قال الإمام بن كثير في مقدمة كتابه (33/1)
وقد روي أن عليًا، رضي الله عنه، أراد أن يجمع القرآن بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم مرتبا بحسب نزوله أولا فأولا كما رواه ابن أبي داود حيث قال: حدثنا محمد بن إسماعيل الأحمسي، حدثنا ابن فضيل، عن أشعث، عن محمد بن سيرين قال: لما توفي النبي صلى الله عليه وسلم أقسم علي ألا يرتدي برداء إلا لجمعة حتى يجمع القرآن في مصحف ففعل، فأرسل، إليه أبو بكر، رضي الله عنه، بعد أيام: أكرهت إمارتي يا أبا الحسن؟ فقال: لا والله إلا أني أقسمت ألا أرتدي برداء إلا لجمعة. فبايعه ثم رجع . هكذا رواه وفيه انقطاع، ثم قال: لم يذكر المصحف أحد إلا أشعث وهو لين الحديث وإنما رووا حتى أجمع القرآن، يعني أتم حفظه، فإنه يقال للذي يحفظ القرآن: قد جمع القرآن.
قلت: وهذا الذي قاله أبو بكر أظهر، والله أعلم، فإن عليا لم ينقل عنه مصحف على ما قيل ولا غير ذلك، ولكن قد توجد مصاحف على الوضع العثماني، يقال: إنها بخط علي، رضي الله عنه، وفي ذلك نظر، فإنه في بعضها: كتبه علي بن أبي طالب، وهذا لحن من الكلام ؛ وعلي،رضي الله عنه، من أبعد الناس عن ذلك فإنه كما هو المشهور عنه هو أول من وضع علم النحو، فيما رواه عنه أبو الأسود ظالم بن عمرو الدؤلي، وأنه قسم الكلام إلى اسم وفعل وحرف، وذكر أشياء أخر تممها أبو الأسود بعده، ثم أخذه الناس عن أبي الأسود فوسعوه ووضحوه، وصار علما مستقلا.اهـ
الخطأ الذي صححه كثير من المحققين هو علي بن أبو طالب ألى علي بن أبي طالب وقد وهموا في تصحيحهم وأصله علي بن أبو طالب, لأن الإمام بن كثير تعمد نقل هذا الخطأ النحوي ليثبت بطلان ما نسب إلى أمير المؤمنين علي ـ رضي الله عنه ـ من أن هناك مصحفا بخط يده.
لذلك قال (ابن كثير)
...وفي ذلك نظر، فإنه في بعضها: كتبه علي بن أبو طالب، وهذا لحن من الكلام ؛ وعلي،رضي الله عنه، من أبعد الناس عن ذلك فإنه كما هو المشهور عنه هو أول من وضع علم النحو
والذي نبه عن هذا الخطأ الشيخ العلامة عبد الكريم الخضير في شرحه للمقدمة الآجرومية (الشريط الأول ) حيث قال:
علي بن أبي طالب أدرك الحاجة إلى هذا الفن، إلى التأليف فيه فأمر أبا الأسود أن يؤلف، وبعضهم يقول: إن علياً وضع بعض القواعد والأسس لهذا العلم وقال لأبي الأسود: "انح نحو هذا" فسمي العلم بالنحو، علي -رضي الله عنه- من العرب الأقحاح، يغار على هذه اللغة التي هي لغة الكتاب والسنة، ولذا استدل الحافظ ابن كثير -رحمه الله تعالى- بعدم صحة ما نسب إليه من مصحف ينسب إلى علي -رضي الله عنه- مصحف خاص به، فاستدل الحافظ ابن كثير على عدم صحة النسبة؛ لأنه كتب في آخره: "وكتب علي بن أبو طالب" فقال -رحمه الله-: لا يليق بالإمام علي -رضي الله عنه- مثل هذا اللحن الشنيع.
وأيضاً وثيقة الصلح بين النبي -عليه الصلاة والسلام- وبين اليهود في آخرها: "وكتب علي بن أبو طالب" فأبطلها الحافظ ابن كثير من وجوه، وهذا منها في التاريخ، مع الأسف أنه يوجد في تفسير ابن كثير في الطبعات الموجودة المتداولة وكتب: "علي بن أبي طالب" على الجادة، الحافظ ابن كثير يريد أن يضعف النسبة بهذا اللحن، فالذين طبعوا الكتاب صححوا اللحن، هذا لا يسوغ، ومثله من طبع التاريخ، هذا لا يسوغ،
كيف تبطل النسبة؟ يريد الحافظ ابن كثير أن يبطل النسبة بهذا اللحن ونصحح اللحن؟ اهـ