تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: أغلاط الموقعين عن رب العالمين للشيخ أمين بن عبدالله جعفر

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    May 2011
    المشاركات
    2

    افتراضي أغلاط الموقعين عن رب العالمين للشيخ أمين بن عبدالله جعفر

    أغلاط الموقعين عن رب العالمين
    الشيخ أمين بن عبدالله جعفر
    الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعــد: دخل رجلٌ على ربيعة الرأي فوجده يبكي، فقال له: "ما يبكيك؟ وارتاع لبكائه. فقال له: أمصيبة دخلت عليك؟ فقال: لا، ولكن استفتي من لا علم له وظهر في الإسلام أمر عظيم، ثم قال ربيعة: ولبعض من يفتي ههنا أحق بالسجن من السرّاق". [جامع بيان العلم وفضله لابن عبد البر" (2/ 1225)].
    ذاك أنَّ اللص السارق يسرق أموال أناسٍ مخصوصين, والمفتي بغير الحق -إمَّا لجهله أو هواه- يسرق من الناس دينهم الحق, فهو أحق بالسجنِ من السرّاق, والحجرِ من السفهاء. وتشتد الحاجة لحبس هؤلاء المفتين على غير هدى, والحجر عليهم في أزمنة الأزمات, وعند حلول الخطوب والمدلهمات, ومن ذلك ما تمر به الأمة الإسلامية اليوم في مرحلة الانعتاق بالثورات والمظاهرات والاعتصامات من رق الخنوع تحت وطأة الطواغيت الجاثمة على صدر الأمة العقود المتطاولة. حيث يظهر علينا بين الفينة والأخرى طائفةٌ ممن لم ترسخ أقدامهم في العلم الشرعي, ولم يشموا عبق التحقيق العلمي بفتاوى مغلوطة مفادها: أنَّ صنيع هؤلاء المتظاهرين خروجٌ على الإمام, وأنَّ هؤلاء المتظاهرين ما هم إلاَّ خوارجٌ, بغاةٌ, حربيون, حالهم كحال العرنيين, وأخفهم وطأةً من يزعم أنَّ الأمر فتنة!! "فأين تذهب عقول هؤلاء! فهل ثبتت شرعية هذه الأنظمة العلمانية -التي تجاهر بمنابذة الشرع المنزّل في قوانينها وواقعها- حتى يقال بالخروج عليها؟!"(1).
    لقد أصبح من نافلة القول تقرير عدم شرعية هذه النظم الحاكمة في البلاد العربية والإسلامية, وعدم صلاحية رؤسائها للحكم, وذلك أنَّ جماع السياسة العادلة والولاية الصالحة يقوم على ركنين:
    1- أداء الأمانات إلى أهلها في الولايات, والأموال, والحقوق بما يحقق الحياة الكريمة.
    2- الحكم بالعدل, ولا أعدل ولا أكمل من الحكم بالشريعة الإسلامية كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، مصداق ذلك من كتاب الله عز وجل: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا} [النساء:58].
    وكون هذه النظم الحاكمة في البلاد العربية والإسلامية ضيعت هذين الركنين, بله عادت عليها بالنقض والإبطال أمرٌ لا تخطئه عين, وذلك مما يوجب سقوطها, ويقتضي إسقاطها, وعزل حكامها وخلعهم. قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "وجماع السياسة العادلة والولاية الصالحة في أداء الأمانات إلى أهلها، والحكم بالعدل". [السياسة الشرعية (ص6)] وهذه الأنظمة المذكورة وأشباهها قائمةٌ على الخيانات والظلم والاستبداد. ولنا في هذا المقام مع هؤلاء المفتين فيما صدر عنهم من فتاوى مغلوطةٍ وقفاتٌ:
    ولي الأمر: إنَّ وليَّ الأمر الذي تجب طاعته, ولا يجوز الخروج عليه, من أعظم شروط ولايته كي تكون شرعية, وأهمِّ مقاصد إمامته: أنْ يقيم الدِّين ويحكم بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ففي صحيح البخاري عن معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه: أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: «إنَّ هذا الأمر -أي: الحكم- في قريش، لا يعاديهم أحدٌ إلا كبَّه الله في النار على وجهه، ما أقاموا الدين» مفهومه: أنَّ الإمام الذي لا يقيم الدِّين فليست إمامته شرعيةً؛ وليس له على الناس ولايةٌ ولا طاعة. وفي صحيح مسلم عن يحيى بن حصين عن جدَّته أمِّ الحصين الأحمسية: أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: «إن أُمِّر عليكم عبدٌ مجدع -حسبتها قالت: أسود- يقودكم بكتاب الله فاسمعوا له وأطيعوا» ولفظ أحمد: «فاسمعوا له وأطيعوا ما أقام فيكم كتاب الله». ففي هذين الحديثين النبويين وغيرهما مِن أدلة الوحي تعليقٌ لصحة الإمامة, ووجوب السمع والطاعة على إقامة الدين، والحكم بكتاب الله تعالى، فإذا عدل الحاكم عن الحكم به إلى غيرِه فقد بطلت إمامته، وانتفى وجوب طاعته، فإنَّ طاعتهُ فرعٌ عن طاعتِه لله، وإنَّما وجبت لكونه حكم بشرع الله، لقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ} [النساء:59]، فلم يكرر فعل الأمر {أَطِيعُوا} في أمره بطاعة أوليِّ الأمر إشارة إلى أنها متفرعةٌ عن طاعة الله والرسول صلى الله عليه وسلم، وأنَّها وسيلةٌ إلى طاعة الله ورسوله وذلك بالحكمِ بالكتابِ والسنة وليست مقصودةً لذاتها، يدل على ذلك قوله تعالى في ختام الآية: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ}، وقوله تعالى في الآيةِ التاليةِ لها: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلالًا بَعِيدًا} [النساء:60]، فذكر آية التحاكم بعد آيةَ طاعةَ وليِّ الأمر لبيان أنَّ طاعتهم إنَّما تجب إنْ حكموا بشرع الله ولم يتحاكموا إلى الطاغوت. قال الإمام ابن القيم في [إعلام الموقعين عن رب العالمين (1/ 48]: "قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا} [النساء:59] فأمر تعالى بطاعته وطاعة رسوله، وأعاد الفعل إعلاماً بأنَّ طاعة الرسول تجب استقلالاً من غير عرض ما أمر به على الكتاب, بل إذا أمر وجبت طاعته مطلقاً سواءٌ كان ما أمر به في الكتاب أو لم يكن فيه, فإنه أوتي الكتاب ومثله معه, ولم يأمر بطاعة أوليِّ الأمر استقلالاً بل حذف الفعل وجعل طاعتهم في ضمن طاعة الرسول؛ إيذاناً بأنَّهم إنَّما يطاعون تبعاً لطاعة الرسول, فمنْ أمر منهم بطاعة الرسول وجبت طاعته, ومنْ أمر بخلاف ما جاء به الرسول فلا سمع له ولا طاعة".
    يقول الإمام الشوكاني في [فتح القدير (1/ 481)]: "وأولي الأمر: هم الأئمة والسلاطين والقضاة وكل من كانت له ولاية شرعية لا ولاية طاغوتية".
    وعليه: فمتى ما انحرف الحاكم عن المقاصد الشرعية للولاية والإمارة: منْ عدم الحكم بالشريعة التي هي العدل كله, فإنَّه يجب على الأمة والحال هذه عزله وخلعه كما قد حكى الإجماع على ذلك غير واحدٍ من أهل العلم كالقاضي عياض, وابن بطال, والنووي, والحافظ ابن حجر وغيرهم, يقول شيخ الإسلام ابن تيمية في رسالته [السياسة الشرعية (ص33-34]: "والمقصود الواجب بالولايات: إصلاح دين الخلق الذين متى فاتهم خسروا خسراناً مبيناً ولم ينفعهم ما نعموا به في الدنيا, وإصلاح ما لا يقوم الدين إلا به منْ أمر دنياهم... فالمقصود أنْ يكون الدِّين كله لله, وأنْ تكون كلمة الله هي العليا. وكلمة الله: اسمٌ جامعٌ لكلماته التي تضمَّنها كتابه, وهكذا قال الله تعالى: {لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ} [الحديد:25]، فالمقصود من إرسال الرسل وإنزال الكتب: أنْ يقوم الناس بالقسط في حقوق الله وحقوق خلقه.
    ثم قال تعالى: {وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ} [الحديد:25]؛ فمن عدل عن الكتاب قوِّم بالحديد, ولهذا كان قوام الدين بالمصحف والسيف. وقد رُوِى عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أنَّه قال: أمرنا رسول الله صلى الله عليه و سلم أنْ نضرب بهذا -يعني: السيف- منْ عدل عنْ هذا -يعني المصحف-".
    مظاهراتٌ واعتصامات:
    قال حافظ المغرب عبد الحي بن عبد الكبير الكتاني في رسالته [مفاكهة ذوي النبل والإجادة] -في ذكر موجبات خلع الحاكم- (ص24) فكان مما قاله: "القائم على من تظاهر بالكفر لا يسمى ثائراً ولا مغتصباً في شرعنا المحمدي، بل يعد مجدداً للدين، ويجب على المسلمين نصره وإعانته". فما ثارت شعوب الأمة الإسلامية هذه الثورات إلا لتنال ما فقدته من "الحكم العادل" و "الحياة الكريمة" على مدى عقودٍ متطاولة, وما قامت به من الثورة على الظلم والفساد مندرجٌ تحت باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر, كما قال الله تعالى: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ} [آل عمران:110]، وقال الله تعالى: {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [آل عمران:104]، وقال صلى الله عليه وسلم: «منْ رأى منكم منكراً فليغيره بيده, فإنْ لم يستطع فبلسانه, فإنْ لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان» [متفق عليه من حديث أبي سعيدٍ الخدريّ].
    وفي صحيح مسلم من حديث عبدِ اللَّه بن مسعود أَنَّ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: «ما منْ نبيٍّ بعثه الله في أمةٍ قبلي، إلا كان له من أمته حواريُّون، وأصحابٌ يأخذون بسنَّته، ويقتدون بأمره، ثم إنَّها تخلف من بعدهم خلوف يقولون ما لا يفعلون، ويفعلون ما لا يؤمرون، فمن جاهدهم بيده فهو مؤمن، ومن جاهدهم بلسانه فهو مؤمن، ومن جاهدهم بقلبه فهو مؤمن، وليس وراء ذلك من الإيمان حبة خردل».
    وقال صلى الله عليه وسلم: «أفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر» [خرَّجه أبو داود وابن ماجه عن أبي سعيد الخدري].
    وروى الحاكم في مستدركه وصححه من حديث جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «سيد الشهداء حمزة ورجلٌ قام إلى إمامٍ جائر فأمره ونهاه فقتله».
    ووسائل الاحتساب والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر عديدةٌ لا حصر لها, ومن وسائل الاحتساب المعاصرة الاعتصامات والمسيرات والمظاهرات السلمية، شريطة أن تكون راياتها ومطالبها وأهدافها شرعية، فكل وسيلة مباحةٍ في أصلها يتحقق بها المقصود الشرعي من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فلها حكم مقْصِدِها, والقاعدة الفقهية: الوسائل لها أحكام المقاصد.
    ثمَّ إنَّ هذا الصنيع من قبيل المصالح المرسلة، وهي التي لم يرد في اعتبارها أو إبطالها دليلٌ خاص من الكتاب أو السنة أو الإجماع أو القياس، لكنها لا تخل عن دليل عام كلي يدل عليها، فهي لا تستند إلى دليل خاص معين، بل تستند إلى مقاصد الشريعة وعموماتها، هذه هي المصلحة المرسلة. وإنما قيل لها مرسلة لإرسالها؛ أي: إطلاقها عن دليل خاص يقيد ذلك الوصف بالاعتبار أو بالإهدار.
    ومن المعلوم أنَّ أجل المقاصد التي أتت الشريعة بحفظها, وأعظم المصالح التي أتت الشريعة بتحصيلها وتكميلها: حفظ الضرورات الخمس: الدين والنفس والعقل والعرض والمال. ومما نصب لحفظها وتحقيقها الإمامة والولاية, فإذا صارت الإمامة والولاية مضيعةً لما نصبت لأجل حفظه والحفاظ عليه, بله عادت عليه بالنقض والإفساد؛ فإنَّ كل ما يحقق مقصد الشريعة بإزالة هذه الولاية الناقضة المفسدة للدين والنفس والعقل والعرض والمال فهو من المصالح المرسلة, ومن ذلك الاعتصامات والمسيرات والمظاهرات السلمية. وليس هذا الصنيع بالأمر المبتدع ولا بالمستحدث, فقد قال الإمام الشعبي: "نعم الشيء الغَوغاء، يسدّون السيل، ويطفئون الحريق، ويشغبون على ولاة السّوء" [حلية الأولياء لأبي نعيم الأصبهاني (4/ 324], وفي التاريخ وقائع متعددة من هذا القبيل، ومن ذلك أن في سنة 308هـ ارتفع الغلاء والمكوس في بغداد، فاضطربت العامة لذلك، وأوقعوا شغباً.. وعندئذ أزيلت المكوس وهبطت الأسعار, كما في [المنتظم لابن الجوزي (13/ 194]: "وهذه المظاهرات والاحتجاجات قد جانبت القوة والسلاح، على عكس هذه الأنظمة البربرية الطاغوتية التي لا تفهم إلا السحق والقمع، وأيضاً فإن هذه المظاهرات تطالب بإقامة العدل وأداء الأمانات إلى أهلها، ومحاسبة اللصوص الكبار، وقد يتحقق جملة من هذه المطالب -كما هو واقع مشاهد- وإن اكتنف هذه التجمعات بعض المفاسد والشرور، فإن مصالحها تربو على مفاسدها، والشريعة جاءت بتحصيل المصالح وتكميلها ودرء المفاسد وتقليلها"(2).
    خوارجٌ, بغاةٌ, محاربون:
    لقد غلط هؤلاء المفتون في التكييف الفقهي، والتعريف العلمي لحال هؤلاء المتظاهرين والمعتصمين؛ حيث أسقطوا عليهم أحكام الخوارج أو البغاة أو الحربيين, وذلك غلطٌ في التصور, وشططٌ في الحكم. إيضاح ذلك أنَّ الخوارج: يكفِّرون مرتكب الكبيرة من عصاة الموحدين, ويلحقون أصحاب الكبائر من المسلمين بالكفار في الأحكام الدنيوية والأخروية, كما أنَّهم يخرجون على الإمام الحق وجماعة المسلمين, ويعاملونهم معاملة الكفار من استحلال دمائهم, واستباحة أموالهم وأعراضهم, فيقتلون أهل الإيمان ويتركون أهل الأوثان.
    وأمَّا البغاة: فهم جماعةٌ من المسلمين لهم شوكةٌ وقوة خرجوا عن طاعة الإمام الحق بتأويلٍ فاسد مستحلين دماء المسلمين وأموالهم, وشرط ذلك: أنْ يكون الخروج على سبيل المغالبة وحمل السيف والقتال, إذ أنَّ من يعصي الإمام الحق لا على سبيل المغالبة لا يكون باغياً.
    وأمَّا الحرابة والمحاربون: فهم من يقطعون الطريق ويخيفون السبيل فيقتلون النفس ويسرقون المال. فالحرابة وتسمى قطع الطريق عند أكثر الفقهاء: هي البروز لأخذ المال أو القتل أو الإخافة على سبيل المجاهرة اعتماداً على القوة مع البعد عن العمران ومواطن الغوث, والمحارب خرج فسقاً بغير تأويلٍ بغرض الإفساد في الأرض.
    وأمَّا المتظاهرون: فهم الشعب كله أو طائفةٌ عريضةٌ منه باختلاف مشاربهم وتعدد أطيافهم يظهرون في الشوارع والطرقات مظهرين مطالبهم (من مثل المطالبة برحيل النظام بما فيه رئيس البلاد ومن دونه, أو المطالبة بشتى الإصلاحات, وتحسين الأوضاع, ورفع المظالم) بأقوالٍ وأفعالٍ سلميةٍ بدون سلاح أو كل ما يؤدي إلى الضرر, سواءً كان ذلك في مسيراتٍ أو اعتصامات.
    ونلحظ من خلال التعريف العلمي والتكييف الفقهي لهؤلاء الطوائف الفروق الجلية بينهم وبين المتظاهرين, فالخوارج والبغاة والمحاربون من أعظم سماتهم جميعاً الخروج على الإمام الحق بالسلاح, بينما المتظاهرون من أعظم سماتهم عدم خروجهم بالسلاح, فأعظم سمات مظاهراتهم كونها سلمية.
    والفرق بين المتظاهرين والخوارج خاصةً:
    أنَّ الخوارج لهم معتقدات وسمات من مثل التكفير بالكبيرة، والأخذ بنصوص الوعيد دون نصوص الوعد، واستحلال دماء المسلمين، ومعاملتهم معاملة الكفار, والمتظاهرون من أبعد الناس عن ذلك.
    القتل بدمٍ بارد:
    إنَّ مؤدى التكييف الفقهي السابق للمتظاهرين بأنهم خوارج وبغاة ومحاربون: إباحة دماء المتظاهرين, واستحلال قتلهم, ومما يجب التأكيد عليه في هذا المقام: وجوب حفظ ما أتت الشريعة بحفظه من الضرورات الخمس, ومن ذلك حفظ النفس, فيجب تعظيم حرمات دماء المسلمين من المتظاهرين والمعتصمين وغيرهم، ولا يجوز بحال الاعتداء عليها من قبل أيٍ كائناً من كان، كما أنه لا يجوز الاستجابة لأي دعوة تؤدي إلى قتل مسلم, أو إهراق ولو قدر محجمة من دمه, وكل اعتداء بالضرب أو القتل أو غيره هو جريمة عمدية لا تسقط بالتقادم يُعاقَب عليه الآمر والمنفذ.
    قال الله تعالى: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا} [النساء:93].
    وقال تعالى: {مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا} [المائدة:32], وقال صلى الله عليه وسلم: «فإنَّ دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في بلدكم هذا في شهركم هذا» [رواه البخاري ومسلم].
    وقال صلى الله عليه وسلم: «لن يزال المؤمن في فسحة من دينه ما لم يصب دماً حراما» [رواه البخاري عن ابن عمر].
    وقال صلى الله عليه وسلم: «يجيء المقتول بالقاتل يوم القيامة, ناصيته ورأسه بيده وأوداجه تشخب دماً, يقول: يا رب! سل هذا فيم قتلني؟ حتى يدنيه من العرش» [رواه الترمذي والنسائي عن ابن عباس].
    وقال صلى الله عليه وسلم: «لزوال الدنيا أهون على الله من قتل رجل مسلم» [رواه الترمذي عن عبد الله بن عمرو].
    كما أنه لا تجوز طاعة أحدٍ يأمر بهذه المعصية ألا وهي قتل المسلمين, لقوله صلى الله عليه وسلم: «لا طاعة لمخلوق في معصية الله» [رواه أحمد عن عمران بن حصين].
    وعليه فليعلم أن الأجهزة الأمنية إنما هي لحماية الناس، وحفظ حقوقهم وحرياتهم التي كفلها لهم الإسلام، لا أن تكون أداة للحاكم في ظلم الشعب، وإرهابه، وسلب حقوقه, فيجب على الجيش والأمن حماية الأمة، وتحقيق الأمن والاستقرار في بلدان الإسلام, والدفاع عنها وحمايتها من صيال المعتدين من أعداء الإسلام من يهود ونصارى, لا أن يكونوا عصا غليظة بيد الطاغوت لقتل أبناء المسلمين.
    وعليه: فليعلم أنَّ كل من أعان ظالماً فهو ظالمٌ مثله، ومن ذلك: وصف المتظاهرين والمعتصمين بالخوارج والبغاة والمحاربين مما يحوي ضمناً إباحة دمائهم , ومشروعية النيل منهم, وقد قال صلى الله عليه وسلم: «من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئاً، ومن دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام من تبعه لا ينقص ذلك من آثامهم شيئاً» [رواه مسلم عن أبى هريرة].
    وقال صلى الله عليه وسلم: «لا تقتل نفس ظلماً إلا كان على ابن آدم الأول كفل من دمها؛ لأنه أول من سن القتل» [رواه البخاري ومسلم عن ابن مسعود].
    ونقول لهؤلاء الراكنين إلى الذين ظلموا, المجادلين عن الذين يختانون أنفسهم: إياكم وتصديق الكذبة بكذبهم, وإعانة الظلمة على ظلمهم, والرضا بصنيعهم, والمتابعة لهم في شأنهم, فقد قال صلى الله عليه وسلم: «إنَّه يستعمل عليكم أمراء فتعرفون وتنكرون؛ فمن كره فقد برئ، ومن أنكر فقد سلم، ولكن من رضي وتابع» [رواه مسلم عن أم سلمة].
    وقال صلى الله عليه وسلم: «إنها ستكون أمراء, يكذبون, ويظلمون, فمن صدقهم بكذبهم, وأعانهم على ظلمهم, فليس مني ولست منه, ولا يرد علىَّ الحوض, ومن لم يصدقهم بكذبهم, ولم يعنهم على ظلمهم, فهو مني وأنا منه، وسيرد علىَّ الحوض» [رواه أحمد عن حذيفة].
    وليت الأمر كان قتلاً فحسب, بل هو قتلٌ سياسي، وهو شرٌ من القتل المجرد, وإنَّ واجباً عليَّ أن أبيَّن الأمر من الوجهة الإسلامية الصحيحة؛ حتى لا يكون هناك عذر لمعتذر, ولعل الله يهدي بعض هؤلاء المجرمين؛ فيرجعوا إلى دينهم قبل أن لا يكون سبيل إلى الرجوع.
    إن الله سبحانه توعد أشد الوعيد على قتل النفس الحرام في غير آية من كتابه {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا} [النساء:93]. وهذا من بديهيات الإسلام التي يعرفها الجاهل قبل العالم, وإنما هذا في القتل العمد الذي يكون بين الناس في الحوادث والسرقات وغيرها -القاتل يقتل وهو يعلم أنه يرتكب وزراً كبيراً- أما القتل السياسي فذاك شأنه أعظم، وذلك شيء آخر. القاتل السياسي يقتل مطمئن النفس, راضي القلب يعتقد أنه يفعل خيراً؛ فإنه يعتقد بما بث فيه من مغالطات أنه يفعل عملاً حلالاً إن لم يعتقد أنه يقوم بواجبٍ قصر فيه غيره. فحكم القتل السياسي أشد من القتل العمد الذي يكون بين الناس، والقاتل قد يعفو الله عنه بفضله، وقد يجعل القصاص منه كفارة لذنبه بفضله ورحمته، وأما القاتل السياسي فهو مصر على ما فعل إلى آخر لحظة من حياته يفخر به، ويظن أنه فعل الأبطال، وثمة حديثٌ نصٌ في القتل السياسي لا يحتمل تأويلاً، فقد كان بين الزبير بن العوام وبين علي بن أبي طالب ما كان من الخصومة السياسية التي انتهت بوقعة الجمل، فجاء رجل إلى الزبير بن العوام فقال: أقتل لك علياً؟ قال: لا. وكيف تقتله ومعه الجنود؟ قال ألحق به فأفتك به. قال: لا. إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن الإيمان قيد الفتك, لا يفتك مؤمن» [خرجه الإمام أحمد بن حنبل في مسنده]. أي: أن الإيمان يُقيد المؤمن عن أن يتردى في هذه الهوة.
    ويقول صلى الله عليه وسلم: «من قتل مؤمنًا فاغتبط بقتله لم يقبل الله منه صرفًا ولا عدلاً» [رواه أبو داود عن عبادة بن الصامت]. فالإثم الشديد, والخزي القبيح على هؤلاء القتلة مستحلي الدماء, وعلى من يدافع عنهم, ويريد أن تتردى بلادنا في هوةٍ سحيقة" اهـ من مقال (الإيمان قيد الفتك) للسيد العلامة أحمد شاكر (جمهرة مقالاته (1/ 472 - 475). بتصرفٍ شديد.
    أيحدث الحجاج بحديث العرنيين؟!
    من عجيب أمر هؤلاء المفتين استدلالهم بحديث العرنيين: وهو ما خرجه البخاري ومسلم عن أنسٍ رضي الله عنه «أنَّ ناساً من عكل وعرينة قدموا المدينة على النبي صلى الله عليه وسلم, وتكلموا بالإسلام, فقالوا: يا نبي الله! إنَّا كنا أهل ضرع ولم نكن أهل ريف, واستوخموا المدينة, فأمر لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بذودٍ وراعٍ, وأمرهم أنْ يخرجوا فيه فيشربوا من ألبانها وأبوالها, فانطلقوا حتى إذا كانوا ناحية الحرة كفروا بعد إسلامهم, وقتلوا راعي النبي صلى الله عليه وسلم, واستاقوا الذود, فبلغ النبيَّ صلى الله عليه وسلم, فبعث الطلب في آثارهم, فأمر بهم فسمروا أعينهم, وقطعوا أيديهم, وتركوا في ناحية الحرة حتى ماتوا على حالهم».
    وقد غلط القوم في الاستدلال بهذا الحديث من جهتين:
    أولاهما: أنَّ هؤلاء القوم قد أتوا من الموبقات ما استوجب أنْ يعاقبوا بتلك العقوبة المغلظة، وهو أنَّهم كما قال عنهم أبو قلابة الجرمي -أحد رواة الحديث عن أنس-: فهؤلاء سرقوا, وقتلوا, وكفروا بعد إيمانهم, وحاربوا الله ورسوله, وسعوا في الأرض فساداً. فقد فارقوا المتظاهرين بردتهم, وسرقتهم, وقتلهم النفس المعصومة, ومحاربتهم الله ورسوله, وسعيهم في الأرض فساداً, وليس شيءٌ من ذلك في المتظاهرين، فهذا استدلالٌ بدليلٍ معينٍ في غير محله.
    ثانيهما: أنَّ الاستدلال بحديث العرنيين في مثل هذه الأحداث مفتقدٌ لفقه الفتوى؛ فإنَّه من المقرر عند العلماء في كتب فقه الفتوى: عدم تحديث أهل الباطل من أهل الأهواء والبدع أو ذوي السياسات الجائرة بأحاديث يتخذونها ذريعة على أهل الحق والسنة, ومن ذلك: أنْ يُحدث السلطان الظالم الجائر بأحاديث أو يُفتى بفتاوى - وإن كانت حقاً - يتخذها ذريعة للنيل من أهل الحق، بل يجب كتمان هذا العلم عنه والحال ما ذكرنا, ولمَّا حدث أنس بن مالك رضي الله عنه الحجاج بن يوسف بهذا الحديث أنكر عليه ذلك الحسن وغيره, قال الحافظ ابن حجر في [فتح الباري (1/ 261)]: "لأنه اتخذها وسيلة إلى ما كان يعتمده من المبالغة في سفك الدماء بتأويله الواهي", وهذا بابٌ من فقه الفتوى عظيم, مندرجٌ فيه تفريقه صلى الله عليه وسلم في فتياه بين الشاب والشيخ في القبلة للصائم, وتفريق عبد الله بن عباس رضي الله عنه بين رجلين سألاه: أللقاتل توبة؟ لما رأى من قرائن حاليهما ما يوجب التفريق بينهما, ونظائر ذلك كثيرة ليس هذا مقام بسطها.
    إنها ليست فتنة:
    لا يسوغ لبعض المنتسبين للعلم والدعوة أن يؤثروا الاختفاء، ويصمتوا عن واجب البلاغ المبين، والاحتساب في هذه الوقائع، وليس لهم أن يتنصلوا عن مدافعة الظلم وإقامة العدل والتعارف مع الأحرار على البر والتقوى.. وأسوأ من ذلك أن يتلفّع أولئك باعتزال الفتن ما ظهر منها وما بطن! وترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر خوف الفتنة من أدواء النفاق قديماً وحديثاً، وتلوث به بعض المتديِّنة في الماضي والحاضر.. وهذا ما كشفه ابن تيمية بقوله: «ولما كان في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والجهاد في سبيل الله من الابتلاء والمحن ما يتعرض به المرء للفتنة، صار في الناس من يتعلل لترك ما وجب عليه من ذلك بأنه يطلب السلامة من الفتنة. كما قال تعالى عن المنافقين: {وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ ائْذَنْ لِي وَلا تَفْتِنِّي أَلا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكَافِرِينَ }[التوبة:49]. وقد ذكر في التفسير أنها نزلت في الجد بن قيس لما أمره النبي صلى الله عليه وسلم بالتجهز لغزو الروم، فقال: «يا رسول الله! إني رجل لا أصبر على النساء، وإني أخاف الفتنة بنساء بني الأصفر، فائذن لي ولا تفتني، فأنزل الله فيه: {وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ ائْذَنْ لِي وَلا تَفْتِنِّي أَلا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكَافِرِينَ }[التوبة:49] يقول: إن نفس إعراضه عن الجهاد الواجب ونكوله عنه الذي زيّن له ترك الجهاد فتنة عظيمة قد سقط فيها، فكيف يطلب التخلص من فتنة صغيرة لم تصبه بوقوعه في فتنة عظيمة قد أصابته؟ وهذه حال كثير من المتدينين يتركون ما يجب عليهم من أمر ونهي وجهاد يكون به الدين لله وتكون به كلمة الله هي العليا، لئلا يفتنوا بجنس الشهوات، وهم قد وقعوا في الفتنة التي هي أعظم مما زعموا أنهم فروا منها» [الاستقامة لابن تيمية (2/ 287-291) باختصار](3).
    وقال الإمام الطبري: "لو كان الواجب في كل اختلاف يقع بين المسلمين الهرب منه بلزوم المنازل وكسر السيوف، لما أقيم حدٌّ، ولا أبطل باطل، ولوجد أهل الفسوق سبيلاً إلى ارتكاب المحرمات من أخذ الأموال وسفك الدماء وسبي الحريم بأن يحاربوهم ويكفّ المسلمون أيديهم عنهم بأن يقولوا: هذه فتنة، وقد نُهينا عن القتال فيها، وهذا مخالف للأمر بالأخذ على أيدي السفهاء" [فتح الباري لابن حجر(13/ 37)]. فإنْ كان ولا بد بحيث بلغت به الحيرة مبلغاً وودعته كما يقال -إن كان حليماً- حيران؛ حينها فليمسك يده ولسانه وقلمه, وليدعهم وشأنهم ينتقم الله من ظالم بظالم, قال الإمام مالك حين سُئل عن البغاة يخرجون على الإمام: أقاتل معه؟ فقال: "إن كان الإمام مثل عمر بن عبد العزيز وجب على الناس الذب عنه, والقتال معه, وأما غيره فلا; دعه وما يراد منه ينتقم الله من الظالم بظالم" [منح الجليل شرح مختصر خليل (9/195)].
    وفي الختام: فليعلم أنَّ حقيقة صنيع هؤلاء المفتين: وقوف مع الظالم ضد المظلوم, ومع الطاغية الفاسد ضد من وقع عليه الفساد والطغيان, مهما تلبس هؤلاء بلبوس العلم والشرع, من مثل مصطلحات ولي الأمر والخوارج والفتنة وغيرها من الألفاظ الموهمة، والتي يضعونها في غير موضعها, في ظل أنظمة لا تعترف بهكذا مصطلحات بل ترفضها وتسخر منها وممن صدرت عنه, وإنَّما احتاجوا إليهم في ظل هذه الظروف يتمندلون بهم ريثما يخرجوا من محنتهم.
    وإنني أحب أنْ أؤكد أنَّ إثم من يصبغ ظلم الظالم وفساد المفسد بالصبغة الشرعية أعظم من ظلم الظالم وفساد المفسد نفسه، وأنَّ التاريخ لن يرحم هؤلاء الراقصين على دماء وأشلاء الشهداء. "فليتقوا الله عز وجل حق التقوى, وليراجعوا مواقفهم تجاه الأنظمة بنظرة شمولية فاحصة، متحرين الفقه والدليل، والدراية بالواقع والحال، متقين الركون للظالمين أو الذبّ عن الخائنين بلسان الحال أو لسان المقال, والله المستعان, هو حسبنا ونعم الوكيل"(4).
    ______________________________ ________
    (1),(2),(3),(4): مقتطفات من مقال: تهافت الفراعنة للشيخ/ عبد العزيز العبد اللطيف.

  2. افتراضي رد: أغلاط الموقعين عن رب العالمين للشيخ أمين بن عبدالله جعفر

    مقال جميل
    جزاك الله خيرا
    وأتمنى الاختصار في المرات القادمة

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •