قال أبو الدرداء رضي الله عنه: (لأن أستيقن أن الله تقبل لي صلاة واحدة أحب إلي من الدنيا وما فيها ، إن الله يقول " إنما يتقبل الله من المتقين ")
وروى الإمام أحمد عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت لرسول الله صلى الله عليه وسلم : (يا رسول الله " والذين يؤتون ما ءاتوا وقلوبهم وجلة أنهم إلى ربهم راجعون " هو الذي يسرق ويزني ويشرب الخمر ويخاف الله عز وجل، قال: لا يا بنت أبي بكر لا يا بنت الصديق ولكنه الذي يصلي ويصوم ويتصدق وهو يخاف الله عز وجل) وقال في رواية الترمذي: (لا يا بنت الصديق ولكنهم الذين يصلون ويصومون ويتصدقون وهم يخافون ألا يتقبل منهم " أولئك الذين يسارعون في الخيرات ").
إذن، اعمل العمل وكن خائفا من الله ألا يتقبل منك وإذا زينت لك نفسك عملك فتذكر أن لك ذنوبا لا تحصيها كثرةً، واعلم أن العجب يقعد عن العمل بل قد يؤدي إلى الانتكاس، بل إلى الكفر، وهل أخرج إبليسَ من الملائكة إلى الشياطين ومن الصالحين إلى الكافرين إلا إعجابُه بنفسه الذي أقعده عن العمل وجره إلى معصية الله جهاراً.
فإن قالت لك نفسك: (ولكن الواقع أنك من المتقين، ولماذا تكذب على نفسك، فأنت تدعوا إلى الله وتحافظ على الصلاة في أوقاتها لا تستمع إلى الأغاني بل عندك كثير من النوافل فقد تصوم لله تطوعا وأنت تصلي الوتر وعلامات الصلاح عليك ظاهرة فأنت تعفي لحيتك وترفع ثوبك، فإن قلت: لدي ذنوب فسأقول لك إن أعمالك الصالحة أكثر من ذنوبك ولو فرضنا أن الله يجزي على الذنوب كما يعطي عن الصالحات لكان ذلك كافيا لمغفرة ذنوبك، فكيف والله يعطي بالحسنة عشر أمثالها ولا يجزي بالسيئة إلا مثلها، وتذكر أن الله غفور رحيم كريم...إلخ)
إذا حدثتك نفسك بهذا فصدقتها فاعلم أنك وقعت في ذنب تزكية النفس ولو كنت تعلم تقاك لما وقعت في هذا، قال الله سبحانه: " فلا تزكوا أنفسكم هو أعلم بمن اتقى " وروى مسلم في صحيحه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( لا تزكوا أنفسكم إن الله أعلم بأهل البر منكم ) .
إن المؤمن يسير إلى الله مخبتاً ذليلاً لأن هذه حقيقة كونه عبداً، وهل العبودية إلا الذل للمعبود.
والمؤمن كذلك يعلم أن الكبرياء حق لله لا يجوز أن يتطفل عليه أحد من خلقه، روى أبو داود عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (قال الله عز وجل : الكبرياء ردائي ، والعظمة إزاري ، فمن نازعني واحدا منهما ، قذفته في النار)، وانظر ما فعل الله بهذا العبد عندما تطفل على هذا الحق، روى البخاري عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى عليه وسلم قال: (بينما رجل يجر إزاره من الخيلاء خسف به ، فهو يتجلجل في الأرض إلى يوم القيامة)...