تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 7 من 7

الموضوع: شيخ الإسلام ابن تيمية.. والآخر / جمال سلطان (مات وهو يدعو في سجنه لمن ظلموه)

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Nov 2010
    المشاركات
    56

    Lightbulb شيخ الإسلام ابن تيمية.. والآخر / جمال سلطان (مات وهو يدعو في سجنه لمن ظلموه)


    أكثر ما أضر بالحالة السلفية في العالم الإسلامي هو أولويات الكتابة وسوء اختيار المداخل إلى العقل الإسلامي الجديد ، مما أوقع الالتباس لدى قطاعات من التيار الإسلامي نفسه ناهيك عن الالتباس الذي وقع لدى التيارات الفكرية الأخرى في فهم واستيعاب الكثير من الحقائق عن أهل السنة والجماعة والتيار السلفي بشكل عام ،

    ولذلك يكون من الأهمية بمكان أن تظهر كتابات سلفية جديدة تحسن اختيار مداخل الحديث ، وتحسن اختيار الأفكار ذات الأولوية وتحسن التعامل مع هواجس العقل الإسلامي الجديد ، وتلقي بالضوء على جوانب من تراثنا العلمي يحتاجها الجيل الإسلامي الجديد أو تغيب عن إدراكه ،


    لذلك كانت سعادتي كبيرة بمطالعة كتاب الباحث الإسلامي عائض بن سعد الدوسري عن شيخ الإسلام ابن تيمية ، والذي جعل عنوانه "ابن تيمية والآخر" ،

    والمفارقة المذهلة في الكتاب ليس فقط الذكاء في اختيار الموضوع وحسن اختيار المدخل الفكري والعلمي ، وإنما أيضا اختيار المفكر الكبير الدكتور محمد عمارة لكي يقدم لهذا الكتاب ، حيث كتب مقدمة فكرية من أجمل وأهم ما كتب عن ابن تيمية في الفكر الإسلامي الحديث ، كشف فيها عن عمق عقلانية ابن تيمية ، وهي العقلانية المنبثقة عن عمق وعيه بالوحي الإلهي ، والتي تدرك اكتمال المعرفة بين العقل والنقل ، وكلاهما هبة الخالق لخلقه ، كما كشف عن الاحترام الكبير الذي حظي به ابن تيمية عند المتأخرين بعدما عرفوا فضله ووقفوا على آثاره ، ولخص عمارة انبهاره بتراث ابن تيمية في قوله حرفيا
    (ولو أن المشروع التجديدي لابن تيمية قد وجد الدولة والسياسة التي تنهض به ، لتغير وجه العالم الإسلامي ووجهته ، ولاختصرت الأمة من عصور التراجع الحضاري عدة قرون) ،

    في كتابه الجديد والمهم ، كشف عائض الدوسري عن لمحات رائعة من سيرة ابن تيمية في تعامله مع خصومه في الفكر أو الرأي ، أو "الآخر" بالتعبير الجديد ، رغم أنه تحفظ على دقة هذا التعبير وفق المعايير الإسلامية ، فبالتوازي مع صلابة ابن تيمية العقدية والفكرية وثقته العظيمة بالله ، وهي التي جعلته يستعصي على التطويع من قبل السلطة ، مما أدى إلى سجنه أكثر من مرة ، حتى أنه مات في آخر مرة اعتقل فيها ، إلا أنه كان واسع الصدر مع مخالفيه ووافر الاتزان في موقفه من خصومه ،


    فعندما شنع عليه غلاة المتصوفة وخدم السلطان ووشوا به وكفروه وفسقوه ، رفض أن يشنع عليهم أو أن يكفرهم ، بل اعتبر موقفهم منه "اجتهاد" يرجو أن يثابوا عليه حتى ولو أخطأوا ، ويستحضر المؤلف عبارات قالها ابن تيمية وتكتب بماء الذهب من روعة الموقف من المخالف في الرأي مهما تمادى في ظلمه ، حيث يقول رحمه الله (وأنا في سعة صدر لمن يخالفني ، فإنه وإن تعدى حدود الله في بتكفير أو تفسيق أو افتراء أو عصبية جاهلية ، فأنا لا أتعدى حدود الله فيه )،


    وفي موقف آخر يقول شيخ الإسلام (فلا أحب أن ينتصر من أحد بسبب كذبه علي أو ظلمه وعدوانه ، فإني قد أحللت كل مسلم ، وأنا أحب الخير لكل المسلمين ، وأريد بكل مؤمن من الخير ما أحبه لنفسي ، والذين كذبوا وظلموا فهم في حل من جهتي) ، كتاب الدوسري جمع الكثير من مواقف ابن تيمية التي تكشف عن معدنه النادر ، فهو شديد التواضع ، قريب من الفقراء والمساكين ، مجاهد صلب ضد الصليبيين والتتار ، عف اللسان ، وعفيف النفس ، لم يزاحم أبدا على منصب أو قرب من سلطان ، رغم هيبته وانتشار علمه وإقبال الناس عليه ، وعندما اعتقلته السلطة ظلما بوشاية من خصومه رفض أن يدعو عليهم بل دعا لهم ، واستثمر وجوده في السجن في التأليف والعبادة فأخرج العديد من المجلدات ، حتى أن خصومه حسدوه في سجنه وضيقوا عليه فجعلوا السلطان يحظر عليه الأوراق والأقلام ، فكان يستعمل الفحم في تسريب رسائله إلى تلاميذه ومحبيه ،


    وعندما دارت الدائرة على خصومه من المتصوفة وبعض القضاة عندما أطيح بالسلطان بيبرس على يد السلطان محمد بن قلاوون الذي تآمر عليه بيبرس من قبل ، أراد بن قلاوون أن يصفي حساباته مع كل الفقهاء وشيوخ المتصوفة والقضاة الذين ساروا في ركب بيبرس ، فأخرج ابن تيمية من السجن وأكرمه واجتمع به في قصره طالبا منه فتوى بتكفير خصومه هؤلاء والتصريح بقتلهم ، وذكره بما فعلوه فيه وتكفيرهم له ليوغر صدره ويستثمر الموقف لتبرير المذبحة التي ينوي الإقدام عليها ،


    إلا أن ابن تيمية رفض بروح عالية مطلب السلطان ، وناشده أن يعفو عنهم وأن يكرم نزلهم لأنهم أهل العلم الباقون ، بل قال له كلمته الرائعة "إذا قتلت هؤلاء لا تجد بعدهم مثلهم من العلماء الأفاضل" ،


    ولم يزل به يسترحمه عليهم حتى أصدر قرارا بالعفو عنهم جميعا ، بل إن أشد خصومه وهو الشيخ البكري الصوفي ، والذي اعتدى عليه بالضرب وهيج عليه العامة وكفره وفسقه وشنع عليه ، عندما انقلب عليه السلطان وطلبه للتنكيل به ، لم يجد مكانا يهرب فيه ، بعد أن ضاقت عليه الدنيا ، سوى بيت ابن تيمية نفسه ، يحميه ويشفع له عند السلطان ،


    وعندما كاتب ابن تيمية ملك التتار ليفتدي أسرى بيت المقدس عنده أجابه إلى طلبه غير أنه أخبره بأن هناك بينهم نصارى لا يدخلون في الاتفاق ، فرفض ابن تيمية وطالبه بإطلاق الجميع وكتب له يقول (بل جميع من معك من اليهود والنصارى هم أهل ذمتنا فإنا نفتكهم ولا ندع أسيرا لا من أهل الملة ولا من أهل الذمة) فأطلق ملك التتار الجميع ،


    وقد عقد الكتاب مقارنات بين هذه الروح الإنسانية الرائعة عند ابن تيمية وبين مواقف خصومه وبعض المذاهب المغالية وضرب نماذج منها لعل أهمها في الشيعة الإثنا عشرية وكيف استسهلوا تكفير المخالف بصورة عجيبة بل كفروا ابن تيمية نفسه ، واستدل الباحث على هذه الروح الأقصائية بنصوص مستفيضة من مؤلفات مرجعيات شيعية كبيرة في القديم والحديث ،


    كتاب عائض الدوسري عمل فكري ممتع ورائع ، وتمنيت لو أن المساحة هنا مبسوطة لكي أشرك القارئ معي في اقتباسات ونصوص ، تجعلنا أمام علم من أعلام الأمة ، لم يظلمه معاصروه فقط ، حتى مات وهو في سجنه يدعو بالرحمة والهداية حتى للسلطان الذي ظلمه ، بل ظلمه كثير من المعاصرين أيضا ، وإن كان الله تعالى قد حفظ علمه وبارك في تراثه حتى طبق الآفاق ، يرحمه الله


    رابط للكتاب:
    تحميل


  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Nov 2010
    المشاركات
    56

    افتراضي رد: شيخ الإسلام ابن تيمية.. والآخر / جمال سلطان (مات وهو يدعو في سجنه لمن ظلموه)

    رابط آخر
    اضغط هنا




  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Dec 2010
    الدولة
    ذُمّ المنازلَ بعد منزلةِ اللّوى ..والعيشَ بعدَ أولئِك الأيّام
    المشاركات
    563

    افتراضي رد: شيخ الإسلام ابن تيمية.. والآخر / جمال سلطان (مات وهو يدعو في سجنه لمن ظلموه)

    جزاك الله خيرا / هل هو موجود في المكتبات / وما إسم دار النشر بارك الله فيك
    صفحتي على ( الفيس بوك )
    https://www.facebook.com/rabia.yamani




  4. #4

    افتراضي رد: شيخ الإسلام ابن تيمية.. والآخر / جمال سلطان (مات وهو يدعو في سجنه لمن ظلموه)


  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Dec 2010
    الدولة
    ذُمّ المنازلَ بعد منزلةِ اللّوى ..والعيشَ بعدَ أولئِك الأيّام
    المشاركات
    563

    افتراضي رد: شيخ الإسلام ابن تيمية.. والآخر / جمال سلطان (مات وهو يدعو في سجنه لمن ظلموه)

    جزاك الله خيرا أخي أبا قتادة /
    صفحتي على ( الفيس بوك )
    https://www.facebook.com/rabia.yamani




  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Jun 2007
    الدولة
    جمهورية مصر العربية
    المشاركات
    377

    افتراضي رد: شيخ الإسلام ابن تيمية.. والآخر / جمال سلطان (مات وهو يدعو في سجنه لمن ظلموه)

    فكر مستنير نحن أحوج ما نكون إليه

  7. #7

    افتراضي رد: شيخ الإسلام ابن تيمية.. والآخر / جمال سلطان (مات وهو يدعو في سجنه لمن ظلموه)

    رحم الله الشيخ رحمه واسعه ورزقنا الله بمن هو مثله او افضل


    كلما تفكرتَ في كتبه زرت اعجابا به

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •