تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: الرد المختصر على من جعل قصة سالم بالتقام الثدي، الكاتب/ أبو مالك العوضي

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Aug 2010
    المشاركات
    3,673

    افتراضي الرد المختصر على من جعل قصة سالم بالتقام الثدي، الكاتب/ أبو مالك العوضي





    ورد في الأثر: اجتنب زَلَّة العالِم، وهي التي يُقال لها: ما هذه؟!

    وقد ذكر بعض مشايخنا الفضلاء المشار إليهم بالبنان - أنَّ قصة سالم بن أبي حذيفة في رَضاعه كانت بالْتقام الثدي، ونحن نقدِّر لفضيلة الشيخ ما تفضَّل به؛ إلا أنه ليس في كلامه ما يدلُّ على ما يريد؛ إذ إنَّ تصوير المسألة مختلف تمامًا عما قال؛ لأن كون الرضاع يكون بالتقام الثدي هذا لا نزاع فيه؛ وإنما النزاع في كونه لا يكون إلا كذلك.

    وقد ذكر الشيخ أنه لا يعلم قائلاً مِن أهل اللغة يقول بأن الشرب مِن الإناء يسمى رَضَاعًا، وكلامه هذا وارد أيضًا على ما قاله؛ فإنه لم يقل أحد من أهل اللغة بهذا الحصر الذي ذكره.

    ثم إنَّ كون الشرب مِن الإناء يُسمَّى رضاعًا قد قال به (ابن قتيبة)، وهو من أكابر أئمة اللغة، وكذلك (ابن عبدالبر)، وهو من أعلم الناس باللغة، و(القاضي عياض)، وهو من الأئمة المرجوع إليهم في اللغة.

    والشيخ قال: إنه طالَع المعجمات فلم يجد قولاً بهذا، وهذا كلام عجيب، لا يمكن أن يصدر من أهل المعرفة بلغة العرب؛ إذ إنَّ قول ابن قتيبة أوثق من كلام أهل المعجمات؛ لأنه أقدم منهم؛ بل هو ممن يَعتمد عليهم أهلُ المعجمات أصلاً، وكتابه "أدب الكاتب" أحد الأصول اللغوية المعتمَدة، فكيف نعتمد على قول ابن منظور، وهو من أهل القرن الثامن، ونترك كلام ابن قتيبة، وهو من علماء القرن الثالث؟!

    ثم إنك لو تصفحتَ "لسان العرب" لوجدتَ عشرات النقول عن ابن قتيبة، فهل ستقبل نقلاً عن ابن قتيبة في "لسان العرب" مثلاً، ثم ترفض كلام ابن قتيبة نفسه في كتبه المصنَّفة؟!

    والشيخ قد ذكر أنه يرجِّح قول الجمهور في كون الحديث خاصًّا بسالم، ولم يَذكر أنَّ الجمهور - أيضًا - يقولون بأن الرضاع المحرِّم لا يُشترط فيه التقامُ الثدي، كما هو مشهور في كتب الفقه على المذاهب الأربعة وغيرها، فكيف يقول الجمهور بشيء لا مستند له على الإطلاق من لغة ولا شرع؟!

    والجمهور هنا أقرب إلى الإجماع؛ لأن قولَ المخالِف في ذلك - إن وُجِد - قول شاذ لا يُعوَّل عليه، وكثير من العلماء يُسقط الظاهريَّةَ مِن الإجماع.

    والشيخ قد ذكر - استدلالاً لقوله - أنَّ المرأة تعجَّبَتْ لما قال لها النبيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((أرضعيه))، وقال: إن هذا التعجُّبَ يدل على أنها ألقمَتْه ثدْيَها!

    وهذا الكلام فيه نظر واضح؛ إذ الأظهر أنها تعجبتْ لأنَّ رضاع الكبير لا تأثير له، كما هو مذكور في النصوص؛ مثل: ((ما أنبتَ اللحمَ وأنشَزَ العَظْم))، و((الرَّضاعة من المجاعة))، فهذا المعنى - الذي هو ثابت شرعًا - كان هو الداعِيَ لصدور التعجب منها، كما قرر الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" وغيره.

    ولا يقال هنا: ما الدليل على أن هذا هو الظاهر؟ لأنا نقول ذلك أيضًا فيما استظهره الشيخ، مع أن فهم جمهور العلماء من أقوى الأدلة على أن هذا هو الظاهر.

    وأعجب شيء في كلام الشيخ - حفظه الله - قوله: إن أبا حذيفة لم يكن على علم بالقصة!

    فإننا حتى لو افترضنا أنه لم يكن على علم بالقصة في ابتداء الأمر، فإنه قد علم بها بلا نزاع في النهاية؛ وذلك لأنه عرف - بعد ذلك - أنها أرضعتْه، فذهب ما في نفسه كما ورد في النصوص، وهذا واضح جدًّا، ولم يجب عنه الشيخ - حفظه الله.

    والشيخ - حفظه الله - ذَكر أنَّ مخالفيه لم يأتوا بدليل إطلاقًا على قولهم، إلا قول الزهري الذي رواه ابن سعد، ثم طعن الشيخ في هذا السند بأنه:
    أولاً: من رواية الواقدي، وهو من أركان الكذب.

    ثانيا: أن الحديث مُعْضَل؛ لأن الزهري من أتباع التابعين.

    والجواب أن نقول: إن هذه الرواية من كلام الزهري نفسه أصلاً؛ فهي تفسير لمعنى الرَّضاع في قصة سالم، فلا معنى لإعلاله بالإعضال.

    وأما أنه من رواية الواقدي فهذا مما يَتسامح فيه أهل العلم في نقل اللغة؛ لبُعْد احتمال دخول الكذب فيه، وإذا كنا لا نقبل مثل هذا، فكيف نَعتمد على المعجمات المشهورة التي لا تَذكر شيئًا من الأسانيد ألبتَّةَ، وكثير مما فيها مبنيٌّ على مثل هذه الروايات؟!

    وقال الشيخ - حفظه الله - أيضًا: إن الاعتراض عليه إنما يسوغ لو كان يقول بتعميم الحكم على غير سالم، أمَّا وهو يقول بتخصيصه به - كما هو مذهب الجمهور - فلا يَسوغ الاعتراض.

    ونقول: إنَّ الاعتراض ليس من هذا الوجه، ولكن الاعتراض على توجيهك لقول عائشة وغيرها ممن جَعل الحكم عامًّا، فلو كان تفسيرُ الرَّضاع كما قلتَ، لكان مذهب عائشة أن الرضاع - وهو التقام الثدي - غير خاصٍّ بسالم، وهذا المعنى باطل عندك، فكيف تقول به عائشة؟!

    وأما قول الشيخ - حفظه الله -: "لو كان الرَّضاع بغير التقام، لكُنَّا إذًا نَرضع لبَنَ البقرِ أو نحوَه".

    والجواب: أن الشيخ لم يذكر دليلاً على نفي هذا الكلام، وإنما معتَمَدُه على استشناعه عند سماعه، ومعلوم أن هذا لا يُعدُّ دليلاً يُحتج به، فلو الْتزمْنا هذا الكلامَ لسقطَتْ حجَّتُه، واحتاج - حينئذٍ - إلى دليل جديد يَرُدُّ به قولَنا.

    والعرب تسمِّي الثنيتين المتقدمتين (راضعتين)، ومعلوم أن الذي يطلِق على السِّنِّ راضعةً لا يسأل صاحبها: أتلقم الثدي أم لا؟

    والشيخ - حفظه الله - ذكر أن العرب تسمِّي اللئام رُضَّعًا؛ لأن البخيل يَمَصُّ اللبن من الناقة مباشرةً؛ لئلا يُسمع لحَلْبه صوت.

    ولو تأمَّلَ الشيخ في هذا المثال بعينه، لعلم أنه حجة عليه لا له؛ لأن هذا الذي ذَكره أصلُ المعنى عند العرب، ولكنهم في الاستعمال يتوَسَّعون في إطلاق الرُّضَّع على اللئام، وإن لم يحصل منهم هذا الفعل، ولا يقول أحدٌ: إن إطلاق الراضع على اللئيم يُشترط فيه أن يكون متلبِّسًا بذلك الفعل حقًّا.

    فكذلك الرضاع هو في الأصل بالتقام الثدي، ثم أُطلق توسُّعًا على وصول اللبن مطلَقًا إلى الجوف، وأكثر كلام العرب دخَله الاتساع.

    والحمد لله رب العالمين.

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    13,804

    افتراضي رد: الرد المختصر على من جعل قصة سالم بالتقام الثدي، الكاتب/ أبو مالك العوضي

    فائدة :
    قال أبو عمر ابن عبد البر ت 463 في التمهيد : هكذا إرضاع الكبير كما ذكرـ أي في أثر عبد الرزاق عن ابن جريج عن عطاء فذكره ـ يحلب له اللبن ويسقاه ، وأما أن تلقمه المرأة ثديها كما تصنع بالطفل فلا ؛ لأن ذلك لا يحل عند جماعة العلماء ، وقد أجمع فقهاء الأمصار على التحريم بما يشربه الغلام الرضيع من لبن المرأة وإن لم يمصه من ثديها ..إلخ كلامه رحمه الله

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •