تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 5 من 5

الموضوع: ( نوادر ) : رد الأديب عبدالكريم الجهيمان على افتراءات " دائرة المعارف " على ابن تيمية

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Sep 2006
    المشاركات
    964

    افتراضي ( نوادر ) : رد الأديب عبدالكريم الجهيمان على افتراءات " دائرة المعارف " على ابن تيمية

    بسم الله الرحمن الرحيم

    اشتُهر الأستاذ عبدالكريم الجهيمان – وفقه الله – ( وُلد عام 1333هـ ) عند الناس بالأدب الشعبي ( الأمثال – الأساطير ) ، وقد يستغرب كثيرٌ منهم لو قيل له بأن الجهيمان ألّف كتابًا في " التوحيد " ليُدرَّس في المدارس الحكومية بالمملكة ، وعمره حينذاك ( 22 عامًا ) ! ( انظر : رسائل لها تاريخ ص 32-37 ) ، وذلك بعد دراسته في المعهد العلمي السعودي في مكة . وقد كانت له مشاركات " شرعية " في تلك الفترة ، قبل أن يغلب عليه الأدب .
    وقد أحببت أن أُتحف الإخوة بإحدى مقالاته الشرعية في جريدة " أم القرى " ( 25 ربيع الأول 1356هـ ) ، عن دفع افتراءات " دائرة المعارف الإسلامية " على شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله - :

    ترجمة شيخ الإسلام ابن تيمية في دائرة المعارف الإسلامية

    نشأ هذا الشيخ – رحمه الله رحمة واسعة – نشأة صالحة تحت يد والده الشيخ عبد الحليم ، وقد شب وترعرع بين أحضان أكابر علماء عصره، ورغب في العلم رغبة ملكت عليه مشاعره وامتزجت بلحمه ودمه، حتى كانت الكتب أنيسه في وحشته وقرينه في خلوته ولذته في دنياه، وقد آتاه الله ذكاء نادرًا، وفكرًا متوقداً، وفطنة عجيبة يعرفه بذلك كل من رآه وجالسه.
    وفي أواخر العقد الثاني من عمره، بدأ نجمه في الظهور، وشمس علومه في الإشراق، ثم لم يزل أمره يزداد في الشهر تلو الشهر، والسنة بعد السنة حتى ضرب في كل فن بسهم، وحتى كان هو المفرد العلم، وصاحب اليد الطولى في جميع العلوم سواء في ذلك العلوم العقلية، أو العلوم النقلية.
    ولقد ملك إعجاب الناس بلسانه الذرب وحججه الدامغة، وكتبه العجيبة المسلك، واطلاعه الواسع حتى إنك إذا سمعته يتكلم في فن حسبته قد تخصص فيه، وأنه لا يُحسن غيره، فإن تكلم في التفسير فبحرٌ زاخر، ومعين لا ينضب أو تكلم في الحديث ورجاله، فنقاد بصير وصيرفي بارع، أو تكلم في الفقه والفروع فاستحضار غريب، وموازنة بين أقوال العلماء نادرة، أو تكلم في النحو فأين منه سيبويه؟! أو في التاريخ فأين منه ابن جرير؟! أو في الآراء والمذاهب والملل والنحل رأيت العجب العجاب في سعة الاطلاع، وقوة العارضة، وإرجاع الفروع إلى أصولها، وحسن التعليل والجدل المقنع وللبراهين القاهرة، حتى لقبه أهل عصره بحق «شيخ الإسلام».
    ولقد أثنى عليه علماء عصره فمن بعدهم، أمثال الحافظ الذهبي، وكمال الدين أبو المعالي الزملكاني والعلامة ابن دقيق العيد، وعماد الدين بن كثير، والحافظ بن حجر، وخلق كثير غيرهم لا يحصون كثرة من أكابر العلماء ولقد بلغ من إعجابهم به، إكبارهم له، وإقرارهم بسعة اطلاعه، إلى أن يقول فيه الحافظ الذهبي: «ما رأيت أشد استحضاراً للمتون وشروحها منه، وكانت السنة بين عينيه، وعلى طرف لسانه، بعبارة رشيقة، وعين مفتوحة» وإلى أن يقول فيه ابن دقيق العيد: «رأيت رجلاً العلوم كلها بين عينيه يأخذ منها ما يريد، ويدع ما يريد» ، وبمثل هذه العبارات شهد له كبار العلماء في كل عصر ومصر.
    وقد مني هذا الإمام الجليل بزعانف من الناس حسدوه على ما آتاه الله من العلم والحكمة، وقديمًا قالوا : كل ذي نعمة محسود، نقموا عليه طول يده في العلوم وقصر أيديهم، وذكاءه وبلادتهم، وسعة اطلاعه ، ورحابة أفقه وضيق اطلاعهم وقلة معرفتهم ، فجلسوا له بالمرصاد، وأخذوا يتقولون عليه ما لم يقله ويُحملون كلامه ما لا يحتمله ويفهمون من كلامه ما لم يقصدوه ، وقد أوتوا من النفاق والحفاوة لدى ولاة الأمور ما ترفع عنه الشيخ فحاكوا له أنواع الحيل ، وسلكوا للإيقاع به شتى السبل، وعقد له منهم مناظرات كثيرة، وكان يبزهم بالحجة، ويفحمهم بالبراهين وكانوا ينهزمون أمامه في كل معركة من تلك المعارك ويخرج هو فائزًا منتصراً، فلا يجدون بدًا من الافتراء عليه حتى يؤخذ بالقوة، ويقبض عليه بيد القهر، وذلك شأن أهل الباطل في كل زمان ومكان.
    وقد امتُحن هذا الإمام بسبب هذه الطائفة من الناس بأنواع البلاء، وكان آخر تلك البلايا حبسه في قلعة دمشق تلك الحبسة التي فقد فيها العالم الإسلامي خير مدافع عن السلف وطريقتهم ، فجزاه الله عن الإسلام والمسلمين خير ما جزي به مجاهد على جهاده.
    وقد قُدر لي في هذه الأيام أن أطلع على ترجمة لهذا الإمام في دائرة «المعارف الإسلامية» فرأيتهم نسبوا إليه أشياء لا تليق به ، وما كان ينبغي لهم أن ينسبوها إليه، ولئن كان لمن عادى هذا الإمام في عصره بعض العذر – مع أنه لا عذر له – في رميه بما هو بريء منه خوفاً على مراكزهم – فما عذر من يكتب للحقيقة والتاريخ؟ ويريد أن يعطي الناس صورة صحيحة من عالم من علماء المسلمين في هذا الكلام الذي قد تنكب عن الحقيقة، ولئن كان للأجانب الذين كتبوا عنه بعض العذر فما عذر المعرّبين؟ والمعلقين؟ في تبيين الصواب وإرجاع الحق إلى نصابه كما هي عادتهم في كثير من المواضيع وإليك بعبارة «الدائرة»:
    «ولما كان ابن تيمية مسرفًا في التشيع لمذهب التجسيم: فقد كان يفسر الآيات والأحاديث التي تشير إلى الله تفسيرًا حرفياً ولقد تشبع بهذه العقيدة إلى درجة أنه – كما يقول ابن بطوطة – قال من منبر جامع دمشق: إن الله ينزل إلى سماء الدنيا كنزولي هذا ثم نزل درجة من درج المنبر».
    «وطعن -يعني شيخ الإسلام -على الرجال الذين يعتبرون حجة في الإسلام فقال من منبر جامع الصالحية: إن عمر بن الخطاب وقع في كثير من الأخطاء، وقال أيضاً أن علي بن أبي طالب أخطأ ثلاثمائة مرة، ولم يتفق علماء المسلمين على سنية ابن تيمية، ومنهم الذين يرمونه بالزندقة على أقل تقدير».
    ثم قال في موضع آخر، بعد أن وصفه بالبراعة في جملة من الفنون: «ولقد دافع عن سنن السلف الصالح من المسلمين بأدلة لم يسبق إليها مع أنها مستقاة من القرآن والحديث، ولكن حديثه في الجدل هو الذي جلب عليه عداوة الكثير من علماء المذاهب الآخرين».
    انظر أيها القارئ الكريم إلى هذا الكلام فإنه سيبدو لك لأول وهلة، تناقض في القول، وحكم بالشيء ونقيضه.
    إذ كيف يتفق أن يكون على أقل التقادير زنديقاً ، ثم هو يكون مع ذلك قد دافع عن مذهب السلف الصالح من المسلمين بأدلة لم يُسبق إليها !! لولا التخليط .
    وبياناً للحقيقة، وإظهاراً للحق، نجيب على ما رمي به من الزور وألصق به مما هو بريء منه، فنقول:
    إننا ننكر إنكاراً باتاً أن يكون شيخ الإسلام فسر حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم بنزوله درجة من درجات المنبر، ونقول من غير أن يخالجنا شك: إن هذه من جملة المسائل الشنيعة التي ألصقها به خصومه، ليهيجوا عليه بذلك الرأي العام، حتى يوقع به الحكام، وخير شيء يعبر عن الرجل، ويوضح آراءه هي كتبه وأصحابه وهذه كتب الشيخ بين أيدينا، وهذا كلام أصحابه بمرأى منا ومسمع ، لا نجد فيه شيئًا من هذا ، بل نجد أن الأمر بالعكس، فنجده هو وأصحابه يُشنعون على المجسمة والمشبهة، وينكرون عليهم أشد الإنكار ، ويثبتون أسماء الله وصفاته الواردة في القرآن الكريم والسنة المطهرة الصحيحة، إثباتاً حقيقيًا من غير تشبيه ولا تأويل، ومن غير تحريف ولا تعطيل، ويقول إن هذه الصفات التي يشترك فيها الخالق والمخلوق لفظًا لا معناً كالوجه واليدين، والنزول والرحمة والكلام ونحوها يقول في هذه وأمثالها: إن صفات الخالق تليق بجلاله وعظمته وصفات المخلوق تليق بحقارته وضعفه، فكما أننا نثبت لله ذاتًا لا كالذوات كذلك يجب أن نثبت له صفات لا كالصفات «ليس كمثله شيء وهو السميع البصير».
    هذه هي قاعدة الشيخ رحمه الله كما هي قاعدة أهل السنة والجماعة قاطبة، وكل كتاب من كتب الشيخ ينطق بهذا ويرد على من خالفه، ومن قال عليه غير ذلك فقد افترى عليه وبهته.
    وأما نسبة الطعن في الصحابة إليه، فهو أشبه لما سبقه من الغراب وبالغراب، وننكر إنكارًا باتاً أن يكون شيخ الإسلام ينسب إلى الصحابة شيئًا يضع من أقدارهم، بل إن الأمر بالعكس، فنجد كتبه ورسائله، طافحة بالثناء عليهم، وذكر محاسنهم، والكف عن مساوئهم، وغض البصر عما وقع بينهم بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم وإليك بكلام الشيخ في العقيدة الواسطية : "ومن أصول أهل السنة والجماعة سلامة قلوبهم وألسنتهم لأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما وصفهم الله بقوله: {والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلاً للذين آمنوا ربنا إنك رءوف رحيم} ثم أخذ في عد فضائلهم والثناء عليهم إلى أن قال: ونقول إن هذه الآثار المروية في مساويهم منها ما هو كذب ومنها ما قد زيد فيه ونقص وغير عن وجهه والصحيح منه هم فيه معذورون إما مجتهدون مصيبون وإما مجتهدون مخطئون وهم – يعني أهل السنة – لا يعتقدون أن كل واحد من الصحابة معصوم عن كبائر الأمم وصغائره؛ بل تجوز عليهم الذنوب في الجملة، ولهم من السوابق والفضائل ما يوجب مغفرة ما يصدر منهم إن صدر.. الخ" .
    هذه هي عبارات شيخ الإسلام في الصحابة، وهي كما يرى القارئ الكريم يفيض أدبًا معهم، وثناء عليهم وتقديرًا لهم وو... نعم! قد يكون شيخ الإسلام ترك قول عمر أو علي رضي الله عنهما لوجود حديث يعارض ما ذهبا إليه، فأتى به أعداءه في هذه الصورة الشنيعة، ويحملون ذلك على أنه يُخَطئهم، ويطعن فيهم، ويحط من أقدارهم، وليس كذلك ، فكلٌ يصيب ويخطئ إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكل يؤخذ من قوله ويترك إلا رسول الله باتفاق الصحابة والتابعين، والأئمة المهديين، ولا أظن أحدًا يخالف في هذا، وكون الصحابي يخطئ لا يضع من قدره، وهذا عمر بن الخطاب رضي الله عنه، يخطئ نفسه ويصوّب امرأة على منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبمشهد من أصحابه ، ولم يحط ذلك من قدر عمر، ولا كانت المرأة بذلك أعلم منه أو أرفع منزلة.
    وكثير من المسائل يقول بها الصحابة عن حسن قصد، فإذا بلغهم كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم خطأوا كل رأي يخالفه، ولو كان قول أبي بكر أو عمر، وهذا هو الحق الذي لا مرية فيه، والمنهج الذي لا يسلك عاقل غيره، ولشيخ الإسلام كلام نفيس في هذا الموضوع ذكره في كتابه «رفع الملام عن الأئمة الأعلام» ولولا طوله لنقلته فارجع إليه إن شئت.
    ومما تقدم تتحقق بطلان ما شنع به خصوم هذا الشيخ عليه، وأنه كان بحق «شيخ الإسلام» على رغم أنف من يكره له ذلك!!
    مكة – عبد الكريم بن جهيمان

    للفائدة

    1- يُنظر لرد الافتراءات السابقة وغيرها بالتفصيل: رسالة " مفتريات وأخطاء دائرة المعارف الإسلامية الاستشراقية " ؛ للدكتور خالد القاسم ( 2 / 940 – 997 ) – مطبوعة عام 1431هـ في مجلدين - .
    2- كاتب ترجمة شيخ الإسلام في " دائرة المعارف .." هو : الجزائري : محمد بن شنب ( ت 1929م ) ، وهو المسلم الوحيد الذي استعان به المستشرقون في كتابة بعض مواد الدائرة ، وقد خلط ابن شنب في ترجمته لشيخ الإسلام بين: المدح والقدح ؛ نظرًا لجهله ، واعتماده على بعض مصادر المناوئين لابن تيمية .
    وهنا تعريف بابن شنب :
    http://meriem.almountadaalarabi.com/t3560-topic
    وهنا موقع الأديب / عبدالكريم الجهيمان – ختم الله له بالحسنى - :
    http://www.aljhaiman.com/

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Jan 2007
    المشاركات
    479

    افتراضي رد: ( نوادر ) : رد الأديب عبدالكريم الجهيمان على افتراءات " دائرة المعارف " على ابن ت

    بارك الله فيكم شيخنا على هذه التحفة النادرة ،،،
    ولعلي أعود بشيء من التفصيل عن الدكتور ابن أبي شنب الجزائري ،،،
    « الحمد لله وحده »

  3. #3

    افتراضي رد: ( نوادر ) : رد الأديب عبدالكريم الجهيمان على افتراءات " دائرة المعارف " على ابن ت

    لمن تتبع " دائرة المعارف الإسلامية" وهل تفيد طالب العلم الشرعي وما مدى حجيتها بوجه عام ؟

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Feb 2007
    المشاركات
    1,125

    افتراضي رد: ( نوادر ) : رد الأديب عبدالكريم الجهيمان على افتراءات " دائرة المعارف " على ابن ت

    وقد يستغرب كثيرٌ منهم لو قيل له بأن الجهيمان ألّف كتابًا في " التوحيد " ليُدرَّس في المدارس الحكومية بالمملكة ، وعمره حينذاك ( 22 عامًا ) !
    صورة الكتاب، والرجل حفظه الله
    على قيد الحياة، ويظهر موقعه في أسفل الصورة:


    الصور المرفقة الصور المرفقة
    • نوع الملف: jpg 48.jpg‏ (31.5 كيلوبايت, 29 مشاهدات)
    أستاذ جامعي (متقاعد ولله الحمد)

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Sep 2006
    المشاركات
    964

    افتراضي رد: ( نوادر ) : رد الأديب عبدالكريم الجهيمان على افتراءات " دائرة المعارف " على ابن ت

    الأخ الكريم : فريد المرادي : وبارك فيك. سعدتُ بمرورك ، وأنتظر فوائدك عن الرجل ..

    الأخ الكريم : أحمد أبوالأنوار : أنار الله دروبك . الدائرة تجاوزها الزمن ، ولله الحمد ، وقد أحسن المصريون حينما ترجموها ، مع التعقيب على ( بعض ) انحرافاتها ، لأنها كُتبت بنَفَس استشراقي . وفي رسالة د القاسم مزيد عنها ..

    الأخ الكريم المفيد : خزانة الأدب : بارك الله فيكم .. إضافة قيّمة .

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •