النصوص الواردة في ترديد الآية في صلاة النافلة وأقوال بعض العلماء في حكم ذلك في الفريضة
بسم الله الرحمن الرحيم
عن أبي رضي الله عنه قال : " قرأ النبي صلى الله عليه وسلم هذه الآية فرددها حتى أصبح والآية ( إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم ) " .
أخرجه النسائي في السنن الكبرى رقم (1083 ) 1/346 ، ورقم ( 11161 ) 6/339 ، وفي السنن الصغرى رقم ( 1010 ) 2/ 177، وأحمد رقم ( 21425 ) 5/ 156، وابن ماجه رقم ( 1350 ) 1 / 429، وابن أبي شيبة رقم ( 8368 ) 2 / 224، والحاكم في المستدرك رقم ( 879 ) 1 / 367 وقال : هذا حديث صحيح ولم يخرجاه ، وصححه الألباني في مشكاة المصابيح رقم ( 1205 ) ، وحسنه في صحيح سنن النسائي رقم ( 1010 ) 2/ 177، وفي صحيح سنن ابن ماجه رقم ( 1350 ) 1 / 429
عن أبي ذر رضي الله عنه قال : " صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة فقرأ بآية حتى أصبح يركع بها ويسجد بها إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم فلما أصبح قلت يا رسول الله ما زلت تقرأ هذه الآية حتى أصبحت تركع بها وتسجد بها قال انى سألت ربي عز وجل الشفاعة لأمتي فأعطانيها وهى نائلة ان شاء الله لمن لا يشرك بالله عز وجل شيئا" . أخرجه أحمد رقم ( 21366 ) 5 / 149، وابن أبي شيبة رقم ( 31763 ) 6/323 ،
وعن مسروق قال : قال لي رجل من أهل مكة هذا مقام أخيك تميم الداري لقد رأيته قام ليلة حتى أصبح أو قرب أن يصبح يقرأ آية من كتاب الله عز وجل فيركع ويسجد ويبكي ( أم حسب الذين اجترحوا السيئات أن نجعلهم كالذين آمنوا وعملوا الصالحات سواء محياهم ومماتهم ساء ما يحكمون ) .
أخرجه ابن أبي شيبة رقم ( 8370 ) 2 / 224 ، والطبراني في الكبير رقم ( 1250 ) 2/ 50 ، وابن الجعد في مسنده رقم ( 110 ) ص33 .
وعن سعيد بن عبيد الطائي قال : سمعت سعيد بن جبير وهو يصلي بهم في شهر رمضان يردد هذه الآية : " فسوف يعلمون إذ الأغلال في أعناقهم والسلاسل يسحبون في الحميم ثم في النار يسجرون "
أخرجه ابن أبي شيبة رقم ( 8369 ) 2 / 224 .
وعن نسير أبي طعمة مولى الربيع بن خثيم قال كان الربيع بن خثيم يصلي فمر بهذه الآية ( أم حسب الذين اجترحوا السيئات ) فجعل يرددها حتى أصبح "
أخرجه ابن أبي شيبة رقم ( 8371 ) 2 / 224 .
وعن عبد الله بن إدريس عن ليث عن الأسود قال : " كانوا يحبون أن يرجعوا بالآية من آخر الليل " . أخرجه ابن أبي شيبة رقم ( 8373 ) 2 / 224 .
قال ابن خزيمة رحمه الله : باب إباحة ترديد الآية الواحدة في الصلاة مراراً عند التدبر والتفكر في القرآن إن صح الخبر فإن جسرة بنت دجاجة قالت سمعت أبا ذر يقول قام النبي صلى الله عليه وسلم بآية حتى أصبح يرددها والآية إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم .
صحيح ابن خزيمة 1/ 271 .
قال النووي رحمه الله : فصل في استحباب ترديد الآية للتدبر
روينا عن أبي ذر رضي الله تعالى عنه قال قام النبي صلى الله عليه وسلم بآية يرددها حتى أصبح والآية إن تعذبهم فإنهم عبادك الآية رواه النسائي وابن ماجه وعن تميم الداري رضي الله تعالى عنه أنه كرر هذه الآية حتى أصبح أم حسب الذين اجترحوا السيئات أن نجعلهم كالذين آمنوا وعملوا الصالحات الآية وعن عبادة بن حمزة قال دخلت على أسماء رضي الله عنها وهي تقرأ فمن الله علينا ووقانا عذاب السموم فوقفت عندها فجعلت تعيدها وتدعو فطال علي ذلك فذهبت إلى السوق فقضيت حاجتي ثم رجعت وهي تعيدها وتدعو ورويت هذه القصة عن عائشة رضي الله تعالى عنها وردد ابن مسعود رضي الله عنه رب زدني علما وردد سعيد بن جبير واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله وورد أيضا فسوف يعلمون إذ الأغلال في أعناقهم الآية وورد أيضا ما غرك بربك الكريم وكان الضحاك إذا تلا قوله تعالى لهم من فوقهم ظلل من النار ومن تحتهم ظلل رددها إلى السحر .
التبيان في آداب حملة القرآن للنووي ص43- 44 .
وعن ابن جريج قال : قلت لعطاء أرأيت إن رددت شيئاً منه قال أكره ذلك في الصلاة فلا تردد منه شيئاً في التطوع والمكتوبة قال قلت أرأيت إن عرضت على إنسان فرددت قال إنما يكره ذلك في الصلاة .
أخرجه عبد الرزاق في المصنف رقم ( 4195 ) 2/ 491.
قال خليل بن إسحاق المالكي : " وذِكْرٍ قَصَدَ التَّفْهِيمَ به بمحله وإلا بطلت كفتح على من ليس معه في صلاة على الأصح وبطلت بقهقة " . مختصر خليل ص34 .
قال الخرشي عند قول خليل : " ص ( وذكر قصد التفهيم به بمحله وإلا بطلت ) ش يعني أن المصلي إذا قصد بالذكر من قرآن أو غيره التفهيم به بمحله كاستئذان عليه وهو يقرأ ادخلوها بسلام آمنين فرفع بها صوته لقصد الإذن له أو رفعه بتكبير أو تحميد أو غيره ما عدا التسبيح للإعلام أنه في الصلاة أو ليوقف المستأذن أو قصد أمرا غيره كأخذه كتابا وهو يقرأ يا يحيى خذ الكتاب بقوة فرفع بها صوته لينبه على مراده فإن صلاته لا تبطل ولا سجود عليه فإن تجرد للتفهيم بطلت عند ابن القاسم لأنه في معنى المحادثة وهذا في غير التسبيح وقد تقدم قال في التوضيح معنى تجرده للتفهيم أنه لم يكن يقرأ في هذه المواضع . زاد الأجهوري في شرحه قلت هذا يقتضي أنه لو وافق استئذان المستأذن على المصلي فراغه من الفاتحة فشرع يقرأ ادخلوها بسلام آمنين قاصداً به التفهيم أن صلاته تبطل والظاهر أنه ليس كذلك وإن صلاته لا تبطل سواء كان ذلك منه بعد أن قصد قراءة هذه الآية أم لا فالموافق لهذا أن يفسر قوله بمحله بأن لا يكون متلبسا بقراءة غيره مما هو غير الفاتحة أو يكون متلبسا بقراءته وغير محله بأن يكون متلبساً بقراءة غيره مما هو غير الفاتحة وينتقل إليه إلخ ثم إن الباء في به للسببية وفي بمحله للظرفية والضمير فيهما راجع للذكر ص كفتح على من ليس معه في صلاة على الأصح ش هذا تشبيه في البطلان والذي يظهر أنه مثال لقوله وإلا بطلت لأنه من الذكر الذي قصد التفهيم به بغير محله وليس تشبيها ومعنى كلامه أن من معه في صلاة إن كان هو الإمام فقد تقدم أنه يفتح عليه وقد يجب ومن ليس معه في صلاة هو غير الإمام كان ذلك الغير مصليا أو تالياً ولا إشكال في البطلان لأن ذلك في معنى المكالمة وإنما اغتفر فتحه على الإمام لما ورد فيه كما مر فلو كان المفتوح عليه معه في الصلاة إلا أنه مأموم فالظاهر البطلان لأن الوجه الذي أبطلوا فيه صلاته إذا فتح على من هو في صلاة أخرى موجود هنا كما أشار لهذا البرموني فاعتبر مفهوم ما سبق من قوله وفتح على إمامه إن وقف وهو ظاهر قول المدونة لا يفتح أحد على من ليس معه في الصلاة ولا مصل على مصل آخر . شرح مختصر خليل للخرشي 1/326 .
قال الحطاب عند قول خليل : " ص وذكر قصد التفهيم به بمحله وإلا بطلت ش قال ابن عرفة لما تكلم على الكلام في الصلاة ابن رشد في إبطالها برفع صوت ذكر أو قرآن لإنباء غيره قولا ابن القاسم وأشهب بخلاف رفع صوت التكبير في الجوامع لأنه لإصلاحها . قلت لابن حارث عن حماس بن مروان رفعهم مبطل ورده لقمام بعد إنكاره علماء الأمصار بمكة انتهى
ولم يذكره في صلاة المسمع ورفع صوت المبلغ بمكة موجود إلى الآن يرفعه رفعا بليغا وانظر المسألة في سماع موسى . مواهب الجليل شرح خليل للحطاب 2/ 34 .
قال الدرديري : " ولا في ذكر قرآن أو غيره كتسبيح قصد التفهيم به بمحله كأن يسبح حال ركوعه أو سجوده أو غيرهما لذلك أو يستأذن عليه شخص وهو يقرأ إن المتقين في جنات وعيون فيرفع صوته بقوله ادخلوها بسلام آمنين لقصد الإذن في الدخول أو يبتدىء ذلك بعد الفراغ من الفاتحة وهو المراد بمحله وتقدمت الإشارة بيد أو رأس لحاجة وإلا بأن قصد التفهيم به بغير محله كما لو كان في الفاتحة أو غيرها فاستؤذن عليه فقطعها إلى آية ادخلوها بسلام آمنين بطلت صلاته لأنه في معنى المكالمة وهذا في غير التسبيح فإنه يجوز في كل محل كما هو ظاهر ثم شبه في البطلان قوله كفتح على من ليس معه في صلاة على الأصح ولو قال كفتح على غير إمامه لكان أشمل .
الشرح الكبير على خليل للدرديري 1/285 .
قال عليش : " ولا في ذكر أي قرآن أو غيره كتسبيح قصد التفهيم به بمحله كأن يسبح حال ركوعه أو سجوده أو غيرهما لذلك أو استأذن عليه شخص وهو يقرأ إن المتقين في جنات وعيون فيرفع صوته بقوله تعالى ادخلوها بسلام آمنين قاصدا به الإذن في الدخول أو يبتدئها عقب الفاتحة لذلك وهو المراد بمحله ولا أي وإن لم يكن الذكر المقصود به التفهيم في محل ككونه يقرأ الفاتحة أو غيرها فيستأذن عليه فينتقل إلى آية أخرى لقصد التفهيم بطلت صلاته لأنه في معنى المكالمة والصلاة كلها محل للتسبيح والتهليل والحوقلة فلا يضر قصد التفهيم بها في أي محل منها وشبه في البطلان فقال كفتح من مصل على من أي قارئ ليس معه أي المصلي الفاتح في صلاة بأن كان القارئ غير مصل أو فذا فتبطل صلاة الفاتح على القول الأصح من الخلاف عند بعض المتأخرين غير الأربعة ومفهومه أن فتحه على من معه فيها لا يبطلها سواء كان إمامه أو مأموما آخر واستظهر سالم واستظهر عج أن فتحه على مأموم آخر مبطل واعتمده العدوي ولكن لا يعترض به على المصنف لأنه تفصيل في المفهوم كما هو معلوم . منح الجليل شرح خليل لعليش 1/ 305 .
وهذه بعض الفتاوى لبعض العلماء المعاصرين
سئل سماحة الشيخ ابن باز رحمه الله في مجموع فتاواه :
يقول السائل / ما حكم ترديد الإمام لبعض آيات الرحمة والعذاب ؟
الجواب / لا أعلم في هذا بأسا لقصد حث الناس على الترديد والخشوع والاستفادة فقد روى عنه صلى الله عليه وسلم أنه ردد آية {إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [المائدة : 118]، رددها كثيرا صلى الله عليه وسلم .
فالحاصل : أنه إذا كان لقصد صالح لا لقصد الرياء فلا مانع من ذلك ، لكن إذا كان يرى أن ترديده لذلك قد يزعجهم ويحصل به أصوات مزعجة من البكاء فترك ذلك أولى حتى لا يحصل تشويش .
أما إذا كان ترديد ذلك لا يحصل عليه إلا الخشوع والتدبر والإقبال على الصلاة فهذا كله خير .
مجموع فتاوى الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله 11 / 343 ، 344
ثانياً: سئل الشيخ العلامة محدث العصر محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله في الشريط الحادي والعشرين من سلسلة فتاوى جدة :
يقول السائل / جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم كما ذكرتم في كتابكم المبارك [صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم ] أنه صلى الله عليه وسلم قام ليلة بآية يرددها وهي قوله تعالى : {إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [المائدة : 118]. السؤال / هل يجوز للمفترض إماما كان أو مأموما أو منفردا أن يردد آية واحدة فقط مع الفاتحة في كل ركعة ؟ أو بعض الركعات أم أن هذا خاص به صلى الله عليه وسلم ؟ أم أن ذلك خاص لصلاة النفل ؟ وهل ما قيل من القاعدة الفقهية : أن ما شرع في النفل يشرع في الفريضة هل هذه القاعدة صحيحة ؟
الجواب / قال رحمه الله : أما القاعدة فصحيحة بقيد أن لا تكون السنة العملية مخالفة لها . وهنا الجواب من الأقوال التي ذكرت أن هذا الترداد والتكرار للآية إنما هي في النافلة ، وليس في النافلة مطلقا بل وفي نافلة الليل هذا هو الراجح ، والدليل ما أشرت إليه آنفا أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بالناس إماما لصلوات الفرائض وصلى في بعض السنن المختلف في سنيتها أو في وجوبها جماعة كصلاة الكسوف مثلا وصلاة التراويح فلم ينقل عنه صلى الله عليه وسلم مثل هذا الترداد إلا حينما قام يصلي لوحده في تلك الليلة فقد أصبح يردد هذه الآية لكن قد جاء في صحيح البخاري أن رجلا من الأنصار كان يؤمهم وكان كلما فرغ من قراءة الفاتحة بقراءة سورة ( قل هو الله أحد ) ويكررها وكان الذين يصلون خلفه يعلمون أن هذا من خيرهم وأفضلهم فكانوا يكرهون أن يؤمهم غيره ولكن مع ذلك كان في قلوبهم شيء من وراء تكراره لهذه السورة ( قل هو الله أحد ) فذكروا ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فأرسل إليه فسأله عن السبب فقال : إني أحبها قال : حبك إياها أدخلك الجنة ] وهم حينما كانوا يطلبون منه أن لا يكرر هذا الشيء يلاحظون أن التكرار قد يمل بعض الناس فكان يقول لهم : ( إن أعجبكم أممتكم وإلا فليؤمكم غيري ) فذكروا ذلك للرسول صلى الله عليه وسلم فأقره عليه السلام على ذلك بل قال : حبك إياها أدخلك الجنة ] يمكن أن نأخذ من هذا الحديث أنه يشرع تكرار آية ما في الفريضة إذا كان ذلك يرضى الجماعة وليس سنة مضطردة لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يفعل ذلك في الفرائض ولذلك كان ترداد هذا الإمام لـ ( قل هو الله أحد ) موضع استنكار من بعض أصحابه حتى وصل الأمر بالإمام أن يقول لهم إن أعجبكم هذا فأنا أؤمكم وإلا فلا ) فلما ذكروا أمره إلى النبي صلى الله عليه وسلم أقره على ذلك وقال : [ حبك إياها أدخلك الجنة ] فيمكن أن نأخذ من هذا الحديث حكما خاصا بجماعه يقتدون بإمام قارئ مجود حسن الصوت يتغنى بالقرآن كما جاء في الأحاديث الصحيحة فلا يرضون به بديلا لكن قد يأخذون عليه مثل هذا الترداد فالجواب أنه يجوز إذا ما رضوا إمامته بسبب حسن تلاوته هذا آخر ما عندي من الجواب .
الشيخ العلامة محدث العصر محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله .
في الشريط الحادي والعشرين من سلسلة فتاوى جدة
ثالثاً / قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في الشرح الممتع : يكره تكرار الفاتحة مرتين أو أكثر وتعليل ذلك أنه لم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم والمكرر للفاتحة على وجه التعبد بالتكرار لاشك أنه قد أتى مكروها لأنه لو كان هذا من الخير لفعله النبي صلى الله عليه وسلم ، لكن إذا كرر الفاتحة لا على سبيل التعبد بل لفوات وصف مستحب ؟ فالظاهر الجواز مثل ن يكررها لأنه نسي فقرأها سرا في حال يشرع فيها الجهر كما يقع لبعض الأئمة ينسى فيقرأ الفاتحة سرا فهنا نقول لا بأس أن يعيدها من الأول استدراكا لما فات من مشروعية الجهر ، وكذلك لو قرأها في غير استحضار وأراد أن يكررها ليحضر قلبه في القراءة التالية فإن هذا تكرار لشيء مقصود شرعا وهو حضور القلب . الشرح الممتع 3/331
رابعاً / سئل الشيخ ابن جبرين رحمه الله :
يقول السـائل / ما حكم ترديد بعض الأئمة لآيات الرحمة وآيات العذاب لتخشيع المصلين وإبكائهم ؟ الخشوع ؟ فإن بعض الأمة يرددون آيات الرحمة وآيات العذاب ثلاث مرات أو أربع مرات أو أكثر بقصد إبكاء المصلين فما مدى موافقة ذلك للسنة وهل أثر هذا عن السلف ؟
الجواب / يجوز ترديد الآية للتدبر قال النووي في التبيان عن أبي ذر رضي الله عنه قال : قام النبي صلى الله عليه وسلم بآية يرددها حتى أصبح الآية هي إن تعذبهم فإنهم عبادك رواه النسائي وابن ماجة .
وعن تميم الداري أنه كرر هذه الآية حتى أصبح {أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاءً مَحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ} [الجاثية : 21] وذكر أن أسماء رضي الله عنها كررت قوله تعالى : {فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ} [الطور : 27] طويلا .
وردد ابن مسعود : { وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا} [طه : 114]
وردد سعيد بن جبير قوله {وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ} [البقرة : 281] وردد أيضا قوله {الَّذِينَ كَذَّبُوا بِالْكِتَابِ وَبِمَا أَرْسَلْنَا بِهِ رُسُلَنَا فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ * إِذِ الْأَغْلَالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ وَالسَّلَاسِلُ يُسْحَبُونَ} غافر : [70- 71]
وردد أيضا قوله تعالى {يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ} [الانفطار : 6]
وكان الضحاك إذا تلا قوله تعالى : {لَهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِنَ النَّارِ وَمِنْ تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ ذَلِكَ يُخَوِّفُ اللَّهُ بِهِ عِبَادَهُ يَا عِبَادِ فَاتَّقُونِ} [الزمر : 16] رددها إلى السحر .
ومن هذه الآثار يعلم أن ترديد هذه الآيات الوعظية لتأثره بها وليس لتأثيرها في غيرها ولكن لا مانع من الأمرين .
ابن جبرين رحمه الله رقم الفتوى 7205 في موقعه الرسمي على الإنترنت
وسئل الشيخ ابن جبرين كذلك رحمه الله :
يقول السائل : لو أعاد أو كرر المأموم بعض آيات الفاتحة وهو يقرأوها أو مثلا وقف على بعض الحروف أثناء قراءته ثم أعاد الآية من أولها هل في ذلك شيء ؟
الجواب / لا يجوز تكرار بعض الآيات لغير سبب كما يفعله بعض الموسوسين بحيث يخيل إلى أحدهم أنه أخطأ في بعض الكلمات فلا يزال يرددها حتى يركع الإمام فهذا الترديد وسوسة من الشيطان ودليل ذلك صحة قراءته خارج الصلاة .
أما إذا أعاد أو كرر بعض الآيات لأمر عارض أو لخطأ محقق أو للتذكر والاعتبار فلعل ذلك جائز فقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم قام ليلة بآية من القرآن يرددها وهي قوله تعالى : { إن تعذبهم فإنهم عبادك } الآية والله أعلم .
خامساً / سئل الشيخ عبد الله الفقيه الشنقيطي رئيس مركز الفتوى بدولة قطر
يقول السائل : هل يجوز ترديد آيات العذاب والرحمة في صلاة الفريضة في جماعة ؟
الجواب / فإن الثابت هو ترديد آية أو آيات في النافلة هذا هو المنقول الثابت من فعله عليه السلام فقد صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قام بآية يرددها حتى أصبح وهي قوله تعالى {وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ} [البقرة : 281]
وردد أيضا قوله تعالى . {الَّذِينَ كَذَّبُوا بِالْكِتَابِ وَبِمَا أَرْسَلْنَا بِهِ رُسُلَنَا فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ * إِذِ الْأَغْلَالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ وَالسَّلَاسِلُ يُسْحَبُونَ} [غافر: 70 - 71]
وردد أيضا قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ} [الانفطار : 6]
وكان الضحاك إذا تلا قوله تعالى : {لَهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِنَ النَّارِ وَمِنْ تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ ذَلِكَ يُخَوِّفُ اللَّهُ بِهِ عِبَادَهُ يَا عِبَادِ فَاتَّقُونِ} [الزمر : 16] رددها إلى السحر .
والأصل أن ما جاز فعله في صلاة النافلة جاز فعله في المكتوبة وعليه فلا بأس بتردد الآيات في الفريضة وذلك من أجل تحصيل الخشوع والتدبر،فالتردي د جائز ما لم يشق على المصلين أو يشوش عليهم .والله أعلم
أجاب عليها الشيخ الدكتور عبد الله الفقيه الشنقيطي رئيس مركز الفتوى بدولة قطر
مركز الفتوى موسوعة الفتاوى رقم الفتوى 15304
سادساً / سئل الشيخ وليد العبري رئيس اللجنة العلمية بدولة الأمارات :
يقول السائل / هل يجوز تكرار آية من الفاتحة بقصد التدبر ؟
الجواب/ نعم يجوز تكرار آية من الفاتحة فقد صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قام بآية واحدة يرددها حتى أصبح وهي قوله تعالى : {إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [المائدة : 118].والأصل أن ما ثبت في النفل ثبتت في الفرض والعكس هذا إن كانت إعادة الآية لتدبرها أما إن كانت الإعادة لإصلاح لحن يغير المعنى فيجب عليه أن يعبد الآية حتى يصلح اللحن .
أما تكرار الفاتحة لا على سبيل التعبد بل لفوات وصف مستحب فقد قال الشيخ ابن عثيمين في الشرح الممتع الظاهر الجواز مثل أن يرددها ليحضر قلبه في القراءة التالية .
الشيخ وليد العبري/ رئيس اللجنة العلمية بدولة الإمارات
* قاعدة : [ما صح في النافلة صح في الفريضة ] انظر الشرح الممتع للشيخ ابن عثيمين رحمه الله 1/604 . والحمد لله رب العالمين .
ما حكم ترديد آيات الصفات؟
لا أعلم في هذا شيئاً منقولا؛ لأن الذي نقل عن النبي عليه الصلاة والسلام ليس فيه تفصيل بين آيات الصفات وغيرها فيما نعلم، فقد يكون البكاء والخشوع عندها، فآيات الصفات لا شك أنها مما يؤثر ويستدعي البكاء؛ لأنه يتذكر عظمة الله وعظيم إحسانه فيبكي مثل قوله جل وعلا: إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثًا[1] الآية. فإنه إذا تدبرها أوجب له ذلك البكاء والخشوع من خشية الله جل وعلا وهكذا ما أشبهها من الآيات مثل قوله تعالى: هُوَ اللَّهُ الَّذِي لا إِلَهَ إِلا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ * هُوَ اللَّهُ الَّذِي لا إِلَهَ إِلا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ[2] إلى آخر السورة، كل هذه الآيات مما يسبب البكاء لتذكره عظمة الله وكمال إحسانه وصفاته إلى عباده، وكمال معاني هذه الصفات فيؤثر عليه ما يسبب البكاء، فالتدبر للآيات التي فيها أسماء الله وصفاته مهم جداً كتدبر الآيات التي فيها ذكر الجنة والنار وفيها ذكر الرحمة والعذاب، وكان عليه الصلاة والسلام إذا مرت به آية التسبيح سبح في صلاة الليل، وإذا مرت به آية وعيد استعاذ وإذا مرت به آيات الوعد دعا، روى ذلك حذيفة- رضي الله عنه- عنه عليه الصلاة والسلام وهذا من فعله عليه الصلاة والسلام وسنته الدعاء عند آيات الرجاء والتعوذ عند آيات الخوف والتسبيح عند آيات أسماء الله وصفاته.
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز .
سئل عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين عن ترديد الآية مرتين أو أكثر في الصلاة المفروضة
السؤال :ما حكم ترديد الآية مرتين، أو أكثر في الصلاة المفروضة، والنافلة لأجل الحفظ؟ لأن ذلك أدعى في خشوعي، وعدم التفاتي للأمور الأخرى، ومن ثم حفظي لها في وقت أقصر من خارج الصلاة
الاجابـــة
يجوز ذلك لهذا المقصد، كما يجوز إذا كان القصد تأمل الآيات، والتفكر فيها، ويجوز أيضا إذا كان ذلك مما يسبب الخشوع في الصلاة، وإحضار القلب من الإمام، أو المأموم، وإن كان الأصل سرد القراءة، لأن ذلك هو الواقع المتبع من النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وخلفائه، لكن ثبت أنه ـ صلى الله عليه وسلم ـ قام مرة بآية يرددها حتى الصباح، وهي قوله تعالى: إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ الآية، ووقع ذلك أيضا من بعض الخلفاء ـ رضي الله عنهم ـ والله أعلم. عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين