قال الحصني ( ت 829 ) – رحمه الله – في كفاية الأخيار ( 199 ) في مسألة حضور المرأة للعيدين :
والمذهب : أنها تشرع للمنفرد والمسافر والعبد والمرأة ؛ لأنها نافلة ، فأشبهت الاستسقاء والكسوف .
نعم ؛ يكره للشابة الجميلة وذات الهيئة الحضور ، ويستحب للعجوز الحضور في ثيابِ بِذُلَتِها بلا طيبٍ .
قلت : ينبغي القطع في زماننا بتحريم خروج الشابات وذوات الهيئات ؛ لكثرة الفساد ، وحديث أم عطية وإنْ دلَّ على الخروج إلا أنَّ المعنى الذي كان في خير القرون قد زال ، والمعنى : أنه كان في المسلمين قِلَّةٌ ، فأذن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – لهن في الخروج ؛ لتحصل بهن الكثرة ، ولهذا أَذِنَ للحيَّض مع أنَّ الصلاة مفقودة في حقهن ، وتعليله – صلى الله عليه وسلم – بشهودهنَّ الخير ودعوةَ المسلمين لا يُنافي ما قلناه .
وأيضًا ؛ فكان الزمان زمانَ أمنٍ ، فكنَّ لا يُبدينَ زينتهنَّ ويغضضنَ من أبصارهن ، وكذا الرجال يغضون من أبصارهم ؛ وأما زماننا : فخروجهنَّ لأجل إبداء زينتهن ، ولا يغضضنَ من أبصارهم ، وكذا الرجال يغضون من أبصارهم ، ومفاسد خروجهنَّ محققة ، وقد صحَّ عن عائشة – ري الله عنها – أنها قالت : لو رأى رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ما أحدثَ النساء ، لمنعهن المساجد كما مُنعت نساءُ بني إسرائيل .
فهذا فتوى أم المؤمنين في خيرِ القرون ؛ فكيف بزماننا هذا الفاسد ؟!
وقد قال بمنعِ النساء من الخروج إلى المساجد خَلْقٌ غير عائشة ؛ منهم : عروة رضي الله عنه ، والقاسم ، ويحيى الأنصاري ، ومالك ، وأبو حنيفةَ مرةً ومرةً أجازه ، وأبو يوسف ، وهذا في ذلك الزمان .
وأما في زماننا هذا ؛ فلا يتوقف أحدٌ من المسلمين في منعهنَّ إلا غبيٌ ، قليل البضاعةِ في معرفةِ أسرار الشريعة ، قد تمسكَ بظاهرِ دليلٍ حمل على ظاهره دون فهم معناه ، مع إهماله فهمَ عائشةَ ومن نحا نحوها ، ومع إهمال الآيات الدالةِ على تحريم إظهار الزينة ، وعلى وجوب غضِّ البصر ؛ فالصواب : الجزم بالتحريم والفتوى به ، والله أعلم .