بسم الله الرحمن الرحيم
قال شيخُ الإسلام ابن تيمية رحمهُ الله تعالى :
( الاختلاف ثلاثة أقسام :
القسمُ الأوَّل : اختلافٌ يُذَمُّ فيه الطائفتين جميعًا ، كما في قوله تعالى : {ذلك بأنَّ الله نزَّل الكتابَ بالحق وإنَّ الذين اختلفوا في الكتابِ لفي شقاقٍ بعيد} ، وقوله تعالى : {ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا مِن بعد ما جاءهم البينات} ، وقوله تعالى : {إنَّ الذين فرَّقوا دينهم وكانوا شِيَعًا لستَ مِنهم في شيء} .
القسمُ الثاني : اختلافٌ يُحمَدُ فيه الطائفتين جميعًا ، كما في قولهِ تعالى : {ما قطعتم مِن لينَةٍ أو تركتموها قائمةً على أصولها فبإذنِ الله} ، وقد كان الصحابةُ في حصار بني النضير اختلفوا في قطع الأشجار والنخيل ، فقطعَ قومٌ وتركَ آخرون . وكما في إقرارِ النبي صلى الله عليه وسلم يوم بني قريظة لمن صلى العصر في وقتها ولمن أخرها إلى أن وصلَ إلى بني قريظة ، وكما في القراءات التي اختلفَ فيها الصحابة ، حتى زجرهم عن الاختلاف رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقال : "كلاكما مُحسِن" . وقد يُسمَّى هذا النوعُ مِن الاختلاف : اختلافُ تَـــنـــوُّع .
القسمُ الثالث : اختلافٌ يُحمَدُ فيهِ إحدى الطائفتين دون الأُخرى ، كقولهِ تعالى : {ولو شاءَ اللهُ ما اقتتلَ الذين من بعدهم من بعد ما جاءتهم البينات ولكن اختلفوا فمنهم من آمن ومنهم مَن كفر ولو شاء الله ما اقتتلوا} .
وأكثر الاختلاف الذي يؤول إلى الأهواء بين الأُمَّة مِن القسمِ الأوَّل ، وكذلك آلَ إلى سفك الدماء واستباحَة الأموال والعداوة والبغضاء ، لأنَّ إحدى الطائفتين لا تعترفُ للأُخرى بما معها مِن الحق ، ولا تُنصفها ، بل تزيدُ على ما معها مِن الحق زياداتٍ مِن الباطل ، والأخرى كذلك ) انتهى باختصار . مِن كتاب اقتضاء الصراط المستقيم (ج1/ص146-156) .