من كتاب: "اعترافات علماء الاجتماع"؛ للدكتور: أحمد خضر (ص 116-117):
"جاء في اعترافات العلماء الأمريكيين ما نصُّه:
"يجب أنْ نُسلِّم بأنَّ هناك توسُّعًا كبيرًا في أعداد علماء الاجتماع، صاحَبَه زيادة في أعداد المجلات العلميَّة، لكن لم يصاحبْه ارتفاع في المستوى العلمي، بل على العكس، نحن نسلِّم تمامًا بأنَّنا أنتجْنا قدرًا ضخمًا من البحوث والتحليلات قليلة الجودة، كما أنَّ جهود الاعتماد على المناهج الكميَّة البحتة في إيجاد نظرية قد فشلت...
نحن لدينا الآن عَناوين وقَضايا ذات انتشار واسع، لكنَّها تخدم المصالح الشخصيَّة والمفاهيم الذاتيَّة لأصحابها، وتُغذِّي تطوُّر شبكات المصالح المشتركة، ولا يعني هذا الانتشار وجود أدوات نظرية ومنهجية قويَّة قادرة على فهْم المجتمع؛ ولهذا فإنها ليست مُؤثِّرة، إنَّ نظريَّاتنا ومناهجنا طورت بسرعة مصائد للرطانة وقصر النظر، إنَّ صورتنا الحاليَّة أمام الناس تعكس ذلك، من الصعب أنْ تجد إشارة إلى علم الاجتماع في وسائل الإعلام العامَّة؛ بسبب ما لدَيْنا من غُموضٍ لا يمكن فهمُه، ومن الصَّعب أيضًا أنْ تجد مُشرِّعين أو رجال أعمال أو إدارة أو صانعي سياسة يعتقدون أنَّ علم الاجتماع بإمكانه أنْ يجيب على الأسئلة التي يحتاجون إلى إجاباتٍ عليها".
ورغم هذا الاعتراف الصريح من كبار علماء الاجتماع في أمريكا، فإنَّ عشرات من مبعوثينا يذهبون إليهم كلَّ عام ليأخُذوا عنهم هذه الرطانة، وقصر النظر، والأدوات النظريَّة، والمنهجيَّة غير المؤثِّرة وغير القادرة على فهْم مجتمعاتهم ذاتها، ونحن لا نكسب منهم شيئًا، وإنما هم الذين يكسبون منَّا كلَّ شيء، البحوث الميدانيَّة التي يُجرِيها المبتَعَثون على: قُرانا، ومدننا، وعاداتنا، وتقاليدنا، وثقافتنا بوجه عام، هي شرط متطلَّب ليمنحهم الأمريكيون الدرجة العلمية، وهي التي تصبح تحت تصرُّف صانعي السياسة عند الحاجة إليها؛ أي: إنَّنا بأموالنا وبأيدينا نُوفِّر لهم ما تحتاجه مخابراتهم من معلوماتٍ عن البنية الاجتماعية والتركيبة الثقافية لبلادنا، بدءًا بالعاصمة وانتهاءً بأبعد قرية عنها"، ا.هـ.