- حتى يتم لنا تصور المسألة ، والإحاطة بها ، لا بد أن نذكر مواطن الإجماع ، وعليه يحسن بنا القول :-
- أولا : أجمع العلماء على أن من أحرم بحج تطوع ، أو أحرم بعمرة تطوع ، فإنه يجب عليه إتمامهما، ولا يحل له الخروج منهما إلا بالتحلل ، أو أن يكون محصرا ، وقد ذكر هذا الإجماع ابن قدامة في المغني ، وابن حزم الظاهري في المحلى ، وغيرهما ، وانظر (( موسوعة الإجماع في الفقه الإسلامي )) لسعدي أبو جيب ، جـ 2 ، صــ 834 ، وانظر قول الإمام الماوردي في الحاوي الكبير 3 / 470 .
- ثانيا : أجمع العلماء - كما قرره ابن قدامة في المغني جـ 5 صـ 684 - على أنه (( أنه لا يجوز للمتصدق الرجوع في صدقته في قولهم جميعا ، لأن عمر قال في حديثه :" من وهب هبة على وجه صدقة فإنه لا يرجع فيها "، مع عموم أحاديثنا ، فاتفق دليلهم ودليلنا ، فلذلك اتفق قولهم وقولنا ))،أهـ.
- ثالثا : مسألة (( هل يلزم إتمام النفل كالصلاة، والصيام ، والاعتكاف )).
- اختلف العلماء في المسألة على قولين :
1 - قول الأحناف والمالكية : أنه يلزم إتمام النفل ، فإن أفسده فعليه القضاء .
2 - قول الشافعية والحنابلة : أنه لا يلزم إتمام النفل .
- وقد أوردنا سالفا الفتوى المتضمنة عرضا إجماليا لأدلة المذاهب في هذه المسألة ، وما هو الراجح فيها ديانة ، فلا نعيد القول .
- رابعا : مسألة الرجوع في الهبة ، والهبة في أصلها مندوب إليها ، وهي تنقسم إلى قسمين :
- القسم الأول : رجوع الوالد عن هبته لولده ، وفيه خلاف بين العلماء على ثلاثة أقوال :
1 - وهو لأبي حنيفة : أنه ليس له الرجوع بحال .
2 - وهو للشافعي : له الرجوع بكل حال .
3 - وهو لمالك : للأب الرجوع إن كانت الهبة على وجه المودة والمحبة ، وليس له الرجوع إن كانت على وجه الصدقة .
- وأما الإمام أحمد، فله ثلاث روايات ، كالمذاهب المنسوبة للفقهاء الثلاثة ، وأظهر الروايات أن له الرجوع .
- القسم الثاني : رجوع الأجنبي عن هبته ، وفيه ثلاثة مذاهب :
1 - لأبي حنيفة : أنه إذا كان الموهوب له أجنبيا ، ليس بذي رحم محرم منه ، ولا بينهما زوجية ، ولم يُعوض عنها ، لا هو ، ولا فضولي عنه ، فله الرجوع فيها ، إلا أن تزيد زيادة متصلة - كأن يكون الموهوب دارا فبنى الموهوب له فيها بناء - أو يموت أحد المتعاقدين ، أو تخرج الهبة من ملك الموهوب له ، فليس له مع شيء من هذه الأشياء الرجوع .
2 - لمالك : أنه إذا علم بالعرف أن الواهب قصد بالهبة الثواب - أي أن يثيبه الموهوب له - كان للواهب على الموهوب له مثل ذلك ، وإلا رد الهبة .
3 - للشافعي وأحمد : ليس له الرجوع ، وإن لم يُعوضه .
- وانظر كتاب (( الإفصاح في معاني الصحاح )) لأبي المظفر يحيى بن محمد بن هبيرة الحنبلي، ج2 ص 363 وبعدها ، علما أنني تصرفات في بعض العبارات ، ليستبين المعنى ، وبه نرجو أن تكون المسألة قد استبانت ، والله الموفق .