تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: الجزء الثاني من شرح النخبة لأبي عبد الحفيظ العباسي الجزائري

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Mar 2011
    المشاركات
    46

    افتراضي الجزء الثاني من شرح النخبة لأبي عبد الحفيظ العباسي الجزائري



    مقدمة في تعريف هذا العلم
    قالوا قديما:
    إنّ مبادئ كل علم عشـــــــــــرة الحدّ والموضوعُ ثمّ الثمــــــــــر ة
    وفضله ونسبه والواضـــــــــ ــع الاسم , الاستمداد , حكم الشارع
    مسائل والبعض بالبعض اكتفى ومن درى الجميع حاز الشرفـــــا
    قال الحافظ السيوطي –رحمه الله-: " بــــــــــــــ ـــــــــدأت بحــــــــد علـــــــــــــ ـــم الحدـــيث، وموضـــــــــــ ـــــــــــــــ ـــوعه، وغايته: لشدة الحاجة إليها، ليتصور الطالب ما يشرع فيه بالحد ( الضابط)، لمسائله الكثيرة ليكون على بصيرة من طلبه، فإنَّ من عرف ما يطلب هان عليه ما يبذل.[1]
    قال الآمدي: "فنقول: حق على كل من حاول تحصيل علم من العلوم أن يتصور معناه أولاً بالحد أو الرسم ليكون على بصيرة فيما يطلب وأن يعرف موضوعه – وهو الشيء الذي يبحث في ذلك العلم عن أحوله العارضة له- تمييزا له عن غيره، وما هي الغاية المقصودة من تحصيله حتى لا يكون سعيه عبثا، وما عنه البحث فيه من الأحوال التي هي مسائله لتصور طلبها، وما منه استمداده لصحة إسناده عند روم تحقيقه إليه، وأن يتصور مبادئه التي لا بد من سبق معرفتها فيه إمكانها البناء عليه."اهـ[2]
    فمن رام تحصيل هذا العلم والوقوف على جزئياته ومفرداته، فلا بد أن يتصور مبادئه، التي لا بد من سبق معرفتها، حتى تكون مدخلا لهذا العلم، وتسهيلا لطالبه للوصول إلى المبتغى.
    وقبل الشروع في المقصود، وهو شرح النخبة، نقدم بمقدمة نعرف فيها هذا العلم، وموضوعه، والثمرة التي يجنيها الطالب من تعلم هذا العلم، وفضله ونسبه، إلى آخر ما جاء في البيت الشعري الذي ذكرناه في المقدمة، ونسأل الله تعالى أن يوفقنا لإتمام هذا الشرح، وأن يجعله في ميزان حسناتنا يوم القيامة.
    هذا ومن نافلة القول أن البحث لا يخلو من الخطأ والزلل والنقصان كما هي طبيعة البشر.
    قال المزني: "لو عورض كتاب سبعين مرة لوجد فيه خطأ، أبى الله أن يكون كتابٌ صحيح غير كتابه".
    فما كان فيه من حق وصواب فمن الله، فهو المان به، وإنما التوفيق بيده، وما كان فيه من خطأ وزلل فمن نفسي والشيطان، والله ورسوله ودين الإسلام براء منه، وأسأل الله تعالى أن يعفوا عن زللي وخطئي، وأن يجعل عملي هذا عملا مشكورا، وتجارة لا تبور، إنه ولي ذلك والقادر عليه.

    تعريف علوم الحديث
    تعريف العلوم: فهي جمع علم، والعلم يطلق على اليقين والمعرفة[3] ويطلق على الصفة التي تنكشف بها المعلومات[4]، وعلى الملكة الراسخة في النفس التي بها الإدراك[5]، وهذا الأخير هو المراد حينما نريد التعريف بعلم من العلوم المدونة.[6]
    تعريف الحديث:
    قال ابن فارس: " الحاء والدال والثاء أصل واحد، وهو كون الشيء لم يكن، يقال حدث شيء بعد أن لم يكن، والرجل الحدث: الطري السن، والحديث من هذا، لأنه كلام يحدث منه الشيء بعد الشيء".[7]
    وجاء في لسان العرب:" الحديث: نقيض القديم...والحديث: الجديد من الأشياء".[8]
    فالحديث ما يحـــــدث به المحدث تحديثا، ورجـــــــل حدث: أي كثير الحديث.[9]
    قال الجوهري:" الحديث الخبر يأتي على القليل والكثير ويجمع على أحاديث على قياس. كقطيع وأقاطيع.[10]
    أما النبي – صلى الله عليه وسلم- فقد أطلق على كلامه حديقا، وذلك حينما سأله أبو هريرة قائلا: " من أسعد الناس بشفاعتك يوم القيامة؟ ، فقال له الرسول- صلى الله عليه وسلم-: " لقد ظننت يا أبا هريرة أن لا يسألني عن هذا الحديث أحد أولى منك لما رأيت من حرصك على الحديث"[11]
    ويستعمل في قليل الخبر وكثيره، ويراد به أيضا كل كلام يتحدث به، وينقل ويبلغ الإنسان من جهة السمع أو الوحي في يقظته أو منامه، ومن ذلك مثلا قوله تعالى: ( ومن أصدق من الله حديثا)[12]، وقوله : ( فليأتوا بحديث مثله)[13]، وفي القرآن الكريم أيضا ( وإذ أسر النبي إلى بعض أزواجه حديثا)[14]، ( وعلمني من تأويل الأحاديث)[15]، أي ما يحدث به الإنسان من نومه.[16]
    تعريف الحديث في الاصطلاح:
    وحيث أن المحدثين جعلوا الحديث مرادفا للسنة فتعريفه هو تعريف السنة، كما أن الأصوليين[17] نظروا هذه النظرة للحديث فجعلوه مرادفا للسنة حسب اصطلاحها عندهم، وعرفوه أيضا حسب تعريف السنة[18].
    والذي يهمنا هنا هو تعريف علماء الحديث.
    ففي اصطلاح المحدثين:
    "ما أضيف إلى النبي – صلى الله عليه وسلم- من قول، أو فعل، أو تقرير، أو صفة ".[19]

    وقيل كذلك:
    " هو أقوال النبي – صلى الله عليه وسلم- وأفعاله، وتقريراته، وصفاته الخِلْقِية والخُلُقية".[20]
    وقيل كذلك:
    " هو ما أضيف إلى النبي – صلى الله عليه وسلم- من قول أو فعل أو تقرير أو صفة خلقية أو خِلقية أو سيرة سواء كان ذلك قبل البعثة أم بعدها".[21]
    وقال شيخ الإسلام: " الحديث النبوي عند الإطلاق ينصرف إلى ما حدث به عنه – صلى الله عليه وسلم- بعد النبوة من قوله وفعله وإقراره".[22]
    وعرفه الحافظ ابن حجر:" بأنه ما يضاف إلى النبي – صلى الله عليه وسلم—"[23]
    وعرفه السخاوي: " ما أضيف إلى النبي – صلى الله عليه وسلم- قولا له أو فعلا أو تقريرا أو صفة، حتى الحركات والسكنات، في اليقظة والمنام.[24]
    قال الطاهر الجزائري:" وذهب بعض العلماء إلى إدخال كل ما يضاف إلى النبي عليه الصلاة والسلام في الحديث، فقال في تعريفه:" علم الحديث أقوال النبي – صلى الله عليه وسلم- وأفعالُه وأحوالُه. وهذا التعريف هو المشهور عند علماء الحديث، وهو الموافق لفنَّهم فيدخل في ذلك أكثر ما يذكرُ في كتب السيرة، كوقت ميلاده، ومكانه، ونحو ذلك".[25]
    فهذه بعض النقولات في تعريف الحديث الشريف، وإن كان بعضها غير جامع، كتعريف شيخ الإسلام، فلم يذكر الوصف والآخر غير مانع كتعريف السخاوي، فلم يقيد بما بعد النبوة، أما تعريف ابن حجر فهو مجمل، فليس بجامع ولا مانع.[26]
    والتعريف الصحيح هو ما ذكرناه أولا، من إن الحديث هو: هو ما يضاف إلى النبي – صلى الله عليه وسلم- من قول، أو فعل، أو تقرير، أو صفة خُلقية وخِلقية، أو سيرة.[27]
    فهذه التعريفات تتفق في حصر الحديث بكونه ما أضيف إلى النبي – صلى الله عليه وسلم- دون غيره.
    وذهب بعضهم في تعريفه: إلى أنه ما أضيف إلى النبي – صلى الله عليه وسلم-، أو الصحابي، أو التابعي، فينطوي تحته ما رفع إلى النبي وهو الحديث المرفوع، وما أضيف إلى الصحابي، وهو الحديث الموقوف، وما وقف به عند التابعي وهو الحديث المقطوع.[28]
    وممن ذهب إلى ذلك الطيبي في الخلاصة[29] ، حيث ذكر أن السلف أطلقوا الحديث على أقوال الصحابة والتابعين لهم بإحسان وآثارهم وفتاويهم.
    شرح التعريف:
    قولنا ( قول ): هو الألفاظ النبوية، مثال ذلك: حديث معاوية بن أبي سفيان، رضي الله عنه، قال: سمعت النبي – صلى الله عليه وسلم- يقول:" مَن يُرِدِ اللهُ عبهِ خَيْراً يُفَقْهْهُ في الدِّين".[30]
    والقول إما أن يكون صريح كقال رسول الله أو حدثنا أو سمعت منه كذا، إما أن يكون حكمي كقول الصحابي الذي لم يأخذ عن الإسرائيليات فيما لا مجال للرأي فيه.

    قولنا ( الفعل): هو التَّصرُّفات النَّبويَّةُ العمليَّة. مثال ذلك: حديث عبد الله بن عباس، رضي الله عنهما: أنه توضأ فغسل وجهه، ثُمَّ أخذ غَرْفَةً من ماء فمضمض بها واستنشق، ثم أخذ غَرفةً من ماء فَجَعَل بها هكذا، أضافَها إلى يده الأخرى فغسل بهما وجهه، ثم أخذَ غَرفةً من ماء فغسل بها يده اليمنى، ثم اخذ غرفةً من ماء فغسل بها يده اليسرى، ثم مسح برأسه، ثم أخذ غرفة من ماء فَرَشَ على رجله اليُمنى حتَّى غسلها، ُ ثم اخذ غرفة أخرى فغسل بها رجله يعني اليسرى، ثم قال: هكذا رأيث رسول الله – صلى الله عليه وسلم- يتوضأ".[31]
    قولنا ( تقرير): ما يقع من غيره – صلى الله عليه وسلم- باطلاعه أو علمه فلا ينكره. مثال ذلك: حديث عائشة، رضي الله عنها، قالت، "لقد رأيت رسُولَ الله- صلى الله عليه وسلم-يوما على باب حُجْرتي والحَبشة يلعبون في المسجد، ورسول الله يسترني بردائه أنظر إلى لعبهم".[32]
    قولنا ( الصفَّة): خصائص بشريتِهِ – صلى الله عليه وسلم- فيما لا يرجع إلى كسبه وعمله، مثل: حديث البراء بن عازب- رضي الله عنه-، قال:" كان رسول الله – صلى الله عليه وسلم- أحسن الناس وجها، واحسَنَهُم خَلقاً: ليس بالطويل البائن، ولا بالقصير".[33]
    ومثل كونه أشجع الناس وأشدهم حياء وتواضعا وجودا. وعطفا على الفقراء والمساكين والأرامل واليتامى، وأعفهم عند المقدرة إلى غير ذلك من غرر الخلاق، ويدخل في ذلك سيرته وغزاوته- صلى الله عله وسلم-.[34]
    الفرق بين الحديث والسنة:
    السنة كما تقدم معنا تطلق في اللغة على عدة معان منها كما ذكرنا: السيرة والطريقة، حسنة كانت أو قبيحة، وخصها بعضهم بالطريقة الحسنة دون غيرها. قال الأزهري: والسنة الطريقة المستقيمة المحمودة، ولذلك قيل: فلان من أهل السنة".[35]
    أما في الاصطلاح: فإن المتتبع للاستعمالات الخاصة لكلمة السنة، يرى أن هذه اللفظة استعملت في أكثر من اصطلاح لدى علماء التشريع الإسلامي حيث أن كل فريق منهم يعطيها مدلولا خاصا بها.

    [1]البحر الذي زخر في شرح ألفية أهل الأثر ( ج/1/227).

    [2]الإحكام في أصول الأحكام ( ج/1/19).

    [3]هذا في عرف اللغويين.

    [4]هذا عند المتكلمين.

    [5]هذا في عرف بعض العلماء.

    [6]أنظر كتاب الوسيط علوم ومصطلح الحديث ( ص 23).

    [7]قاموس العرب (ج/2/36).

    [8]لسان العرب ( 798).

    [9]تهذيب اللغة للأزهري ( 4/405.

    [10]الصحاح للجوهري مادة " حدث". ولسان العرب لابن منظور، مادة " حدث".

    [11]رواه البخاري (1/193)، (11/418) المطبوع مع الفتح.

    [12]سورة النساء آية (97).

    [13] سورة الطور آية (34).

    [14]سورة التحريم آية (3).

    [15]سورة يوسف آية (101).

    [16]انظر تدريب الراوي ( ج/1/29)، محاضرات في علوم الحديث (35)، ، لمحات في أصول الحديث (27)، الوضع في الحديث (ج/1/42).

    [17]قال الطاهر الجزائري:" الحديث أقوال النبي – صلى الله عليه وسلم- وأفعاله، ويدخل في أفعاله تقريرهُ، وهو عدم إنكاره لأمر رآه أو بَلغه عمن يكون منقادا للشرع. وأما ما يتعلق به عليه الصلاة والسلام من الأحوال، فإن كانت اختيارية فهي داخلة في الأفعال، وإن كانت غير اختيارية كالحلية (من الرجل وخِلقتُه وصُورته. ) لم تدخل فيه، إذ لا يتعلق بها حُكم يتعلق بنا. وهذا التعريف هو المشهور عند علماء أصول الفقه، وهو الموافق لفنهم". ( توجيه النظر (37).

    [18]السنة في اللغة هي:
    السنة- بضم السين وفتح النون المشددة- مأخوذة من سنن.
    قال ابن فارس: السين والنون أصل واحد، وهو جريان الشيء وأطراده في سهولة.[18]
    والأصل في قولهم: سننت الماء على وجهي أسنه إذا أرسلته إرسالا.
    ومما اشيق منه هذا الأصل: السنة.
    وتطلق على معان:
    1- السيرة، والطريقة.
    قال ابن الأثير: والأصل فيها الطريقة والسيرة.اهـ[18]
    فالسنة في اللغة الطريقة والسيرة حسنة كانت أم سيئة.
    قال خالد بن زهير الهذلي:
    «فلا تجزعن من سيرة أنت سرتها فأولُ راض سنة من يسيرها».[18]
    فالسنة هنا بمعنى الطريقة والسيرة ، وتفسيرها لفظة «سيرة» في الشطر الأول من البيت.
    وفي التنزيل، قوله تعالى:{ قد خلت من قبلكم سنن فسيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة المكذبين} ( آل عمران: 137) قال الزجاج: والمعنى: أهل السنن، فحذف المضاف.
    وفي الحديث قوله – صلى الله عليه وسلم- : { ...من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها، وأجر من عمل بها بعده من غير أن ينقص من أجورهم سيء، ومن سن في الإسلام سنة سيئة، كان على وزرها، ووزر من عمل بها من بعده من غير أن ينقص من أوزارهم شيء.}[18]
    فكل من ابتدأ أمرا عمل به قوم من بعده، قيل هو سنة، قال نصيب:
    كأنني سننت الحب، أول عاشق من الناس إذ أحببت من بينــــــهم وحدي.[18]
    - 2- الطريقة المستقيمة المحمودة أو السيئة.
    وخصها بعضهم بالحسنة دون القبيحة.
    قال الزركشي: قال الخطابي: أصلها الطريقة المحمودة، فإذا أطلقت انصرفت إليها، وقد تستعمل في غيره مقيدة، كقولهم: من سن سنة سيئة.اهـ[18]
    وهذان المعنيان، السيرة والطريقة هما الأصل في كلمة السنة، وإلا فلها معان أخرى استعملت فيها هذه اللفظة.[18]


    [19]أنظر تدريب الراوي (ج/1/29)، اليواقيت والدرر ( ج/1/110)،

    [20]الوسيط في علوم الحديث (15).

    [21] قواعد التحديث ( ص 38).

    [22]مجموع فتاوى شيخ الإسلام ( 18/706).

    [23]فتح الباري (1/193).

    [24]فتح المغيث ( ج/1/14).

    [25]توجيه النظر (37).

    [26]الحديث الضعيف و حكم الاحتجاج به (13).

    [27]الأول بضم الخاء المعجمة نسبة إلى الخلق، والثانية بكسر الخاء المعجمة نسبة إلى الخلقة وهي الفطرة.

    [28]توجيه النظر ( ج/1/40)، لمحات في أصول الحديث ( 27)، الوضع في الحديث ( ج/1/42).

    [29]الخلاصة في أصول الحديث للطيبي ص 30.

    [30]متفق عليه ، أخرجه البخاري ( رقم 71، 2948، 6872). ومسلم (2/719).

    [31]أخرجه البخاري ( رقم: 140).

    [32]متفق عليه: أخرجه البخاري ( رقم:443) ومسلم ( 2/609).

    [33]متفق عليه : أخرجه البخاري البخاري ( رقم: 3356)، ومسلم (4/1819).

    [34]الوسيط في علوم ومصطلح الحديث (15).

    [35]تهذيب اللغة للأزهري (4/297).

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Mar 2011
    المشاركات
    211

    افتراضي رد: الجزء الثاني من شرح النخبة لأبي عبد الحفيظ العباسي الجزائري

    هل من ترجمة لصاحب هذا الشرح

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •