السلام عليكم,
أيها الاخوة الكرام, أرجو افادتي بطريقة الجمع بين هذين النصين, الأول للامام الدهولي رحمه الله تعالى و الثاني لشيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله, و سأسطر أهم ما ا جذب انتباهي فيهما و أشكركم مسبقا :
قال الامام الدهلوي رحمه في رسالته { رد الاشراك} أو { رسالة التوحيد} :
الفصل الثاني: في رد الإشراك في العلم
الحواس الخمس الظاهرة والعقل منحة إلهية عامة للبشر:
قال الله تعالى وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو اعلم أن الله تعالى قد وهب عباده قوى ووسائل للإطلاع على أمور ظاهرة فرزقهم العين ليبصروا والأذن ليسمعوا والأنف ليشموا واللسان ليذوقوا واليد ليجسوا والعقل ليفهموا ويتبصروا وقد مكنهم من هذه الطرق والوسائل وملكهم إياها ليستخدموها في مآربهم وحاجاتهم فكلما أراد الإنسان أن يبصر فتح عينه وإلا أطبقها وإذا أراد أن يتذوق شيئا وضعه في فمه إن شاء فعل وإن لم يشأ لم يفعل فكأنما أعطاهم مفاتيح لاكتشاف هذه الأشياء والإطلاع عليها ومن كان عنده مفتاح كان القفل خاضعا له تابعا لإرادته إن شاء فتح وإن لم يشأ لم يفتح, فكان الإطلاع على الأمور الظاهرة في تصرف الناس وكانوا أحرارا فيه يتصرفون فيه كما يشاءون.
علم الغيب خاص بالله تعالى ووراء طور البشر:
وهذا شأن الإطلاع على الغيب فيما يختص بالله تعالى فهو يملكه ويتصرف فيه كما لو يشاء وهي صفته الدائمة ولم يجعل لولي أو نبي أو جني أو ملك أو شيخ أو شهيد أو إمام ولا لعفريت ولا لجنية أن يطلعوا على الغيب متى شاءوا, إن الله قد يطلع من يشاء على ما يشاء متى يشاء لا يجاوز علمه ما أراد الله إطلاعه عليه مثقال ذرة وكان ذلك خاضعا لإرادته الله تعالى لا لهواهم وقد وقع للنبي صلى الله عليه وسلم مرارا أنه رغب في الإطلاع على شيء ولم يتيسر له ذلك فلما أراد الله ذلك أطلعه عليه في طرفة عين وقصة الافك مشهورة معلومة للجميع وقد أشاع المنافقون عن سيدتنا عائشة ما هي عنه بريئة وقد كبر ذلك على النبي صلى الله عليه وسلم وبلغ منه كل مبلغ وقضى أياما يفحص فيها عن الأمر فلم تنكشف عليه الحقيقة وبقى أياما مشغول الخاطر فلما أراد الله أن تنجلي عنه هذه الغمة وتنكشف له الحقيقة أخبره بأن المنافقين هم الكاذبون وأن عائشة رضي الله عنها بريئة من هذه التهمة فعلم من ذلك يقينا أن مفتاح الغيب بيد الله تعالى لم يمكن منه أحدا ولم يملكه إياه وليس له خازن بل هو الذي يفتح هذا القفل بيده فيهب من يشاء لا يمسك يده أحد ولا يمنعه ن ذلك أحد.
من ادعى لنفسه أو اعتقد في أحد علم الغيب بالاستقلال والدوام كان كاذبا آثما:
وقد تبين من هذه الآية أن من أدعى علما يعرف به الغيب متى شاء وأن الإطلاع على الأمور المستقبلة ميسور له وتحت تصرفه كان كذابا مدعيا للألوهية ومن اعتقد ذلك في نبي أو ولي أو جني أو ملك أو إمام أو ابن إمام أو شيخ أو شهيد أو منجم أو رمال أو جفار أو من يبحث عن الفال في كتاب وغير ذلك أو كاهن أو سادن أو عفريت أو جنية كان مشركا منكرا لهذه الآية.
ومن وسوست له نفسه وسول له الشيطان أنه قد يتحقق ما يخبر به منجم أو رمال أو كاهن أو محترف بالأخبار بالسعد والنحس فيدل ذلك على علمه للغيب كل ذلك باطل فإن كثيرا ما تخطئ أخبارهم ويقع عكسها فثبت من ذلك لا صلة له بعلم الغيب وأنه ليس في تصرفهم وإنما يتكلمون رجما بالغيب وقد يصيبون وقد يخطئون وهذا هو الشأن في الاستخارة والكشف ومن يبحث عن الفال في المصحف.
وبالعكس من ذلك فإنه لا خطأ في الوحي والوحي لا يملكون من أمره شيئا وإنما ذلك إلى الله إذا شاء أوحى إليهم بما شاء وإذا لم يشأ لم يوح إليهم لا أثر لرغبتهم في ذلك يقول الله تعالى قل لا يعلم من في السماوات والأرض الغيب إلا الله وما يشعرون أيان يبعثون فعلم أنه لا سلطان لأحد على الغيب ودليله أن جميع المؤمنين يؤمنون بأن الساعة آتية لا ريب فيها ولكنهم لا يعلمون موعدها بالتحديد يقول الله تعالى إن الله عنده علم الساعة وينزل الغيث ويعلم ما في الأرحام وما تدري نفس ماذا تكسب غدا وما تدري نفس بأي أرض تموت إن الله عليم خبير.
الأمور المستقبلة التي لا تعلم بالقطع:
فإذا كان هذا من شأن الساعة التي هي من الأمور القطيعة ومن ضروريات الدين لا يعلمها أحد فما ظنك بغيرها من الأخبار والحوادث كالفتح والهزيمة والمرض والصحة فإنها لم تشتهر اشتهار القيامة ولم تكن منزلتها من القطع واليقين كمنزلة القيامة كذلك لا يعرف أحد متى ينزل المطر مع أن الفصول معينة وللأمطار فصل وإبان يجيء فيه الأمطار في غالب الأحيان وقد تشتد إليه حاجة البشر ويتمناه الأنبياء والأولياء والملوك والحكماء في بعض الأحيان ويرغبون فيها أشد الرغبة فإن كان إلى العلم به سبيل اهتدى إليه بعض الأفراد أما الأشياء التي ليس لها فصل معين ولا يتفق الناس على الحاجة إليه أو الرغبة فيه كأن يموت رجل أو يعيش أو أن يرزق أحد ولدا أو يغني الإنسان أو يفتقر أو أن ينتصر أحد في حرب أو ينهزم أحد فلا سبيل إلى علمها لأحد وكذلك ما كان في الأرحام من نطفة فلا يعلم أحد هل هي واحدة أو تؤام ذكر أو أنثى كاملة أو ناقصة دميمة أو وسيمة مع أن الأطباء قد أفاضوا في ذكر أسبابها ولكنهم لا يعلمون شيئا بالاختصاص.
العلم بمكنونات الضمائر وهواجس الخواطر ليس بميسور دائما:
وإذا كان هذا شأن أمور تظهر أمارتها وتعرف مقدماتها فكيف بما يضمره الإنسان من أفكار وخواطر وإرادات ونيات وإيمان ونفاق وهي في بطون الضمائر وطيات الصدور وإذا لم يعلم أحد ما مصيره غدا, و ما هو فاعله{ و ما تدري نفس ماذا تكسب غدا} فكيف يعلم حال غيره وإذا لم يعلم مكان موته{ وما تدري نفس بأي أرض تموت} فكيف يعلم أن يموت فلان ومتى يموت.
المدعون المحترفون بالأخبار عن الأمور الغيبية
وجملة القول إن الذين يدعون الغيب أو يدعون الكشف المطلق الدائم ومنهم من يعلم طريق الاستخارة التي لا تخطئ قط ومنهم من يستخرج الأخبار من تقويم النجوم أو الرمل ومنهم من يستفتح بعلم الرمل ومنهم من يطوف في الناس وفي يده كتاب للبحث عن الفال فإن كلهم كاذبون مزورون ويجب على المسلم الصادق أن يبتعد عنهم ولا يقع في شباكهم.
أما من لم يدع علم الغيب ولا يزعم أن له سلطانا عليه بل يقول إن جل الأمر أنه قد يطلع على بعض الأشياء بحول الله تعالى وليس ذلك في يدي ومكنتي وليس لي أن أعلم ما أريده ومتى أريده إنما هي لمحات ونفحات يجود الله بها علي فإنما يمكن ذلك ومن الناس من يكون صادقا في قوله ومنهم من يكون مزورا أو محترفاً.
نداء الأموات من بعيد أو قريب للدعاء إشراك في العلم:
وقال الله تعالى {وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لَا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ} [الأحقاف: 5]، وقد دلت هذه الآية على أن المشركين قد أمعنوا في السفاهة فقد عدلوا عن الله القادر العليم إلى أناس لا يسمعون دعاءهم وإن سمعوا ما استجابوا وهم لا يقدرون على شيء فظهر من ذلك أن الذين يستغيثون بالصالحين الذين كانوا في الزمن السابق من بعيد وقد يكتفي بعض الناس فيقولون يا سيدنا أدع الله لنا يقض حاجتنا ويظنون أنهم ما أشركوا فإنهم ما طلبوا منهم قضاء الحاجة وإنما طلبوا منهم الدعاء وهذا باطل فإنهم وإن لم يشركوا عن طريق طلب قضاء الحاجة فإنهم أشركوا عن طريق النداء فقد ظنوا أنهم يسمعون نداءهم عن بعد كما يسمعون نداءهم عن قرب وكان ذلك سواءً في حقهم ولذلك نادوا من مكان بعيد مع أن الله سبحانه وتعالى قال{ وهم عن دعائهم غافلون}.
نفى القدرة المطلقة والاستقلال بعلم الغيب عن النبي صلى الله عليه وسلم:
وقال الله تعالى {قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا ضَرًّا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} الأعراف.
وقد خاطب الله تعالى في هذه الآية سيد الأنبياء صلى الله عليه وسلم وهو الذي بهرت معجزاته ومنه تعلم الناس أسرار الدين وغوامض الأمور وباتباعه واقتفاء آثار نال من نال الشرف عند الناس والمنزلة عند الله فأمره بأن يخبر الناس بخبره حتى يقيس به الناس غيره فإذا كان هو لا يقدر على شيء ولا يعلم الغيب فلا يملك لنفسه نفعا ولا ضرا وإذا كان يعلم الغيب عرف عواقب الأمور فإذا عرف عن أمر أنه يؤول إلى نجاح أقدم إليه وأقبل عليه وإذا عرف أنه لا خير فيه أمسك عنه وزهد فيه.
وقد نفى النبي صلى الله عليه وسلم عن نفسه الشريفة القدرة المطلقة والعلم بالغيب إنما أكرمه الله بالرسالة وشرفه بالنبوة والنبي مكلف بالإنذار والتبشير لا غير ينذر على السيئات من سخط الله وعذابه ويبشر الذين يعملون الصالحات أن لهم من الله أجرا حسنا ولا ينفع الإنذار والتبشير إلا أهل الإيمان وليس من شأن النبي أن يخلق الإيمان في قلوب الناس إنما هو فعل الله.
سر شرف الأنبياء وكرامة الأولياء ليس في التصرف المطلق والعلم المستقل بالغيب:
وقد دلت هذه الآية على أن الأنبياء والأولياء إنما شرفهم الله على الخلق وعلت منزلتهم عند الله لأنهم يدعون الناس إلى الله ويرشدون إلى طرائق الحق ولأنهم يعرفون ما هو صالح الأعمال وما هو فاسدها فيعلمون الناس ذلك وينفع الله بكلامهم فينفذ في القلب ويهتدي الناس إلى الصراط المستقيم وليس شرفهم لأن الله سبحانه وتعالى منحهم قدرة التصرف في العالم فيميتون من يشاءون أو يرزقون من يشاءون الأولاد أو يفرجون الكرب ويكشفون الغم ويحققون أماني الناس ويقضون حاجاتهم ويجعلون من يشاءون منتصرا أو منهزما أو غنيا أو فقيرا أو ملكا أو أميرا أو وزيرا وينتزعون ممن يشاءون ملكا أو إمارة أو يخلقون في قلب من يشاءون الإيمان أو ينزعونه منه أو يشفون المريض أو يسلبون منه الصحة قد تساوى في ذلك جميع العباد فكلهم عاجزون ضعفاء لا يقدرون على شيء.
وكذلك ليس شرفهم ولا يمتازون عن الناس بأن الله سبحانه وتعالى مكنهم من علم الغيب وبسط لهم فيه فيطلعون على خواطر النفوس متى شاءوا ويطلعون على شؤون من غاب إذا شاءوا فيعرفون هل هو حي أم مات وفي أي مدينة هو وما تكتنفه من أحوال وما يتقلب فيه من نعيم أو بؤس ويعرفون ما هو كائن غدا فيعرفون أن فلانا سيرزق ولدا وفلانا لا يولد له وفلانا يربح في التجارة أو يخسر وهل يقدر لفلان الانتصار في الحرب أو سيلقى الهزيمة فقد تساوى في ذلك جميع العباد كبارهم وصغارهم هم عن ذلك في عمى, إلا ما ينقل عن بعض العقلاء شيء من الحدس أو تقدير مصدره قرائن أو العقل السليم فيتفق ذلك مع الواقع كذلك هؤلاء السادة والعظماء قد يحكمون على شيء بعقل أو قرينه فيتحقق في بعض الأحيان ويتخلف في بعض الأحيان أما ما كان عن طريق الوحي والإلهام فهو لا يقاس على ذلك ولا يتطرق إليه خطأ ولا ترتقي إليه شبهة.
استنكار النبي صلى الله عليه وسلم لنسبة علم الغيب إليه حتى في الشعر:
أخرج البخاري عن الربيع بنت معوذ بن عفراء قالت: «جاء النبي صلى الله عليه وسلم فدخل حين بني علي فجلس على فراشي كمجلسك مني فجعلت جويريات لنا يضربن بالدف ويندبن من قتل من آبائي يوم بدر إذ قالت إحداهن وفينا نبي يعلم ما في غد فقال دعي هذه وقولي بالذي كنت تقولين».
وقد دل هذا الحديث على أنه لا يصح أن يعتقد ا لإنسان في نبي أو ولي وإمام أو شهيد أنه يعلم الغيب حتى لا يصح هذا الاعتقاد في حضرة الرسول صلوات الله و سلامه عليه ولا يصح أن يمدح بذلك في شعر أو كلام أو خطبة أما ما اعتاده الشعراء من المبالغة والإسراف في مدح الرسول صلى الله عليه وسلم أو غيره من النبياء والأولياء والصلحاء والمشايخ أو الأساتذة فتخطوا في ذلك حدود الشرع ونعتوهم في بعض الأحيان بما يليق بالله تعالى فإذا عورضوا قالوا إن الشعر جماله المبالغة وكل شعر يجرد عن المبالغة فهو بالنثر أشبه منه بالشعر ولكن لا يصح هذا الاعتذار فإن النبي صلى الله عليه وسلم نهى جواري الأنصار عن أن ينشدن شعرا نسب إليه في علم الغيب فما ظنك بعاقل يقول مثل هذا الشعر أو يستحسنه؟
أخرج البخاري عن عائشة رضي الله عنها قالت: «من أخبرك أن محمدا صلى الله عليه وسلم يعلم الخمس التي قال الله تعالى {إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ} [لقمان: 34] فقد اعظم الفرية».
وهذه الخمس هي التي ذكرها الله في آخر سورة لقمان فقال: {إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} [لقمان: 34].
وأخرج البخاري عن أم العلاء قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «والله لا أدري وأنا رسول اللَّه ما يفعل بي ولا بكم ». ودل الحديث على أن النبي أو الولي لا يعرفان من حالهما ومن أحوال غيرهما الغيبية إلا ما أطلعهما الله عليه من طريق الوحي أو الإلهام وأخبرهما بأن الأمر الفلاني سيؤول إلى نجاح وأن الأمر الفلاني سيؤول إلى إخفاق وهذا شيء مجمل ليس بيدهما أن يطلعوا على أكثر من ذلك أو يعرفوه مفصلاً.} إهـ
نقلت الباب بأكمله لاتمام الفاءدة و لأن الامام الدهلوي لم يفرق فيما ذكره بين ملك مقرب أو نبي مرسل, فما صح انكاره في حق النبي أو الولي فانكاره في حق الملك ثابت, و لأنه اقتصر في بعض الفقرات على ذكر الأنبياء و الأولياء دون الملاءكة.
و اليكم كلام شيخ الاسلام المشكل علي :
قال شيخ الإسلام ( مجموع الفتاوى 5/ 507-508 ) بعد أن تكلم على مثل قول الله تعالى ( ونحن أقرب إليه منكم ولكن لا تبصرون ) وقوله : ( ونحن أقرب إليه من حبل الوريد إذ يتلقى المتلقيان عن اليمين وعن الشمال قعيد ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد ) وآيات مماثلة ؛ قال رحمه الله : "فان مثل هذا اللفظ اذا ذكره الله تعالى في كتابه دل على أن المراد أنه سبحانه يفعل ذلك بجنوده وأعوانه من الملائكة فان صيغة نحن يقولها المتبوع المطاع العظيم الذى له جنود يتبعون أمره وليس لأحد جند يطيعونه كطاعة الملائكة ربهم وهو خالقهم وربهم فهو سبحانه العالم بما توسوس به نفسه وملائكته تعلم فكان لفظ نحن هنا هوالمناسب ، وكذلك قوله ( ونعلم ما توسوس به نفسه ) فانه سبحانه يعلم ذلك وملائكته يعلمون ذلك كما ثبت في ( الصحيحين ) عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال ( اذا هم العبد بحسنة كتبت له حسنة فان عملها كتبت له عشر حسنات واذا هم بسيئة لم تكتب عليه فان عملها كتبت عليه سيئة واحدة وان تركها لله كتبت حسنة ) فالملك يعلم ما يهم به العبد من حسنة وسيئة وليس ذلك من علمهم بالغيب الذى اختص الله به وقد روى عن بن عيينة أنهم يشمون رائحة طيبة فيعلمون أنه هم بحسنة ويشمون رائحة خبيثة فيعلمون أنه هم بسيئة وهم وان شموا رائحة طيبة ورائحة خبيثة فعلمهم لا يفتقر إلى ذلك بل ما في قلب بن آدم يعلمونه بل ويبصرونه ويسمعون وسوسة نفسه بل الشيطان يلتقم قلبه فاذا ذكر الله خنس واذا غفل قلبه عن ذكره وسوس ويعلم هل ذكر الله أم غفل عن ذكره ويعلم ما تهواه نفسه من شهوات الغى فيزينها له ، وقد ثبت في ( الصحيح ) عن النبى صلى الله عليه وسلم في حديث ذكر صفية رضى الله عنها ( ان الشيطان يجرى من بن آدم مجرى الدم ) ، وقرب الملائكة والشيطان من قلب بن آدم مما تواترت به الآثار سواء كان العبد مؤمنا أو كافرا واما أن تكون ذات الرب في قلب كل أحد كافر أو مؤمن فهذا باطل لم يقله أحد من سلف الأمة ولا نطق به كتاب ولا سنة بل الكتاب والسنة واجماع السلف مع العقل يناقض ذلك" إهـ
أرجو ممن يتقن عقيدة أهل السنة أن يفيدنا بما من الله عليه من علم و جزاكم الله خيرا
أخوكم و محبكم