتفقدوا أخلاق النفس و صفات القلب من الرياء.. و الحسد و الكبر و الحقد.. و طلب العلو.. و جاهدوا أنفسكم فى التبرى منها و قلعوا من القلب منابتها الجلية القوية.. ولكنهم مغرورون إذ بقى فى زوايا القلب بقايا من خفايا مكايد الشيطان.. خبايا خدع النفس ما دق وغمض..
    فلم يفطنوا لها.. وأهملوها..
    و مثالهم كمثل من يريد تنقية الزرع من الحشيش فدار عليه.. و فتش عن كل حشيش فقلعه.. إلا أنه لم يفتش عما لم يخرج رأسه بعد من تحت الأرض و ظن أن الكل قد ظهر وبرز فلما غفل عنها ظهرت وأفسدت عليه الزرع.


    و هؤلاء إن غيروا تغيروا.. و ربما تركوا مخالطة الخلق استكبارا.. و ربما نظروا إليهم بعين الحقارة.. و ربما يجتهد بعضهم فى تحسين نظمه لئلا ينظر إليه بعين الركاكة..


    الفرقة الخامسة:
    و فرقة أخرى تركوا المهم من العلوم.. و اقتصروا على علوم الفتاوى فى الحكومات والخصومات.. و تفصيل المعاملات الدنيوية الجارية بين الخلق لمصالح المعايش.. وخصصوا اسم الفقيه.. وسموه: الفقيه و علم المذهب..
    و ربما ضيعوا مع ذلك علم الأعمال الظاهرة و الباطنة و لم يتفقدوا الجوارح.. و لم يحرسوا اللسان من الغيبة و البطن عن الحرام.. و الرجل عن السعى إلى السلاطين.. و كذلك سائر الجوارح.. و لم يحرسوا قلوبهم عن الكبر و الرياء والحسد.. و سائر المهلكات..
    و هؤلاء مغرورون من وجهين:
    احدهما: من حيث العمل وقد ذكرت وجه علاجه فى الإحياء، وأن مثالهم كمثل المريض الذى تعلم الدواء من الحكماء و لم يعلمه أو يعمله و هؤلاء مشرفون على الهلاك حيث أنهم تركوا تزكية أنفسهم وتخليتها.. فاشتغلوا بكتاب الحيض والديات والدعاوى و الظهار و اللعان.. و ضيعوا أعمارهم فيها.. وإنما غرهم تعظيم الخلق لهم و إكرامهم ورجوع أحدهم قاضيا ومفتيا.. و يطعن كل واحد فى صاحبه.. وإذا اجتمعوا زال الطعن.
    والثانى: من حيث العلم و ذلك لظنهم أنه لا علم إلا بذلك وأنه المنجى الموصل.. وإنما المنجى الموصل حب الله.. ولا يتصور حب الله تعالى إلا بمعرفته..
    اللهم ارحم والدي كما ربياني صغيرا، رب اغفر لي ولوالدي و للمومنين يوم يقوم الحساب

  4. #24
    تاريخ التسجيل
    Nov 2010
    الدولة
    المغرب/الدار البيضاء
    المشاركات
    1,504

    افتراضي رد: بعض أنواع الرياء

    قال الغزالي رحمه الله:
    و من هؤلاء من اقتصر من علم الفقه على الخلافيات و لا يهمه إلا العلم بطريق المجادلة و الإلزام.. و إقحام الخصم، و دفع الحق لأجل المباهاة..
    وهو طول الليل و النهار فى التفتيش فى مناقضات أرباب المذاهب، والتفقد لعيوب الأقران.. و هؤلاء لم يقصدوا العلم.. وإنما قصدوا مباهاة الأقران و لو اشتغلوا بتصفية قلوبهم كان خيرا لهم من علم لا ينفع إلا فى الدنيا..
    ونفعه فى الدنيا التكبر.. وذلك ينقلب فى الآخرة نارا تلظى..
    و أما أدلة المذاهب فيشتمل عليها كتاب الله تعالى وسنة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وما أقبح غرور هؤلاء./اهـ
    -----
    صدق الغزالي و من هؤلاء من همه تتبع الردود و رد فلان على فلان و تقيأ فلان على فلان ( إن صح التعبير) و طالب العلم عندهم من كثرت ردوده , و هذه الردود ليست علما و هي ميتة قبل موت أهلها !
    اللهم ارحم والدي كما ربياني صغيرا، رب اغفر لي ولوالدي و للمومنين يوم يقوم الحساب

  5. #25
    تاريخ التسجيل
    Nov 2010
    الدولة
    المغرب/الدار البيضاء
    المشاركات
    1,504

    افتراضي رد: بعض أنواع الرياء


    قال الغزالي رحمه الله:


    الفرقة السابعة:
    اشتغلوا بالوعظ.. وأعلاهم نية من يتكلم فى أخلاق النفس وصفات القلب.. من الخوف والرجاء.. والصبر والشكر والتوكل.. والزهد واليقين والإخلاص والصدق
    و هم مغرورون لأنهم يظنون بأنفسهم إذا تكلموا بهذه الصفات.. ودعوا الخلق إليها فقد اتصفوا بها.. وهم منفكون عنها إلا عن قدر يسير لا ينفك عنه عوام المسلمين..
    وغرورهم أساس الغرور لأنهم يعجبون بأنفسهم غاية الإعجاب..
    و يظنون أنهم ما تبحروا فى علم المحبة إلا و هم من الناجين عند الله تعالى و أنهم مغفور لهم بحفظهم لكلام الزهاد مع خلوهم من العمل
    و هؤلاء أشد غرورا ممن كان قبلهم لأنهم يظنون أنهم يحببون فى الله ورسوله.. وما قدروا على تحقيق دقائق الإخلاص إلا و هم مخلصون ولا وقفوا على خطايا عيوب النفس إلا و هم عنها منزهون.. وكذلك جميع الصفات.. و هم أحب فى الدنيا من كل أحد..
    و يظهرون الزهد فى الدنيا لشدة حرصهم على الدنيا!وقوة رغبتهم فيها!
    و يحثون على الإخلاص وهم غير مخلصين.. و يظهرون الدعاء إلى الله و هم منه فارون و يخوفون بالله وهم منه آمنون ويذكرون بالله وهم له ناسون..
    و يقربون إلى الله تعالى و هم منه متباعدون.. و يذمون الصفات المذمومة و هم بها متصفون و يصرفون الناس عن الخلق و هم على الخلق أشدهم حرصا..
    لو منعوا عن مجالسهم التى يدعون فيها الناس إلى الله لضاقت عليهم الأرض بما رحبت ويزعمون أن غرضهم إصلاح الخلق..
    و لو ظهر من أقرانه أحدهم ممن أقبل الخلق عليه و من صلحوا على يديه لمات غما وحسدا..
    ولو أثنى واحد من المترددين إليه على بعض أقرانه لكان أبغض خلق الله تعالى إليه، فهؤلاء أعظم الناس غرورا وأبعدهم عن التنبيه والرجوع إلى السداد.
    اللهم ارحم والدي كما ربياني صغيرا، رب اغفر لي ولوالدي و للمومنين يوم يقوم الحساب

  6. #26
    تاريخ التسجيل
    Nov 2010
    الدولة
    المغرب/الدار البيضاء
    المشاركات
    1,504

    افتراضي رد: بعض أنواع الرياء

    قال الغزالي رحمه الله:
    و فرقة أخرى اغتروا بقراءة القرآن.. فيهدرونه هدرا.. و ربما يختمونه فى اليوم والليلة ختما.. و ألسنتهم تجرى به.. وقلوبهم تتردى فى أودية الأماني والتفكر فى الدنيا..
    و لا يتفكر فى معانى القرآن..لينزجر بزواجره.. و يتعظ بمواعظه.. و يقف عند أوامره ونواهيه.. و يعتبر بمواضع الاعتبار منه..
    و يتلذذ به من حيث المعنى لا من حيث النظم.. و من قرأ كتاب الله تعالى فى اليوم والليلة مائة مرة.. ثم ترك أوامره ونواهيه فهو مستحق العقوبة..
    و ربما قد يكون له صوت لين فهو يقرأ ويتلذذ به.. و يغتر باستلذاذه.. و يظن أن ذلك مناجاة الله سبحانه تعالى.. و سماع كلامه.. و هيهات ما أبعده.. إذ لذاته فى صوته.. و لو أدرك لذة كلام الله تعالى ما نظر إلى صوته و طيبه..و لا تعلق خاطره به.. و لذة كلام الله إنما هى من حيث المعنى..
    -----------
    و فرقة أخرى أخذت فى طريق الخشية و الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر ينكر على الناس.. ويأمرهم بالخير.. و ينسى نفسه!..


    و إذا أمرهم بالخير عنف و طلب الرياسة و العزة.. و إذا باشر منكرا أُنكر عليه.. و غضب وقال: أنا المحتسب.. فكيف تنكر علىَّ..
    و قد تجمع الناس فى مجلسه أو مسجده.. و من تأخر عنه أغلظ عليه القول.. و إنما غرضه الرياء والسمعة و حب الرئاسة.. و علامة ذلك أنه لو قام بالمسجد غيره تجرأ عليه..
    بل منهم من يؤذن و يظن أنه يؤذن لله تعالى.. ولو جاء غيره و أذن فى وقت غيبته قامت عليه القيامة.. و قال: لِم أخذ حقى؟!.. وزوحمت؟!..
    و منهم من يتقيد إمام مسجد و يظن أنه على خير.. و إنما غرضه أن يقال: إنه إمام المسجد.. و علامته: أنه لو قدم غيره و إن كان أورع منه.. و أعلم.. ثقل عليه ذلك..
    اللهم ارحم والدي كما ربياني صغيرا، رب اغفر لي ولوالدي و للمومنين يوم يقوم الحساب

  7. #27
    تاريخ التسجيل
    Nov 2010
    الدولة
    المغرب/الدار البيضاء
    المشاركات
    1,504

    افتراضي رد: بعض أنواع الرياء

    قال الغزالي رحمه الله:


    و فرقة أخرى زهدت فى المال و قنعت من الطعام واللباس بالدون.. ومن السكن بالمساجد. و ظنت أنها أدركت رتبة الزهاد.. وهم مع ذلك راغبون فى الرياسة والجاه.
    و الزهادة إنما تحصل بأحد أشياء: إما بالتعلم أو بالوعظ.. أو بمجرد الزهد.. فلقد تركوا أهون الأمرين.. وباءوا بأعظم المهلكات.
    فإن الجاه أعظم من المال
    و لو أخذ المال وترك الجاه.. كان إلى السلامة أقرب.. وهؤلاء مغرورون بظنهم أنهم من الزهاد فى الدنيا.. و لم يفهموا كيف مكر بهم.. و ربما تقدم الأغنياء على الفقراء..
    و منهم من يعجب بعلمه.. و منهم من يؤثر الخلوة و هو عن شروطها خال.. و منهم من يعطى المال فلا يأخذه خيفة أن يقال بطل زهده.. وهو راغب فى الدنيا.. خائف من ذم الناس
    و منهم من شدد على نفسه فى أعمال الجوامع.. حتى يصلى فى اليوم مثلا ألف ركعة و يختم القرآن و هو فى جميع ذلك لا يخطر له مراعاة القلب و تفقده و تطهيره من الرياء والكبر و العجب و سائر المهلكات.. و ربما يظن أن العبادة الظاهرة ترجح بها كفة الحسنات.. و هيهات ذرة من ذى تقوى.. و خلق واحد من خلق الأكياس أفضل من أمثال الجبال عملا بالجوارح..
    ثم قد يغتر بقول من يقول له: إنك من أوتاد الأرض.. و أولياء الله و أحبائه.. فيفرح لذلك.. و يظهر له تزكية نفسه.. و لو شوتم يوما واحدا ثلاث مرات أو مرتين لكفر و جاهد من فعل ذلك به.. وربما قال لمن سبه: لا يغفر الله لك أبدا..
    اللهم ارحم والدي كما ربياني صغيرا، رب اغفر لي ولوالدي و للمومنين يوم يقوم الحساب

  8. #28
    تاريخ التسجيل
    Nov 2010
    الدولة
    المغرب/الدار البيضاء
    المشاركات
    1,504

    افتراضي




    بَابٌ فِي آفَاتِ الْقُرَّاءِ




    قَالَ مَالِكُ بْنُ دِينَارٍ: " مَثَلُ قُرَّاءِ هَذَا الزَّمَانِ كَمَثَلِ رَجُلٍ نَصَبَ فَخًّا وَنَصَبَ فِيهِ بُرَّةً فَجَاءَ عُصْفُورٌ فَوَقَعَ قَرِيبًا مِنْهُ فَقَالَ لَهُ: مَا غَيَّبَكَ فِي التُّرَابِ؟
    فَقَالَ: التَّوَاضُعُ فَقَالَ: مِمَّا انْحَنَيْتَ؟
    فَقَالَ: مِنْ طُولِ الْعِبَادَةِ
    فَقَالَ: مَا هَذِهِ الْبُرَّةُ الْمَنْصُوبَةُ فِيكَ؟
    قَالَ: أَعْدَدْتُهَا لِلصَّائِمِينَ.
    قَالَ: نِعْمَ الْجَارُ أَنْتَ قَالَ: فَلَمَّا أَمْسَى وَغَابَتِ الشَّمْسُ دَنَا الْعُصْفُورُ فَأَخَذَ الْبُرَّةَ فَخَنَقَهُ الْفَخُّ
    قَالَ الْعُصْفُورُ: إِنْ كَانَ كُلُّ الْعُبَّادِ يَخْنُقُونَ خَنْقَكَ فَلَا خَيْرَ فِي الْعُبَّادِ الْيَوْمَ "




    قَالَ عَاصِم الْأَنْطَاكِيُّ : " كَتَبَ يُوسُفُ بْنُ أَسْبَاطٍ إِلَى بَعْضِ أَصْحَابِهِ: اكْتَرِ لِي مَنْزِلًا وَلَا تَكْتَرِ بَيْنَ الْقُرَّاءِ، فَإِنِّي أَتَخَوَّفُ أَنْ أَقُولَ تُفَّاحَةً فَيَقُولُونَ لُفَّاحَةً فَإِذَا لَمْ أُجِبْهُمْ إِلَى تِلْكَ ذَهَبُوا فَهَيَّأُوا بَيْتًا وَهَيَّأُوا فِيهِ طُنْبُورًا وَغُلَامًا وَخَمْرًا وَدَعَوْنِي وَأَنَا لَا أَدْرِي وَدَعَوُا النَّاسَ فَقَالُوا: تَعَالَوُا انْظُرُوا مَا مَعَ يُوسُفَ "


    قَالَ: مَالِك بْنَ دِينَارٍ، يَقُولُ: «أُجِيزُ شَهَادَةَ الْقُرَّاءِ فِي كُلِّ شَيْءٍ إِلَّا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ، وَجَدْتُهُمْ أَشَدَّ تَحَاسُدًا مِنَ التُّيُوسِ تُوثَقُ الشَّاةُ فَيُرْسَلُ عَلَيْهَا التَّيْسُ فَيَهُبُّ هَذَا وَيَهُبُّ هَذَا»




    قَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ: «لَأَنْ أَصْحَبَ فَتًى أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَصْحَبَ قَارِئًا»




    زَارَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ نَيْسَابُورَ، وَكَانَ يُنْسَبُ إِلَى الزُّهْدِ وَالتَّقَشُّفِ، فَلَمَّا دَخَلَ إِلَيْهِ لَمْ يُقْبِلْ عَلَيْهِ الرَّجُلُ وَلَمْ يَلْتَفِتْ إِلَيْهِ فَلَمَّا خَرَجَ مِنْ عِنْدِهِ أُخْبِرَ بِمَكَانِهِ وَأُعْلِمَ أَنَّهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ فَخَرَجَ إِلَيْهِ يَعْتَذِرُ وَيَتَنَصَّلُ وَقَالَ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ اعْذُرْنِي وَعِظْنِي.
    قَالَ: نَعَمْ إِذَا خَرَجْتَ مِنْ مَنْزِلِكَ فَلَا يَقَعْ بَصَرُكَ عَلَى أَحَدٍ إِلَّا أُرِيتَ أَنَّهُ خَيْرٌ مِنْكَ. وَذَلِكَ أَنَّهُ رَآهُ مُعْجَبًا بِنَفْسِهِ ثُمَّ سَأَلَ عَنْهُ فَإِذَا هُوَ حَائِكٌ "


    كَانَ الشَّافِعِيُّ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ رَجُلًا عَطِرًا وَكَانَ يَجِيءُ غُلَامُهُ كُلَّ غَدَاةٍ بِغَالِيَةٍ فَيَمْسَحُ بِهَا الْإِسْطِوَانَة َ الَّتِي يَجْلِسُ إِلَيْهَا وَكَانَ إِلَى جَنْبِهِ إِنْسَانٌ مِنَ الصُّوفِيَّةِ وَكَانَ يُسَمِّي الشَّافِعِيَّ الْبَطَّالَ يَقُولُ: هَذَا الْبَطَّالُ وَهَذَا الْبَطَّالُ قَالَ: فَلَمَّا كَانَ ذَاتَ يَوْمٍ عَمَدَ إِلَى شَارِبِهِ فَوَضَعَ فِيهِ قَذَرًا ثُمَّ جَاءَ إِلَى حَلْقَةِ الشَّافِعِيِّ فَلَمَّا شَمَّ الشَّافِعِيُّ الرَّائِحَةَ أَنْكَرَهَا وَقَالَ: فَتِّشُوا نِعَالَكُمْ فَقَالُوا: مَا نَرَى شَيْئًا يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ
    قَالَ فَلْيُفَتِّشْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا فَوَجَدُوا ذَلِكَ الرَّجُلَ فَقَالُوا: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ هَذَا. فَقَالَ لَهُ: مَا حَمَلَكَ عَلَى هَذَا؟
    قَالَ: رَأَيْتُ تَجَبُّرَكَ فَأَرَدْتُ أَنْ أَتَوَاضَعَ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ
    قَالَ: خُذُوهُ فَاذْهَبُوا بِهِ إِلَى عَبْدِ الْوَاحِدِ، وَكَانَ عَلَى الشُّرْطَةِ، فَقُولُوا لَهُ: قَالَ لَكَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ اعْتَقِلْ هَذَا إِلَى وَقْتِ نَنْصَرِفُ.
    قَالَ: فَلَمَّا خَرَجَ الشَّافِعِيُّ دَخَلَ إِلَيْهِ فَدَعَا بِهِ فَضَرَبَهُ ثَلَاثِينَ دِرَّةً أَوْ أَرْبَعِينَ دِرَّةً قَالَ: هَذَا إِنَّمَا تَخَطَّيْتَ الْمَسْجِدَ بِالْقَذَرَةِ وَصَلَّيْتَ عَلَى غَيْرِ الطَّهَارَةِ






    أَخْبَرَنِي بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ قَالَ: " كَانَ يَخْتَلِفُ مَعَنَا رَجُلٌ إِلَى أَبِي ثَوْرٍ وَكَانَ ذَا سَمْتٍ وَخُشُوعٍ فَكَانَ أَبُو ثَوْرٍ إِذَا رَآهُ جَمَعَ نَفْسَهُ وَضَمَّ أَطْرَافَهُ وَقَيَّدَ كَلَامَهُ فَغَابَ عَنْ مَجْلِسِهِ مُدَّةً فَتَعَرَّفَ خَبَرَهُ فَلَمْ يُوقَفْ لَهُ عَلَى أَثَرٍ ثُمَّ عَادَ إِلَى الْمَجْلِسِ بَعْدَ مُدَّةٍ طَوِيلَةٍ وَقَدْ نَحَلَ جِسْمُهُ وَشَحَبَ لَوْنُهُ وَعَلَى إِحْدَى عَيْنَيْهِ قِطْعَةُ شَمْعٍ قَدْ أَلْصَقَهَا بِهَا فَمَا كَادَ يَتَبَيَّنَهُ أَبُو ثَوْرٍ ثُمَّ تَأَمَّلَهُ فَقَالَ لَهُ: أَلَسْتَ صَاحِبَنَا الَّذِي كُنْتَ تَأْتِينَا؟


    قَالَ: بَلَى.
    قَالَ: فَمَا الَّذِي قَطَعَكَ عَنَّا؟
    فَقَالَ: قَدْ رَزَقَنِي اللَّهُ سُبْحَانَهُ الْإِنَابَةَ إِلَيْهِ وَحَبَّبَ إِلَيَّ الْخَلْوَةَ وَأَنَسْتُ بِالْوَحْدَةِ وَاشْتَغَلْتُ بِالْعِبَادَةِ.
    قَالَ لَهُ: فَمَا بَالُ عَيْنِكَ هَذِهِ؟
    قَالَ: نَظَرْتُ إِلَى الدُّنْيَا فَإِذَا هِيَ دَارُ فِتْنَةٍ وَبَلَاءٍ قَدْ ذَمَّهَا اللَّهُ تَعَالَى إِلَيْنَا وَعَابَهَا وَذَمَّ مَا فِيهَا فَلَمْ يُمْكِنِّي تَغْمِيضُ عَيْنِي كِلْتَيْهِمَا عَنْهَا وَرَأَيْتُنِي وَأَنَا أُبْصِرُ بِإِحْدَيْهِمَا نَحْوًا مِمَّا أُبْصِرُ بِهِمَا جَمِيعًا فَغَمَّضْتُ وَاحِدَةً وَتَرَكْتُ الْأُخْرَى.
    فَقَالَ لَهُ أَبُو ثَوْرٍ: وَمُنْذُ كَمْ هَذِهِ الشَّمْعَةُ عَلَى عَيْنِكَ
    قَالَ: مُنْذُ شَهْرَيْنِ أَوْ نَحْوَهُمَا.
    قَالَ أَبُو ثَوْرٍ: يَا هَذَا أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ لِلَّهَ عَلَيْكَ صَلَاةَ شَهْرَيْنِ وَطَهَارَةَ شَهْرَيْنِ. انْظُرُوا إِلَى هَذَا الْبَائِسِ قَدْ خَدَعَهُ الشَّيْطَانُ فَاخْتَلَسَهُ مِنْ بَيْنِ أَهْلِ الْعِلْمِ. ثُمَّ وَكَّلَ بِهِ مَنْ يَحْفَظُهُ وَيَتَعَهَّدُهُ وَيُلَقِّنُهُ الْعِلْمَ "




    العزلة/ أبو سليمان حمد بن محمد بن إبراهيم بن الخطاب البستي المعروف بالخطابي (المتوفى: 388هـ)




    اللهم ارحم والدي كما ربياني صغيرا، رب اغفر لي ولوالدي و للمومنين يوم يقوم الحساب

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •