الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه أما بعد:
فالحرية المزعومة، وما أدراك ما الحرية؟ إنها الحرية التي يتبجح بها ساسة الدول النصرانية، وهي إحدى الركائز التي قامت عليها الثورة الفرنسية زعموا، ثم لوقاحتهم لايستحون أن يكذبوا ما يدعون، فما هذه الحرية التي لاتسمح للمرأة المسلمة أن تتصرف في نفسها بما هو أرضى لضميرها، وأتقى لربها، ولا ضرر فيه على أحد؟!
إن اختيار المسلمة لبس النقاب على وجهها هو مما يدخل في الحرية الشخصية، وفي الحرية الدينية، حسب المبادئ التي قامت عليها الدولة الفرنسية.
وسواء كان غطاء الوجه في الإسلام واجبا أو مندوبا؛ فلم يقل أحد من علماء المسلمين إنه حرام؛ فليس لمتحذلق ينتسب إلى الإسلام أن يتزلف للدولة ويسند قانونها بتحريم الحجاب، وفرض الغرامات المالية على كل من تخالف ذلك القانون، ليس لهذا المتحذلق أن يجعل الخلاف النظري بين علماء المسلمين في النقاب سندا لذلك القانون الجائر بكل المقاييس، وحُق أن يسمى هذا القانون: "فضيحة الحرية المزعومة".
ولعل في هذا التصرف من الدولة الفرنسية ما ينبه المسلمين المقيمين إلى حقيقة هذه الدولة العلمانية وموقفها من الإسلام والمسلمين، وفي ذلك خير للمسلمين المقيمين في تلك البلاد، حتى لا يطمئنوا إلى المقام الدائم فيها من غير ضرورة، وعليهم:
أولاً: الصمود أمام هذا التعنت من الإدارة الفرنسية، لحملها على التراجع عن ذلك القانون، وعلى ذوي السلطة والقلم في البلاد الإسلامية أن ينصروا إخوانهم بإنكار هذا الظلم بكل الطرق الممكنة.
ثانياً: على المسلمين المقيمين في فرنسا العمل على العودة إلى بلادهم الإسلامية، أو أي بلد إسلامي تمكنهم الهجرة إليه؛ ليعيشوا بين إخوانهم المسلمين، ولتسلم ذرياتهم من تغيير هويتهم الإسلامية.
ومن تعذر عليه ذلك؛ فليهاجر إلى أي بلد تُوفر له فيه حرية التدين، كما هاجر الصحابة رضي الله عنهم لما أوذوا في مكة إلى الحبشة، وهي من البلدان النصرانية عملاً بقوله تعالى: (فاتقوا الله ما استطعتم)، وقال تعالى في وعده لمن اتقى ربه: (ومن يتق الله يجعل له مخرجا)، وقال في شأن الهجرة: (ومن يهاجر في سبيل الله يجد في الأرض مراغماً كثيرا وسعة ومن يخرج من بيته مهاجراً إلى الله ورسوله ثم يدركه الموت فقد وقع أجره على الله وكان الله غفورا رحيما).
نسأل الله أن ينصر الإسلام والمسلمين في كل مكان، وأن يهيء لهم من أمرهم رشدا، والحمد لله رب العالمين.