تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 8 من 8

الموضوع: تفريغ سلسلة النبلاء للشيخ أبي إسحاق الحويني حفظه الله

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    May 2010
    المشاركات
    994

    Arrow تفريغ سلسلة النبلاء للشيخ أبي إسحاق الحويني حفظه الله

    سلسلة محاضرات


    النبلاء


    فضيلة الشيخ


    أبي إسحاق الحويني


    حفظه الله

    المقدمة :
    إن الْحَمْد لِلَّه تَعَالَى نَحْمَدُه وَنَسْتَعِيْن بِه وَنَسْتَغْفِرُه وَنَعُوْذ بِاللَّه تَعَالَى مِن شُرُوْر أَنْفُسِنَا وَسَيِّئَات أَعْمَالِنَا مَن يَهْدِى الْلَّه تَعَالَى فَلَا مُضِل لَه وَمَن يُضْلِل فَلَا هَادِى لَه وَأَشْهَد أَن لَا إِلَه إِلَّا الْلَّه وَحْدَه لَا شَرِيْك لَه وَأَشْهَد أَن مُحَمَّداً عَبْدُه وَرَسُوْلُه.
    أَمَّا بَعــــــد.
    فَإِن أَصْدَق الْحَدِيْث كِتَاب الْلَّه تَعَالَي وَأَحْسَن الْهَدْي هَدْي مُحَمَّدٍ صَلَّي الْلَّه عَلَيْه وَآَلِه وَسَلَّم ، وَشَّر الْأُمُور مُحْدَثَاتُهَا وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدَعِه وَكِلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَة وَكُلَّ ضَلَالَةٍ فِي الْنَّار ، الْلَّهُم صَلّى عَلَى مُحَمّدٍ وَعَلَى آَل مُحَمِّد كَمَا صَلَّيْت عَلَى إِبْرَاهِيْم وَعَلَى آَل إِبْرَاهِيْم فِي الْعَالَمِيْن إِنَّك حَمِيْدٌ مَجِيْد ، وَبَارِك عَلَى مُحَمدٍ وَعَلَى آَل مُحَمِّد كَمَا بَارَكْت عَلَى إِبْرَاهِيْم وَعَلَى آَل إِبْرَاهِيْم فِي الْعَالَمِيْن إِنَّك حَمِيْدٌ مَجِيْد.





    النبلاء (1) عبد الله بن مسعود t الجزء الأول


    عبد الله بن مسعود tكان من السابقين الأولين من المهاجرين:، هاجر إلى الحبشة مرتين ، وشهد بدراً والمشاهد كلها مع رسول الله وتنبأ له النبي كما في الحديث الذي رواه أحمد وغيره بإسناد حسن ، عن ابن مسعود – بدأ إسلام ابن مسعود وكيف رأى النبي وانبهر به ومن ثم أسلم- قال عبد الله بن مسعود: « كنت أرعى غنماً لعقبة ابن أبيمُعَيْط _ أحد الكفرة الصناديد الذي دعا النبي عليه وقتل يوم بدر .
    فقال: « بينما أرعى غنماً لعقبة ابن أبيمُعَيْط إذ جاء رسول الله وأبو بكر وقد فرا من المشركين ، فقال النبي : يا غلام ، عندك لبن ؟ - في الشياه التي معك- قال: نعم ولست بساقيكما ، فإنني مؤتمن – الغنم ليست لي لا أستطيع أن أسقيكم إلا بإذن صاحب الغنم – فقال له النبي : هل عندك من غنمة لم ينزو عليها الفحل؟ أي لازالت عزبة – قال له نعم ، قال له : هاتها –أول ما أخذها مسح ضرعها ودعا بالبركة فامتلأ الضرع باللبن صلى الله على سيدي ، وجاء أبو بكر الصديق بصخرة منقعرة ، ونفضها ونظفها وحلب في هذه الصخرة اللبن حتى امتلأت الصخرة باللبن ،فشرب النبي ، وشرب أبو بكر وشرب ابن مسعود ، ثم قال النبي للضرع-: اقلص - أي عد كما كنت فرجع كما كان .ابن مسعود رأى هذه القصة أول مرة يرى النبي وقام بمعجزة ، من المعجزات الحسية للنبي .فلما رأى النبي كذلك ، فقال له-: يَا رَسُوْل الْلَّه عَلِّمْنِي مِن هَذَا ، قَال لَه: إِنَّك غُلَيِّم مُعَلَّم أَو غُلَام مُعَلم - غُلَيِّمتصغير غلام,شهد له الرسول من أول ما رآه ، بالنجابة ، قال: إنكمُعَلَّم ، جاء ابن مسعود فأسلم عند النبي ، قال ابن مسعودٍ- فَلَقَد أَخَذْت مِن فِي رَسُوْل الْلَّه -أي من فمه – سَبْعِيْن سُوْرَة لَم يُشَارِكُنِي فِيْهَا أَحَد», وهذا ، لمن قيل له انزل على قراءة زيد ، قال : على قراءة من تأمرونني أقرأ ؟ على قراءة زيد! لقد أخذت من في النبي سبعين سورة وإن زيداً له ذؤابتان يلعب مع الصبيان يريد أن يقول أنا أقدم منه في الأخذ من فم النبي .لذلك في مرة من المرات ، كان أصحاب عبد الله مع عبد الله بن مسعود يقرؤون القرآن في دار أبي موسى الأشعري ، وكان أبو مسعود ألبدري من ضمن الرفقة التي تجلس في هذا المجلس، قام عبد الله بن مسعود ودخل بعض الحجر في البيت ، فلما انفتل عبد الله ، قال أبو مسعود ألبدري: « لَا أَعْلَم أَحَدا هُو أَعْلَم بِكِتَاب الْلَّه مَن هَذَا الَّذِي قَام ، فَقَال لَه أَبُو مُوْسَى الْأَشْعَرِي: أُمَّا قَد قُلْت ذَلِك ، فَقَد كَان يَحْضُر إِذَا غِبْنَا وَيَدْخُل إِذَا مُنَعَنَا» هذا أيضا فيه إشارة إلى قرب عبد الله بن مسعود من رسول الله وكان عبد الله بن مسعود وَقَّافَاً عند كتاب الله U كسائر الصحابة رضي الله عنهم ، ما كانوا يتعبدون بمعرفة النصوص ، إنما كان إذا بلغهم شيء من كتاب الله U أو من سنة النبي كانوا يقفون حتى يعملوا به.
    كما قال أبو عبد الرحمن السلمي : ( حَدَّثَنَا بِالَّذِين يَقْرَؤونَنا الْقُرْآَن أَنَّهُم مَا كَانُوْا يَتَجَاوَزُوْن الْعَشْر آَيَات مِن كِتَاب الْلَّه U حَتَّى يَعْمَلُوَا بِهِن ، قَال: فَتَعَلَّمْنَا الْعِلْم وَالْعَمَل جَمِيْعا)هذا كان دأب الصحابة ، وعلى رأس هؤلاء كان عبد الله بن مسعود t.
    وفي ذلك واقعة شهيرة معروفة :وهي في الصحيحين من حديثه رضي الله عنه، أنه قال: «لَعَن الْلَّه الْوَاشِمَات وَالْمُسْتَوْشِ مَات وَالْنَّامِصَات وَالْمُتَنَمِّص َات وَالْمُتَفَلِّج َات لِلْحُسْن الْمُغَيِّرَات خَلْق الْلَّه » فكان هناك امرأة من بني أسد يُقال لها: أم يعقوب ، عندما سمعت هذا الكلام ، وكانت قارئةً لكتاب الله U، ذهبت إلى المصحف وقرأته من أوله لآخره لكي ترى : لعن الله ، لم تجد هذه الآية.فجاءت إلى ابن مسعود ، فقالت له : يا ابن مسعود أنت تقول كذا وكذا وأعادت عليه الكلام ، فقال لها: « وَمَالِي لَا أَلْعَن مَن لَعَن الْلَّه وَهُو فِي كِتَاب الْلَّه ، فَقَالَت لَه: لَقَد قَرَأْت الْقُرْآن مَا بَيْن دَفَّتَيْه _ من الجلدة للجلدة- ولم أجد هذا الذي تقول ، قال لها-: لَئِن كُنْتِي قَرَأْتِيْه لَقَد وَجَدْتِيه». هذا هو الفقه لابن مسعود من يريد أن يتعلم الفقه ويتعلم كيف تُنتزع الأحكام من الأدلة التفصيلية فليتعلم من واقعة ابن مسعود هذه .قال: «لَئِن كُنْتِي قَرَأْتِيْه لَقَد وَجَدْتِيه قَالَت: قَد قَرَأْتَه مَا بَيْن دَفَّتَيْه وَمَا وَجَدْتُه ، قَال: أَمَّا قِرْأَتِي قَوْل الْلَّه U ﴿ وَمَا آَتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا﴾» فهذا مما نهانا عنه رسول الله .ليس من الضروري كل مسألة جزئية لابد أن تجد لها دليلاً مباشراً، لا﴿ وَمَا آَتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ﴾ هذا يشمل كل أمرٍ سواء كان أمر إيجابٍ أو كان أمر استحبابٍ أو كان أمر إباحة ، على قول من يجعل الإباحة بخلاف الأوامر ,لكن على الأقل أمر الوجوب وأمر الاستحباب﴿ وَمَا آَتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ﴾هذه الآية هل تركت أمراً؟ ما تركت أمراً، ﴿ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا﴾وهذا أيضاً ما ترك نهياً,إذن هذه الآية جمعت سنة النبي ، ليس من الضروري كل مسألة جزئية أأتي فيها بدليل خاص، لا، لا أحد من جماعة العلماء يقول ان كل مسألة لا سيما من مسائل النوازل لابد أن يكون لها دليل خاص، لا.
    الرسول ، وهذا يُرد به على بعض الدعاة – بكل أسف الذين قالوا أوصي الدعاة الذاهبين إلى كوريا أو إلى كوبا ، أظنه قال كوريا ، ألا يحرِّموا على المسلمين أكل لحوم الكلاب ! على المسلمين طبعاً، فإنه ليس عندنا نص يحرِّمه !!أنا أتعجب والله ، هل ضروري يأتي نص مثلما يقو:حُرِّمَ عليكم لحم الكلب؟!
    هو يريد نص خاص، مع أن هناك نص خاص يشمل الكلب أصالة ، وهو حديث ابن عباس وغيره أن البني «نَهَى عَن أَكْل كُل ذِي نَاب مِن الْسِّبَاع وَمِخْلَب مِن الْطَّيْر»
    الْسِّبَاع : التي لها أنياب تأكل بها وتفترس بها ، يمكن يكون فيه عشرات المئات من الأنواع التي لا نعرفها، فذكر النبي الوصف، حيثما وُجد الوصف وُجد الحكم ليس من الضروري أن أقول الكلب، والنمر، والفهد والأسد ... ليس ضروري ، فتجاهل هو هذا الحديث واعتبر أن هذا الهدي غير شامل في الكلب يريد نصاً في الكلب ,لا، حيث وُجد الوصف وُجد الحكم ، فابن مسعود يقول لها : إن لعن الواشمة – التي تجرح نفسها وتقوم بعمل الوشم بالكحل- حديث قديماً كانوا يكتبون قبل البطاقات الشخصية كانوا يكتبون اسم الشخص بالوشم على ذراعه ، اسمه وبلده وهناك أناس يستعملوا الوشم الآن كزينة وهذا طبعا محرَّم ، صاحبة ملعون من يفعل هذا – والنامصة – التي تأخذ شعر الحاجب ، تنتف الشعر ، النمص هو قلع الشهر من الجذر، والمتفلجات للحسن : التي تقوم بعمل فارق للأسنان ، المغيرات خلق الله.فقال لها: لئن قرأتيه لقد وجدتيه إذن كما قال الشافعي رحمه الله: (كُل أَمْر مِن أَوَامِر الْنَّبِي مَرَدُّهَا إِلَى الْقُرْآَن وَكُل نُهِي كَذَلِك)– لئن كنتي قرأتيه لقد وجدتيه .فقالت له أم يعقوب : « إن امرأتك تفعل شيئاً من ذلك – وهي زينب – تتنمص مثلاً فقال: « اذْهَبِي فَانْظُرِي، فَذَهَبَت الْمَرْأَة فَنَظَرْت ثُم رَجَعَت إِلَى ابْن مَسْعُوْد ، قَالَت : لَم أَر شَيْئا مِن ذَلِك ، فَقَال: أَمَا إِنَّهَا لَو فَعَلْت لَم نُجَامِعْهَا» _، أي ما أبقيناها معنا في عيشة واحدة كان سيطلقها فوراً، أول ما تفعل المرأة هذا الفعل كان سيستغني عنها.
    ابن مسعود كان كما قلت كسائر الصحابة ، كانوا يتدينون بالقرآن والسنة ، ولذلك عندما فُتحت الشام والعراق وهذا الكلام في زمان عمر بن الخطاب_رضي الله عنه_ أرسل ابن مسعود وعمار مع جماعة من الصحابة يعلمون الناس السنن وقال: ( إِنَّهُمَا – عَلَى عَمَّار وَابْن مَسْعُوْد- مِن الْنُّجَبَاء مِن أَصْحَاب مُحَمَّد .)مُرَّة أُخْرَى نُكَمِّل تَرْجَمَة ابْن مَسْعُوْد ثُم نَدْخُل فِي مُحَاوِر هَذَا الْحَدِيْث الْمُبَارَك .
    أَسْأَل الَّلَه تَبَارَك وَتَعَالَى أَن يَنْفَعَنَا بِمَا عَلمنَا وَأَن يُعَلِّمُنَا مَا جَهِلْنَا وَأَن يَجْعَل مَا قُلْتُه لَكُم زَادَا إِلَى حُسْن الْمَصِيْر إِلَيْه وَعْتَادّا إِلَى يَمُن الْقُدُوْم عَلَيْه إِنَّه بِكُل جَمِيْل كَفِيْل وَهُو حَسْبُنَا وَنِعْم الْوَكِيْل وَصَلَّى الْلَّه وَسَلَّم وَبَارَك عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّد وَالْحَمْد لِلَّه رَب الْعَالَمِيْن

    انتهي الدرس الأول

    http://alheweny.org/aws/play.php?catsmktba=11537
    حمل التفريغ من هنا
    http://tafregh.a146.com/index.php
    لتحميل المباشر للتفريغات مكتبة التفريغات الإسلامية

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    May 2010
    المشاركات
    994

    افتراضي رد: تفريغ سلسلة النبلاء للشيخ أبي إسحاق الحويني حفظه الله

    النبلاء (2) عبد الله بن مسعود t الجزء الثاني
    كنا وصلنا إلى ترجمة صحابي الحديث، ألا وهو عبد الله بن مسعود t وذكرنا مبدأ أمره ، وأنه شهد له رسول الله بالنباهة لما قال له: « إِنَّك غُلَيِّم مُعَلَّم أَو غُلَام مُعَلم» – وكان ابن مسعود_ رضي الله عنه_ ضعيفاً:، لا أقصد ضعف البنية فقط نعم هو كان ضعيف البنية كما سأذكر فيما بعد ، ولكنه لم يكن ينتمي إلى عشيرة قوية.
    في الصحيحين من حديث ابن مسعود ، قال رضي الله عنه: « بَيْنَمَا رَسُوْل الْلَّه يُصَلِّي عِنْد الْبَيْت ، إِذ قَال أَبُو جَهْل ، مَن يَأْخُذ سَلَا جَزُوْر بَنِي فُلَان – وكان جزور ذبح بالأمس والسلا:هي كرشة الجزور أي الجمل- فيضعه على ظهر محمد وهو ساجد فانبعث أشقاها وهو عقبة ابن أبيمُعَيْطأخذ سلا الجزور ووضعه على ظهر النبي ، وجعلوا يستضحكون ، ويميل بعضهم على بعض، قال ابن مسعود: ( لو كانت لي منعة) – أي لو كانت لي عشيرة تحميني من بطش هؤلاء – (لرفعت هذا السلا من على ظهره .)
    النبي ظل ساجداً كما هو لم يتحرك حتى قضى سجوده ، وأخبر إنسان فاطمة رضي الله عنها، فجاءت وهي جارية تسعى ، حتى طرحت هذا السلا عن ظهره وأقبلت على هؤلاء الصناديد تسبهم ، فلما قضى رسول الله دعا عليهم .
    وكان إذا دعا دعا ثلاثاً، وإذا سأل سأل ثلاثاً: فلما دعا وقال: « اللهم عليك بقريش ذهب عنهم الضحك» ، وكانوا يخافون دعوته ، فدعا عليهم جميعاً يقول ابن مسعود: فلقد رأيت هؤلاء يجرون إلى قليب بدر:، أي أن هؤلاء الذين دعا رسول الله عليهم قتلوا جميعاً يوم بدر.
    وظل ابن مسعود فقيراً: أي كان ضعيف العشيرة ، ضعيف البنية ، وقد ثبت هذا في مسند الإمام أحمد بسند حسن من حديثه t، قال: «كنا نجتني الآراك – وهو الشجر الذي يخرج منه السواك- فَضَحِك الْصَّحَابَة مِن دِقَّة سَاقَيْه ، فَقَال : مِم تَضْحَكُوْن ؟ قَالُوْا : يَا رَسُوْل الْلَّه مِن دِقَّة سَاقَيْه ، قَال: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِه لَهُمَا أَثْقَل فِي الْمِيْزَان مِن أُحُد».
    وفي مسند الإمام أحمد وكتاب الأدب المفرد للإمام البخاري بسند حسن أيضاً:عن علي بن أبي طالب t « أَن الْنَّبِي أَمْر ابْن مَسْعُوْد أَن يَرْكَب شَجَرَة وَأَن يَأْتِي لَه بِشَيْء، فَلَمَّا نَظَر الْصَّحَابَة إِلَى دَقَّة سَاقَيْه ، ضَّحِكُوَا أَيْضا ، فَقَال: مِم تَضْحَكُوْن؟ ، قَالُوْا : يَا رَسُوْل الْلَّه نَضْحَك مِن دَقَّة سَاقَيْه ، فَقَال :لَهُمَا أَثْقَل فِي الْمِيْزَان مِن أُحُد ».إذن كانت عشيرته ضعيفةً ، وكان ضعيف البنية ، وكان فقيراً ، كما في الصحيحين من حديث زينب الثقفية وهي امرأة ابن مسعود « أَنَّهَا سَمِعَت رَسُوْل الْلَّه يَقُوْل: تَصَدَّقْن وَلَو مِن حُلِيِّكُن ، فَلَمَّا سَمِعَت زَيْنَب هَذَا قَالَت لِابْن مَسْعُوْد وَكَان رَقِيْق الْحَال-أي كان فقيرا- لكن امرأته زينب كانت غنية تخرج الزكاة فَقَالَت لِابْن مَسْعُوْد: اذْهَب إِلَى الْنَّبِي فَسَلْه هَل يَجُوْز لِي أَن أُعْطِيَك مِن زَكَاة الْمَال ؟ قَال لَهَا: سَلِيَه أَنْت ، فَذَهَبَت زَيْنَب إِلَى الْنَّبِي عَلَيْه الْصَّلاة وَالْسَّلام إِلَى بَيْتِه وَوَقَفْت عَلَى الْبَاب ، فَلَقِيْت امْرَأَة أُخْرَى اسْمُهَا زَيْنَب أَيْضا ، سَأَلْتُهَا مَا الَّذِي أَقْدَمَك ؟ قَالَت : جِئْت أَسْأَل الْنَّبِي هَل يَجُوْز أُعْطِي زَكَاة مَالِي لِزَوْجِي» ؟؟ أيضاً نفس المسألة, وهما الاثنتان واقفتان على الباب ، جاء بلال، فزينب امرأة ابن مسعود ، كلمت بلالا ًوقالت له : سل النبي هل يجوز أن أعطي زوجي من زكاة مالي أم لا؟ ولا تخبره من أنا – أنظر إلى الستر على الزوج لا سيما إذا كان فقيراً والمرأة هي التي تتصدق على زوجها حتى إن ابن مسعود نفسه أبى أن يسأل النبي حتى لا ينكشف حاله فهي فهمت القصة ، فلم يرد في رواية في طريق من طريق الحديث أن ابن مسعود قال لها: لا تخبري من أنت ولا هذا الكلام، لا لم يقل شيئاً من هذا ، ولكن المرأة فاهمة المسألة ولذلك قالت لبلال لا تقل من أنا.لكن عندما دخل بلال وسأل النبي ، قال له: (من السائلة ؟) - لا يستطيع بلال أن يقول له لا وهذا الكلام ، قال: (زينب ، قال: أي الزيانب؟) فانظر إلى النبي يريد أن يعرف – فبلال قال زينب والمدينة فيها أكثر من زينب « قَال: امْرَأَة ابْن مَسْعُوْد ، قَال : نَعَم لَهَا أَجْرَان أَجْر الْصِّلَة، وَأَجْر الْقَرَابَة »فهي كانت تريد أن تصرف هذا المال لأولاد أخ لها كانوا أيتاماً، فقال : لها أجران.
    إذن ابن مسعود كان ضعيف من كل الاتجاهات ، لم يكن له مَنعة ، وكان ضعيف البنية حتى أن الريح كانت تكفئه ، كما في حديث ابن مسعود الذي ذكرته من مسند الإمام أحمد ، كانت الريح تكفئه من شدة ضعفه ونحافته ، لو هبت ريح تقلبه على ظهره وكان فقيراً، ومع ذلك كان مقرباً من النبي وهذا الذي رفعه ،في الصحيحين من حديث أبي موسى الأشعري ، قال: « أَتَيْت أَنَا وَأَخِي مِن الْيَمَن وَلَقَد ظَلِلْنَا زَمَانا نَظُن أَن ابْن مَسْعُوْد مِن أَهْل الْبَيْت ، لِكَثْرَة مَا كُنَّا نَرَاه وَأُمَّه عِنْد الْنَّبِي »
    وكان له خصوصية لما قال له النبي: « إِذْنِك عَلَي أَن تُرْفَع الْحِجَاب وَأَن تَسْمَع سِوَادي حَتَّى أَنْهَاك » فانظر : إذنك علي أن ترفع الحجاب: وتسمع سِوادي : السواد: هو السر فأذن لابن مسعود أن يدخل بيته في أي وقت ولو كان النبي يناجي أحداً من الناس سراً ، كان ابن مسعود يدخل.
    اختص ابن مسعود t بثلاثة أشياء: كما قال أبو الدرداء: قال لعلقمة ابن قيس: «أَلَيْس فِيْكُم صَاحِب الْنَّعْلَيْن وَالْسِّوَاك وَالْوِسَاد» ؟»
    كان ابن مسعود دوما نعل النبي معه في يده ، وكان هو الذي يلبس النبي نعله ، وكان هو الذي يهتم بسواكه ، يقوم على سواكه ، وهو صاحب الوسادة، حتى أن عبد الرحمن بن يزيد قال لحذيفة : (أَخْبَرَنَا أَو حَدَّثَنَا عَن أَقْرَب الْنَّاس سَمْتَا وَدَلا وَهَدْيَا بِرَسُوْل الْلَّه ، فَقَال: أَقْرَب الْنَّاس دَلِا وَسَمْتَا وَهَدْيَا بِرَسُوْل الْلَّه هُو ابْن مَسْعُوْد، وَلَقَد عَلِم الْمَحْفُوظُون مِن أَصْحَاب رَسُوْل الْلَّه أَن ابْن مَسْعُوْد أَقْرَبَهُم وَسَيْلَة مِن الْلَّه وَزُلْفَى ).
    واختص أيضاً بشيء ما علمناه لأحد من الصحابة : كما في الحديث الصحيح من حديث ابن مسعود أيضاً ، قال: « جَاء الْنَّبِي بَيْن أَبِي بَكْر وَعُمَر فَدَخَل الْمَسْجِد فَكَان ابْن مَسْعُوْد يُصَلِّي مِن سُوْرَة الْنِّسَاء ، فَلَمَّا وَصَل إِلَى مِائَة آَيَة مِّن سُوْرَة الْنِّسَاء رَكَع وَجَعَل يَدْعُوَا ، فَقَال لَه الْنَّبِي - وطبعاً ابن مسعود لا يراه لكن النبي دخل المسجد هو وأبو بكر وعمر وجد ابن مسعود يصلي ووصل عند الآية رقم مائة من سورة النساء وركع يدعوا – فَقَال الْنَّبِي لَه: سَل تُعْطَه» فلما انتهى ابن مسعود من صلاته ذهب إليه أبو بكر لما أصبح ، أبو بكر ذهب يبشره بأن دعاءه استجيب لأن الرسول قال له: سل تعطه ، فأبو بكر الصديق في الصباح الباكرذهب إلى ابن مسعود وقال له الذي جرى ، وسأله ما الذي دعوت به ؟ فقال : « قُلْت الْلَّهُم إِنِّي أَسْأَلُك إِيِمَانَا لَا يَرْتَد ، وَنَعِيْمَا لَا يَنْفَد ، وَمُرَافَقَة نَبِيِّك فِي أَعْلَى جِنَان الْخُلْد» .هذا هو الذي استجيب لابن مسعود، فالنبي قال: سل تعطه ,وفي نصف النهار عمر بن الخطاب ذهب ليبشر ابن مسعود بهذه البشرى فوجد أبا بكر سبقه، فقال : «يَرْحَم الْلَّه أَبَا بَكْر مَا سَابِقَتِه إِلَى شَيْء إِلَّا سَبَقَنِي » نوع من الأخوة ، عندما يعلم أن النبي قال: سل تعطه ، فهو سعيد لعبد الله بن مسعود أنه استجيب له ، أن النبي لما أمن على دعائه فلما أصبح انقلب إليه يبشره,الرسول في هذه الحادثة قال: من سره أن يقرأ القرآن غضاً طرياً كما نزل فليقرأه على قراءة ابن أم عبد ، وهو ابن مسعود يعني ,ولذلك ابن مسعود عندما قالوا له: اقرأ على قراءة زيد ، أبى وقال: على قراءة من تَأْمُرُوْنَنِي أَن أَقْرَأ عَلَى قِرَاءَة زَيْد؟ وَالْلَّه لَقَد أَخَذْت سَبْعِيْن سُوْرَة مِن فِي رَسُوْل الْلَّه - أَي مِن فَمِه- وَإِن زَيْدَا لَه ذُؤَابَتَان يَلْعَب مَع الْصِّبْيَان.وكان يقول: ( لَو أَعْلَم أُحُدْا أَعْلَم مِنِّي بِكِتَاب الْلَّه U تَضْرِب إِلَيْه أَكْبَاد الْإِبِل لَرَكِبْت إِلَيْه)فضائل ابن مسعود كثيرة ـ وقد توفي في آخر خلافة عثمان سنة نيف وثلاثين أي في حدود سنة 32 توفي ابن مسعود t، وعافاه الله U أن يرى الفتنة التي فُتحت على المسلمين بمقتل أمير المؤمنين عثمان ابن عفان t.
    أَسْأَل الَّلَه تَبَارَك وَتَعَالَى أَن يَنْفَعَنَا بِمَا عَلَّمَنَا وَأَن يُعَلِّمُنَا مَا جَهِلْنَا وَأَن يَجْعَل مَا قُلْتُه لَكُم زَادَا إِلَى حُسْن الْمَصِيْر إِلَيْه وَعْتَادّا إِلَى يَمُن الْقُدُوْم عَلَيْه إِنَّه بِكُل جَمِيْل كَفِيْل وَهُو حَسْبُنَا وَنِعْم الْوَكِيْل وَصَلَّى الْلَّه وَسَلَّم وَبَارَك عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّد وَالْحَمْد لِلَّه رَب الْعَالَمِيْن.
    انتهي الدرس الثاني
    http://alheweny.org/aws/play.php?catsmktba=11537
    رابط التحميل
    http://tafregh.a146.com/index.php
    لتحميل المباشر للتفريغات مكتبة التفريغات الإسلامية

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    May 2010
    المشاركات
    994

    افتراضي رد: تفريغ سلسلة النبلاء للشيخ أبي إسحاق الحويني حفظه الله

    النبلاء (3) عبد الله بن عمر t الجزء الأول
    مولد عبد الله ابن عمر:أما عَبْد الْلَّه بْن عُمَر فَإِنَّه وُلِد كَمَا يَقُوْل زُبَيْر بْن الْبِكَار سَنَة ثَلَاثَة مِن الْمَبْعَث ، مَبْعَث الْنَّبِي ، وَالْصَّحِيْح أَنَّه وُلِد بَعْد ذَلِك لِأَنَّه رَضِي الْلَّه عَنْهُمَا لَمَّا كَان فِي غَزْوَة أُحُد كَان سِنِّه ثَلَاثَة عَشَر سَنَة ، وَأَوَّل مَشَاهِدِه غَزْوَة الْخَنْدَق وَكَان سُنَّة خَمْسَة عَشَر سَنَة ، يَعْنِي الْنَّبِي كَمَا فِي صَحِيْح الْبُخَارِي رَدَّه هُو وَالْبَرَاء بْن عَازِب فِي غَزْوَة أُحُد ، طَبْعَا فِي غَزْوَة بَدْر رَدَّه الْنَّبِي لِأَنَّه لَّا يُطِيْق الْقِتَال، وَغَزْوَة أُحَد أَيْضا رَدَّه وَأَوَّل مَشَاهِدِه كَمَا قُلْت فِي غَزْوَة الْخَنْدَق سُنَّة خَمْس عَشْرَة مِن الْهِجْرَة .
    كَان عَبْد الْلَّه بْن عَمْر رَضِي الْلَّه عَنْهُمَا عَلَى حَيَاة الْنَّبِي فَتْرَة مِّن حَيَاتِه الْأُوْلَى كَان رَجُلا عَزَبَا ، _أَي لَم يَتَزَوَّج،_ وَهَذَا الْخَبَر الَّذِي سَأَذْكُرُه رَوَاه الْبُخَارِي وَمُسْلِم فِي صَحِيْحَيْهِمَا مِن حَدِيْث سَالِم ابْن عَبْد الْلَّه بْن عُمَر عَن ابْن عُمَر وَمِن حَدِيْث نَافِع مَوْلَى ابْن عُمَر عَن ابْن عُمَر ، لَكِن مُسْلِمَاً رَحِمَه الْلَّه لَم يَذْكُر رِوَايَة نَافِع ،لَم يُذْكَر لَفْظ نَافِع إِنَّمَا أَحَال عَلَى رِوَايَة سَالِم ، وَرِوَايَة نَافِع لِهَذَا الْحَدِيْث أَبْسُط ، وَأَشْبَع مِن رِوَايَة سَالِم بْن عَبْد الْلَّه بْن عُمَر رَضِي الْلَّه عَنْهُمَا : قَال ابْن عُمَر : «كُنْت فِي زَمَان الْنَّبِي شَابّا عَزِبَاً ، أَبِيْت فِي الْمَسْجِد ، وَكَان الْنَّاس يَرَوْن رُؤَى فَيَعْبُرُهَا لَهُم رَسُوْل الْلَّه »_ وَكَمَا هُو مَعْلُوْم أَن الْنَّبِي الْرُّؤْيَا قَد تَكُوْن الْرُّؤْيَا بُشْرَى ، لِأَن الْنَّبِي قَال: (لَم يَبْق مِن الْنُّبُوَّة إِلَا الْمُبَشِّرَات ، قَالُوْا: وَمَا هِي يَا رَسُوْل الْلَّه ؟ قَال: الْرُّؤْيَا الْصَّالِحَة يَرَاهَا الْرَّجُل أَو تُرَى لَه)فَكَان يتمني أن يَرَى رُؤْيَا، فَفِي لَيْلَة مِن الْلَّيَالِي،قا ل : «فَقُلْت الْلَّهُم إِن كُنْت تَعْلَم أَن فِي خَيْر فَأَرِنِي رُؤْيَا ، ».
    الرؤيا التي رآها عبد الله ابن عمر:وَفِعْلَا نَام عَبْد الْلَّه بْن عُمَر لَكِنَّه اسْتَيْقَظ فَزِعَا ، مَا الَّذِي رَآَه؟ «رَأَى مَلَكَيْن بِيَد كُل مَلَك مِقْمَعَةٌ مِن حَدِيْد _ عَصَا من حَدِيْد _، وَهُمَا الِاثْنَيْن أَخَذَاه جَمِيْعَا وجرَّانِه إِلَى جَهَنَّم وَعَبْد الْلَّه بْن عَمْر وَهُو فَزِع يَقُوْل : « أَعُوْذ بِاللَّه مِن الْنَّار ، أَعُوْذ بِاللَّه مِن الْنَّار ، قَال: حَتَّى أَوْقِفَانِي عَلَى شَفِيْرِهَا – عَلَى حَرْفُهَا – فَإِذَا هِي مَطْوِيَّة كِالَبِئُر » _ وَالْبِئْر لَا تَكُوْن بِئْرَا إِلَا إِذَا بُنِي بِدَاخِلِهَا جُدُر ، لَكِن لَو حَفَرْت الْحُفْرَة وَتَرَكْتُهَا هَكَذَا ، فَهَذِه اسْمُهَا قَلِيْب ، لَو تَذْكُرُوْن قَلِيْب بَدْر ، الْذي قذف فيه الْرَّسُوْل أَبَا جَهْل وَعُتْبَة ابْن رَبِيْعَة وَشَيْبَة ابْن رَبِيْعَة ، هَذَا هُو الْقَلِيب، بِئْر مَحْفُور وَلَكِن لَيْسَت مَبْنِيَّة مِن الْدَّاخِل، فَإِذَن بُنِيَت هَذِه الْحُفْرَة مِن الْدَّاخِل صَارَت بِئْرَا ، وَالْبِئْر هَذِه يَكُوْن لَهَا قُرُوْن ، هَذِه الْقُرُون إِمَّا تَكُوْن عِبَارَة عَن جُدْرَان مَّبْنِيَّة عَلَى حَافَة الْبِئْر أَو تَكُوْن مِن خَشَب .فَيَقُوْل عَبْد الْلَّه بْن عُمَر ، أَن هَذَان الْمَلِكَان جَرّوه وَأَوْقَفُوْه عَلَى شَفِيْر الْنَّار ، وَهُو يَقُوْل: « أَعُوْذ بِاللَّه مِن الْنَّار، أَعُوْذ بِاللَّه مِن الْنَّار.قَال ، فَإِذَا هِي مَطْوِيَّة كِالَبِئُر وَإِذَا فَيهَا أُنَاسٌ مِن قُرَيْش عَرَِفْتُهُم مُعَلَّقوَن مِن أَرْجُلِهِم » _ فِي هَذِه الْلَّحْظَة عَبْد الْلَّه بْن عُمَر فَزَع أَن يُلْقِي فِي الْنَّار ، ظَهْر مَلَك ثَالِث بِيَدِه مِقْمَعَة مِن حَدِيْد ، فَقَال لَه» : لَم تُرَع – أَي لَا تَخَف- قَال: « وَأَخَذَنِي مِنْهُمَا ».فِي رِوَايَة نَافِع قَال لَه الْمَلِك : « نِعْم الْرَّجُل أَنْت» – الْمُلْك الْثَّالِث الَّذِي أَخَذَه مِنْهُمَا –» لَو كُنْت تَقُوْم من الْلَّيْل». اسْتَيْقَظ عَبْد الْلَّه بْن عُمَر فَزِعَا .
    تفسير النبي لرؤيا عبد الله بن عمر رضي الله عنه: وَكَأَنَّمَا كَرِه أَن يَقُص هَذِه الْرُّؤْيَا لِّفَظَاعَة ظَاهِرُهَا ، خَشِي أَن يَقُصُّهَا عَلَى الْنَّبِي .فَقَصَّهَا عَلَى حَفْصَة أُم الْمُؤْمِنِيْن وَهِي أُخْتُه ، فَقَصَّتْهَا حَفْصَة عَلَى رَسُوْل الْلَّه .فَقَال: «نِعْم الْرَّجُل عَبْد الْلَّه لَو كَان يَقُوْم مِن الْلَّيْل» .قَال نَافِع وَقَال سَالِم : « فَكَان عَبْد الْلَّه لَا يَنَام مِن الْلَّيْل إِلَّا قَلِيْلا ».
    الْإِمَام الْبُخَارِي بَوَّب – لِأَنَّه رَوَى هَذَا الْحَدِيْث مِن عِدَّة مَوَاضِع – عَلَى هَذَا الْحَدِيْث الْتَّبْوِيْب الْمُبَاشِر فِي كِتَاب الْتَّهَجُّد فِي أَوَائِل كِتَاب الْتَّهَجُّد ، قَال: ( بَاب فَضْل قِيَام الْلَّيْل ، وَأَن قِيَام الْلَّيْل يُنَجِّي مَن الْنَّار) .فَأَخَذ ابْن عُمَر هَذِه الْبِشَارَة » نِعْم الْرَّجُل عَبْد الْلَّه لَو كَان يَقُوْم مِن الْلَّيْل» وَفِي الْلَّفْظ الْآَخَر : «عَبْد الْلَّه رَجُل صَالِح »فِي الْصَّحِيْحَيْن أَيْضاً مِن حَدِيْث ابْن عُمَر» أَنَّه رَأَى أَنَّه فِي الْجَنَّة وَبِيَدِه سَرَقَة مِن حَرِيْر أَو مِن إِسْتَبْرَق- سَرِقَة هِي الْقِطْعَة – فَلَا يُشِيْر بِهَذِه إِلَى مَوْضِع فِي الْجَنَّة إِلَّا طَارَت بِه إِلَى هَذَا الْمَوْضِع ، فَقَصَّهَا عَبْد الْلَّه بْن عَمْر عَلَى أُخْتِه حَفْصَة أُم الْمُؤْمِنِيْن أَيْضا رَضِي الْلَّه عَنْهَا ، فَقَصَّتْهَا عَلَى رَسُوْل الْلَّه ، فَقَال : نِعْم الْرَّجُل عَبْد الْلَّه».
    إِذَن الْنَّبِي عَلَيْه الْصَّلاة وَالْسَّلام زَكَّاه مَرَّتَيْن : زَكَّى ابْن عُمَر هَكَذَا بِالْلَّفْظ الْصَّرِيْح مَرَّتَيْن : 1-مَرَّة لَمِا رَأَى فِي الْرُّؤْيَا الْأُوْلَى الَّتِي رَآَهَا فِي الْمَسْجِد أَنَّه يُسَاق إِلَى الْنَّار ،2- وَالْمَرَّة الْثَّانِيَة لَمَّا رَأَى نَفْسَه يَطِيْر بِهَذِه الْسَّرِقَة مِن الْحَرِيْر إِلَى أَي مَكَان فِي الْجَنَّة ، فَقَال : «نِعْم الْرَّجُل عَبْد الْلَّه».
    تَزْكِيَة الْنَّبِي لَيْسَت مُجَرَد تَزْكِيَة: لِأَنَّه لَّا يُزَكِّي إِلَا الْمُزَكَّى ، وَلَا يُزَكِّي رَجُلا إِلَا كَان مِن أَهْل الْجَنَّة ...وَأَيْضا أَخْرَج أَبُو الُطاهر الْذُّهْلِي فِي فَوَائِدِه بِإِسْنَاد جَيِّد ، عَن عَبْد الْلَّه بْن مَسْعُوْد t، قَال: «لَقَد رَأَيْتُنَا وَنَحْن مُّتَوَافِرُوْن فَمَا بَيْنَنَا شَاب هُو أَمْلَك لِنَفْسِه مِن عَبْد الْلَّه بْن عُمَر». طَبْعَا هَذَا ثَنَاء عَاطِر مَن ابْن مَسْعُوْد ، وَلَك أَن تَعْلَم أَن ابْن مَسْعُوْد t زَكَّى ابْن عُمَر وَابْن عُمَر شَاب ، أَو ابْن عُمَر كَهْل. يَعْنِي ابْن مَسْعُوْد مَات قَبْل عُثْمَان t، مَات فِي خَلَاقِة عُثْمَان سُنَّة اثنان وثلاثون هَجْرِيَّا، مَات قَدِيْمَا ، وَعَبْد الْلَّه بْن عُمَر مَات سَنَة أربع وسبعون هَجْرِيَّا. انْظُر الْفَرْق مَا بَيْن الُوَفَّاتَين ، ابْن مَسْعُوْد سُنَّة مَات اثنان وثلاثون ، وَابْن عُمَر سُنَّة أربع وسبعون ، وَلَه ستٌ وثمانون عاماً أَو سبعٌ وثمانون, لِمَا قَال عَبْد الْلَّه بْن مَسْعُوْد وَزَكَّى ابْن عُمَر إِنَّه مَا كَان هُنَاك شَاب أَفْضَل مِنْه زَكَّاه عِنَدَمّا كَان ابْن عُمَر تَجَاوَز الْكُهُولَة بِسنَّة سَنَتَيْن ، يَعْنِي تَقْرَيْبَا كَان سِنِّه فِي حُدُوْد ثلاث وأربعون أو أربع وأربعون سُنَّة ، فَكَيْف إِذَا اطَّلَع ابْن مَسْعُوْد عَلَى ابْن عُمَر بَعْدَمَا شَاخ وَارْعَوَى وَنَضِج وَرَعُه ، إِذَن لَقَال فِيْه مَقَالَا أَعْظَم مِن هَذَا .وَشَهَادَة مَثَل عَبْد الْلَّه بْن مَسْعُوْد ، شَهَادَة ثَقِيْلَة فِي الْمِيْزَان ، لِمَاذَا ؟ لِأَن ابْن مَسْعُوْد كَان مِن الْسَّابِقِيْن الْأَوَّلِيْن مِن الْمُهَاجِرِيْن ، وَهُو صَاحِب نَعْل الْنَّبِي وَكَان مُقَرَّبَا وَحَبْيَبَا مِن رَّسُوْل الْلَّه ..
    يَقُوْل سَالِم ابْن أُبَي الْجَعْد: وَهَذَا الْأَثَر أَخْرَجَه أَبُو سَعِيْد ابْن الْأَعْرَابِي وَأَبُو بَكْر الْشَّافِعِي فِي الْغَيْلَانِيَّ ات وَالْمَحَامِل مِن الْمَحَامِلِيَّ ات ، مِن طَرِيْق سَالِم ابْن أَبِي الْجَعْد عَن جَابِر t– جَابِر هُو ابْن عَبْد الْلَّه ، وَجَابِر إِذَا أُطْلِق هُو ابْن عَبْد الْلَّه ، لِأَن هُنَاك جَابِر ابْن سَمُرَة ، يَأْتِي مَنْسُوْبَا ، وَلَكِن إِذَا رَأَيْت فِي الْإِسْنَاد جَابِر فَقَط ، يَكُوْن جَابِر ابْن عَبْد الْلَّه قَال: « مَا مِنَّا مِن أَحَد أَدْرَك الْدُّنْيَا إِلَا مَالَت بِه وَمَال بِهَا غَيْر عَبْد الْلَّه بْن عُمَر».
    وَأَخْرَج أَبُو الْعَبَّاس السرّاج بِسَنَد حَسَن فِي تَارِيْخِه عَن الْسُّدِّي ، قَال: «رَأَيْت نَفْرَاً مِن الْصَّحَابَة كَانُوْا يَرَوْن أَنَّه لَيْس أَحَدٌ فِيْهِم عَلَى الْحَالَة الَّتِي فَارَق عَلَيْهَا الْنَّبِي إِلَا عَبْد الْلَّه بْن عُمَر». لِأَنَّه ظَل بَعِيْدَا حَتَى عَن أَعْمَال الْقَضَاء وَأَعْمَال الْإِمَارَة وَلَم يَشْترك مُطِلَقَا فِي هَذِه ، حَتَّى أَبُوْه، عُمَر بِن الْخَطَّاب tكَمَا فِي صَحِيْح الْبُخَارِي : « لَمَّا طُعِن عُمَر بْن الْخَطَّاب وَجَاء الْجَمَاعَة أَصْحَاب الَّشُّوْرَى السِّتَّة ، فَكَان مَعَهُم عَبْد الْلَّه بْن عُمَر ، فَعُمَر بْن الْخَطَّاب لَمَّا جَعَل الْشُّوْرَى فِي سِتَّة ، قَال: «يَحْضُرُكُم عَبْد الْلَّه وَلَيْس لَه مِن الْأَمْر شَيْء، أَو قَال لَيْس لَه فِي الْأَمْر شَيْء». لَا أَحَد يُقَدِّمُه وَلَا أَحَد يُرَشِّحُه وَلَا أَحَد يُدْخِلُه فِي جَمَاعَة الْشُّوْرَى الَّذِيْن يُمْكِن أَن يَأْخُذَوَا الْخِلَافَة وَلَا هَذَا الْكَلَام ، قَال: «يَحْضُرُكُم عَبْد الْلَّه وَلَيْس لَه فِي الْأَمْر شَيْء».ظَل عَبْد الْلَّه بْن عُمَر هَكَذَا حَتَّى لَقِي رَبَّه تَبَارَك وَتَعَالَى ، يَعْنِي لَم يَل وِلَايَه وَلَم يَجْبِي خَرَاجَا وَلَا شَيْء مِن هَذَا الْقَبِيْل ، بَل ظَل كَمَا هُو كَمَا قَال الْسُّدِّي أَنَّه سَمِع بَعْض الْصَّحَابَة كَانُوْا يَقُوْلُوْن لَم يَظَل أَحَد عَلَى الْحَالَة الَّتِي فَارَق فِيْهَا رَسُوْل الْلَّه إِلَا عَبْد الْلَّه بْن عُمَر .
    أَسْأَل الَّلَه تَبَارَك وَتَعَالَى أَن يَنْفَعَنَا بِمَا عَلَّمَنَا وَأَن يُعَلِّمُنَا مَا جَهِلْنَا وَأَن يَجْعَل مَا قُلْتُه لَكُم زَادَا إِلَى حُسْن الْمَصِيْر إِلَيْه وَعْتَادّا إِلَى يَمُن الْقُدُوْم عَلَيْه إِنَّه بِكُل جَمِيْل كَفِيْل وَهُو حَسْبُنَا وَنِعْم الْوَكِيْل وَصَلَّى الْلَّه وَسَلَّم وَبَارَك عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّد وَالْحَمْد لِلَّه رَب الْعَالَمِيْن
    انتهي الدرس الثالث
    http://tafregh.a146.com/index.php
    لتحميل المباشر للتفريغات مكتبة التفريغات الإسلامية

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    May 2010
    المشاركات
    994

    افتراضي رد: تفريغ سلسلة النبلاء للشيخ أبي إسحاق الحويني حفظه الله

    النبلاء(4) عبد الله بن عمر t الجزء الثاني
    يَقُوْل عَبْد الْرَّزَّاق ابْن هَمَّام الصَّنْعَانِي وَعَبْد الْرَّزَّاق هَذَا لَه كِتَاب الْمُصَنِّف ، هَذَا مَطْبُوْع فِي إِحْدَى عَشَر مُجَلَّدَا ، وَهُو مِن أَمْتَع الْكُتُب وَأَفْضَلُهَا وَأَكْثَرُهَا أَدَلَّة فِيْمَا يَتَعَلَّق بِآْثَار الْصَّحَابَة فِي الْفِقْه ، وَطَبْعَا الْجُزْء الْأَخِير ، الْجَامِع لِمَعْمَر مَلِيْء بِالْكَلَام الْجَمِيْل.
    قَال عَبْد الْرَّزَّاق : أُنْبِئْنَا مُعَمَّر عَن الْزُّهْرِي عَن سَالِم ، قَال: (مَا لَعَن ابْن عُمَر خَادِمَاً قَط إِلَا وَاحِدَا فَأَعْتَقَه )
    هل يجوز لعن المعين: لَعَن الْمَعِيْن مَمْنُوْع ، لَا يَحِل لَك أَن تَلْعَن رَجُلا مُعَيَّنَا ، تَقُوْل : لَعْنَة الْلَّه عَلَى فُلَان ابْن فُلَان !إِنَّمَا يُمْكِن أَن تَلْعَن الْجِنْس ، أَو تَلْعَن الْعُمُوْم دُوْن أَن تُخَص مَلْعُوْنَاً بِعَيْنِه لِأَن هَذَا مِن اعْتِقَاد أَهْل الْسُّنَّة وَالْجَمَاعَة ،ولعن الجنس الْجِنْس ,كَقَوْل الْنَّبِي فِي الْنِّسَاء الْكَاسِيَات الْعَارِيَات رُؤُوْسُهُن كَأَسْنِمَة الْبُخْل الْمَائِلَة ، قَال: «الْعَنُوهُن فَإِنَّهُن مَلْعُوْنَات».
    العلة في النهي عن لعن المعين: فَهَل أُأْتي بِجِوَار وَاحِدَة مُتَبَرِّجَة وَأَقُوْل لَهَا: لَعَنَك الْلَّه؟! لَا هَذَا لَا يَجُوْز ، نَعَم هِي عَاصِيَة ، لَكِن الْلَّعْن هُو الْطَّرِد مِن الْرَّحْمَة ، وَأَنْت لَا تَدْرِي بِمَا يُخْتَم لِهَذِه الْمُتَبَرِّجَة ، كَم مِن نِسَاء كُن مُتَبَرِّجَات وَكَم مِن نِسَاء كُن سَاقِطَات فِي قَعْر الْفَاحِشَة ، ثُم تَاب الْلَّه U عَلَيْهِن ، رُبَّمَا وَاحِدَة مِن هَؤُلَاء الْنِّسَاء أَو وَاحِد مِن هَؤُلَاء الْرِّجَال ، الَّذِيْن فَعَلُوْا الْفَاحِشَة – وَلَكِن نَحْن نَتَكَلَّم فِي الْنِّسَاء ،( الْعَنُوهُن لِأَنَّهُن مَلْعُوْنَات) - مُمْكِن تَسْبِق أَجَل الْعُلَمَاء ، لَا يُوْجَد أَحَد يَعْرِف ، هَذِه مُمْكِن تَتُوْب تَوْبَة نَصُوْحة ، تَضَع الْذَّنْب أَمَام عَيْنُهَا وَهِي تَخْشَاه وَكُل يَوْم تَعْمَل وَتَجِد فِي الْعَمَل لِكَي تَتُوْب وَيُغْفِر لَهَا هَذَا الْذَّنْب فَلَا تَزَال كُل يَوْم فِي ازْدِيَاد فِي ازْدِيَاد ، حَتَّى تَلْقَى الْلَّه U فِي ازْدِيَاد .لَا أَحَد يَعْرِف، فَأَنْت عِنْدَمَا تَلْعَن وَاحِدَة مُتَبَرِّجَة أَو عَاصِيَة ، تَلْعَنْهَا بِعَيْنِهَا .
    الْخَوَاتِيْم لَيْسَت بِيَدِك ، الْخَوَاتِيْم بِيَد الْلَّه : فَقَد يَجْتَبِيْهَا الْلَّه U ، وَقَد يَتُوْب عَلَيْهَا أَنْت لَا تَعْلَم ، وَيُمْكِن هَذَا الْلَّاعِن يَضِل ، وَيَمُوْت عَلَى الضَّلَال ، يَمُوْت عَلَى الْفِسْق يَمُوْت عَلَى الْكُفْر عَلَى أَي شَيْء ، يَمُوْت عَلَى الْمَعْصِيَة حَتَّى وَهُو يَفْعَلُهَا ، وَلِذَلِك لَا يَجُوْز أَحَد يَلْعَن مُعَيَّن ,فعِنَدَمّا أَجِد مُتَبَرِّجَة مَثَلا، وَهُنَاك مِن يُرِيْد أَن يُطَبِّق الْحَدِيْث، نَعَم يُمْكِن أَن يَقُوْل : لَعَن الْلَّه الْمُتَبَرِّجَا ت ، هَكَذَا فَقَط ، لِأَن هَذَا هُو مَنصُوْص الْحَدِيْث «الْعَنُوهُن فَإِنَّهُن مَلْعُوْنَات» وَلَكِن لَا أَقُوْل لَعْنَة الْلَّه عَلَى فُلَانَة أَو أَذْهَب لَهَا وَأَقُوْل لَهَا لَعْنَة الْلَّه عَلَيْك ! كُل هَذَا مَمْنُوْع ، قَال الْنَّبِي : « لَعَن الْلَّه شَارِب الْخَمْر» – أَي شَارِب – فَلَم يُسَلِّط الْلَّعْن عَلَى مُعَيَّن ,(لَعَن الْلَّه الْوَاشِمَة وَالْمُسْتَوْشِ مَة) ، (وَلَعَن الْلَّه مَن آَوَى مُحَدَّثا)و (لَعَن الْلَّه مَن غَيَّر مَنَار الْأَرْض) ، و (لَعَن الْلَّه مَن انْتَسَب إِلَى غَيْر مَوَالِيْه) . نَعَم نَلْعَن مَن فَعَل هَذَا ، هَكَذَا عَلَى الْعُمُوْم ، لَكِن لَا نَلْعَن عَلَى الْتَّعْيِين إِلَّا مِن عَيْنِه الْلَّه وَرَسُوْلَه وَمَن تَوَقَّف عَن لَعْن هَؤُلَاء أَو عَن تَكْفِيْر هَؤُلَاء يَصِيْر مَثَلُهُم إِذَا كَان عَاقِلا ًوإذا كَان يَعْلَم أَن هَذَا الْخِطَاب مِن الْلَّه U أَو مِن الْنَّبِي وَصَح عَنْه ، فَمَن يَأْتِي وَيَقُوْل: أَنَّنِي لَا أَلْعَن وَلَا أُكَفِّر أَبَا لَهَب !يَكُوْن كَافِرْا مِثْلِه ، لِأَن النَّص قَطْعِي الْثُّبُوْت قَطْعِي الْدِّلَالَة ، الَّذِيْن لَعَنَهُم الْنَّبِي وَكُفْرِهِم : كَأَبِي جَعَل وَعُتْبَة ابْن رَبِيْعَة وَشَيْبَة ابْن رَبِيْعَة ، وَهَؤُلَاء الْصَّنَادِيْد نَحْن نَقْطَع أَن هَؤُلَاء كَفَرَة وَكَان الْنَّبِي يَلْعَنُهُم بِأَسْمَائِهِم ,إِذَن عِنْدِي هَذَا الْضَّابِط الَّذِي ذَكَرْتُه .
    ابْن عُمَر t مَا لَعَن خَادِمَاً قَط إِلَّا مَرَّة وَاحِدَة ، لَعَن فِيْهَا خَادِمَا فَأَعْتَقَه كَفَّارَة لَعَنَه ، هَذَا الْكَلَام الَّذِي يَقُوْلُه سَالِم مَوْلَى عَبْد الْلَّه بْن عُمَر .
    وَفِي صَحِيْح مُسْلِم أَيْضا : «أَن عَبْد الْلَّه بْن عُمَر لَطَم خَادِمَا أَو ضَرْب خَادِمَا لَه ، فَتَنَاوَل تِبْنَة مِن عَلَى الْأَرْض وَقَال : مَالِي فِيْه مِن الْأَجْر مِثْل هَذِه ، سُمِعَت الْنَّبِي يَقُوْل: « مَن لَطَم مَمْلُوْكا أَو ضَرَبَه فَكَفَّارَتُه عِتْقِه»
    يَقُوْل : « مَالِي فِيْه مِثْل هَذِه مِن الْأَجْر» لِمَاذَا ؟ يُرِيْد أَن يَقُوْل أَنَا لَا أَسْتَوَي فِي الْأَجْر مَع مَن تَبَرَّع فَأَعْتَق مَمْلُوْكَه تَبَرُّعَا ، هَذَا سَيَأْخُذ أَجْر ، وَلَكِن لِأَنَنَي لَطَمَتْه فَهَذِه كَفَّارَة لِمَا فَعَلْت أَي لَيْس لِي أَجْر كَفَى أَن الْذَّنْب يَسْقُط مِن عَلَيْك ، هَذَا مَعْنَى قَوْل ابْن عُمَر لَيْس لِي فِيْه مِن الْأَجْر مِثْل ذَلِك .
    قَال رَجُل لِابْن عُمَر : « لَا يَزَال الْنَّاس بِخَيْر مَا أَبْقَاك الْلَّه لَهُم ، فَغَضِب وَقَال: إِنِّي لَأَحْسَبُك عِرَاقِيَّا وَمَا يُدْرِيْك عَلَّاما أُغْلِق بِابِي» سُبْحَان الْلَّه، هَذَا الْرَّجُل يَقُوْل لِابْن عُمَر ، لَا يَزَال الْنَّاس بِخَيْر مَا أَبْقَاك الْلَّه لَهُم ، فَيُنْكَر عَلَيْه ابْن عُمَر إِنْكَارَا شَدِيْدَا ، وَهُو يَقُوْل لَه: وَمَا يُدْرِيْك عَلَّاما أُغْلِق بِابِي؟ – هَل تَعْلَم عِنْدَمَا أَكُوْن وَحْدِي مَاذَا أَفْعَل؟!
    يُمْكِن أَن يَخْرُج إِنْسَان إِلَى الْنَّاس وَيَتَجَمَّل يَكُوْن إِنْسَان فَاضِل وْعْاقِل ، وَيَنْطِق أَو يَتَحَدَّر الْدُّر مِن بَيْن شَفَتَيْه فِي الْكَلَام ، لَكِنَّه غَشُوْمٌ ظَلُوْم ، إِذَا دَخَل بَيْتَه يَجْلِس الْوَاقِف ، وَيُضْجِع الْجَالِس، وَالْبَيْت كُلِّه يَصْمُت .
    هُنَاك بَعْض الْنَّاس عِنْدَهَا غِلْظَة فِي الْتَّعَامُل غِلْظَة فِي الْكَبِد ، يَخْرُج فِي الْخَارِج تَجِدْه مِثْل الْنَّسِيْم ، دَائِمَا ضَّحُوْك بَشُوش وَضَحُوك وَلَا يُوْجَد أَي مَشَاكِل ، وَيَدْخُل الْبَيْت الْمَرْأَة لَا تَعْرِف تُكَلِّمُه وَالْأَوْلَاد يَخَافُوْا مِنْه وَلَا يُوْجَد مَن يَسْتَطِيْع أَن يَقُوْل ثَلَاث كَلِمَات .
    فَالَنَّبِي كَان يَقُوْل: خَيْرُكُم خَيْرُكُم لِأَهْلِه وَأَنَا خَيْرُكُم لِأَهْلِي يَخْرُج لِلْنَّاس يَتَجَمَّل وَفِي الدَّاخِل الْلَّه الْمُسْتَعَان ، وَهُنَاك بَعْض الْنَّاس يَكُوْن فِي الْخَارِج مُمْتَاز وَأَوَّل مَا يَدْخُل وَيُغْلَق عَلَيْه الْبَاب يُبَارِز الْلَّه بِالْعَظَائِم!
    كَالْحَدِيْث الَّذِي رَوَاه ابْن مَاجَّه بِسَنَد صَحِيْح ، مِن حَدِيْث ثَوْبَان t، قَال: قَال رَسُوْل الْلَّه : «لَأَعْلَمَن رِجَالْاً مِن أُمَّتِي يَأْتُوْن يَوْم الْقِيَامَة بِحَسَنَات كَأَمْثَال جِبَال تِهَامَة بِيْضَاً ، يَجْعَلُهَا الْلَّه هَبَاء مَنْثُوْرَا ، قَال ثَوْبَان: صِفْهُم لَنَا يَا رَسُوْل الْلَّه لَعَلَّنَا لَا نَكُوْن مِنْهُم ، وَنَحْن لَا نَدْرِي أَو وَنَحْن لَا نَعْلَم ، قَال: أَمَا إِنَّهُم مِن إِخْوَانِكُم يَأْخُذُوْن مِن الْلَيْل مَا تَأْخُذُوْن لَكِنَّهُم إِذَا خِلْو بِمَحَارِم الْلَّه انْتَهَكُوهَا ».
    حَدِيْث مُرْعِب ، يَأْتِي بِجِبَال كَجِبَال تِهَامَة ، حَسَنَات كُلَّهَا تَذْهَب ، تَصِيْر هَبَاءً مَنْثُوْرَاً، لِمَاذَا ؟ هَؤُلاء يَأْخُذُوْن مِن الْلَيْل مَا تَأْخُذُوْن ، يَقُوْمُوْا الْلَّيْل، وَفِي الْخَارِج مَا شَاء الْلَّه لِمَاذَا ضَاعَت حَسَنَاتِهِم ؟ كَانُوْا إِذَا خِلْو بِمَحَارِم الْلَّه انْتَهَكُوهَا .
    إِذَن أَي إِنْسَان عَلَيْه أَن يُصَلِّح سَرِيْرَتَه : لِأَن أَي إِنْسَان لَه سَرِيْرَة يُظْهِرُهَا الَلّه عَلَى وَجْهِه وَإِن بَالِغ فِي إِخْفَائِهَا ,تَجِدْه مَمْقُوتاً مِن الْقُلُوْب ، لَم يَعْمَل شَيْء فِي الْنَّاس وَلَكِن مَكْرُوْه وَالْنَّاس لَا تُحِبُّه ، عَلَى وَجْهِه قَتِيْل ! بَيْنَك وَبَيْنَه جَفْوَة ، مَع أَنَّه صَوَّام قَوَّام يَسْمَع الْقُرْآَن وَيَبْكِي وَهُو وَاقِف فِي الْصَّف نَشْعُر أَنَّنَا سَنُصَاب بِالْصُّدَاع مِن كَثْرَة نَهْنَهْتُه بِالْبُكَاء وَمَع ذَلِك تَجِد لَا يُوْجَد أَحَد يُحِبُّه ، مَع أَنَّه لَا يُؤْذِي أَحَد وَلَا يَسُّب أَحَدَا وَلَا هَذَا الْكَلَام
    الْلَّه الْلَّه فِي الْسَّرَائِر ،: مَهْمَا بَالَغ الْمَرْء فِي إِخْفَاء الْسَّرِيْرَة تَنْطِق عَلَى الْوَجْه ، فَالْوَجْه مِثْل الْمِرْآَة ، وَلِذَلِك كَان عَبْد الْلَّه بْن عُمَر يُنْكِر عِنَدَمّا يَقُوْل لَه هَذَا الْرَّجُل : لَازَال الْنَّاس بِخَيْر مَا بَقِيَت لَهُم ، قَال: إِنِّي لَأَظُنُّك عِرَاقِيَّا ، أَي قَد تُلُقِّي الْقَوْم جُزَافَا ، وَطَبْعَا رَأْي ابْن عُمَر فِي أَهْل الْعِرَاق كَان مَعْرُوْفِا آَنَذَاك ، وَمَا يُدْرِيْك عَلَّاما أُغْلِق بِابِي؟!
    أَسْأَل الَّلَه تَبَارَك وَتَعَالَى أَن يَجْعَل مَا قُلْتُه لَكُم زَادَا إِلَى حُسْن الْمَصِيْر إِلَيْه وَعْتَادّا إِلَى يَمُن الْقُدُوْم عَلَيْه إِنَّه بِكُل جَمِيْل كَفِيْل وَهُو حَسْبُنَا وَنِعْم الْوَكِيْل وَصَلَّى الْلَّه وَسَلَّم وَبَارَك عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّد وَالْحَمْد لِلَّه رَب الْعَالَمِيْن.
    انتهي الدرس الرابع
    http://tafregh.a146.com/index.php
    لتحميل المباشر للتفريغات مكتبة التفريغات الإسلامية

  5. #5

    افتراضي رد: تفريغ سلسلة النبلاء للشيخ أبي إسحاق الحويني حفظه الله

    واصلي أختنا. نسأل الله أن يجعل ما تكتبين في ميزان حسناتك.
    كتبت وقد أيقنت يوم كتابتـي *** بأن يدي تفنى ويبقى كتابها
    فإن كتبت خيراً ستجزى بمثلها *** وإن كتبت شراً عليَ حسابها

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    May 2010
    المشاركات
    994

    افتراضي رد: تفريغ سلسلة النبلاء للشيخ أبي إسحاق الحويني حفظه الله

    النبلاء (5) عبد الله بن عمر t الجزء الثاني
    كَان ابْن عُمَر كَثِيْر الْبُكَاء: يَسْمَع الْآَيَة يَبْكِي لَهَا ، فِي مَجْلِس وَعظ ، وَالَّذِي كَان يَعِظ هُو عُبَيْد بْن عُمَيْر أَحَد الْتَّابِعِيْن ، وَلَيْس صَحَابِي وَلَكِن وَالِدِه هُو الْصَّحَابِي ، عُمَيْر هُو الْصَّحَابِي إِنَّمَا هُو كَان تَابِعِيّا ، وَكَان ذَا لِسَان ، وَكَان مُنْطَلِقَا فَكَان عُبَيْد بْن عُمَيْر لَه مَجْلِس وَُعظ ، وَلَم يَكُن يَتَصَدَّر لِلْوَعْظ آَنَذَاك إِلَا أَهْل الْعِلْم ، وُعظ أَهْل الْعِلْم عَلَيْه نُوَر
    بِخِلَاف الَّذِي يَصْرُخ ، مُمْكِن وَاحِد عُمَّال يَصْرُخ وَيُعْلِي صَوْتَه عَلَى الْمِنْبَر , فَتَجِد أُنَاس يَبْكُوْن ، يَبْكُوْن مِن الْصَّدَاع وَلَيْس مِن الْمَوْعِظَة ، لَا، الْمَوْعِظَة وَعَظ أَهْل الْعِلْم مخْتَلِف تَمَامَا ، لَم يَكُن يَعِظ قَدِيْمَا إِلَا أَهْل الْعِلْم مِثْل عُبَيْد بْن عُمَيْر كَان يَتْلُوْا الْآَيَة ، آَيَة وَاحِدَة مِثْلَمَا فِي هَذَا الْخَبَر الَّذِي رَوَاه أَبُو الْعَبَّاس الْسَّرَّاج فِي تَارِيْخِه بِسَنَد جَيِّد عَن نَافِع وَهَذِه الرِّوَايَة فِي طَبَقَات ابْن سَعْد ، كَان عُبَيْد بْن عُمَيْر يَعِظ فَقَرَأ قَوْلَه تَبَارَك وَتَعَالَى﴿ فَكَيْف إِذَا جِئْنَا مِن كُل أُمَّة بِشَهِيْد وَجِئْنَا بِك عَلَى هَؤُلَاء شَهِيْدا ﴾ فَبَكَى عَبْد الْلَّه بْن عُمَر حَتَّى اخضلّت لِحْيَتِه ، أَصْبَحَت لِحْيَتِه تَقْطُر مَاءَا ، أُشْرِبَت الْدُّمُوْع ، وَالْدَّمْع يَتَسَاقَط مِن لِحْيَتِه حَتَّى قَالُوْا لِعُبَيْد بْن عُمَيْر كُفَّ، فَقَد أَزْعَجَت الْشَّيْخ مِن شِدَّة بُكَاء عَبْد الْلَّه بْن عُمَر.
    وَلَا غَرْو ، فَقَد بَكَى رَسُوْل عِنْدَمَا قَرَأ ابْن مَسْعُوْد رَضِي الْلَّه عَنْه:عَلَيْه هَذِه الْآَيَة عِنَدَمّا قَال لَه : «اقْرَأ عَلَي الْقُرْآَن ، قَال يَا رَسُوْل الْلَّه اقْرَأ عَلَيْك وَعَلَيْك نَزَل؟ قَال: إِنِّي أُحِب أَن أَسْمَعَه مِن غَيْرِي ، فَقَرَأ عَلَيْه مِن الْنِّسَاء حَتَّى وَصَل إِلَى هَذِه الْآَيَة ﴿ فَكَيْف إِذَا جِئْنَا مِن كُل أُمَّة بِشَهِيْد وَجِئْنَا بِك عَلَى هَؤُلَاء شَهِيْدا ﴾ قَال حَسْبُك_،أَي كَف عَن الْقِرَاءَة_ ، قَال ابْن مَسْعُوْد ، فَالتَفَت إِلَيْه فَإِذَا عِيْنَاه تَذْرِفَان».أَي إِذَا الْنَّبِي يَبْكِي.
    وَفِي تَارِيْخ أَبِي الْعَبَّاس الْسَّرَّاج بِإِسْنَاد جَيِّد عَن نَافِع ، كَان ابْن عُمَر إِذَا مَرَّ عَلَى هَذِه الْآَيَة ﴿ أَلَم يَأْن لِلَّذِيْن آَمَنُوْا أَن تَخْشَع قُلُوْبُهُم لِذِكْر الْلَّه وَمَا نَزَل مِن الْحَق ﴾كَان يَبْكِي وَيَغْلِبُه الْبُكَاء ، وَالْبُكَاء عِنْد سَمَاع آَيَات الْقُرْآَن مَطْلُوْبٌ شَرْعَا ، وَقَد ذَكَر هَذَا فِي غَيْر مَا آَيَة مِن كِتَاب الْلَّه U وَأَثْنَى الْلَّه U عَلَى الْلَّذِيْن يَسْمَعُوْن آَيَاتِه فَيُجَاوبُون آَيَاتِه بِدَمْع الْعَيْن .وَذَكَر أَبُو نُعَيْم فِي كِتَاب الْحِلْيَة عَن نَافِع قَال: «كَان ابْن عُمَر إِذَا فَاتَتْه صَلَاة الْعِشَاء فِي الْجَمَاعَة أَحْيَا بَقِيَّة لِيّلَه». لِمَاذَا؟ عِنْدِنَا حَدِيْث رَوَاه مُسْلِم فِي صَحِيْحِه مِن حَدِيْث عُثْمَان بْن عَفَّان t، أَن الْنَّبِي قَال: « مَن صَلَّى الْعِشَاء فِي جَمَاعَةٍ فَكَأَنَّمَا قَام نِصْف الْلَّيْل ، وَمَن صَلَّى الْفَجْر فِي جَمَاعَةٍ فَكَأَنَّمَا قَام الْلَّيْل كُلَّه». فَانْظُر الْجَمَاعَة الَّذِيْن لَا يُصَلُّوْن أَسَاسُاً ، الْعَشَاء فِي جَمَاعَة كَأَنَّمَا قَام نِصْف الْلَّيْل، فَابْن عُمَر كَان إِذَا فَاتَتْه صَلَاة الْعِشَاء فِي جَمَاعَة ، يُحْي الْلَّيْل كُلَّه رَجَاء أَن يُدْرِك أَجْر صَلَاة الْعِشَاء فِي جَمَاعَة .وَفِي لَفْظ لِحَدِيْث عُثْمَان عَن الْنَّبِي : «مَن صَلَّى الْعِشَاء فِي جَمَاعَةٍ فَكَأَنَّمَا قَام نِصْف الْلَّيْل ، وَمَن صَلَّى الْعِشَاء وَالْفَجْر فِي جَمَاعَةٍ فَكَأَنَّمَا قَام الْلَّيْل كُلَّه».
    مَا الْفَرْق بَيْن الْمَتْنَيْن ؟ اتَّفَقُوْا فِي الشَّطْر الْأَوَّل وَهُو : صَلَاة الْعِشَاء ( مَن صَلَّى الْعِشَاء فِي جَمَاعَة فَكَأَنَّمَا قَام نِصْف الْلَّيْل) وَالْثَّانِي ( مَن صَلَّى الْعِشَاء فِي جَمَاعَة فَكَأَنَّمَا قَام نِصْف الْلَّيْل) ، الشَّطْر الْثَّانِي فِي الْلَّفْظ الْأَوَّل( وَمَن صَلَّى الْفَجْر فِي جَمَاعَة فَكَأَنَّمَا قَام الْلَّيْل كُلَّه ) الشَّطْر الْثَّانِي فِي الْمَتْن الْثَّانِي( وَمَن صَلَّى الْعِشَاء وَالْفَجْر فِي جَمَاعَة فَكَأَنَّمَا قَام الْلَّيْل كُلَّه)
    هَذَا اخْتِلَاف سَوْف يُبْنَى عَلَيْه اخْتِلَاف فِي الْمَعْنَى,مِثْ َمَا قُلْنَا فِي الْبَحْث الْأَوَّل ، وَلَكِن سَوْف أُؤَجّل هَذَا الْكَلَام قَلِيْلا ًحتى يَتَيَسَّر الْوَقْت لِذَلِك ، وَسَوْف أَعْرِفْكُم مِن ذَلِك شَرَف عِلْم الْحَدِيْث ، كَيْف سَنَرْجِح الْلَّفْظَيْن ، كَيْف مَن صَلَّى الْفَجْر فَقَط فِي جَمَاعَة كَأَنَّمَا قَام الْلَّيْل كُلَّه ، أَم يَجِب أَن يَأْتِي الْفَجْر وَالْعِشَاء حَتَّى يَأْخُذ الْلَّيْل كُلَّه؟ لِأَن هَذَا سَيُفَرَّق.فَكَ ن ابْن عُمَر إِذَا فَاتَتْه صَلَاة الْعِشَاء فِي جَمَاعَة يَقُوْم الْلَّيْل كُلَّه رَجَاء أَن يُدْرِك أَجْر صَلَاة الْعِشَاء فِي جَمَاعَة .
    أَذْكُر آَخِر الْحِكَايَة عَن ابْن عُمَر رَضِي الْلَّه عَنْهُمَا :لِكَي نَدْخُل الْمُرَّة الْتّالِيَة فِي الْحَدِيْث:هَذِ الْحِكَايَة حِكَايَة صَحِيْحَة وَقَد رَوَاهَا نَافِع وَعُمَر بِن دِيْنَار وَعَبْد الْلَّه بْن دِيْنَار وَهِي مَوْجُوْدَة فِي مُعْجَم الْطَّبَرَانِي الْكَبِيْر بِسَنَد صَحِيْح مِن طَرِيْق عَبْد الْلَّه بْن دِيْنَار.
    يَقُوْل: « أَنَّه كَان مَع عَبْد الْلَّه بْن عُمَر يَمْشُوْن فِي الْجَبَل فَإِذَا رَاعِي غَنَم انْحَدَر بِغَنَمِه مِن الْجَبَل ، فَقَال لَه ابْن عُمَر : يَا غُلَام أَعْطِنِي شَاة مِن غَنَمِك ، فَقَال : إِنَّهَا لَيْسَت لِي ، إِنَّهَا لِسَيِّدِي ،فَقَال لَه : قُل أُكُلَهَا الْذِّئْب ، فَقَال لَه الْرَّاعِي : وَأَيْن الْلَّه؟! فَبَكَى ابْن عَمر بُكّاءَا ًشديداً وَجَعَل يُرَدِّد كَلِمَة الْغُلَام ، فَأَيْن الْلَّه؟ فَأَيْن الْلَّه؟ ثُم اسْتَدَل عَلَى الْغُلَام فَذَهَب إِلَى سَيِّدِه فَاشْتَرَى الْغُلَام مِنْه وَأَعْتَقَه ، وَاشْتَرَى الْغَنَم وَوَهَبَهَا لِلْغُلام »
    هَذَا هُو تَعْظِيْم مَنْزِلَة الْمُرَاقَبَة : ابْن عُمَر لَمَّا قَال لَه : أَعْطِنِي شَاة مِن غَنَمِك ، مَا كَان ابْن عُمَر يَقْبَلُهَا لَو حَتَّى أَعْطَاه الْغُلَام ، وَهُو يَعْلَم أَنَّهَا لَيْسَت مِلْكَا لَه ، وَلَكِن أَحْيَانَا بَعْض أَهْل الْعِلْم يَمْتَحِن الْنَّاس ، أَو يَمْتَحِن الْطَّلَبَة ، فَيَقُوْل لَه : افْعَل كَذَا ، فَإِذَا فَعَل الْغُلَام يُعَرِّف أَنَّه إِمَّا مُتَهَاوِن أَو أَنَّه لَم يَفْطِن إِلَى مُرَاد الْشَّيْخ مِن ذَاك الامْتِحَان,مِث لَمَا يَقُصُّون عَن الْإِمَام الْشَّافِعِي ، أَنَّه أَرَاد أَن يَمْتَحِن تَلَامِيْذُه يَوْمَا ، فَأَعْطَى كُل وَاحِد فَرُّوْجُا - مِثْلَمَا قَرَأْت الْحِكَايَة وَلَكِن لَم أَقِف عَلَى إِسْنَاد لَهَا أَو أَن هَذِه الْحِكَايَة هِي الَّتِي حَكَيْت عَن الْشَّافِعِي لَم يَفْعَل الْشَّافِعِي وَلَكِن شَيْخ الْشَّافِعِي هُو الَّذِي فَعَل- وَقَال لِكُل وَاحِد مِنْهُم أُرِيْدُك أَن تَذْبَح هَذَا الْدِّيْك فِي مَكَان لَا يَرَاك فِيْه أَحَد . الْجَمِيْع أَتَى بِالْدُّيُوْك مُذُوبُحّة ، عَدَا وَاحِد ، عِنَدَمّا سَأَلَه لِمَاذَا لَم تُذْبَح؟ قَال حَيْثُمَا كُنْت فِي أَي مَكَان رَأَيْت الْلَّه يَرَانِي ، فَقَال : أَفْلَحْت وَأَنْجَحْت يَابَنِي,لِأَنَ ه هُو الَّذِي فَطِن إِلَى الْمَعْنَى الَّذِي أَرَادَه الْشَّيْخ
    فَانْظُر ابْن عُمَر مِن انْفِعَالِه لْجَوَاب الْغُلَام ، اسْتُدِل عَلَى بَيْتِه وَاشْتَرَى الْغُلَام وَاشْتَرَى الْغَنَم وَأَعْتَق الْغُلَام وَوَهَب لَه الْغَنَم ,وَهَذَا كَان خُلْقَا لِابْن عُمَر، إِذَا مَرَّ عَلَى غِلْمَانَه وَكَانُوْا كَافِرِيْن ، إِذَا رَأَى غُلَامَا مِن هَؤُلَاء الُغَوَيْلَمّة أَو عَبْد مِن هَؤُلَاء الْأَعبد حُسْن الْصَّلاة ، أَو عِنْدَه خُشُوْع وَيَقِف يَبْكِي ، فَإِذَا أَعْجَبَه سَمْتُه وَنَحْوِه يَقُوْل لَه : « أَنْت حُر لِوَجْه الْلَّه »فَكَأَن هَذِه الْمَسْأَلَة كَثُرَت ، فِي كُل مَرَّة يُمَثِّل أَمَامَه الْغُلَام أَنَّه يَبْكِي ، فَيَقُوْل لَه ابْن عُمَر: أَنْت حُر.فَالْجَمَاع ة حَوْل ابْن عُمَر قَالُوْا لِسَالِم : أَبَاك هَكَذَا يُضِيْع مَالِه ، فَهَذَا الْغُلَام بِالْمَال ، فَإِذَا عَذَرْت أَو أَي شَيْء تَأْخُذُه وَتَبِيْعُه فِي الْسُّوْق وَتَعُوْد بِمَال، فَهُو فِي كُل مَرَّة يَقُوْل لِهَذَا وَهَذَا وَهَذَا أَنْت حُر، أَنْت حُر ، أَنْت حُر ، وَالْمَال سَيَذْهَب ، وَهَؤُلَاء يَخَدْعُوه وَيَمْثُلُوا عَلَيْه ، فَنَقَل سَالِم هَذَا الْكَلَام لِأَبِيْه ، قَال لَه : يَا أَبَت إِنَّهُم يَخْدَعُوْنَك ، فَقَال لَه : « يَا بُنَي مَن خَدَعَنَا فِي الْلَّه خُدِعْنَا لَه» إِذَا كَان هُو يَخْدَعُنِي فَإِن الْلَّه لَا يُخْدَع وَأَنَا مَعْذُوْر لَو جَاء لِي وَاحِد وَذَكَر لِي رَبِّي سُبْحَانَه وَتَعَالَى أَنَا مَعْذُوْر أَنَّنِي أَتُخْدَع ، لِمَاذَا ؟ لِشِدَّة حُبِّه لِرَبِّه تَبَارَك وَتَعَالَى ,مِثْلَمَا وَاحِد يَأْتِي وَيَسْتَشْفِع بِفُلَان الَّذِي تُحِبُّه بِدُوْن مَا تَسْتَوْثِق مِن فُلَان هَذَا؟ مُجَرَّد مَا ذُكِر اسْمُه قَلْبَك رَفْرَف ، تَقُوْل لَه : أَنْت أَتَيْت مِن عِنْد الْغَالِي!وَعَل ى الْفَوْر تَقُوْم وَتَخْدُمُه وَتَكّتَشْف أَن هَذَا الْرَّجُل كَان خِدَاعَا ، فَمَا الَّذِي جَعَلَك تَغْتَر ؟ عِنْدَمَا ذَكَر حَبِيْبِك ، فَأَنْت مَعْذُوْر ، فَالَحُب يَفْعَل ذَلِك,وَلِأَجْل ذَلِك قَال لَه : « يَا بُنَي مَن خَدَعَنَا فِي الْلَّه خُدِعْنَا لَه»
    أَسْأَل الَّلَه تَبَارَك وَتَعَالَى أَن يَجْعَل مَا قُلْتُه لَكُم وَمَا سَمِعْتُمُوْه مِنِّي زَادَا إِلَى حُسْن الْمَصِيْر إِلَيْه وَعْتَادّا إِلَى يَمُن الْقُدُوْم عَلَيْه إِنَّه بِكُل جَمِيْل كَفِيْل وَهُو حَسْبُنَا وَنِعْم الْوَكِيْل وَصَلَّى الْلَّه وَسَلَّم وَبَارَك عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّد وَالْحَمْد لِلَّه رَب الْعَالَمِيْن.
    انتهي الدرس الخامس
    http://tafregh.a146.com/index.php
    لتحميل المباشر للتفريغات مكتبة التفريغات الإسلامية

  7. #7
    تاريخ التسجيل
    May 2010
    المشاركات
    994

    افتراضي رد: تفريغ سلسلة النبلاء للشيخ أبي إسحاق الحويني حفظه الله

    النبلاء (5) عبد الله بن عمر t الجزء الثاني
    كَان ابْن عُمَر كَثِيْر الْبُكَاء: يَسْمَع الْآَيَة يَبْكِي لَهَا ، فِي مَجْلِس وَعظ ، وَالَّذِي كَان يَعِظ هُو عُبَيْد بْن عُمَيْر أَحَد الْتَّابِعِيْن ، وَلَيْس صَحَابِي وَلَكِن وَالِدِه هُو الْصَّحَابِي ، عُمَيْر هُو الْصَّحَابِي إِنَّمَا هُو كَان تَابِعِيّا ، وَكَان ذَا لِسَان ، وَكَان مُنْطَلِقَا فَكَان عُبَيْد بْن عُمَيْر لَه مَجْلِس وَُعظ ، وَلَم يَكُن يَتَصَدَّر لِلْوَعْظ آَنَذَاك إِلَا أَهْل الْعِلْم ، وُعظ أَهْل الْعِلْم عَلَيْه نُوَر
    بِخِلَاف الَّذِي يَصْرُخ ، مُمْكِن وَاحِد عُمَّال يَصْرُخ وَيُعْلِي صَوْتَه عَلَى الْمِنْبَر , فَتَجِد أُنَاس يَبْكُوْن ، يَبْكُوْن مِن الْصَّدَاع وَلَيْس مِن الْمَوْعِظَة ، لَا، الْمَوْعِظَة وَعَظ أَهْل الْعِلْم مخْتَلِف تَمَامَا ، لَم يَكُن يَعِظ قَدِيْمَا إِلَا أَهْل الْعِلْم مِثْل عُبَيْد بْن عُمَيْر كَان يَتْلُوْا الْآَيَة ، آَيَة وَاحِدَة مِثْلَمَا فِي هَذَا الْخَبَر الَّذِي رَوَاه أَبُو الْعَبَّاس الْسَّرَّاج فِي تَارِيْخِه بِسَنَد جَيِّد عَن نَافِع وَهَذِه الرِّوَايَة فِي طَبَقَات ابْن سَعْد ، كَان عُبَيْد بْن عُمَيْر يَعِظ فَقَرَأ قَوْلَه تَبَارَك وَتَعَالَى﴿ فَكَيْف إِذَا جِئْنَا مِن كُل أُمَّة بِشَهِيْد وَجِئْنَا بِك عَلَى هَؤُلَاء شَهِيْدا ﴾ فَبَكَى عَبْد الْلَّه بْن عُمَر حَتَّى اخضلّت لِحْيَتِه ، أَصْبَحَت لِحْيَتِه تَقْطُر مَاءَا ، أُشْرِبَت الْدُّمُوْع ، وَالْدَّمْع يَتَسَاقَط مِن لِحْيَتِه حَتَّى قَالُوْا لِعُبَيْد بْن عُمَيْر كُفَّ، فَقَد أَزْعَجَت الْشَّيْخ مِن شِدَّة بُكَاء عَبْد الْلَّه بْن عُمَر.
    وَلَا غَرْو ، فَقَد بَكَى رَسُوْل عِنْدَمَا قَرَأ ابْن مَسْعُوْد رَضِي الْلَّه عَنْه:عَلَيْه هَذِه الْآَيَة عِنَدَمّا قَال لَه : «اقْرَأ عَلَي الْقُرْآَن ، قَال يَا رَسُوْل الْلَّه اقْرَأ عَلَيْك وَعَلَيْك نَزَل؟ قَال: إِنِّي أُحِب أَن أَسْمَعَه مِن غَيْرِي ، فَقَرَأ عَلَيْه مِن الْنِّسَاء حَتَّى وَصَل إِلَى هَذِه الْآَيَة ﴿ فَكَيْف إِذَا جِئْنَا مِن كُل أُمَّة بِشَهِيْد وَجِئْنَا بِك عَلَى هَؤُلَاء شَهِيْدا ﴾ قَال حَسْبُك_،أَي كَف عَن الْقِرَاءَة_ ، قَال ابْن مَسْعُوْد ، فَالتَفَت إِلَيْه فَإِذَا عِيْنَاه تَذْرِفَان».أَي إِذَا الْنَّبِي يَبْكِي.
    وَفِي تَارِيْخ أَبِي الْعَبَّاس الْسَّرَّاج بِإِسْنَاد جَيِّد عَن نَافِع ، كَان ابْن عُمَر إِذَا مَرَّ عَلَى هَذِه الْآَيَة ﴿ أَلَم يَأْن لِلَّذِيْن آَمَنُوْا أَن تَخْشَع قُلُوْبُهُم لِذِكْر الْلَّه وَمَا نَزَل مِن الْحَق ﴾كَان يَبْكِي وَيَغْلِبُه الْبُكَاء ، وَالْبُكَاء عِنْد سَمَاع آَيَات الْقُرْآَن مَطْلُوْبٌ شَرْعَا ، وَقَد ذَكَر هَذَا فِي غَيْر مَا آَيَة مِن كِتَاب الْلَّه U وَأَثْنَى الْلَّه U عَلَى الْلَّذِيْن يَسْمَعُوْن آَيَاتِه فَيُجَاوبُون آَيَاتِه بِدَمْع الْعَيْن .وَذَكَر أَبُو نُعَيْم فِي كِتَاب الْحِلْيَة عَن نَافِع قَال: «كَان ابْن عُمَر إِذَا فَاتَتْه صَلَاة الْعِشَاء فِي الْجَمَاعَة أَحْيَا بَقِيَّة لِيّلَه». لِمَاذَا؟ عِنْدِنَا حَدِيْث رَوَاه مُسْلِم فِي صَحِيْحِه مِن حَدِيْث عُثْمَان بْن عَفَّان t، أَن الْنَّبِي قَال: « مَن صَلَّى الْعِشَاء فِي جَمَاعَةٍ فَكَأَنَّمَا قَام نِصْف الْلَّيْل ، وَمَن صَلَّى الْفَجْر فِي جَمَاعَةٍ فَكَأَنَّمَا قَام الْلَّيْل كُلَّه». فَانْظُر الْجَمَاعَة الَّذِيْن لَا يُصَلُّوْن أَسَاسُاً ، الْعَشَاء فِي جَمَاعَة كَأَنَّمَا قَام نِصْف الْلَّيْل، فَابْن عُمَر كَان إِذَا فَاتَتْه صَلَاة الْعِشَاء فِي جَمَاعَة ، يُحْي الْلَّيْل كُلَّه رَجَاء أَن يُدْرِك أَجْر صَلَاة الْعِشَاء فِي جَمَاعَة .وَفِي لَفْظ لِحَدِيْث عُثْمَان عَن الْنَّبِي : «مَن صَلَّى الْعِشَاء فِي جَمَاعَةٍ فَكَأَنَّمَا قَام نِصْف الْلَّيْل ، وَمَن صَلَّى الْعِشَاء وَالْفَجْر فِي جَمَاعَةٍ فَكَأَنَّمَا قَام الْلَّيْل كُلَّه».
    مَا الْفَرْق بَيْن الْمَتْنَيْن ؟ اتَّفَقُوْا فِي الشَّطْر الْأَوَّل وَهُو : صَلَاة الْعِشَاء ( مَن صَلَّى الْعِشَاء فِي جَمَاعَة فَكَأَنَّمَا قَام نِصْف الْلَّيْل) وَالْثَّانِي ( مَن صَلَّى الْعِشَاء فِي جَمَاعَة فَكَأَنَّمَا قَام نِصْف الْلَّيْل) ، الشَّطْر الْثَّانِي فِي الْلَّفْظ الْأَوَّل( وَمَن صَلَّى الْفَجْر فِي جَمَاعَة فَكَأَنَّمَا قَام الْلَّيْل كُلَّه ) الشَّطْر الْثَّانِي فِي الْمَتْن الْثَّانِي( وَمَن صَلَّى الْعِشَاء وَالْفَجْر فِي جَمَاعَة فَكَأَنَّمَا قَام الْلَّيْل كُلَّه)
    هَذَا اخْتِلَاف سَوْف يُبْنَى عَلَيْه اخْتِلَاف فِي الْمَعْنَى,مِثْ َمَا قُلْنَا فِي الْبَحْث الْأَوَّل ، وَلَكِن سَوْف أُؤَجّل هَذَا الْكَلَام قَلِيْلا ًحتى يَتَيَسَّر الْوَقْت لِذَلِك ، وَسَوْف أَعْرِفْكُم مِن ذَلِك شَرَف عِلْم الْحَدِيْث ، كَيْف سَنَرْجِح الْلَّفْظَيْن ، كَيْف مَن صَلَّى الْفَجْر فَقَط فِي جَمَاعَة كَأَنَّمَا قَام الْلَّيْل كُلَّه ، أَم يَجِب أَن يَأْتِي الْفَجْر وَالْعِشَاء حَتَّى يَأْخُذ الْلَّيْل كُلَّه؟ لِأَن هَذَا سَيُفَرَّق.فَكَ ن ابْن عُمَر إِذَا فَاتَتْه صَلَاة الْعِشَاء فِي جَمَاعَة يَقُوْم الْلَّيْل كُلَّه رَجَاء أَن يُدْرِك أَجْر صَلَاة الْعِشَاء فِي جَمَاعَة .
    أَذْكُر آَخِر الْحِكَايَة عَن ابْن عُمَر رَضِي الْلَّه عَنْهُمَا :لِكَي نَدْخُل الْمُرَّة الْتّالِيَة فِي الْحَدِيْث:هَذِ الْحِكَايَة حِكَايَة صَحِيْحَة وَقَد رَوَاهَا نَافِع وَعُمَر بِن دِيْنَار وَعَبْد الْلَّه بْن دِيْنَار وَهِي مَوْجُوْدَة فِي مُعْجَم الْطَّبَرَانِي الْكَبِيْر بِسَنَد صَحِيْح مِن طَرِيْق عَبْد الْلَّه بْن دِيْنَار.
    يَقُوْل: « أَنَّه كَان مَع عَبْد الْلَّه بْن عُمَر يَمْشُوْن فِي الْجَبَل فَإِذَا رَاعِي غَنَم انْحَدَر بِغَنَمِه مِن الْجَبَل ، فَقَال لَه ابْن عُمَر : يَا غُلَام أَعْطِنِي شَاة مِن غَنَمِك ، فَقَال : إِنَّهَا لَيْسَت لِي ، إِنَّهَا لِسَيِّدِي ،فَقَال لَه : قُل أُكُلَهَا الْذِّئْب ، فَقَال لَه الْرَّاعِي : وَأَيْن الْلَّه؟! فَبَكَى ابْن عَمر بُكّاءَا ًشديداً وَجَعَل يُرَدِّد كَلِمَة الْغُلَام ، فَأَيْن الْلَّه؟ فَأَيْن الْلَّه؟ ثُم اسْتَدَل عَلَى الْغُلَام فَذَهَب إِلَى سَيِّدِه فَاشْتَرَى الْغُلَام مِنْه وَأَعْتَقَه ، وَاشْتَرَى الْغَنَم وَوَهَبَهَا لِلْغُلام »
    هَذَا هُو تَعْظِيْم مَنْزِلَة الْمُرَاقَبَة : ابْن عُمَر لَمَّا قَال لَه : أَعْطِنِي شَاة مِن غَنَمِك ، مَا كَان ابْن عُمَر يَقْبَلُهَا لَو حَتَّى أَعْطَاه الْغُلَام ، وَهُو يَعْلَم أَنَّهَا لَيْسَت مِلْكَا لَه ، وَلَكِن أَحْيَانَا بَعْض أَهْل الْعِلْم يَمْتَحِن الْنَّاس ، أَو يَمْتَحِن الْطَّلَبَة ، فَيَقُوْل لَه : افْعَل كَذَا ، فَإِذَا فَعَل الْغُلَام يُعَرِّف أَنَّه إِمَّا مُتَهَاوِن أَو أَنَّه لَم يَفْطِن إِلَى مُرَاد الْشَّيْخ مِن ذَاك الامْتِحَان,مِث لَمَا يَقُصُّون عَن الْإِمَام الْشَّافِعِي ، أَنَّه أَرَاد أَن يَمْتَحِن تَلَامِيْذُه يَوْمَا ، فَأَعْطَى كُل وَاحِد فَرُّوْجُا - مِثْلَمَا قَرَأْت الْحِكَايَة وَلَكِن لَم أَقِف عَلَى إِسْنَاد لَهَا أَو أَن هَذِه الْحِكَايَة هِي الَّتِي حَكَيْت عَن الْشَّافِعِي لَم يَفْعَل الْشَّافِعِي وَلَكِن شَيْخ الْشَّافِعِي هُو الَّذِي فَعَل- وَقَال لِكُل وَاحِد مِنْهُم أُرِيْدُك أَن تَذْبَح هَذَا الْدِّيْك فِي مَكَان لَا يَرَاك فِيْه أَحَد . الْجَمِيْع أَتَى بِالْدُّيُوْك مُذُوبُحّة ، عَدَا وَاحِد ، عِنَدَمّا سَأَلَه لِمَاذَا لَم تُذْبَح؟ قَال حَيْثُمَا كُنْت فِي أَي مَكَان رَأَيْت الْلَّه يَرَانِي ، فَقَال : أَفْلَحْت وَأَنْجَحْت يَابَنِي,لِأَنَ ه هُو الَّذِي فَطِن إِلَى الْمَعْنَى الَّذِي أَرَادَه الْشَّيْخ
    فَانْظُر ابْن عُمَر مِن انْفِعَالِه لْجَوَاب الْغُلَام ، اسْتُدِل عَلَى بَيْتِه وَاشْتَرَى الْغُلَام وَاشْتَرَى الْغَنَم وَأَعْتَق الْغُلَام وَوَهَب لَه الْغَنَم ,وَهَذَا كَان خُلْقَا لِابْن عُمَر، إِذَا مَرَّ عَلَى غِلْمَانَه وَكَانُوْا كَافِرِيْن ، إِذَا رَأَى غُلَامَا مِن هَؤُلَاء الُغَوَيْلَمّة أَو عَبْد مِن هَؤُلَاء الْأَعبد حُسْن الْصَّلاة ، أَو عِنْدَه خُشُوْع وَيَقِف يَبْكِي ، فَإِذَا أَعْجَبَه سَمْتُه وَنَحْوِه يَقُوْل لَه : « أَنْت حُر لِوَجْه الْلَّه »فَكَأَن هَذِه الْمَسْأَلَة كَثُرَت ، فِي كُل مَرَّة يُمَثِّل أَمَامَه الْغُلَام أَنَّه يَبْكِي ، فَيَقُوْل لَه ابْن عُمَر: أَنْت حُر.فَالْجَمَاع ة حَوْل ابْن عُمَر قَالُوْا لِسَالِم : أَبَاك هَكَذَا يُضِيْع مَالِه ، فَهَذَا الْغُلَام بِالْمَال ، فَإِذَا عَذَرْت أَو أَي شَيْء تَأْخُذُه وَتَبِيْعُه فِي الْسُّوْق وَتَعُوْد بِمَال، فَهُو فِي كُل مَرَّة يَقُوْل لِهَذَا وَهَذَا وَهَذَا أَنْت حُر، أَنْت حُر ، أَنْت حُر ، وَالْمَال سَيَذْهَب ، وَهَؤُلَاء يَخَدْعُوه وَيَمْثُلُوا عَلَيْه ، فَنَقَل سَالِم هَذَا الْكَلَام لِأَبِيْه ، قَال لَه : يَا أَبَت إِنَّهُم يَخْدَعُوْنَك ، فَقَال لَه : « يَا بُنَي مَن خَدَعَنَا فِي الْلَّه خُدِعْنَا لَه» إِذَا كَان هُو يَخْدَعُنِي فَإِن الْلَّه لَا يُخْدَع وَأَنَا مَعْذُوْر لَو جَاء لِي وَاحِد وَذَكَر لِي رَبِّي سُبْحَانَه وَتَعَالَى أَنَا مَعْذُوْر أَنَّنِي أَتُخْدَع ، لِمَاذَا ؟ لِشِدَّة حُبِّه لِرَبِّه تَبَارَك وَتَعَالَى ,مِثْلَمَا وَاحِد يَأْتِي وَيَسْتَشْفِع بِفُلَان الَّذِي تُحِبُّه بِدُوْن مَا تَسْتَوْثِق مِن فُلَان هَذَا؟ مُجَرَّد مَا ذُكِر اسْمُه قَلْبَك رَفْرَف ، تَقُوْل لَه : أَنْت أَتَيْت مِن عِنْد الْغَالِي!وَعَل ى الْفَوْر تَقُوْم وَتَخْدُمُه وَتَكّتَشْف أَن هَذَا الْرَّجُل كَان خِدَاعَا ، فَمَا الَّذِي جَعَلَك تَغْتَر ؟ عِنْدَمَا ذَكَر حَبِيْبِك ، فَأَنْت مَعْذُوْر ، فَالَحُب يَفْعَل ذَلِك,وَلِأَجْل ذَلِك قَال لَه : « يَا بُنَي مَن خَدَعَنَا فِي الْلَّه خُدِعْنَا لَه»
    أَسْأَل الَّلَه تَبَارَك وَتَعَالَى أَن يَجْعَل مَا قُلْتُه لَكُم وَمَا سَمِعْتُمُوْه مِنِّي زَادَا إِلَى حُسْن الْمَصِيْر إِلَيْه وَعْتَادّا إِلَى يَمُن الْقُدُوْم عَلَيْه إِنَّه بِكُل جَمِيْل كَفِيْل وَهُو حَسْبُنَا وَنِعْم الْوَكِيْل وَصَلَّى الْلَّه وَسَلَّم وَبَارَك عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّد وَالْحَمْد لِلَّه رَب الْعَالَمِيْن.
    انتهي الدرس الخامس
    http://tafregh.a146.com/index.php
    لتحميل المباشر للتفريغات مكتبة التفريغات الإسلامية

  8. #8
    تاريخ التسجيل
    May 2010
    المشاركات
    994

    افتراضي رد: تفريغ سلسلة النبلاء للشيخ أبي إسحاق الحويني حفظه الله

    يرفع للفائدة
    http://tafregh.a146.com/index.php
    لتحميل المباشر للتفريغات مكتبة التفريغات الإسلامية

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •