تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


صفحة 6 من 6 الأولىالأولى 123456
النتائج 101 إلى 107 من 107

الموضوع: أكمل وأوثق نص في اعتقاد الإمام أبي حنيفة (نص الإمام الطحاوي)

  1. #101
    تاريخ التسجيل
    Nov 2010
    المشاركات
    65

    افتراضي رد: أكمل وأوثق نص في اعتقاد الإمام أبي حنيفة (نص الإمام الطحاوي)

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الاوزاعي مشاهدة المشاركة
    فما معنى اليد من قبل الإضافة ؟
    قبل الإضافة هناك عدد من المعاني ويستنتج السامع أحد هذه المعاني بعد الإضافة وحسب السياق، ولكن بدون إضافة إلى شيء فالمعنى المتبادر إلى الذهن عند إطلاق اليد أنها الجارحة أو العضو

  2. #102
    تاريخ التسجيل
    Aug 2007
    المشاركات
    752

    افتراضي رد: أكمل وأوثق نص في اعتقاد الإمام أبي حنيفة (نص الإمام الطحاوي)

    رأيت الكلام كثيرا في هذه المسائل و سأقول ما في نفسي ملخصا و لكم جميعا الخيار...فما وجدتم في هذه الدنيا الا لتختاروا...
    بالنسبة لمسألة التجسيم فاصطلاح الجسم عند الكلاميين منزل على اصطلاح الجوهر و مفارقته لاصطلاح الجسم في اللغة مشهور و نفس كلام ابن القيم يشير الى الفرق...فالمصطلح عند الكلاميين و عند المشائين بالخصوص هو اعم من معناه عند اللغويين و لهذا الاجمال في معناه لم يتكلم به السلف حين دخل عليهم و لم يعرف فيمن قبلهم ...فلم يتكلموا به لا اثباتا و لا نفيا...
    و صورة الحال :
    ان فريقين من المومنين اختصما ...كلاهما رفع شعارات الرجوع الى الكتاب و السنة دون ما سواهما..فحمدناه كعوام و اجتمعنا عليه و علمنا انه خير العمل..فلما قمنا بالنظر في حقيقة هذا الرجوع ...اذا بفريق يقول ان السلف كانوا على ما كان عليه من النفي...فنظرنا في الكتاب و السنة فلم نجد هذه الألفاظ و نظرنا في قرن الصحابة فلم نجد احدا تكلم بها و نظرنا في التابعين و تابعيهم فلم نجد من تكلم بها...فقلنا نحن العوام لا نرضى الا بان نسكت عن كل ما سكت عنه الكتاب و السنة و الصحابة و التابعين...
    فنظرنا في الطائفة الأخرى فنظرنا الى كلامها في الاثبات فلم نجده لا في كتاب و لا في سنة و لا تكلم به الصحابة ..فقلنا لهم فلم تكلمتم بها فقالوا انما تكلمنا بها ردا على بدعة الأولين اذ نطقوا بها و قد تكلم بها بعض التابعين و تابعيهم ...فقلنا لهم انما تكلموا بها لوجود مقتضى لم يكن موجودا فيمن سبقهم ...وهو تكلم البعض بلسان اهل اليونان...و لهذا لم يكن لهم ان يسكتوا اذ لم يسكت هؤلاء ...فهم قد علقوا حكمهم هذا بعلة تنعدم مع تصريح مقابليكم انهم سيصمتون عما سكت عنه الكتاب و السنة فما لكم تريدون ابقاء الحكم مع انتفاء علته؟؟ و ما لكم لا يسعكم ما وسع الصحابة ؟؟
    فتقول الطائفتان - و هذا العجيب الغريب - قولا واحدا...لا يمكن رفع هذا الخلاف...و سيبقى فلا هم سيسكتوا و لا نحن سنسكت...وهذا هو حقيقة الحال الآن...ما نفع رفعكم لشعار انتم اول من لا يومن به في الواقع؟؟؟ ان كنتم تظنون اننا لا نستطيع ان نعود الى الحال التي كان عليها الصحابة يصمتون عن كل هذا الكلام نفيا و اثباتا و يشتغلون فقط بما تحته عمل ...ان كنتم غير موقنين بامكانية العودة الى هذه الحال فلم تكذبون علينا معا و ترفعون شعار العودة الى ما كان عليه امر اول هذه الأمة و عند انفسكم امر متعذر الوقوع؟؟؟
    و هذا هو الذي يبين ان دعوى الاعتصام ان لم تحقق في نفس المرء اولا كانت الشعارات كشعارات الديكتاتورية و الاستبداد و لا فرق...شعارات بدون معنى في الواقع...و لم نذهب بعيدا و العلماء هم صنو الأمراء و كما يتطرق الى هؤلاء الاستبداد قد يتطرق لأولئك فيقاومون التغيير ما امكنهم بشعار المحافظة على الحق وهم دروا ام لم يدروا انما يحافظون على حظوظ انفسهم و معهودها الذي تربوا عليه...
    و ما افسد الدين الا الملوك و احبار سوء و رهبانها..
    فهذا قد افنى عمره في كتب الكلام و شروح ارسطو و كتابات المشائين و ذلك افنى عمره في كتب الردود على الأول و الحواشي عليها و حواشيء الحواشي...دون ان يصل الناتج منها في الواقع الى عشر معشار ما يصل لو افنيا اعمارهما في الفقه او الحديث او اللغة او حتى العلوم الأخرى من الفيزياء و الطبيعيات و التاريخ ..فو الله لا يكون حكمي على هذه العلوم الا كقول الشافعي الذي جعلها اردأ العلوم التي يمكن ان تصرف فيها الأوقات و قال حكمي عليهم ان يضربوا بالنعال و يقال هذا جزاء من اعرض عن العلم في كتاب و سنته و ابتغاه في الكلام ....
    و هما لا يريدان ترك ما الفاه مما يسمونه علما لأن منزلتهم عند الناس انما هي بهذا العلم و بدونه سيكونان من عوام الناس ...و الحق ان لهذه المسائل شهوة تكبر مع الردود و تموت مع التجاهل و السكوت...فلا حاجة لاعدام الكتب ...فهذا اصلا من المستحيلات و ما قدر عليه من حاوله في التاريخ...و انما انظروا الى هؤلاء الغربيين...سقطت عندهم قيمة هذه الكتب الأرسطية لا باعدامها و انما بالاعراض عنها و الاتفاق على عدم الاهتمام بالخوض فيها و لا يعطون قيمة الا لمن نبغ فيهم فيما تحته عمل...أفيقدرون هم على الاتفاق على هذا و هم على باطلهم و لا سلف لهم فيه واختلافاتهم اشد من اختلافاتنا و نعجز نحن عنه؟؟؟
    و ادري صعوبة التحرر من هذه الشهوة فوالله قد خضت فيها ردحا كبيرا من عمري انا الآن اندم على ما ندم عليه الامام الجويني منه حين قال
    يا أصحابنا لا تشتغلوا بالكلام، فلو عرفت أن الكلام يبلغ بي إلى ما بلغ ما اشتغلت به. لقد خضت البحر الخضم، وخليت أهل الإسلام وعلومهم، ودخلت في الذي نهوني عنه، والآن فإن لم يتداركني ربي برحمته فالويل لابن الجويني
    فاسكتوا جميعا ...و اقفلوا هذا الباب ما امكنكم ..و قوموا بسيرة سلفكم في النهي عن الخوض فيه....و اشتغلوا بما ينفعكم و الا فابشروا بثورة عليكم يا اهل العلم فسنة الله لم تحاب قط احدا قاوم التغيير في رد احواله و علومه الى كتاب الله و سنته...و ارجعوا الى حال مصر الثورة هذه و انظروا كيف كان فيها اهل الكتاب قبل دخول جيوش الاسلام عليهم و ستجدون نسخا مكررة طبق الأصل مما انتم فيه من الخوض فيما لا ينفع و عدوهم مشتغل بما ينفعه و جحافل جيوشه على الأبواب...و ساختم و انتهي هذه المرة فعلا بقول الامام ابن عبد البر مرة اخرى في وصف حال هذه الجيوش لعل الله يوقظ بها قلوبا :
    أنه إذا نظر إلى إسلام أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وسعد وسعيد وعبد الرحمن وسائر المهاجرين والأنصار وجميع الوفود الذين دخلوا في دين الله أفواجا علم أن الله عز و جل لم يعرفه واحد منهم إلا بتصديق النبيين وبأعلام النبوة ودلائل الرسالة لا من قبل حركة ولا سكون ولا من باب البعض والكل ولا من باب كان ويكون ولو كان النظر في الحركة والسكون عليهم واجبا في الجسم ونفيه وفي التشبيه ونفيه لازما ما أضاعوه وما أضاعوا الواجب لما نطق القرآن بتزكيتهم وتقديمهم ولا أطنب في مدحهم وتعظيمهم ولو كان ذلك من علمهم مشهورا ومن أخلاقهم معروفا لاستفاض عنهم واشتهروا بالقرآن والروايات
    سبحانك اللهم وبحمدك نشهد ألا إله إلا أنت نستغفرك ونتوب إليك
    من أجمل ما قرأت في الحب:
    "وما ترددت عن شيء أنا فاعله ترددي عن قبض نفس عبدي المؤمن، يكره الموت وأكره مساءته"

  3. #103
    تاريخ التسجيل
    Jun 2008
    الدولة
    مسافر في بحار اليقين ... حتى يأتيني اليقين ؟!
    المشاركات
    1,121

    افتراضي رد: أكمل وأوثق نص في اعتقاد الإمام أبي حنيفة (نص الإمام الطحاوي)


  4. #104
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    المشاركات
    3,278

    افتراضي رد: أكمل وأوثق نص في اعتقاد الإمام أبي حنيفة (نص الإمام الطحاوي)

    بسمك اللهم.
    كما اختار أخونا الفاضل ابن الرومية أن يختم كلامه بمشاركته الأخيرة، فلعلي أختم أنا كذلك بهذه، والله الهادي.
    وأقول إنني كنت وما زالت أثمِّن في أخي ابن الرومية بعد النظر وسعة الاطلاع ورجاحة العقل، وأعده من خيرة طلبة العلم النابغين. ولهذا يزداد عجبي من هذا المنزع الذي اختاره لنفسه وصار يدعو إليه، وهو يظن – وبكل صدق – أن تلك الفرقة بين المسلمين لن ترتفع إلا به، سامحه الله.
    جاء أخونا إلى هذه الصفحة ليرى موضوعا مفتوحا لمناقشة شبهات كلامية يدين بها بعض الناس في حق الله تعالى (وضع مئة خط تحت كلمة يدينون = يتخذونها عقيدة يؤمنون بها في صفات ربهم)، فرأيناه ينكر على النفاة نفيهم وينكر على المثبتة إثباتهم، ويطالب بالرجوع إلى زمان لم يكن فيه شيء من تلك المصطلحات! وأنا أتساءل، أليست دعواه هذه مخالفة للواقع الذي نعيشه في بلاد المسلمين؟ وكيف يجادل صاحبنا الملاحدة اليوم؟ أليس بالنظر في فلسفات الملاحدة ومصطلحاتهم واستعمال ما يلزم استعماله منها؟ وكيف يجادل العلمانيين وما وضعوه من نظريات وفلسفات تنقض أركان الهيمنة التي أمرنا الله بجعلها لكتابه في الأرض؟ إنما يجادلهم بما كان عليه الصحابة والسلف، تماما كما كان يجادل أئمة السنة الطوائف المبتدعة بما كان عليه الصحابة والسلف!
    فما الذي كان عليه الصحابة والسلف؟ كان علماؤهم على ما يلزم من العلم لدحض الباطل كلما ظهر، كل باطل بحسب مادته ومصطلحاته، عملا بقوله تعالى ((وكذلك نفصل الآيات ولتستبين سبيل المجرمين))! فلو أن فلسفة اليونان كانت في زمانهم مبثوثة منشورة ظاهرة بين العرب كما ظهرت فيمن جاء بعدهم، لرأيتهم يبطلون أصولها بمصطلحات القوم ولجاءنا ذلك في الأثر عنهم لا محالة! وهذا أمر لا يماري في ضرورته ومشروعيته وموافقته لسنن الله الكونية عاقل!
    فالآن عندما يكون في الأمة طوائف تؤمن بأن الله صفته لا كذا ولا كذا، يقررون تلك المصطلحات كأصول لاعتقادهم في صفة الله جل وعلا، ويتوارثونها على أنها عقيدة أهل السنة، فإن واجب الرد على هؤلاء وإبطال مصطلحاتهم باق على الكفاية في الأمة ما دامت تلك المعتقدات موجودة في الناس! فمن رأى في نفسه أنه لا يطيق ذلك السبيل أو أن غيره أولى له منه، فقد كفاه غيره المؤنة في ذلك ولله الحمد، ولا يكلف الله نفسا إلا وسعها! أما أن يقال لجميع (أهل العلم) من سائر الطوائف "دعوا عنكم كل هذا"، فلا الواقع ولا الحس ولا العقل يتصور ذلك، ما دام القوم يدينون بأن هذه عقيدة السلف، وأن هذا الذي يتكلمون به في الصفات هو تأويل سكوت من سكت منهم، وكلام من تكلم!
    يا ابن الرومية أنت هنا في صفحة في منتدى شرعي مخصصة للنقاش بين طلبة علم متخصصين – في الأعم الأغلب – يناقشون ما يعتقدونه في صفات رب العزة جل وعلا، ويدرسه كل فصيل منهم لطلبته وتلامذته على أنه عقيدة السلف الأول! فمع احترامي لك، نحن لسنا هنا في معمل فيزياء أو كيمياء (مثلا)، ولسنا في ميدان قتال مع الكفار وغيرهم، حتى يقال لنا إن ما أنتم فيه غيره أولى منه! يا سيدنا لكل مقام مقال، وفروض الكفايات لا تتزاحم! أليس قد قال تعالى: ((وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُواْ كَآفَّةً فَلَوْلاَ نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَآئِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُو اْ فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُواْ قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُواْ إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ)) [التوبة : 122]
    فإن كنت قد منّ الله عليك بمشروع علمي مما يحتاج المسلمون إليه الآن، فخير وهنيئا لك. وأحسب أن أخاك هذا قد من الله عليه بمثل هذا أيضا ولله الحمد والمنة، والثغور كثيرة ومواضع النقص في أبواب الاجتهاد لا تكاد تحصى، ولكل وجهة هو موليها، وهذا أنا وأنت نتفق عليه! فلا جناح عليك – فيما أرجو – إن كنت قد عزمت على نفسك ألا تخوض في هذه القضايا (المطروحة للنقاش في هذه الصفحة) مع قوم يدينون فيها بباطل يجب تحذير المسلمين منه وبيان الحق لهم! أنت في هذا وشأنك! أما أن تطالبنا جميعا بمعاملة تلك الانحرافات وكأنها لم تكن قطّ، فهذا أمر يشهد الواقع والحس والعقل بخلافه، ولا يعقل أصلا أن تتفق الأمة عليه!
    تقول:
    فنظرنا في الطائفة الأخرى فنظرنا الى كلامها في الاثبات فلم نجده لا في كتاب و لا في سنة و لا تكلم به الصحابة ..فقلنا لهم فلم تكلمتم بها فقالوا انما تكلمنا بها ردا على بدعة الأولين اذ نطقوا بها و قد تكلم بها بعض التابعين و تابعيهم ...فقلنا لهم انما تكلموا بها لوجود مقتضى لم يكن موجودا فيمن سبقهم ...وهو تكلم البعض بلسان اهل اليونان...و لهذا لم يكن لهم ان يسكتوا اذ لم يسكت هؤلاء ...فهم قد علقوا حكمهم هذا بعلة تنعدم مع تصريح مقابليكم انهم سيصمتون عما سكت عنه الكتاب و السنة فما لكم تريدون ابقاء الحكم مع انتفاء علته؟؟ و ما لكم لا يسعكم ما وسع الصحابة ؟؟
    قلت: أحقا ترى أيها الفاضل إمكان الاكتفاء بما نص عليه الكتاب والسنة في زمان ضاع فيه اللسان الأول (لسان التنزيل) بين الناس، وأصبحت شبهات الفلاسفة فيه من كل ملة تروج بين الخلق بعجمتها وفسادها حتى في الهواء الذي يتنفسونه؟ إن كان المتكلمة قد تكلموا في تلك الأبواب بلسان أهل اليونان، فبأي لسان يتكلم القوم الآن؟ وأي صمت هذا الذي تتوقع أن يكون من أصحاب تلك الانحرافات الكلامية، وأي علة هذه التي ترى أنها قد زالت الآن؟ هذا الكلام من أعجب ما رأيت في الحقيقة!
    والله يا أخي كنت وما زلت أحاول أن أستخرج لكلامك هذا وجها لا يتفق فيه مع كلام المفوضة، فما زالت المحاولة تعييني، والله المستعان! فإن حاصل كلامك هذا إما أن يكون دعوة إلى التفويض وإما أن يكون طلبا لما لا يعقل ولا يتصور وقوعه أصلا!
    فتقول الطائفتان – و هذا العجيب الغريب – قولا واحدا...لا يمكن رفع هذا الخلاف...و سيبقى فلا هم سيسكتوا و لا نحن سنسكت...وهذا هو حقيقة الحال الآن...ما نفع رفعكم لشعار انتم اول من لا يومن به في الواقع؟؟؟ ان كنتم تظنون اننا لا نستطيع ان نعود الى الحال التي كان عليها الصحابة يصمتون عن كل هذا الكلام نفيا و اثباتا و يشتغلون فقط بما تحته عمل ...
    أولا: ليس الخلاف على طائفتين بل طوائف شتى! وثانيا: لا والله قولهم هذا ليس بغريب، بل هو على مقتضى سنن الله الكونية في خلقه! فإن الخلاف في الأصول لا يرتفع إلا بدخول أهل الباطل في الحق وإذعانهم له، ولا يمكن تجاوزه وإهماله لأنه في آكد أصول الاعتقاد، ومادته هي صفات الرب الخالق نفسه، التي هي عينها مادة النزاع بين أهل القبلة وغيرهم من أهل الملل، فتأمل! وهل اختلف الناس أصلا إلا في تحرير (الحال التي كان عليها الصحابة) يا أيها اللبيب؟ إن قلت قد سكت الأولون، قيل لك فهل كان كلام تابعيهم وتلامذتهم من بعدهم مجاوزة لسبيل المؤمنين أم ماذا كان؟ فإن قال القائل إن منهم من قال كذا ومنهم من قال كذا، ثم راح القوم يتنازعون في ذلك، فكيف وبأي حجة نقول لهم دعوا هذا كله وارجعوا إلى ما كان عليه الصحابة؟ ما الذي كان عليه الصحابة هذا وكيف نعرفه؟ هذا هو عين محل النزاع بين سائر الفرق أصلا أيها الفاضل، وأنت خبير بهذا، بارك الله فيك.
    أما قولك بأن الانشغال بهذه القضايا ليس تحته عمل، فهذا قول ما كنت أتوقع أن يخرج من مثلك، والله المستعان.
    فهذا قد افنى عمره في كتب الكلام و شروح ارسطو و كتابات المشائين و ذلك افنى عمره في كتب الردود على الأول و الحواشي عليها و حواشيء الحواشي...دون ان يصل الناتج منها في الواقع الى عشر معشار ما يصل لو افنيا اعمارهما في الفقه او الحديث او اللغة او حتى العلوم الأخرى من الفيزياء و الطبيعيات و التاريخ ..فو الله لا يكون حكمي على هذه العلوم الا كقول الشافعي الذي جعلها اردأ العلوم التي يمكن ان تصرف فيها الأوقات و قال حكمي عليهم ان يضربوا بالنعال و يقال هذا جزاء من اعرض عن العلم في كتاب و سنته و ابتغاه في الكلام ....
    قلت إذن عاد الأمر إلى تقدير منازل الواجبات الكفائية وتحقيق النقص فيها كما تقدم بيانه، والأمة في حاجة إلى ما تقوم به الكفاية في مجالات شتى ولا شك. وما دامت البدعة باقية فردها من جملة الفروض الكفائية، وليس المقام إذن مقام كلام عن علم يوجب لدارسه ضرب النعال، عفا الله عنك! أما الناتج، فحسبك أن يهتدي على يديك رجل إلى السنة ويتوب من البدعة، ويستقيم اعتقاده في ربه (الذي هو أول واجبات المكلفين) على ما كان عليه السلف الأول بلا شوائب ولا دخن!
    و هما لا يريدان ترك ما الفاه مما يسمونه علما لأن منزلتهم عند الناس انما هي بهذا العلم و بدونه سيكونان من عوام الناس ...و الحق ان لهذه المسائل شهوة تكبر مع الردود و تموت مع التجاهل و السكوت...فلا حاجة لاعدام الكتب ...فهذا اصلا من المستحيلات
    قلت: ما زلت تتكلم عن (طائفتين) تقول (هما كذا وهما كذا) فمن تقصد بالضمير هنا يا أستاذنا الفاضل؟ أرجو ألا يكون علماء أهل السنة داخلين في هذا الضمير! ثم كيف يكون إعدام الكتب من المستحيلات فيما ترى، ولا تكون مطالبة العلماء من سائر الطوائف والفرق بالسكوت عن تدريس محتواها وبث ما فيه من عقائد = من المستحيلات كذلك؟ أليس هذا من التناقض؟
    أعياني والله تصور ما تريد يا ابن الرومية، ولا أظن أنني وحدي في ذلك، غفر الله لك! تنقل إلينا كلام الجويني وابن عبد البر وكأننا ندعو الناس للغرق في الفلسفة وعلم الكلام والقول على الله بغير علم! يا سيدنا لا ينبغي نزع كلام العلماء من سياقه ولا من الأحوال التي قيل فيها وخرج ليعالجها ولا من ارتباطها بأحوالهم هم ومذاهبهم التي كانوا عليها في ذلك! نعم نوافقهم على أن الأولين لم يتكلفوا الكلام في الحد والتشبيه والتعطيل وغير ذلك من مصطلحات، ولكن الأولين كانوا في عافية من قوم يقولون إن هذه المصطلحات هي الدين وهي مراد رب العالمين من كلامه، مع كونها باطلا ما جاءوا به إلا من كلام أهل اليونان! ونعم قطعا لو زال من الأرض ما يعتقده هؤلاء، فستزول – بطبيعة الحال – مادة الرد عليهم معهم، ولكن لا تزال تلك العقائد تورث بل ولا تزال تتفرق وتتشعب وتتكاثر فيما بين أصحابها وتتلون بفلسفات أهل هذا الزمان، وهذا أمر لا يخفى على مثلك، فيا سيدنا إن أردت أن تطاع فمر بالمستطاع!
    أبو الفداء ابن مسعود
    غفر الله له ولوالديه

  5. #105
    تاريخ التسجيل
    Nov 2010
    المشاركات
    65

    افتراضي رد: أكمل وأوثق نص في اعتقاد الإمام أبي حنيفة (نص الإمام الطحاوي)

    إلى جميع الإخوة الكرام
    والله إني مشغول بموضوع أهم من هذا الموضوع الذي أخذ أكبر من حجمه، وأشعر كما يشعر الأخ الفاضل ابن الرومية أن الحق في السكوت كما سكت الصحابة والانشغال بما تحته عمل، وأرى أن نسلك مسلك العلامة ابن كثير في تفسير آيات الصفات، لا نزيد عنه ولا ننقص، ومن زعم أن هذا المسلك لا ينفع بعد أن خاض القوم وتكلموا فقد أخطأ، فابن كثير كان متأخرا بعد أن تكلم القوم وخاضوا بل هو تلميذ ابن تيمية، ورغم ذلك لم يخض في هذا الباب وعكف على تفسير كتاب الله ثم سجل التاريخ كله من البداية إلى النهاية منذ أن كان الله ولم يكن شيء قبله إلى نهاية الزمان والفتن والملاحم بين يدي الساعة، فكان عمره مباركا. وإني والله لا أقلل من شأن ابن تيمية فقد استفدت منه كثيرا، ولكنه كتب مجلدات طويلة في جدال الفلاسفة، وهذا لم يكن هدي نبينا صلى الله عليه وسلم فقد دخل على علي وفاطمة رضي الله عنهما في الليل فقال (ألا تصليان) . فقال علي: يا رسول الله أنفسنا بيد الله فإذا شاء أن يبعثنا بعثنا.... فلم يجادله النبي صلى الله عليه وسلم ليثبت له أن الإنسان مخير ولا يجوز له الاحتجاج بالقدر ولكنه انصرف وأخذ يضرب فخذه وهو يقول {وكان الإنسان أكثر شيء جدلا}
    أما وجهة نظر الأخ الفاضل أبو الفداء الذي يرى ضرورة مواجهة أهل الكلام بردود كلامية، فيقول:
    وكيف يجادل صاحبنا الملاحدة اليوم؟ أليس بالنظر في فلسفات الملاحدة ومصطلحاتهم واستعمال ما يلزم استعماله منها؟
    أقول له يا أخي الفاضل إن القرآن لم يقصر في توضيح آيات الله الكونية ونقاش الملاحدة "أم خلقوا من غير شيء أم هم الخالقون" فما بالك بنقاش المسلمين الذين يكفيهم القول بوجوب الاتباع وتحريم الابتداع في الدين كله وفي العقيدة من باب أولى. أما الرد على الكلام بكلام، والرد على كلمة بمجلدات فقد أوقعكم في تناقضات أكدت لنا أن السكوت على ما سكت عنه الصحابة هو سبيل الهدى وأن بساطة تلقي الصحابة للعقيدة إعجاز في ذاته فضلا عن كونه يوفر على الأمة أوقاتها.
    فمن التناقضات الواضحة التي وقعتم فيها ولم تناقشها ما يلي:
    (1) معلوم عند كل البشر أننا نتكلم بالألفاظ بمعناها اللغوي فهذه بديهية لا تقبل نقاش ولا تحتاج إلى أمثلة، ورغم ذلك تحاولون إثبات أن هناك معنى لغوي ومعنى كلامي (أي معنى في الكلام وكأننا لا نتكلم بلغة العرب). وحتى الإمام ابن القيم نفسه بعد أن نفى الجسم بمعناه في اللغة وقال (والذي لا يسمى في اللغة جسم سواه) قال وإن أردتم بالجسم كذا وكذا، وكأن الكلام قد يختلف عن المعنى اللغوي. وكان الواجب أن يقول بنفي الجسم بكل وضوح لأن الجسم في اللغة يعني كذا وكذا وهذا منفي عن الله سمعا وعقلا كما قال.
    (2) ومن التناقضات أنكم تريدون إثبات اليدين والعينين بمعناها المتبادر إلى الذهن، والمعنى المتبادر إلى الذهن هو الجوارح لأن أذهاننا لا تعرفها إلا جوارح وأعضاء في جسم. نعم قد يختلف شكل الجسم وهيئته وقد تختلف شكل الجوارح وهيئتها ولكن المعنى الذي تصرون على إثباته تنفون أنكم تقصدونه، فيقول خليل هراس في شرح العقيدة الواسطية أنه لا يقصد إثباتها جوارح، فما هو المعنى الذي تصرون على إثباته إذن؟؟
    أما الزعم بأن الصحابة كانوا يفهمونها ويثبتونها على ظاهرها فزعم لا دليل عليه إلا الوهم ولا يستند إلا إلى كلام ابن أبي يعلى الذي أوردناه سابقا والذي يقول لو أنهم فهموه على غير ظاهره لتكلموا. هذا جهل بلغة العرب فالألفاظ في لغة العرب لها معان كثيرة تفهم حسب السياق، ولا يجوز الاستدلال على أحدها بالسكوت.
    والغريب هو استدلال الأخ الفاضل أبو الفداء على منهجه في رد الكلام بكلام بالقرآن فيقول: لدحض الباطل كلما ظهر، كل باطل بحسب مادته ومصطلحاته، عملا بقوله تعالى ((وكذلك نفصل الآيات ولتستبين سبيل المجرمين))
    لقد وضح الله لنا أن المتعالين المتكبرين الذين طلبوا من رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يطرد الضعفاء والفقراء من حوله كي يدخلوا هم في الإسلام، هم في الحقيقة مجرمون يجب فضح سبيلهم، فما علاقة هذا بالرد على الكلام بكلام.
    والخلاصة أن الرد على الكلام بكلام أدخلنا في دوامات كلامية وتناقضات أكدت لنا أن سكوت الصحابة إعجاز، وأنه منهج وسبيل الهدى، وليس سكوتهم جهلا أو تقصيرا في توضيح التوحيد.
    أرى أن كل إنسان قال ما عنده، أما قول الأخ أبو الفداء إننا نتكلم بلسان أهل اليونان فأقول له "سامحك الله" وأترك المتابع يلتمس الحق أينما وجده وأكرر وصيتي الأخيرة ... السكوت السكوت على ما سكت عنه الصحابة، والنهي عن علم الكلام حتى لا نقع في تناقضات ويطول بنا القيل والقال ولا ينتهي، فوحدة العقيدة أساس وحدة الأمة وتآلفها ولن تتوحد الأمة إلا على طريق الصحابة.

  6. #106
    تاريخ التسجيل
    Dec 2009
    المشاركات
    76

    افتراضي رد: أكمل وأوثق نص في اعتقاد الإمام أبي حنيفة (نص الإمام الطحاوي)

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة د/حمادة مشاهدة المشاركة
    قبل الإضافة هناك عدد من المعاني ويستنتج السامع أحد هذه المعاني بعد الإضافة وحسب السياق، ولكن بدون إضافة إلى شيء فالمعنى المتبادر إلى الذهن عند إطلاق اليد أنها الجارحة أو العضو

    هذا تحكم من قبلك من جهة، ولم تجب على سؤالي من جهة أخرى فكان تهربا...!
    فلما تأتي فتذكر لي تلكم المعاني لليد، وأنا أسألك عن معناها دون الإضافة فتأتي لتلزمني بمعنى من تلكم المعاني الوضعية وهي بالتحديد الجارحة أو العضو، فهذا تحكم ظاهر منك وبخاصة لوجود معان أخرى، فكيف تثبت بأن المتبادر الى الذهن ساعة قولنا ( يد) مجردة على أنها جارحة ومعانيها في اللغة العربية كثيرة كما قلتَ بنفسك وهذه نقطة!
    فلو أننا وعلى سبيل المثال قلنا ( جهاز) فليس من المقبول من أحد قوله بأن المتبادر إلى الذهن هو الكمبيوتر أو آلة أخرى من الآلات التي يطلق عليها لفظ ( الجهاز) سواء كانت صناعية أو غير صناعية.
    وعليه فإنه حينما نقول (يد) فعلينا أن نعلم على ما أضيفت لنعلم كيفيتها وتلكم المعاني الوضعية التي وضعت لها بناء على تصور مسبق لها ومعرفة لكيفيتها!، إذن فهذه أوصاف كل يد على حسب إضافتها لا المعنى الكلي المشترك في جميعها والذي دفع العربي لإطلاق هذا اللفظ عليها دون غيره، فمثلا لم يأت ليطلق على يد الباب ، لفظ وجه الباب ولا قدمه أو رجله!؛ نقول لأنه فهم معنى كليا للفظ الكلمة قبل اضافتها وإلا لاستبدلوه بغيره، تماما كما الحياة بمعناها قبل الاضافة وبعد.
    وأخيرا : إن العرب وبما يتبادر الى ذهنهم من المعاني المضافة للذوات عندهم وفي لغتهم، كانوا يدركون من الموجودات والمخلوقات ما هو جسم أو ما به، فكيف فهم العربي بوجود حقيقة أخرى قائمة بذاتها ليست بجسم ولا ما به ، وهو لا يفهم من المعاني الا ما يعرفه مضافا لذوات يعرفها وموجودات يلمسها وحسب؟


  7. #107
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    المشاركات
    3,278

    افتراضي رد: أكمل وأوثق نص في اعتقاد الإمام أبي حنيفة (نص الإمام الطحاوي)

    ومن زعم أن هذا المسلك لا ينفع بعد أن خاض القوم وتكلموا فقد أخطأ، فابن كثير كان متأخرا بعد أن تكلم القوم وخاضوا بل هو تلميذ ابن تيمية، ورغم ذلك لم يخض في هذا الباب وعكف على تفسير كتاب الله ثم سجل التاريخ كله من البداية إلى النهاية منذ أن كان الله ولم يكن شيء قبله إلى نهاية الزمان والفتن والملاحم بين يدي الساعة، فكان عمره مباركا
    ما أعجب هذا الاستدلال! ابن كثير لم يتخصص في العقيدة ولم يؤلف كتبا في الرد على المبتدعة كما فعل شيخه رحمهما الله = إذن ابن كثير كان يكره ما انتهجه شيخ الإسلام من ذلك ويرى السكوت!! يا أخي الفاضل ما تطالبوننا به لا ساق له ولا قدم في منهج ابن تيمية وتلامذته عليهم رحمة الله، فدع عنك هذا بارك الله فيك.
    ولكنه كتب مجلدات طويلة في جدال الفلاسفة، وهذا لم يكن هدي نبينا صلى الله عليه وسلم فقد دخل على علي وفاطمة رضي الله عنهما في الليل فقال (ألا تصليان) . فقال علي: يا رسول الله أنفسنا بيد الله فإذا شاء أن يبعثنا بعثنا.... فلم يجادله النبي صلى الله عليه وسلم ليثبت له أن الإنسان مخير ولا يجوز له الاحتجاج بالقدر ولكنه انصرف وأخذ يضرب فخذه وهو يقول {وكان الإنسان أكثر شيء جدلا}
    إذن فما الهدي النبوي في التعامل مع ما زبره أئمة البدع والانحرافات من مؤلفات في ذلك الباب يا دكتورنا الفاضل؟ نسكت ونطلب منهم أن يسكتوا عن بيان عقيدتهم، ونتجاهل البدعة الفاشية في الناس التي يدعو إليها هؤلاء على أنها هي الدين، بدعوى أن الصحابة لم يتكلموا؟؟ ما هذا الكلام؟
    أقول له يا أخي الفاضل إن القرآن لم يقصر في توضيح آيات الله الكونية ونقاش الملاحدة "أم خلقوا من غير شيء أم هم الخالقون" فما بالك بنقاش المسلمين الذين يكفيهم القول بوجوب الاتباع وتحريم الابتداع في الدين كله وفي العقيدة من باب أولى. أما الرد على الكلام بكلام، والرد على كلمة بمجلدات فقد أوقعكم في تناقضات أكدت لنا أن السكوت على ما سكت عنه الصحابة هو سبيل الهدى وأن بساطة تلقي الصحابة للعقيدة إعجاز في ذاته فضلا عن كونه يوفر على الأمة أوقاتها.
    ليس هذا جوابا يا أخي الكريم! ولا يزال أئمة العلم والدين يبطلون ما يظهره المنحرفون والزائغون من انحرافات ببيان وجه بطلانها بالأدلة اللغوية والعقلية والنقلية والحسية وسائر صنوف الأدلة، اتباعا لنهج القرءان في إبطال الأصول العقلية لملل المشركين، فما يظهر من قول حادث إلا علمه الذين يستنبطونه من أهل العلم وبينوا وجوهه وفرقوا بين ما فيه من حق (إن كان) وما فيه من باطل (إن كان)، وهكذا من القرون الأولى وإلى يوم الناس هذا، كل باطل بحسبه! وهذا يتطلب - ببداهة العقل - دراسة تلك الأقوال ومعرفة مصطلحات أصحابها كما كان صنيع الأئمة والعلماء في سائر قرون المسلمين! فلا أدري والله بأي شيء تطالبنا يا رعاك الله؟؟ أن نرد على الكلام (بسكوت)؟
    كلنا ندندن حول وجوب الاتباع وحرمة الابتداع، وكل يدعي وصلا بليلي! فما الطريق لتمييز القول المبتدع من القول الحق إن لم يكن بالتمحيص والتحقيق ورد الباطل بالحجة والبرهان؟ هذا هو محل النزاع بين فرق المسلمين فتأمله بارك الله فيك.
    تقول "الرد على كلمة بمجلدات" فأي شيء هذا وممن وقع؟؟ سبحان الله!
    وأن بساطة تلقي الصحابة للعقيدة إعجاز في ذاته فضلا عن كونه يوفر على الأمة أوقاتها
    لا أظنك تقصد كلمة (إعجاز) هذه، ولو أثبتها عليك لألزمتك منها بما لا تلتزمه، فتنبه لما تكتب أحسن الله إليك.
    أما توفير وقت الأمة فعجيبة أخرى! هذا النقاش الطويل الذي دار بيننا وبينك ههنا هل تراه تضييعا للوقت؟؟ ففيما كان جريانه أصلا يا رعاك الله؟ لقد مضى شطر كبير منه ونحن نحاول أن نتفق معك على ترجيح للمعنى الصحيح المقصود من صفة (اليد) مثلا، التي تطلب منا أن نفهمها بالبساطة التي فهمها بها الصحابة، ولكن هيهات! أتدري لماذا؟ لأن اللسان غير اللسان والزمان غير الزمان يا دكتورنا الفاضل! والوصول لموافقة فهم هؤلاء قد طال الطريق إليه من أثر العجمة ومن أثر كثير مما حشاه المبتدعة والوضاعون وأهل الزيغ من بدع وانحرافات في كتب التراث يجب أن يصان منها المسلمون! وهذه وظيفة أهل العلم في الأرض أصلا، التوقيع عن رب العالمين وبيان مراده من كلامه ومراد رسوله صلى الله عليه وسلم! وإلا جاز لكل عامي لا يحسن قراءة القرءان أصلا أن يقول أنا أفهم القرءان على فهم الصحابة!!
    الصحابة ما كانوا يحتاجون إلى النظر في المعاجم كاحتياجنا لأنهم كانوا على أصل السليقة العربية الصحيحة، يفهمون اللغة على ظاهرها المتبادر إلى الأذهان دون الخوف من لوازم ما أنزل الله بها من سلطان، ودون قول القائل إن هذا المعنى لازمه إثبات الجارحة التي هي عضو من أعضاء الجسد، فيجب المصير إلى غيره مما جمعته المعاجم في استعمالات تلك اللفظة!! كنا وما زلنا نطالب المخالفين بإثبات ظهور هذا التعليل العقلي (الكلامي) لدى الصحابة في فهم نصوص الصفات (الذي مجمل تحريره: لزوم التشبيه ولزوم التمثيل والجسمية والأعراض والجارحية .. الخ)، وهم لا يزالون على زعمهم بأن هذا هو الأصل وهو المسلك اللغوي الصحيح، وأن "سكوت" الصحابة دليل عليه!! هذا نزاعنا معهم وهو باق في الأمة ما دام القوم على مخالفتهم وبدعتهم! فمن لم يتأهل لبيان الحق وتفنيد الباطل في ذلك، فليتركه لمن يحسنه ولا تثريب عليه، ولكل صنعة أهلها ولا يكلف الله نفسا إلا وسعها!
    معلوم عند كل البشر أننا نتكلم بالألفاظ بمعناها اللغوي فهذه بديهية لا تقبل نقاش ولا تحتاج إلى أمثلة، ورغم ذلك تحاولون إثبات أن هناك معنى لغوي ومعنى كلامي (أي معنى في الكلام وكأننا لا نتكلم بلغة العرب). وحتى الإمام ابن القيم نفسه بعد أن نفى الجسم بمعناه في اللغة وقال (والذي لا يسمى في اللغة جسم سواه) قال وإن أردتم بالجسم كذا وكذا، وكأن الكلام قد يختلف عن المعنى اللغوي. وكان الواجب أن يقول بنفي الجسم بكل وضوح لأن الجسم في اللغة يعني كذا وكذا وهذا منفي عن الله سمعا وعقلا كما قال.
    بل معلوم عند كل البشر أن الألفاظ قد تشتبه، وبعض الألفاظ يوصف بأنه من المشترك اللفظي، بمعنى أنه لفظ قد تختلف مدلولاته باختلاف الاستعمال، سواء للوضع أو للمجاز أو للاصطلاح .. الخ! فحين يسلك العلماء ذلك المسلك الرصين في الاستفصال عن مراد كل متكلم مما يتكلم به من الألفاظ المتشابهة، للنظر فيما إذا كان المعنى المقصود صحيحا أم باطلا، حتى يكتمل لديهم التصور ويصح لهم إصدار الحكم على كلامه ذاك، فلا يقال لهم كان الواجب عليكم أن تنفوا اللفظة مطلقا لأنها لم ترد في النص!!
    تقول – رحمك الله – كان يجب النفي لأن الجسم في اللغة يعني كذا وكذا وهذا منفي.. فالآن إن كان هذا المتكلم يقصد بالجسم الوجود الحقيقي للذات، الذي لا يصح في العقل تصور موجود في الخارج إلا عليه، أوتدري ما يكون إن نحن نفينا هذا المعنى عن ذات الله تعالى؟؟ نكون إذن قد نفينا وجود الله خارج الأذهان جملة واحدة! فهل نحن إذن نثبت لله (صفة الجسم)؟ كلا! ولكننا نقول إن من أخبر عن الله جل وعلا بلفظة لم ترد في النص، وكان في تلك اللفظة اشتباه ما، فإنه يستفصل منه عن مراده، ويستنكر عليه استعمالها دون بيان واضح لمراده منها، بما يفضي إلى فتح باب الاشتباه في المعنى! وقد اختلفت مذاهب أئمة السلف في بعض الألفاظ كالحد وغيرها عند استعمالها في الرد على المخالفين، بسبب اختلافهم في مثل هذا الترجيح اللغوي، ولم نر أحدا يطالبهم بالسكوت عن هذا كله وترك الرد والبيان، ولا منع الكلام عن الله تعالى بغير الألفاظ الواردة مطلقا إلا المفوضة وأضرابهم من أهل الزيغ! وإلا فما قولك في ترجمة صفات الله تعالى إلى اللغات الأعجمية، وكيف تبينها أنت لهم؟ وهل تجيز للأعاجم أن يتكلموا في الإخبار عن ربهم جل وعلا بلغاتهم؟
    أرجو أن تعذرني أخي الفاضل ولكن يبدو لي أنك فعلا لا تدري ما يترتب على دعواك هذه من لوازم، عفا الله عنك وهداني وإياك إلى الرشاد.
    تأمل قولك:
    ومن التناقضات أنكم تريدون إثبات اليدين والعينين بمعناها المتبادر إلى الذهن، والمعنى المتبادر إلى الذهن هو الجوارح لأن أذهاننا لا تعرفها إلا جوارح وأعضاء في جسم
    قلت بل هذه من تناقضاتكم أنتم والله! تقولون نريد أن نثبت ما أثبته الصحابة ولا نزيد على ما فهموه، فإن قلنا لكم إن الصحابة أثبتوا المعاني التي تبادرت إلى أذهانهم دون تكلف ولا توقف، قلتم كلا لم يفعلوا! لماذا؟ لأن المعنى المتبادر إلى الأذهان هو الجوارح وأذهاننا لا تعرف هذه الصفات إلا على أنها جوارح وأعضاء في جسم!! فإن قلنا لكم إن الذي يدعي أنهم جميعا قد حملوا الصفات على "خلاف المتبادر" الذي هو أصل المعنى الظاهر لألفاظ الصفات، هو المطالب بتقديم البينة على ذلك، لضخامة تلك الدعوى منه وخطورة تخلفهم عن بيانها إن صح اعتناقهم لها، رحتم تستدلون بسكوت من سكت منهم، أو بتأويل من أخرج اللفظة من باب الصفات أصلا بذلك، حملا على قرائن مخصوصة ظهرت له في سياق الكلام! تستدلون بذلك على أنهم حرصوا على ألا يحملوا شيئا من تلك الألفاظ على المعنى المتبادر إلى أذهانهم! فبالله أي تناقض بعد هذا، وأي استدلال أفسد من هذا؟؟
    وتأمل كيف أنك تنقض دعواك كلها بقولك:
    أما الزعم بأن الصحابة كانوا يفهمونها ويثبتونها على ظاهرها فزعم لا دليل عليه إلا الوهم ولا يستند إلا إلى كلام ابن أبي يعلى الذي أوردناه سابقا والذي يقول لو أنهم فهموه على غير ظاهره لتكلموا. هذا جهل بلغة العرب فالألفاظ في لغة العرب لها معان كثيرة تفهم حسب السياق، ولا يجوز الاستدلال على أحدها بالسكوت.
    قلت إن كان لا يجوز الاستدلال على فهم الصحابة بمجرد سكوتهم، فبأي شيء استدللتم إذن على ما تصرون على نسبته إليهم (بما في ذلك مذهب التفويض والزعم بأن السبيل إلى فهم تلك المعاني على ظاهر اللغة ممتنع)؟ أما قولك إن اللفظة في لغة العرب لها معان كثيرة فصحيح.. ولكن الذي يقول إن ذات الله الحقيقية (كما أن ذواتنا حقيقية لا خيالية ولا وهمية!)، حين تنسب لها صفة اليد (مثلا) فإنه يجب أن يصار في ذلك إلى معنى القوة، هذا هو الذي قال على القوم ما لم يقولوه، إذ تأول الصفات بناء على لازم عقلي باطل قام في نفسه، ألا وهو أن زعم المتكلمة بأن لفظة اليد إن أريدت على معنى الصفة الحقيقية فإن لازم ذلك جعل ذات الله أبعاضا وأجزاء وأعضاء كذوات المخلوقين! وهذا لازم باطل أصلا لأنه سبحانه ليس كمثله شيء!! فلولا أن خاض المتكلمون في التمثيل برؤوسهم التي ضربت فيها أروام فلسفة اليونان، ما رأيتهم يلتزمون تلك اللوازم من إثبات المعنى الظاهر المتبادر، فيجنحون إلى النفي والتعطيل!! نحن نقول: الله تعالى ذات حقيقية لها يد حقيقية، نفهمها على ظاهر اللفظ كما أثبتها الله لنفسه، ونقول إنه سبحانه أعلم بكيفها وحقيقتها وليس كمثله شيء في أي من صفاته، فهي موجودة في حيز الوجود كذاته جل وعلا وليست هي كأيدي المخلوقين، فأين لزوم التشبيه في هذا؟؟ ولو كان فهم الصحابة على خلاف هذا التصرف الفطري المستقيم في التعامل مع النص، وكان هذا اللازم التجسيمي المتوهم عند المتكلمين هو القرينة التي جعلتهم لا يقفون على أي صفة إلا أولوها أو عطلوها هربا منه، فأين – بالله عليكم – الدليل على هذا التصرف وهذا التعليل من منقولهم؟؟ بل قد جاء النقل عن تلامذتهم بمثل هذا الذي نقول لا بما تنسبونهم إليه ثم تطالبوننا بالسكوت عليه، فتأملوا يرحمكم الله!
    والغريب هو استدلال الأخ الفاضل أبو الفداء على منهجه في رد الكلام بكلام بالقرآن فيقول: لدحض الباطل كلما ظهر، كل باطل بحسب مادته ومصطلحاته، عملا بقوله تعالى ((وكذلك نفصل الآيات ولتستبين سبيل المجرمين))
    لقد وضح الله لنا أن المتعالين المتكبرين الذين طلبوا من رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يطرد الضعفاء والفقراء من حوله كي يدخلوا هم في الإسلام، هم في الحقيقة مجرمون يجب فضح سبيلهم، فما علاقة هذا بالرد على الكلام بكلام
    العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب يا دكتور، بارك الله فيك. والقرءان جاء بتفصيل كل شيء، فجمع الجواب على أصول الشرك والكفر بالحجج العقلية الدامغة، ورسم منهجا ربانيا في إبطال الأقوال الباطلة وبيان عوراها وخللها، فالغريب حقا = أن يطالبنا بعض الأفاضل بعدم رد الكلام وترك تفصيل سبيل المجرمين وبيان فساد الأقوال الفاسدة بما يلزم من الحجة والبرهان!!
    فوحدة العقيدة أساس وحدة الأمة وتآلفها ولن تتوحد الأمة إلا على طريق الصحابة.
    صدقت وأبررت.. فأسأل الله أن يجمعنا على ما كان عليه الصحابة لا على ما تفرقت به السبل من بعدهم، وأن يبصر إخواننا بالطريق المستقيم لبلوغ ذلك الذي كان عليه الأولون، والله الهادي إلى سبيل الرشاد.
    أظن أن كل إنسان قال ما عنده
    نعم هو كذلك، فلعله قد آن أوان إغلاق هذه الصفحة، حتى لا تنقلب بنا إلى مزيد من التشعب والمراء وإلى تكرار ما تطفح به صفحات المجلس من حجج، فسأغلق الموضوع الآن وليعذرني إخواننا الأفاضل من ذلك، جزاهم الله خيرا وكتب أجرنا وأجرهم، ووفقنا وإياهم إلى ما يجب ويرضى.
    أبو الفداء ابن مسعود
    غفر الله له ولوالديه

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •